18 أغسطس، 2025 11:45 ص

بحجة “حركة الشباب” .. أميركا تعود إلى الصومال لتواجه “موسكو” و”بكين” !

بحجة “حركة الشباب” .. أميركا تعود إلى الصومال لتواجه “موسكو” و”بكين” !

وكالات – كتابات :

أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية” عن استئنافها لوجودٍ عسكري محدود داخل “الصومال”. وربما يبدو قرار إعادة نشر القوات في تلك البلاد الواقعة في “القرن الإفريقي” مفاجئًا لسببين مهمين؛ أولهما وعد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، أثناء حملته بتجنب “الحروب الأبدية”؛ المستمرة منذ عام 2002، ضد الإرهاب، والتي لم تربحها “الولايات المتحدة” بالكامل؛ ولا تحظى بشعبيةٍ في أوساط الناخبين الأميركيين.

كما يُعتبر القرار مفاجئًا أيضًا في ضوء الخطوات الجارية لإعادة هيكلة الجيش الأميركي من أجل مواجهة التهديد الصيني.

ماذا وراء عودة “أميركا” لـ”القرن الإفريقي” ؟

لكن تفسير القرار يكمن في التركيز على المنافسة القديمة مع “روسيا”، والتي تجددت منذ بداية هجوم الأخيرة على “أوكرانيا”، كما يقول تقرير لموقع (The Conversation) الأسترالي.

وزعم (البنتاغون)؛ في إعلانه أن السبب يُرجع جزئيًا إلى الحاجة لتأمين العمليات؛ إذ استمرت القوات الخاصة الأميركية في تدريب المقاتلين الصوماليين خارج “الصومال”؛ بعد الانسحاب عام 2020، وسافروا كذلك من وإلى البلاد في بعض الأحيان. وأردف (البنتاغون) أن إعادة النشر ستضع نهاية للدعم المخصص بإنشاء قواعد داخل “الصومال”. لكن المؤكد هنا هو أن نشر القوات سيكون له تأثيرٌ مباشر على المنافسة “الأميركية-الروسية” في المنطقة.

الوضع العسكري في “الصومال”..

لم يتغير المشهد الأمني الصومالي كثيرًا منذ انسحاب “الولايات المتحدة”؛ حيث لا تزال خطوط المواجهة بين (حركة الشباب)؛ التابعة لتنظيم (القاعدة)، والحكومة الصومالية، وقوات “الاتحاد الإفريقي” داخل “الصومال”؛ على حالها كما كانت في وجود القوات الأميركية تقريبًا.

ونقل عدد من الباحثين أن (حركة الشباب) تعيش حالة إزدهارٍ اقتصادي، وأصبحت قادرةً على اختراق الأجهزة الأمنية الصومالية. ومع ذلك كانت الأمور على هذه الحال قبل الانسحاب الأميركي من “الصومال” أيضًا.

لكن ما تغيَّر في الواقع هو الوضع الدولي؛ إذ اشتدت المنافسة “الصينية-الأميركية”؛ في السنوات القليلة الماضية. بينما انفجرت المنافسة “الأميركية-الروسية”؛ على مدار العام الماضي، ويرجع سبب ذلك جزئيًا إلى الهجوم الروسي على “أوكرانيا”. ولا شكَّ أن هذه المنافسات تمخضت عن تداعيات واسعة النطاق داخل منطقة “القرن الإفريقي”.

وتُجدر الإشارة إلى أن إعلان إعادة نشر القوات الأميركية؛ جاء بعد أيامٍ من هزيمة الرئيس الصومالي؛ “محمد عبدالله محمد”؛ (فرماجو)، في الانتخابات؛ حيث كان الرئيس الصومالي السابق من الحلفاء المقربين لأصدقاء “روسيا” الجدد في “القرن الإفريقي”: “إثيوبيا وإريتريا”. أما الرئيس الصومالي المنتخب حديثًا؛ فيتعامل بتوازنٍ أكبر مع “إثيوبيا وإريتريا”، فضلاً عن ترحيبه الكبير بإعادة نشر القوات الأميركية.

واقع ما بعد الحرب “الروسية-الأوكرانية” في “القرن الإفريقي”..

