برفض دعوى “الصدر” .. العراق يدخل مرحلة “تكسير العظام” !

برفض دعوى “الصدر” .. العراق يدخل مرحلة “تكسير العظام” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ردًا على شروط زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، شدد القيادي في قوى (الإطار التنسيقي) العراقي؛ “عائد الهلالي”، أمس الإثنين، أن (الإطار) لا يرفض مقترح زعيم (التيار الصدري) بإجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان لحل الأزمة السياسية في البلاد، ولكنه أشار إلى ضرورة تنفيذ: “مجموعة إجراءات” استباقية، من بينها: “الحوار” و”تشكيل حكومة جديدة”.

وقال “الهلالي”؛ في تصريح لوكالة (بغداد اليوم) العراقية: إن “قوى (الإطار التنسيقي) جميعها لم ترفض  مقترح الصدر الخاص بإجراء الانتخابات المبكرة، لكن هذا المقترح يحتاج إلى مجموعة إجراءات أولها الحوار والاتفاق ما بين الكتل حول هذه الخطوة”.

معتبرًا أن “أهم” فقرة لتنفيذ مقترح “الصدر” هو: “تشكيل حكومة جديدة، حيث لا يمكن إجراء هذه العملية الانتخابية في ظل حكومة تصريف الأعمال اليوم”، مؤكدًا أن: “(الإطار التنسيقي) مازال متمسكًا بمرشحه؛ محمد شيّاع السوداني، لرئاسة الحكومة المقبلة”.

عودة البرلمان للإنعقاد..

واستبقت تلك التصريحات، بإعلان رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم حزب (ائتلاف دولة القانون)؛ “نوري المالكي”، عن رفضه حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، قبل عودة “مجلس النواب” إلى الإنعقاد.

ويأتي تأكيد “المالكي” هذا؛ كردٍّ على دعوة زعيم (التيار الصدري) إلى حل “مجلس النواب” وإجراء انتخابات مبكرة وتغيير النظام السياسي. الأمر الذي سيُزيد من سخونة المشهد السياسي، وكذلك الشعبي في “العراق” بسبب إصرار الطرفين على رؤيتهما المتناقضتين.

الجدير بالذكر أن رئيس “مجلس النواب” العراقي؛ “محمد الحلبوسي”، كان قد قرر الأسبوع الماضي؛ تعليق جلسات “مجلس النواب” إلى إشعار آخر بعد أن تم احتلال مقر المجلس من قبل أنصار (التيار الصدري).

اقتحام البرلمان و”المنطقة الخضراء”..

واقتحم مناصرو زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، الخصم الأبرز لـ”المالكي”، أواخر تموز/يوليو الماضي، “المنطقة الخضراء” المحصنة؛ في وسط “بغداد” ودخلوا البرلمان، قبل أن ينقلوا اعتصامهم إلى محيطه.

وبلغت الأزمة السياسية في “العراق” ذروتها مع رفض “الصدر” لمرشح خصومه في (الإطار التنسيقي) لرئاسة الوزراء. ورفع “الصدر” من مستوى الضغط على خصومه معتمدًا على قدرته على تعبئة الشارع، داعيًا إياهم، الأربعاء الماضي، إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

لكن “المالكي” طالب، أمس الإثنين، بعودة البرلمان إلى عمله، فيما كان (الإطار التنسيقي) قد اشترط كذلك، الخميس، بشكلٍ غير مباشر إنهاء الاعتصام وإخلاء البرلمان قبل المضي بانتخابات جديدة.

واعتبر “المالكي”؛ في كلمته بمناسبة ذكرى “يوم عاشوراء” أنه: “لا يمكن أن تفرض إرادة عليه (العراق) إلا إرادة كامل الشعب وعبر مؤسساته الدستورية التي يُمثلها مجلس النواب المنتخب”.

وأضاف: “فلا حل للبرلمان ولا تغيير للنظام ولا انتخابات مبكرة إلا بعودة المجلس إلى الإنعقاد، وهو الذي يناقش هذه المطالب وما يقرره نمضي به، لأن العراق نظامه أمانة في أعناقنا جميعًا والعراق لا يخدمه إلا الإلتزام بالقانون والدستور”.

مطلب شعبي وسياسي..

وفيما تتواصل الاعتصامات في “البرلمان العراقي”، أكد زعيم (التيار الصدري) أن حل “البرلمان العراقي” أصبح مطلبًا شعبيًا وسياسيًا ونخبويًا لا بديل عنه، مشيرًا إلى وجود ردود فعل إيجابية بشأن دعوته المتعلقة بذلك.

