خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة محلية لشرعنة تدخلها في “ليبيا”، وفي خطوة أكثر استفزازًا للدول الرافضة لاتفاقاتها الأخيرة مع حكومة “السراج”، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، “إبراهيم كالين”، أمس، إنه: “قد يتعين على تركيا إعداد مسودة قانون يتيح إرسال قوات إلى ليبيا”، لافتًا إلى أن البرلمان يعمل على هذه المسألة.
وقال “كالين”، بعد اجتماع لمجلس الوزراء، إن “تركيا” ستواصل تقديم “الدعم اللازم” لحكومة، “فايز السراج”، التي مقرها “طرابلس”، وتقاتل قوات الجيش الوطني الليبي مدعومة بميليشيات.
كما قال نائب الرئيس التركي، “فؤاد أوقطاي”، إن “تركيا” لن تتراجع على الإطلاق عن مذكرة التفاهم التي أبرمتها مع “ليبيا”.
وأشار “أوقطاي”، في تصريحات نشرتها وكالة (الأناضول) التركية، أمس الثلاثاء، إلى أن بلاده تمتلك حق إتخاذ جميع القرارات بالاشتراك مع “ليبيا”، فيما يتعلق بإلتقاء مواقع الصلاحية البحرية بين البلدين.
وأعرب “أوقطاي” عن استعداد “تركيا” لإبرام التعاونات العسكرية اللازمة، والمضي قدمًا إلى جانب الأصدقاء، عندما يتعلق الأمر باستقرار المنطقة، منوهًا إلى شرعية خطوات بلاده في مياه المتوسط، التي قال إنها تتوافق مع القانون الدولي والحقوق السيادية، وفق تعبيره.
لا تراجع عن الخطوات التركية..
وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قبل يومين؛ قد أكد موقف بلاده الثابت حيال الخطوات، التي أقدمت عليها في “ليبيا” وكذلك في “سوريا”.
وقال إن تركيا “لن تتراجع حتمًا عن مذكرتي التفاهم الموقعتين مع حكومة الوفاق الوطني”، برئاسة “فائز السراج”، والتي تهم بالتعاون العسكري والأمني وتحديد مناطق السيادة البحرية. مشيرًا إلى أن “اليونان” والدول الداعمة لها كانت، منذ فترة طويلة، تسعى إلى جعل تركيا “غير قادرة على أن تخطو خطوة في البحر”.
كما شدد “إردوغان” على استحالة تخلي “تركيا” عن الإجراءات التي إتخذتها في “البحر المتوسط”، قائلاً: “إذا تخلينا عن الإجراءات التي بدأناها مع قبرص التركية وليبيا فإنهم، (اليونان وداعموها)، لن يتركوا لنا أي ساحل”، مضيفًا أن سياسة تركيا “ليست التورط في مأزق عبر السعي للقيام بأمور لا تطيقها، أو التدخل في أماكن بغير وجه حق”.
ونفى الرئيس التركي وجود أي وجه يتعارض مع القوانين التركية والمجتمع الدولي في مذكرة التفاهم مع “ليبيا”، وقال في تصريحات من “إسطنبول”، ليلة أول من أمس: “ليست لدينا نية لإفتعال مشاكل مع أحد أو اغتصاب حقوق أي كان”، واصفًا من يدعمون قائد الجيش الوطني الليبي، “خلفية حفتر”، بأنهم: “يدافعون عن بارون حرب، بدلاً من الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة … ليبيا وتركيا جارتان بحريًا”.
وكان “إردوغان” قد أعلن، أول من أمس، أن تركيا “ستقيم جميع الإمكانيات، التي من شأنها تعزيز البُعد العسكري من البر والبحر والجو إذا تطلب الأمر”.
الإفراج عن السفينة التركية المحتجزة..
في السياق ذاته، أكدت وسائل إعلام تركية، أمس، الإفراج عن السفينة المحتجزة من جانب الجيش الوطني الليبي، قبالة ساحل “درنة”؛ وطاقمها التركي.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي، “أحمد المسماري”، قد أعلن، يوم السبت الماضى، عن وقف قواته سفينة تحمل علم “غرينادا”، ومن بين طاقمها 3 أتراك، قبالة ساحل مدينة “درنة”، وجرها إلى ميناء “رأس الهلال”.
وقال “المسماري” إن السفينة كانت في الحدود البحرية المرسمة بموجب مذكرة التفاهم بين “تركيا” وحكومة “السراج”، وإنهم بصدد إتخاذ الإجراءات المتعارف عليها دوليًا في مثل هذه الحالات.
أرسلت إمدادات عسكرية لحكومة “السراج”..
وتدعم “تركيا”، “حكومة الوفاق”. وقالت إنها قد ترسل قوات إلى هناك إذا تلقت مثل هذا الطلب وبعدها بفترة قصيرة أعلن “فايز السراج” أنه لا يجد بديلًا عن طلب مساعدات عسكرية من “أنقرة”.
وقال في حوار، أمس الأول الإثنين، مع صحيفة (كوريري ديلا سيرا) الإيطالية؛ إنه بإمكان من يعترض على مذكرة التفاهم الأمني الموقعة مع “تركيا”، اللجوء للعدالة الدولية، مضيفًا في المقابلة التي نشرت الإثنين “الحكومة الليبية ليس لديها بديل سوى طلب المساعدة العسكرية من تركيا”.
وتابع: “نحن متهمون الآن بإحضار دبابات وطائرات بدون طيار تركية، لكن معذرة ماذا كنتم تتوقعون ؟؛ أن تقف حكومتنا مكتوفة الأيدي بينما يتم تدمير العاصمة لتملأها الدماء وتُحتل ؟”.
وذكر تقرير لخبراء من “الأمم المتحدة”، الشهر الماضي، أن “تركيا” أرسلت بالفعل إمدادات عسكرية لحكومة “السراج”؛ رغم حظر تفرضه “الأمم المتحدة” على إرسال أسلحة لـ”ليبيا”.
وتأتي التحركات التركية، فيما أجرت “مصر”، الثلاثاء، مباحثات مع “روسيا” و”ألمانيا” والمبعوث الأممي إلى ليبيا، “غسان سلامة”، بشأن جهود التسوية الشاملة للأزمة الليبية.
يورط تركيا في مستنقع..
في هذا السياق؛ قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي التركي، “تورغوت محمد أوغلو”، إن: “إردوغان للأسف يورط تركيا في ليبيا ويدخلنا إلى مستنقع لا ناقة لنا ولا جمل فيه”.
وأضاف: “إردوغان يقود سياسات تدخلية في المنطقة جعلت تركيا تعيش في بحار من العزلة، وجلبت لنا العداء من قِبل الشعوب العربية، وأعتقد أن إردوغان سيحسب حساباته جيدًا قبل أن يقع في المستنقع الليبي”.
ولفت المحلل التركي، إلى أن هناك حالة رفض واسعة في أوساط المعارضة التركية والشارع التركي.
استجابة لعزلتها الدبلوماسية..
من جهتها؛ ذكرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، أن “تركيا” تقوم بمحاولات يائسة في “ليبيا” من أجل أن يكون لها تواجد هناك خلال الفترة المقبلة، بعدما وقعت مع رئيس ما يُعرف بـ”المجلس الرئاسي الليبي”، “فائز السراج”، اتفاقًا عسكريًا؛ وكذلك بحريًا، خلال الفترة الماضية.
وفي كانون أول/ديسمبر الجاري، وقعت “تركيا” مع حكومة ما تسمى “الوفاق” اتفاقًا رسميًا مع “أنقرة” لتوفير الدعم العسكري، بما في ذلك الأسلحة وربما القوات، في محاولة لوقف هجوم من المتمردين المدعومين من “روسيا” في الجزء الشرقي من البلد.
وجاء الاتفاق العسكري بعد أسابيع قليلة من التوصل إلى اتفاق بين “تركيا” و”حكومة الوفاق” نفسها على اتفاق غير اعتيادي لتقسيم جزء كبير من شرق البحر المتوسط الغني بالطاقة بينهما، مما يهدد مصالح “اليونان” و”قبرص”.
يأتي تعهد “تركيا” بالدعم العسكري، الذي قبلته “ليبيا” رسميًا الأسبوع الماضي، في وقت حرج في المعركة بين “حكومة الوفاق” و”الجيش الوطني الليبي”؛ بقيادة “خليفة حفتر”.
وأعربت كل من “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” عن قلقهما إزاء التصعيد في “ليبيا”، وخاصة المشاركة الدولية من كلا الجانبين، بما في ذلك الإنتهاكات المستمرة لحظر الأسلحة المفروض على “الأمم المتحدة” على “ليبيا”.
وقالت المجلة إن النهج التركي المزدوج تجاه “ليبيا” هو استجابة لعزلتها الدبلوماسية المتنامية في المنطقة.