17 أبريل، 2024 10:09 م
Search
Close this search box.

بحجة “تايوان” .. لماذا يُصر “بايدن” على المواجهة العسكرية ضد الصين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

“نعم، سنُدافع عن تايوان عسكريًا إذا هاجمتها الصين !”، من الصعب أن يحدث سوء فهم لتلك الإجابة الحاسمة من؛ “جو بايدن”، والتي وصفتها “بكين”؛ بأنها: “لعب بالنار”، فهل قد تدخل “أميركا” حربًا للدفاع عن “تايوان” فعلاً ؟…

تصريح “بايدن” القاطع جاء خلال زيارته الأولى إلى “آسيا”، وبالتحديد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني؛ “فوميو كيشيدا”، كما كرر الرئيس الأميركي تصريحاته المتشددة تجاه ما يصفها بأنها: “نوايا الصين العدائية تجاه جيرانها”، وعقد قمة لمجموعة (كواد)، التي تراها “بكين” مرادفًا آسيويًا لحلف الـ (ناتو).

“كواد” تعني الرباعية، والأطراف الأربعة: هي “الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند”، وعقد قادة تلك الدول، الثلاثاء 24 آيار/مايو، قمة في العاصمة اليابانية؛ “طوكيو”، سلطت الضوء على أول رحلة للرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى “آسيا”، منذ أن صار رئيسًا لـ”الولايات المتحدة”، في ظل مساعيه لتعزيز التحالفات والشراكات للتصدي لنفوذ “الصين” المتنامي في المنطقة، بحسب تحليل لشبكة (CNN).

“زلة لسان” جديدة لـ”بايدن” حول تايوان هذه المرة !

وجَّه أحد الصحافيين سؤالاً مباشرًا للرئيس الأميركي؛ بشأن إذا ما كانت “الولايات المتحدة” ستتدخل عسكريًا للدفاع عن “تايوان” إذا ما هاجمتها “الصين”، فلم يتردد “بايدن”؛ وأجاب قائلاً: “نعم”.

مصدر الصورة: سبوتنيك

كانت “نعم”، تلك الكلمة المكونة من ثلاثة حروف؛ (بالإنكليزية والعربية أيضًا)، بمثابة زلزال جيوسياسي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، أو هي: “طلقة رصاص” إنطلقت بالفعل، لكن لا أحد يمكنه الجزم بأين استقرت أو من قد تكون قتلت.

فـ”الصين” تعتبر “تايوان” جزءًا من أراضيها بموجب سياسة: “الصين الواحدة”، وتقول “بكين” إنها الأمر الأكثر حساسية وأهمية في علاقاتها بـ”الولايات المتحدة”، وفي الوقت نفسه تقوم سياسة “الولايات المتحدة” على الاعتراف بأن: “الصين واحدة”؛ ولا تُقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع “تايوان”.

كانت “الصين” و”تايوان” قد انفصلتا خلال حرب أهلية في الأربعينيات، وتعتبر “تايوان” نفسها دولة ذات سيادة وتحظى بدعم أميركي وغربي، لكن “بكين” لا تزال تصرُّ على أنه ستتم استعادة الجزيرة في وقت ما، وبالقوة إذا لزم الأمر. ولا يعترف بـ”تايوان” سوى عددٍ قليل من الدول؛ إذ تعترف معظم الدول بالحكومة الصينية في “بكين” بدلاً عن ذلك. ولا توجد علاقات رسمية بين “الولايات المتحدة” و”تايوان”، ولكن لدى “واشنطن” قانون يُلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.

وفي هذا السياق؛ تنظر “الصين” إلى النظام الديمقراطي ذاتي الحكم في “تايوان”؛ على المقياس الأميركي والتابع له، على أنه محافظة صينية منفصلة، ولم تستبعد استخدام القوة لتحقيق الوحدة، ووصلت التوترات بين “بكين” و”تايبيه” إلى ذروتها منذ عقود، في ظل إرسال الجيش الصيني عددًا قياسيًا من الطائرات الحربية بالقرب من الجزيرة، في استعراض للقوة لا يُخفى على دول المنطقة الأخرى.

وبالتالي؛ فإن كلمة: “نعم”؛ التي قالها “بايدن” تُمثل تغييرًا جذريًا في سياسة “الولايات المتحدة” تجاه “تايوان” وهي السياسة التي تحمل عنوان: “الغموض الإستراتيجي”، أي أن “واشنطن” لا تكشف عن نواياها في حالة إقدام “بكين” على ضم “تايبيه” بالقوة، وهو ما تُشير إليه “الصين” بإعادة التوحيد، بينما تصفه “الولايات المتحدة” بالغزو.

ولا شك أن الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، الذي تصفه “موسكو” بأنه عملية عسكرية خاصة؛ بينما تصفه “واشنطن” بأنه غزو، قد أشعل التكهنات أيضًا بشأن خطوة “الصين” المقبلة تجاه “تايوان”، فأوجه التشابه بين الملفين حاضرة بقوة رغم نفي “بكين” و”تايبيه” و”واشنطن” أيضًا لذلك التشابه.

هل يلعب “بايدن” بالنار فعلاً ؟

الرد الصيني على تصريح “بايدن” لم يتأخر بطبيعة الحال، وقال مكتب شؤون “تايوان” التابع لـ”مجلس الدولة” الصيني؛ الإثنين 23 آيار/مايو، إن “الولايات المتحدة”: “تلعب بالنار”، وفق ما ذكر موقع الإذاعة الألمانية؛ (دويتش فيلة)، نقلا ًعن وكالة (شينخوا) الصينية الرسمية.

وقال “تجو فينغليان”، وهو متحدث باسم المجلس الذي غالبًا ما يُعتبر بمثابة الحكومة الصينية، إن “الولايات المتحدة”: “تستخدم ورقة تايوان لاحتواء الصين وستحترق بنفسها”.

ودعت “بكين”؛ الرئيس الأميركي، إلى: “عدم التقليل من شأن تصميمها الحازم” على: “حماية سيادتها”. وقال الناطق باسم “وزارة الخارجية” الصينية؛ “وانغ وينبن”، أمام الصحافيين: “نُطالب الولايات المتحدة بتجنب إرسال إشارات خاطئة إلى القوى الاستقلالية”؛ في “تايوان”.

تصريحات “بايدن”، التي أدلى بها في أول زيارة يقوم بها إلى “اليابان” منذ توليه منصبه، وبينما كان رئيس الوزراء الياباني؛ “فوميو كيشيدا”، يقف بجانبه، بدت مخالفة لسياسة “الغموض الإستراتيجي” في موقف “الولايات المتحدة” من “تايوان”، على الرغم من سعي “البيت الأبيض” لنفي ذلك التغيير.

مصدر الصورة: شينخوا

وكان “بايدن” قد أضاف؛ في إجابته على ذلك السؤال: “هذا هو ما نلتزم به. نتفق مع سياسة صين واحدة. وقعنا على ذلك وعلى كل الاتفاقات التي أبرمت بعد هذه النقطة. لكن فكرة الاستيلاء عليها بالقوة غير ملائمة”، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع حدوث ذلك أو محاولة فعل ذلك.

وبعد تصريحات “بايدن”، قال مسؤول في “البيت الأبيض” إنه لا يوجد تغيير في السياسة الأميركية تجاه “تايوان”. وقال متحدث باسم “وزارة الخارجية” الصينية؛ إن “بكين” عبرت عن: “استيائها الشديد ومعارضتها للتصريحات”.

ووجهت “وزارة الخارجية” التايوانية الشكر؛ لـ”بايدن” على دعمه، بينما شعر مستشارو الرئيس للأمن القومي بالتوتر، وبدا أنهم يُراقبون “بايدن” عن كثب أثناء رده على السؤال المتعلق بـ”تايوان”. ونظر كثيرون منهم إلى الأسفل عندما قدم الرئيس الأميركي ما بدا أنه إلتزام لا لبس فيه بالدفاع عن “تايوان”، بحسب تقرير لـ (رويترز).

وأدلى “بايدن” بتصريح مشابه بشأن الدفاع عن “تايوان”؛ في تشرين أول/أكتوبر. وفي ذلك الوقت، قال متحدث باسم “البيت الأبيض” إن “بايدن” لم يكن يُعلن عن أي تغيير في السياسة الأميركية، وأشار محلل إلى أن التصريح كان: “زلة لسان”.

“نعم”، هذه ليست أول: “زلة لسان” تُصدر عن “بايدن” بشأن “تايوان” و”الصين”، وهو أيضًا تشابه آخر مع الأزمة الأوكرانية، التي شهدت أكثر من: “زلة لسان”؛ من “بايدن”، تم تفسيرها من جانب أغلب المحللين وبعض المسؤولين على أنها: “تشجيع لبوتين على غزو أوكرانيا”، رغم نفي “البيت الأبيض” أيضًا.

هل تخرج خصومة “أميركا” مع “الصين” عن السيطرة ؟

من الطبيعي ألا تكون الإجابة القاطعة على هذا السؤال: “سرًا من الأسرار الأميركية”؛ إذ إن ذلك هو المغزى والهدف من سياسة: “الغموض الإستراتيجي” المتبعة أميركيًا فيما يتعلق بـ”تايوان” والتدخل العسكري للدفاع عنها؛ في حالة شن “الصين” هجومًا عسكريًا لإعادة ضم الجزيرة الانفصالية بالقوة.

لكن: “زلات لسان”؛ “بايدن”، المتكررة بشأن التدخل عسكريًا للدفاع عن “تايوان”، رغم عدم وجود اتفاقية دفاع مشترك بين “تايبيه” و”واشنطن”، تفتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات والتأويلات، خصوصًا في ظل تغير الحسابات الجيوسياسية والإستراتيجية تغيرًا جذريًا خلال العقد الماضي.

ولا تتعلق تلك التغييرات بـ”واشنطن” فقط؛ ورغبة “بايدن”، المنتمي إلى زمن “الحرب الباردة” بين “الاتحاد السوفياتي” والغرب، في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؛ إذ تخلت “الصين” في ظل حكم الرئيس؛ “شي جين بينغ”، عن شعار: “اخف قواتك، وتريّث”، وسعت، بدلاً من هذا، وراء سياسة خارجية أشد حزمًا، واستعرضت قوتها الاقتصادية والعسكرية.

فخلال حكم “شي”، صعّدت “الصين” مواقفها العسكرية تجاه “اليابان”، وأرسلت خفر السواحل نحو المياه المحيطة بجزر “سينكاكو”؛ (التي تُعرف في الصين بجزر دياويو)، وحلقت بطائرات حربية فوق المجال الجوي لهذه الجزر.

وقبل عام واحد؛ وخلال استقبال “بايدن” في “البيت الأبيض”؛ لرئيس وزراء اليابان السابق؛ “يوشيهيدي سوغا”، جاء في البيان الذي صُدر عن القمة جملةً لفتت نظر “بكين” بالفعل، وهي عبارة: “أعلنت الولايات المتحدة دعمها الثابت للدفاع الياباني بموجب المعاهدة (الأميركية-اليابانية) للتعاون والأمن المُتبادَل، باستخدام مجموعة كاملة من قدراتها، بما في ذلك القدرة النووية”.

