خاص: كتبت- نشوى الحفني:
كشفت “المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري”، أمس الأربعاء، عن توقيع عقد استكشاف وتطوير وإنتاج مع “شركة نفط الوسط العراقية”؛ المملوكة للدولة، لاستكشاف النفط والغاز في حقل الرقعة رقم (7).
وستمتلك “المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري”؛ (إفريكا هولدنغ)، وهي وحدة مملوكة بالكامل لشركة النفط والغاز الحكومية، حصصًا بنسبة (100) بالمئة وستعمل مشغلاً للرقعة (7)؛ التي تبلغ مساحتها: (6300) كيلومتر مربع وتقع في محافظة “الديوانية”؛ بوسط “العراق”.
يُضفي الاتفاق طابعًا رسميًا على عرض فازت به الشركة الصينية لاستكشاف الرقعة، وهو جزء من جولة تراخيص عراقية في الآونة الأخيرة عرضت “بغداد” بموجبها تقاسم الأرباح مع الشركاء بدلاً من عقود الخدمة الفنية السابقة، في تحول بارز في السياسة.
ثلاث سنوات للمرحلة الأولى..
وقالت “المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري”؛ إنه بموجب العقد، ستستمر المرحلة الأولى من فترة الاستكشاف لمدة ثلاث سنوات، دون أن تُحدد متى ستبدأ، بحسّب وكالة (رويترز).
وتُعدّ “المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري” واحدة من الشركات العالمية الرئيسة المنتجة للنفط في “العراق”، مع تركيز أنشطتها على حقل (ميسان)؛ في جنوب شرق “العراق”.
وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في “المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري”؛ في آب/أغسطس، إن الرقعة (7) قد تتُيح اكتشافًا كبيرًا، وإن الشركة تُحافظ على معايير عالية في اختيار الأهداف الاستثمارية الجديدة خارج “الصين”.
زيادة احتياطي النفط..
ويصّبو “العراق” إلى زيادة احتياطي النفط لأكثر من: (160) مليار برميل، وهو في سبيل ذلك أطلق مجموعة من المشاريع الخاصة بزيادة الإنتاج، فاتحًا الباب أمام مزيد من الاستثمارات في مجال الاستكشافات.
وفي هذا السياق؛ بزغت الشركات الصينية كلاعب رئيس، بعد أن فازت عدد من الشركات بمزيدٍ من الاستثمارات الجديدة لاستكشاف حقول النفط والغاز في “العراق” ضمن جولة تراخيص لتطوير قطاع النفط والغاز في البلاد التي أطلقتها “وزارة النفط”؛ في أيار/مايو الماضي.
واشتملت جولة التراخيص نحو: (29) مشروعًا، مستهدفة زيادة الإنتاج للاستهلاك المحلي.
وتأهلت أكثر من (20) شركة لجولة التراخيص، بما في ذلك مجموعات أوروبية وصينية وعربية وعراقية.
وكانت الشركات الصينية هي الوحيدة من بين الشركات الأجنبية التي حصلت على استثمارات في تلك الجولة. ولوحظ عدم وجود شركات نفط أميركية كبرى.
وضمت قائمة الشركات الصينية التي فازت بالعطاءات، بحسّب ما أعلنه وزير النفط العراقي؛ “حيان عبدالغني”، في أيار/مايو، كلاً من:
الشركة الصينية (سينوك العراق)؛ والتي فازت باستثمار تطوير الرقعة (7) لاستكشاف النفط الممتدة على مساحة: (6300) كيلومتر مربع عبر محافظات: “الديوانية وبابل والنجف وواسط والمثنى”؛ بوسط وجنوب البلاد.
شركات (تشنهوا وأنتون وسينوبك) أيضًا فازت باستثمارات تطوير حقول (أبو خيمة) في “المثنى والظفرية” في “واسط”؛ و(سومر) في “المثنى” على الترتيب.
تنافس مشروع لمكاسب اقتصادية..
تعليقًا على الخطوات الصينية داخل “العراق”؛ يؤكد مدير المركز (العراقي) للدراسات؛ “غازي فيصل”، في تصريحات خاصة لموقع (اقتصاد سكاي نيوز عربية)، أن “الصين” في الواقع في حالة تنافس اقتصادي واسع النطاق مع “الولايات المتحدة الأميركية” ودول “الاتحاد الأوروبي وبريطانيا”، ومع مختلف القوى الاقتصادية الدولية.
كما أن “الصين” تتمتع بنفوذ اقتصادي واسع في مجالات الاستثمار والقروض والتمويلات؛ بهدف ضمان أمن الطاقة وتغطية احتياجاتها اليومية – والتي تُقدر بنحو: (11) مليون برميل يوميًا حجم واردات “الصين” – بخلاف الغاز.
وتُعدّ منطقة “الشرق الأوسط والخليج العربي” مناطق استراتيجية لـ”الصين”.. وبالتالي تتنافس مع الشركات الأميركية والإقليمية في مجال الغاز والطاقة والصناعات التحويلية.
وتمتلك منطقة “الشرق الأوسط” ثروات هائلة؛ لا سيما “العراق” الذي يمتلك وحده أكثر من ما قيمته: (20) تريليون دولار معادن مازالت لم تستثمر وبإمكان الشركات الكبرى أن تتنافس للدخول في استثمارات واسعة النطاق، إضافة إلى احتياطات الغاز والنفط، إذ يُعدّ “العراق” ثاني احتياطي للنفط بعد “السعودية”.