استمتع “فرماجو”؛ بتحالفٍ وطيد مع الرئيس الإثيوبي؛ “آبي أحمد”، والرئيس الإريتري؛ “أسياس أفورقي”؛ حيث ساعدت القوات الإثيوبية؛ “فرماجو”، على إدخال مرشحيه إلى الولايات المعادية له، عن طريق قمع خصومه مثلاً. كما دعموا “فرماجو” ضد منافسه السياسي؛ “أحمد مادوبي”، رئيس ولاية “غوبالاند” الصومالية، عام 2019.

وأرسل “فرماجو”؛ القوات الصومالية في المقابل، من أجل القتال إلى جانب “آبي أحمد”؛ خلال الحرب الأهلية الإثيوبية. وتدخل “أسياس أفورقي” أيضًا في الحرب الأهلية الإثيوبية؛ وشارك في تدريب القوات الصومالية، بحسب (The Conversation).

وأدت الحرب الأهلية الإثيوبية والهجوم الروسي على “أوكرانيا”؛ إلى وضع “الولايات المتحدة” بشكلٍ متزايد في مواجهةٍ مع هذا التحالف الثلاثي؛ إذ انتقدت الحكومة الأميركية؛ أول الأمر، نظيرتها الإثيوبية بسبب تصرفاتها في “تيغراي”، التي اعتبرتها “الولايات المتحدة” قاسيةً ومليئةً بالتعديات على حقوق الإنسان؛ حيث قال المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة “القرن الإفريقي”: “مع اقتراب الحرب من ذكرى عامها الأول، لم يُعد بإمكان الولايات المتحدة وغيرها من الدول مواصلة علاقاتها؛ (التجارية كالمعتاد)، مع الحكومة الإثيوبية”.

ولا شكَّ أن اتفاقية التعاون العسكري الروسي مع “إثيوبيا” كانت سببًا آخر في تدهور العلاقات “الأميركية-الإثيوبية”؛ إذ جاءت الاتفاقية في وقتٍ فقدت خلاله “إثيوبيا” كل موادها روسية الصنع داخل ساحة المعارك بـ”تيغراي”. واندلعت تظاهرات مناهضة لـ”الولايات المتحدة”؛ في “أديس آبابا”، وشهدت رفع الأعلام والشعارات المؤيدة لـ”روسيا”. وفرضت “الولايات المتحدة” بعدها عقوبات على الزعيمين الإريتري والإثيوبي.

وقد بدأت العلاقة بين “الولايات المتحدة”؛ وبين “إريتريا” و”إثيوبيا”، في التدهور قبل الهجوم على “أوكرانيا”. لكن الحرب الأوكرانية اندلعت لنشهد إعلان “إريتريا” عن دعمها الكامل لـ”روسيا”؛ داخل “الأمم المتحدة”، بينما إمتنعت “إثيوبيا” عن التصويت في قرار إدانة الهجوم الروسي. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شعرت “الولايات المتحدة” بالقلق أيضًا حيال الاستثمارات الصينية الرامية لإنشاء قاعدةٍ بحرية في “إريتريا”.

توقيت نشر القوات الأميركية.. لماذا الآن ؟

بحسب الموقع الأسترالي، يوجد تفسيران محتملان لتوقيت إعادة نشر القوات الأميركية؛ أولهما أنه ربما تأخر في انتظار الانتخابات الأخيرة، بغرض عزله عن السياسات المحلية. أو يمكن النظر للأمر باعتباره أسلوب “الولايات المتحدة”؛ في تدعيم الرئيس بالإرادة والقدرة اللازمتين لمواجهة التحالف “الإريتري-الإثيوبي”؛ المدعوم من “روسيا”، داخل منطقة “القرن الإفريقي”؛ مما سيدعم “الولايات المتحدة” وحلفاءها في المواجهة مع “روسيا” بالتبعية.

ولا خلاف على أن النقطة الثانية تُمثل النتيجة المنطقية لنشر القوات في جميع الأحوال. ولكن قد يتبين كذلك أنها النتيجة الأهم؛ نظرًا لأن انخراط “الولايات المتحدة” في المنطقة على مدار 13 عامًا فشل في القضاء على (حركة الشباب)؛ إذ لا تزال الحركة قويةً وغنية، لكنها تفتقر إلى القدرة على هزيمة الحكومة الصومالية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة