وكالات – كتابات :
للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، تُحدِث “روسيا” ضجة بشأن مساعدتها لـ”إيران” في مجال تكنولوجيا الأقمار الصناعية، من خلال دعمها العسكري، مما يُثير القلق لدى عدد من الدول، أهمها “إسرائيل”.
القلق الإسرائيلي من الخطوة يأتي في إطار رغبة “تل أبيب” في عدم امتلاك “طهران” لأية تقنية عسكرية قد تُغير في التوازن العسكري القائم في المنطقة.
من زاوية ثانية؛ فإن هذا التعاون يُثير حفيظة “إسرائيل” من التقارب “الإيراني-الروسي” بعد التوتر الذي شاب العلاقات بين “موسكو” و”تل أبيب”، بعد اندلاع الحرب الروسية على “أوكرانيا” وموقف “إسرائيل” الداعم للغرب.
إلى أي مدى ستُغير آخر الأخبار قواعد اللعبة ؟
أعلنت “روسيا”، يوم الأربعاء 03 آب/أغسطس، أنها ستُطلق قمرًا صناعيًا إيرانيًا إلى الفضاء؛ الأسبوع المقبل.
طورت وكالة (روسكوزموس) الروسية القمر الصناعي: “خيّام” للاستشعار عن بُعد، الذي سيوفر: “بيانات مكانية دقيقة”؛ لـ”إيران”، لتحسين الإنتاجية الزراعية، ومراقبة الموارد المائية وإدارة الكوارث الطبيعية ومراقبة المناجم، وفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية.
وبرغم استخدام غطاء من الأغراض الزراعية والمائية، فقد أشارت التقارير إلى أنَّ القمر الصناعي سيُساعد في مراقبة حدود “إيران”، واستخدامات أخرى غير محددة. وهذا هو الجزء الذي يُثير القلق في “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”، بحسب تقرير لصحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية.
وستمنح المساعدات العسكرية الروسية؛ “طهران”، قوة كبيرة في تأمين حدودها ضد أي عملية عسكري قد تنوي “إسرائيل” فعلها لوقف برنامج “طهران” النووي، في نفس الوقت قد يُساهم في مساعدة “طهران” في تنفيذ عمليات عسكرية ضد “إسرائيل”، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
كما تتساءل الصحيفة الإسرائيلية حول احتمالية المساعدة الروسية التي قد تمنح “طهران” قفزة إلى الأمام في قدرات إطلاق الأقمار الصناعية المستقلة لـ”الجمهورية الإسلامية”، التي ستنتقل إلى قدرات أقوى لإيصال أسلحة نووية محتملة في المستقبل ؟
في منتصف حزيران/يونيو، ذكرت صحيفة (واشنطن بوست)، أنَّ “روسيا” تستعد لتزويد “إيران” بقمر صناعي متقدم، يُمكِّنها من تتبع الأهداف العسكرية المحتملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ مما أثار مخاوف في معظم أنحاء المنطقة.
وفقًا للتقرير، ستتولى “موسكو” عملية الإطلاق، ثم تُسلِّم السيطرة إلى “إيران” على القمر الصناعي (Kanopus-V) المُجّهز بكاميرا عالية الدقة في غضون أشهر.
وأعرب مسؤولون إسرائيليون مجهولون، للإذاعة الإسرائيلية (KAN)، عن قلقهم إزاء هذا التقرير، بينما لم يصدر عن المسؤولين الأميركيين أية ردود علنية، سوى القليل لتبديد الغموض المحيط بهذا التعاون.
بالإضافة إلى ذلك، كان المسؤولون قلقين من أنَّ “طهران” قد تحصل على صور وتُمررها إلى وكلاء مثل (حزب الله) و(حماس)؛ لزيادة دقة وفعالية قوتهم التدميرية.
رد “بوتين”..
في هذه الأثناء، نفى الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، بشدة التقرير، واصفًا إياه بأنه: “هراء”، وهو ما يُميزه بالفعل عن التطورات الحالية التي تفخر بها “موسكو”.
من ناحية أخرى، نادرًا ما يعترف الزعيم الروسي بالإجراءات التي تتخذها بلاده، والتي لا يوافق عليها الكثير من العالم؛ لذلك قد تكون الإعلانات الأخيرة غطاءً خفيًا لأهداف أكثر خداعًا، كما تقول الصحيفة الإسرائيلية.
كان تقرير منتصف حزيران/يونيو، قد ذكر أنَّ القمر الصناعي الجديد سيسمح: “بالمراقبة المستمرة للمنشآت التي تتراوح من مصافي النفط في الخليج العربي والقواعد العسكرية الإسرائيلية إلى الثكنات العراقية التي تأوي القوات الأميركية”، نقلاً عن ثلاثة مصادر لم تُسمهم؛ وهم مسؤول أميركي حالي، وآخر سابق، ومسؤول حكومي شرق أوسطي رفيع، مطلعين على الصفقة.
على الرغم من أنَّ القمر الصناعي (Kanopus-V) يُسوَق على أنه ذات استخدام مدني، ويبدو مشابهًا للإعلان عن إطلاق القمر الصناعي الأسبوع المقبل، أفادت التقارير بأنَّ مسؤولي (الحرس الثوري) الإيراني سافروا في عدة رحلات إلى “روسيا”؛ منذ عام 2018، للمساعدة في التفاوض على الاتفاقية.
علاوة على ذلك، قال التقرير إنَّ الخبراء الروس سافروا إلى “إيران”؛ هذا الربيع، لتدريب الأطقم التي ستُشغِّل القمر الصناعي من منشأة بُنِيَت حديثًا بالقرب من بلدة “كرج”؛ غرب “طهران”.
وأضاف التقرير أنَّ القمر الصناعي سيحتوي على معدات روسية، “بما في ذلك كاميرا بدقة: 1.2 متر – وهو تحسن كبير، مقارنة بقدرات إيران الحالية، رغم أنه لا يزال أقل بكثير من الجودة التي حققتها”؛ أقمار التجسس الأميركية أو الإسرائيلية.
انخراط أميركي..
أعلن (الحرس الثوري) الإيراني؛ في نيسان/إبريل 2020، أنه أطلق بنجاح أول قمر صناعي عسكري للبلاد في المدار.
دفع هذا وزير الخارجية الأميركي السابق؛ “مايك بومبيو”، لمطالبة “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، بأن يكون لهذه الخطوة عواقب.
في إيجاز صحافي؛ في حزيران/يونيو، لم ترد نائبة المتحدثة باسم “وزارة الخارجية” الأميركية، “غالينا بورتر”، على سؤال حول تعاون الأقمار الصناعية “الروسية-الإيرانية”؛ مما زاد من غموض هذه المسألة.
وقالت “بورتر”: “نحن على علم… هذه التقارير الإعلامية حول احتمال تزويد روسيا؛ إيران، بنظام أقمار صناعية متقدم. وبخلاف ذلك، ليس لدينا أي شيء آخر نعلنه في هذه المرحلة”؛ مما قتل المحادثة.
ولم تُعلِق “الولايات المتحدة” بعد على تعاون الأقمار الصناعية “الروسي-الإيراني” الأخير.
على الرغم من كل المخاوف المذكورة أعلاه، فإنَّ رئيس برنامج الفضاء الإسرائيلي، اللواء (احتياطي)؛ “إسحق بن إسرائيل”، صب الماء البارد على المخاوف بشأن تقرير منتصف حزيران/يونيو.
وقال: “من يدري ما إذا كان هذا صحيحًا”، مُشيرًا إلى أنَّ إنكار “بوتين” قد يكون أكثر واقعية في هذه المسألة، التي تشمل هيئة حكومية روسية، أكثر مما كان عليه عندما يتلاعب الرئيس الروسي بالكلمات حول ما إذا كانت حكومته أو قراصنة خاصين ترعاهم الدولة يُشنون هجمات سيبرانية على “الولايات المتحدة”.
لكن حتى لو كان التقرير صحيحًا، قال إنه يفتقر إلى أية أهمية إستراتيجية. بالنسبة للقاريء العادي، فإنَّ القمر الصناعي الذي يمكنه التقاط صورٍ لأشياء بعرض: 1.2 متر؛ (أربعة أقدام)، يبدو هائلاً.
ومع ذلك؛ قال إنَّ أية دولة، بما في ذلك “إيران”، يمكنها الآن شراء صور الأقمار الصناعية من القطاع التجاري أفضل بثلاث مرات مقابل: 10000 دولار فقط لكل لقطة.
وأضاف رئيس الفضاء الإسرائيلي أنَّ شراء قمر صناعي من “روسيا”؛ قد يُشير إلى أنَّ “طهران” تستوعب وتعترف بأن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً – أطول بكثير مما كان متوقعًا – قبل أن تصير صناعة الأقمار الصناعية المحلية جاهزة تمامًا.
ليس من الواضح على الإطلاق، ما الذي ستعنيه غارة “موسكو” الأخيرة لمساعدة “الجمهورية الإسلامية” في ساحة الأقمار الصناعية بالنسبة للمعركة الاستخباراتية والتقدم النووي.
لكن على الرغم من تطمينات رئيس برنامج الفضاء الإسرائيلي، ليس هناك شك في أنَّ التعاون مُثير للقلق، وأن المخابرات الأميركية والإسرائيلية ستعملان بجد لمراقبة هذه المسألة.