ويوضح أن هذا النشاط الصيني في “العراق” يأتي في إطار التنافس الاقتصادي الدولي الراهن، مشيرًا إلى أن “الصين” تتنافس بصورة خاصة مع الشركات الأميركية والأوروبية لتقديم الأفضل.
ويُضيف: نشاط “الصين” يأتي في إطار التنافس المشروع في العلاقات الاقتصادية الدولية؛ للحصول على أفضل المكاسب ولضمان مصالح “الصين” واحتياجاتها من المعادن والطاقة في ضوء امتلاكها أفضل التكنولوجيا المتطورة في الصناعات المختلفة.
ووفق البيانات الصينية الرسمية؛ الصادرة عن “الإدارة العامة للجمارك”، فإن واردات “بكين” من النفط الخام وصلت في 2023 لأعلى مستوياتها على الإطلاق مع تعافي الطلب على الوقود بعد التراجع الناجم عن جائحة (كورونا)، وذلك رُغم الرياح الاقتصادية المعاكسة.
ارتفعت الواردات (11) بالمئة مقارنة مع 2022 إلى: (563.99) مليون طن أو ما يُعادل: (11.28) مليون برميل يوميًا، ارتفاعًا من المستوى القياسي السابق المسجل في 2020؛ وبلغ: (10.81) مليون برميل يوميًا.
تحقيق أهداف استراتيجية..
من جانبه؛ يوضح أستاذ الاقتصاد بالعراق؛ “نبيل المرسومي”، في تصريحات خاصة لموقع (اقتصاد سكاي نيوز عربية)، أنه:
من الملاحظ أن ثمة سيطرة واسعة لـ”الصين” على الحقول المعروضة ضمن جولة التراخيص الحالية للتنقيب التي تم طرحها من قبل “وزارة النفط”.
معظم الشركات الصينية التي فازت بعقود متواجدة بالفعل في “العراق”.
أهم المناطق والحقول التي تمت ترسيتها كانت من حصة الشركات الصينية بشكلٍ خاص.
ويرجع اهتمام “الصين”؛ بـ”العراق”، إلى وجود “بغداد” كمركز للطاقة العالمية وباعتبارها أحد أكبر المنُّتجين، مضيفًا أن “الصين” مستورد كبير للنفط، وبالتالي هي في حاجة لتأمين إمدادات الطاقة بصورة منتظمة، و”العراق” يُحقق ذلك.
كما يوضح أن “العراق” مكانًا مناسبًا لـ”الصين” في ضوء قدرة الشركات الصينية على الانسجام مع البيئة العراقية، وبالتالي دعم قدرتها على تحقيق أهداف استراتيجية.
بيئة استثمارية هامة..
وإلى ذلك؛ يُلفت الخبير الاقتصادي العراقي؛ الدكتور “جعفر الحسيناوي”، في تصريحات خاصة لموقع (اقتصاد سكاي نيوز عربية)، إلى أنه لا شك أن “العراق” يُمثل بيئة استثمارية مهمة لجميع الشركات العالمية لما يمتلكه من موارد طبيعية هائلة من نفط خام ومكامن غاز كبرى غير مستثمرة وكميات كبيرة من الفوسفات والكبريت وما إلى ذلك.
تتهافت تلك الشركات على “العراق” – ومنها الشركات الصينية – مدفوعة بالرغبة في تحقيق عوائد اقتصادية وفرص استثمارية حقيقية، من الناحية الاقتصادية.
على صعيد الناحية السياسية، يكتسب موقع “العراق” أهمية خاصة في المنطقة، ولذلك تُحاول “الصين” التواجد هناك وإبعاد السيّطرة (النفوذ) الأميركية.
وسبق وأن قال رئيس الوزراء العراقي؛ “محمّد شيّاع السوداني”، خلال انطلاق جولة التراخيص، إن: “العراق يتوقع الحصول على أكثر من (3459) مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الغاز، وأكثر من مليون برميل من النفط باليوم، من خلال هاتين الجولتين”.
وأضاف: “ستُسهم هذه المشاريع الاستراتيجية بزيادة الاستثمارات في تلك المحافظات، بما يُساعد على تحسين واقعها الاقتصادي والخدمي”.
علاقات متطورة..
ويُلفت المستشار في شؤون الطاقة؛ “مصطفى البزركان”، إلى أن العلاقات التجارية والسياسية بين “الصين” و”العراق”: “متطورة”؛ وهنالك دعم شعبي لخطوات الحكومة في تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، خاصة في ظل مواقف شعبية معارضة لتعزيز العلاقات مع “واشنطن ولندن”، فكان ذلك صالح العلاقات المتطورة مع “الصين”.
ويستطرد: خلال العامين الماضيين كان هناك أكثر من مغادرة لشركات أميركية وغربية نفطية من “العراق”، ما دفع بالشركات الصينية لتوجيه استثماراتها وخبراتها التقنية إلى “العراق”.
وتُشكل مبيعات النفط الخام: (90) بالمئة من إيرادات الميزانية العراقية. ولكن على الرُغم من ثروتها النفطية الهائلة، لا تزال البلاد تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وخصوصًا الغاز لتشّغيل الكهرباء.
وقد أعلن “العراق”؛ العضو المؤسس في منظمة (أوبك)، التزامه كما دول أخرى بتخفيض الإنتاج الطوعي لدعم الأسعار المتضررة من حالة عدم اليقين الاقتصادي.