وقد دفعت هذه العبارة؛ الصينيين، لأن يوجهوا سؤالاً يبدو بديهيًا: هل “الولايات المتحدة” مستعدة حقًا لخوض حرب نووية مع “جمهورية الصين الشعبية” بسبب خلاف إقليمي بين “الصين” و”اليابان” ؟

كما فرضت “الصين” عقوبات تجارية على “أستراليا”؛ بعد أن طالبت “كانبرا” بإجراء تحقيق مستقل حول منشأ مرض (كوفيد-19)، فأعلن “بايدن” لاحقًا عن اتفاقية (أوكوس) الأمنية مع: “أستراليا وبريطانيا”، والتي اعتبرت أيضًا موجهة إلى “الصين”. وكل هذه مؤشرات تصب في اتجاه الخصومة الإستراتيجية مع “الصين”؛ في ظل حكم الرئيس “بايدن”، والتي باتت تُمثل حجر الأساس للسياسة الخارجية الأميركية.

مصدر الصورة: شينخوا

هل تقوم “أميركا” بخوض الحرب ضد “الصين” دفاعًا عن “تايوان” ؟

نعم هناك إصرار من “البيت الأبيض”؛ على أن تصريحات “بايدن” لا تُمثل تغييرًا في السياسة الأميركية؛ إذ قال مسؤول في “البيت الأبيض” إنه لا يوجد تغيير في السياسة الأميركية تجاه “تايوان”، بحسب (رويترز). وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: “كما قال الرئيس، سياستنا لم تتغير. أكد مجددًا على سياسة: صين واحدة، وإلتزامنا بالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان. كما أكد مجددًا إلتزامنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان بتزويد تايوان بالوسائل العسكرية للدفاع عن نفسها”.

لكن “غرانت نيوزهام”، العقيد المتقاعد في مشاة البحرية الأميركية؛ ويعمل الآن كباحث في منتدى (اليابان) للدراسات الإستراتيجية، قال لـ (رويترز)؛ إن المعنى واضح، مضيفًا: “هذا التصريح يستحق أن يؤخذ على محمل الجدِ. إنه تصريح واضح بما فيه الكفاية بأن الولايات المتحدة لن تجلس مكتوفة الأيدي إذا هاجمت الصين؛ تايوان”.

وفي حين أن “واشنطن” مطالبة؛ بموجب القانون، بتزويد “تايوان” بوسائل للدفاع عن نفسها، إلا أن سياسة: “الغموض الإستراتيجي” المتبعة بشأن ما إذا كانت ستتدخل عسكريًا لحماية “تايوان” في حالة وقوع هجوم صيني؛ لا توضح أبدًا إذا ما كانت “واشنطن” ستخوض حربًا ضد “بكين” دفاعًا عن “تايبيه”.

وأدلى “بايدن” بتصريحات أخرى صارمة بشأن تزايد نفوذ “الصين” في المنطقة، قائلاً إنه يأمل أن يدفع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، ثمن: “غزوه” لأوكرانيا، وجزء من ذلك يعود إلى الرغبة في أن تعرف “الصين” ما ستواجهه إذا قامت بغزو “تايوان”. وقال “جيمس براون”، الأستاذ المساعد في جامعة “تمبل” اليابانية: “إنهم يسعون إلى تشديد سياستهم، ولكن دون استفزاز الصين بالضرورة”.

وأوضح رئيس الوزراء الياباني؛ استعداد “طوكيو” إلى اتخاذ موقف دفاعي أكثر صرامة، وهو أمر رحبت به “الولايات المتحدة”؛ منذ فترة طويلة. وقال “كيشيدا” إنه أبلغ “بايدن”؛ بأن “اليابان” ستدرس عدة خيارات لتعزيز قدراتها الدفاعية، بما في ذلك القدرة على الرد فيما يُشير إلى تحول محتمل في سياسة “اليابان” الدفاعية.

مصدر الصورة: رويترز

وقال “يوغي كودا”، الضابط المتقاعد بقوات الدفاع الذاتي البحرية وقائد أسطول سابق، إن دور “اليابان” في أي صراع بشأن “تايوان”؛ سيكون تمكين العملية الأميركية ومساعدة “الولايات المتحدة” في الدفاع عن أصولها. وأوضح لـ (رويترز): “دور اليابان في ذلك سيكون كبيرًا. اليابان عامل تمكين لهذا الردع الأمني”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب