وكالات – كتابات :
نشر موقع (ذا دبلومات)، تقريرًا للكاتبة “كاثرين بوتز”، بعنوان: “خسائر روسيا فرص لتركيا في آسيا الوسطى”.
أوضح التقرير أنه ربما تكون المشاكل التي تواجهها “روسيا” في “أوكرانيا”؛ فرصة لـ”تركيا”، لتعزيز نفوذها في منطقة “آسيا الوسطى”، ودلل على مزاعمه بجملة من المؤشرات تتمثل في إجراء رئيس كازاخستان؛ “قاسم توكاييف”، زيارة إلى “أنقرة”، في آيار/مايو 2022، هي الأولى منذ توليه منصبه في 2019.
يُضاف إلى ذلك، بحسب التقرير، دعم “كازاخستان” الواضح للسيادة الأوكرانية، ونية “أنقرة”؛ و”نور سلطان”، تطوير الممر الأوسط، كما اتضح من خلال مشاورات “إردوغان” و”توكاييف”، فضلاً عن تنامي علاقات “أنقرة” و”نور سلطان” الدفاعية، ووجود توتر حالي في العلاقات “الروسية-الكازاخية”، وتوظيف “أنقرة” ورقة العرق التركي لدعم العلاقات مع دول “آسيا الوسطى”.
مؤشرات متعددة..
استندت الكاتبة في تحليلها إلى عدة مؤشرات يتضح منها تزايد أهمية “تركيا”؛ بمنطقة “آسيا الوسطى”، على خلفية الحرب الروسية على “أوكرانيا”، وهو ما يمكن بيانه على النحو الآتي:
01 – قيام رئيس “كازاخستان” بزيارته الأولى إلى “أنقرة”: أوضح التقرير أن الرئيس الكازاخستاني؛ “قاسم جومارت توكاييف”، أجرى زيارة إلى العاصمة التركية؛ “أنقرة”، في 10 آيار/مايو الماضي، لمدة يومين بدعوة من نظيره التركي؛ “رجب طيب إردوغان”.

وأشار التقرير إلى أن هذه الزيارة كانت أول رحلة يُجريها “توكاييف” إلى “تركيا”؛ منذ توليه منصبه في عام 2019.
ولفتت كاتبة التقرير إلى أن الزيارة تأتي في وقت محوري؛ إذ يبحث الرئيسان التداعيات الاقتصادية والسياسية للتدخل العسكري الروسي في “أوكرانيا”. ورأى التقرير أنه ربما يكون خطأ “روسيا” في “أوكرانيا” فرصة ذهبية لـ”تركيا”؛ في “آسيا الوسطى”.
02 – دعم “كازاخستان” الواضح للسيادة الأوكرانية: وفقًا للتقرير، فإن دول “آسيا الوسطى” حافظت إلى حدٍ كبير على موقف محايد من الحرب في “أوكرانيا”، نظرًا إلى علاقاتها الاقتصادية والسياسية الوثيقة بـ”روسيا”، إلا أن “كازاخستان” كانت الأكثر وضوحًا في دعم السيادة الأوكرانية.
وبحسب الكاتبة، أكدت “نور سلطان”؛ لدول “أوروبا”، دعمها العقوبات المفروضة على “روسيا”، وفتحت أبوابها أمام رجال الأعمال الذين يتطلعون إلى الخروج من “روسيا”.
03 – نية “أنقرة” و”نور سلطان” تطوير الممر الأوسط: طبقًا للتقرير، كانت التجارة والنقل على رأس مناقشات “توكاييف” و”إردوغان”؛ في “أنقرة”، وكان التراث التركي المشترك في قلب المناقشات في “أنقرة”.
ونوه التقرير أن “توكاييف” صرَّح بعد زيارته إلى “تركيا”؛ بأن أهم شيء بالنسبة إلى الدولتين هو تطوير إمكانات طريق النقل الدولي عبر “قزوين”. لافتة كاتبة التقرير إلى أن هذا الطريق يُعرف أيضًا باسم: “الممر الأوسط”، ويرسم مسارًا من مصانع “الصين” عبر “كازاخستان” بالسكك الحديدية إلى شواطيء “بحر قزوين” وما بعده إلى “القوقاز”؛ وفي النهاية إلى “أوروبا” عبر “تركيا”.
04 – تنامي علاقات “أنقرة” و”نورسلطان” الدفاعية: أكد التقرير أن “توكاييف” و”إردوغان” وقَّعا خلال الزيارة بيانًا مشتركًا حول توسيع شراكتهما الإستراتيجية بجانب: 14 اتفاقية ثنائية أخرى، بما في ذلك اتفاقية تعاون دفاعي.
يُضاف إلى ذلك، بحسب الكاتبة، أن الصفقة البارزة بوجه خاص خلال الزيارة كانت مذكرة جرى توقيعها بين “شركة كازاخستان الهندسية”؛ المملوكة للدولة، و”شركة صناعة الطيران التركية”؛ (TAI)، لتسهيل الإنتاج المشترك لمركبات (أنكا) الجوية بدون طيار؛ (UAV).
ووفقًا للتقرير؛ تُعتبر “كازاخستان” عميلاً رئيسًا لصناعة الدفاع التركية؛ حيث اشترت ثلاث طائرات (أنكا) بدون طيار العام الماضي. وبموجب الاتفاقية الجديدة، ستستضيف منشأة تصنيع. وأفاد التقرير بأن الكثير من المعدات الدفاعية في “كازاخستان”؛ من دبابات (T–72)، إلى منظومات صواريخ (إس-200) و(إس-300) وبطاريات الصواريخ (أرض-جو)، هي معدات سوفياتية أو روسية؛ ما يعني أن “كازاخستان” تحتاج؛ (مثل الهند)، إلى “موسكو” للحصول على قطع الغيار والخبرة.
وطبقُا لكاتبة التقرير الأميركي، فإنه لذلك تُمثل صناعة الدفاع التركية مصدرًا هامًا للجانب الكازاخستاني.
05 – توتر حالي في العلاقات “الروسية-الكازاخية”: شدد التقرير الأميركي على أن التاريخ السوفياتي المشترك لـ”كازاخستان” مع “روسيا”؛ أسَّس العلاقات بين البلدين لمدة 30 عامًا. وأوضح التقرير أنه كان هناك الكثير من التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، في الفترة التي سبقت التدخل العسكري الروسي في “أوكرانيا”؛ عن “كازاخستان” أيضًا.

وأشار التقرير إلى أنه؛ في نيسان/إبريل الماضي، على سبيل المثال، بعد أن أكدت “نورسلطان” أنها لن تُنظم عرضًا عسكريًا كبيرًا لإحياء ذكرى “يوم النصر”؛ في 09 آيار/مايو؛ انتقد المعلق الروسي؛ “تيغران كيوسايان”، كازاخستان.
ووفقًا للتقرير، وصف “كيوسايان” الكازاخستانيين: بـ”الجاحدين”، وحذرهم قائلاً: “انظروا إلى أوكرانيا بعناية.. فكِّروا بجدية”، فيما واجه المسؤولون الكازاخستانيون التهديد الضمني بصرامة. وبحسب التقرير الأميركي، وبدلاً من مجرد رفض التعليقات، أقر المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الكازاخستانية؛ “أيبك صمادياروف”، بأن: “بيان كيوسايان؛ ربما يعكس آراء قسم معين من الجمهور الروسي والمؤسسة السياسية”.
06 – توظيف ورقة العرق التركي لدعم العلاقات: طبقًا لمزاعم التقرير الأميركي، قال “إردوغان”؛ خلال مؤتمر صحافي مشترك مع “توكاييف”، الشهر الماضي، إن: “الحرب في أوكرانيا أظهرت مرة أخرى أهمية التضامن والتعاون بين الدول التركية، سواء على المستوى الثنائي، أو داخل منظمة الدول التركية”، مضيفًا: “مع أخي العزيز توكاييف، أكدنا مُجددًا عزمنا على الحفاظ على تضامننا في مختلف المنابر، بما في ذلك الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة التعاون الاقتصادي، بجانب منظمة الدول التركية”.
وأوضح التقرير أنه لطالما مثَّلت “منظمة الدول التركية”؛ المعروفة باسم: (المجلس التركي)، جهود “تركيا” في المطالبة بصلات عميقة مع دول “آسيا الوسطى”. وأشارت الكاتبة إلى أن كلاً من: “أذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وتركيا وأوزبكستان” – الأعضاء في المنظمة – تهدف إلى عقد اجتماع “مجلس التعاون الإستراتيجي” الجديد في “كازاخستان”؛ في تشرين أول/أكتوبر المقبل. ونوه التقرير أن المنظمة تضع أيضًا خرائط دقيقة عن جزء كبير من طريق “الممر الأوسط”.
توازن مطلوب..
وختامًا.. أكد التقرير أنه لم يظهر بعد ما إذا كان بإمكان “تركيا” حقًا الاستفادة من خسائر “روسيا” في “آسيا الوسطى”، خاصةً أن الأمر لا يخلو من تحديات.
ودلل التقرير على ذلك بتأكيد الكاتب “بروس بانييه”، في نيسان/إبريل الماضي، أن علاقة “تركيا” المتوترة مع “الصين” – لا سيما فيما يتعلق بمعاملة “الأويغور” وهم أيضًا شعب تركي – قد تُشكل مصدر إحراج لدول “آسيا الوسطى”، ومع ذلك يرى “بانييه” أنه: “يجب على دول آسيا الوسطى رؤية فوائد العلاقات الوثيقة مع تركيا القوية، على الأقل لتحقيق التوازن بين مطالب روسيا أو الصين وبين الغرب”.