وأضاف “الصدر”، في تغريدة السبت، أن حراك تياره سيستمر حتى تحقيق جميع المطالب، داعيًا لوقفة جادة لإنقاذ “العراق” من الفساد والتبعية، قائلاً إن “العراق” يحتاج إلى أفعال بعيدة عن الحوارات الهزيلة.

شلل سياسي تام..

ومع بدء الأزمة، انقسم أطراف (الإطار التنسيقي)؛ الذي يضم خصوصًا كتلة (الفتح)؛ الممثلة لـ (الحشد الشعبي)، وهو تحالف فصائل موالية لـ”إيران” باتت منضوية في القوات الرسمية، بشأن الإستراتيجية التي ينبغي عليهم إتباعها تجاه “الصدر”، وفق خبراء، فيما يعتمد الجناح الأكثر تشددًا الذي ينتمي إليه “المالكي”، نهجًا أقل تصالحية مع الخصوم، بحسب وكالة (فرانس برس).

ولا يزال “العراق”؛ منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين أول/أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.

وأفرزت الانتخابات برلمانًا لا يملك فيه أي طرف غالبية مطلقة، وشغل فيه تيار “الصدر”: 73 مقعدًا من أصل: 329، قبل أن يطلب من نوابه الاستقالة، لتذهب غالبية المقاعد إلى (الإطار التنسيقي).

وتجري العادة في “العراق” أن تتوصل أطراف “البيت الشيعي”؛ المُهّيمنة على المشهد السياسي منذ العام 2003، إلى توافق في ما بينها على اسم رئيس للحكومة. لكن الأطراف السياسية أخفقت هذه المرة في تحقيق ذلك بعد أشهر طويلة من المفاوضات.

ويكمن الخلاف الأساس بين الطرفين في أن (التيار الصدري) أراد حكومة: “أغلبية وطنية” بتحالف مع السُنة والأكراد، في حين أراد خصومه في (الإطار التنسيقي) الإبقاء على الصيغة التوافقية ومشاركة كل القوى الشيعية في الحكومة.

ذهاب الأوضاع نحو مزيد من التأزم..

حول ما يدور من أحداث، أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة (البيان) عبر موقعها الإلكتروني وحسابها على (تويتر)، أن المشهد في “العراق” يسير نحو الاحتقان والتصعيد أكثر منه التهدئة في ظل إشتعال الشارع وغياب التوافق، إذ توقع: 54% من المستطلعين عبر الموقع، ذهاب الأوضاع نحو مزيد من التأزم، مقابل: 46% أشاروا إلى أن الأمور ستمضي نحو الحوار.

وفي منحى مماثل، ذهب: 71.9% من المستطلعين على (تويتر)، إلى تغليب خيار التصعيد، بينما قال: 28.1% إن الأوضاع ستمضي نحو التهدئة.

المشهد يُكرر نفسه !

وأكد أستاذ العلاقات الدولية وتاريخ العراق المعاصر؛ “د. مؤيد الونداوي”، أن المشهد في “العراق” يُكرر نفسه، لافتًا إلى أن المؤشرات كانت واضحة وقوية منذ البداية على أن ما يجري ليس سوى عبث سياسي، موضحًا أن قانون الانتخاب صيّغ بطريقة تخدم الأطراف السياسة، وليس من أجل تحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطية.

وذكر أن أصل الأزمة يكمن في بنية النظام السياسي القائم على المحاصصة، مضيفًا: “بعد شهور من الانتخابات لم يصل الجميع للهدف جراء الصراع المرير بين الكتل على شكل الحكومة الجديدة، وتطبيق الانتقال من فكرة التوافق السياسي إلى حكومة الأغلبية ليس بالعملية السهلة والمرنة، لاسيما أنها تتعارض مع مصالح القوى الداخلية”.

بقاء حالة الشد والجذب..

وتوقع عدم الذهاب نحو التصعيد خلال المرحلة المقبلة وبقاء الشد والجذب على حاله، وربما توصل الطبقة السياسية إلى تفاهمات باعتبار أن التصعيد سيؤثر على مكاسبهم، مردفًا: “سنكون أمام انتخابات جديدة، ما يعني أن الأمر سيستغرق عامًا كاملاً لتشكيل حكومة”.

مرحلة “كسر العظام”..

بدوره؛ أشار الخبير الإستراتيجي؛ “د. منذر الحوارات”، إلى أن “العراق” يعيش مرحلة: “كسر العظم” بين أطرافه التي لا تتقبل بعضها داخل المشهد السياسي، الأمر الذي يدفع الأوضاع نحو مزيد من التصعيد، مضيفًا: “الأطراف متباعدة فيما بينها ولديها الثقل الشعبي والقوة المسلحة بما يكفي لإشعال الشارع”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة