19 أبريل، 2024 8:21 م
Search
Close this search box.

بتكتيك فعال قد لا يجدي في المستقبل .. كيف نجحت “إيران” في قمع المظاهرات بسرعة ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

بعد وقف الدعم المفاجيء لأسعار الوقود، في منتصف تشرين ثان/نوفمبر المنصرم، خرج المتظاهرون إلى الشوارع في “إيران”. لكن سرعان ما الحكومة استجابت، وأتبعت التكتيك المألوف لقمع المتظاهرين بإغلاق “الإنترنت” في الجمهورية بأكملها واستخدام القوة الوحشية ضد المحتجين، مما أسفر عن مقتل 143 شخصًا. وفي غضون أسبوع، توقفت المظاهرات وأعلنت الحكومة النصر على المتظاهرين.

كان حجم وسرعة القمع الإيراني كبيرًا ويختلف عن رد الفعل على السخط العام، في عامي 2017 و2018. تسائلت صحيفة (واشنطن بوست) عن سر هذا التغير في مظاهرات العام الحالي، لأن “طهران” على ثقة فيما يتعلق بضعف سكانها بفعل إسقاطات حملة “الضغط الأقصى” من “الولايات المتحدة” وأقل ثقة بمكانتها في المنطقة بسبب الاحتجاجات المستمرة في “لبنان” و”العراق”.

توتر بفعل الاحتجاجات في المنطقة..

تقول الصحفية الأميركية إن نفوذ “إيران” ومكانتها، في “لبنان” و”العراق”، هو المفتاح لأمنها، وهو أمر قضت من أجله “طهران” سنوات لترسيخه، وأضافت أن نتيجة الاحتجاجات ستحدد رد فعل “الجمهورية الإسلامية” على الاحتجاجات داخل حدودها، لأنها تؤثر على شعور النظام بالأمان والإستدامة.

تنبع الاحتجاجات، التي بدأت في نهاية شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، في “العراق” و”لبنان”، من المظالم المحلية المشروعة وتغذي المظاهرات المناهضة للحكومة الغضب والفساد بين السياسيين داخل تلك البلدان، ولكن مع إشتداد وتيرة الاحتجاج أصبحت هذه الاحتجاجات مناهضة لـ”إيران” بشكل متزايد، حيث لا يمكن تجاهل يد “طهران” في السياسات الفاسدة لهذه الحكومات.

وتفاقمت الكراهية لـ”إيران” بعد أن حاول أعضاء “حزب الله”، المدعومون من “طهران”، تعطيل التجمعات السلمية في “لبنان” ولجأت القوات المدعومة من “إيران” إلى عنف شديد ضد المحتجين في “العراق”. وفي سبيل التعبير عن ذلك الحنق، أحرق المتظاهرون في “العراق”، “القنصلية الإيرانية”، في “كربلاء”، في 4 تشرين ثان/نوفمبر 2019، وفي “النجف” و”كربلاء”، أما في “لبنان”، اشتبك أنصار “حزب الله” مع المتظاهرين المناهضين للحكومة، مما أجبر الجيش وشرطة مكافحة الشغب على تشكيل حواجز تفصل بين المجموعتين.

“لبنان” هو بوابة “طهران” إلى البحر الأبيض المتوسط، و”حزب الله” هو حليف لا مثيل له فاعل هجين مسلح موالٍ له ويمنحها الوصول لدول المنطقة؛ ولذلك فعلاقات “إيران” مع “حزب الله” غير قابلة للتفاوض وأي تهديد يقترب من الحركة يكون تهديد مباشر لـ”إيران”.

“العراق” جار يشترك مع “طهران” في حدود 900 ميل من الحدود التي يسهل اختراقها ولديها مصالح سياسية ودينية واقتصادية. وقدرة “إيران” على التعمق في “العراق” معروفة وكشفتها تسريبات أصدرتها صحيفة (نيويورك تايمز) مؤخرًا؛ تحدد عمق ومدى العلاقات بين البلدين، في تقرير نُشر الشهر الماضي.

لكن داخل “إيران”، يُعد الوجود الإقليمي لـ”طهران” مشكلة، ويعتبر مكلفًا وموضوع نقاش. خلال الجولات السابقة من السخط، ردد المتظاهرون شعارات مثل: “لا لفلسطين، لا لغزة ولبنان، إيران فقط من تستحق الموت من أجلها”. لكن مسؤولي “إيران” يجادلون بأن “إيران” استثمرت الكثير بالفعل في تلك البلدين مما يمثل صعوبة في أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الاحداث الجارية لديهما.

بعد كل شيء، “العراق” أولوية من الدرجة الأولى، لوجوده على الحدود المتاخمة لـ”إيران”. في المرة الأخيرة التي كانت فيها “إيران” و”العراق” على خلاف مع بعضهما البعض، أدى ذلك إلى الحرب “الإيرانية-العراقية”، المدمرة التي استمرت ثماني سنوات؛ ولا يُعتقد أن “إيران” قد تسمح بتكرار ذلك.

“لبنان” وعلاقته بـ”حزب الله”؛ جزء من إسقاط القوة الإقليمية لـ”إيران” ورمز لإنجاز “الجمهورية الإسلامية” ونجاحها. لكن ردة فعلها على الاحتجاجات تزيد الأمور سوءًا لأن استخدام حلفاء “إيران” القوة لتعطيل الاحتجاجات يزيد من المشاعر المعادية لـ”إيران”. هذا يجعل “طهران” متوترة، وغير راغبة في إتخاذ أي فرص في الاحتجاجات، بما في ذلك داخل حدودها.

مطالب الاحتجاجات..

بالرغم أن الاحتجاجات سمة أساسية لـ”إيران”، لكن الاحتجاجات التي وقعت، في السنوات القليلة الماضية، كانت مجزأة إلى حد كبير ومحلية وغير منسقة، وركزت على مطالب اجتماعية اقتصادية محددة. في كانون أول/ديسمبر 2017 إلى كانون ثان/يناير 2018، كانت واسعة الانتشار، حيث وقعت الاحتجاجات في أكثر من 80 مدينة في جميع أنحاء البلاد، وركزت في البداية على الظروف الاقتصادية وتطورت لتصبح احتجاجات مناهضة للحكومة. ومع إدراك أن المنهج المعتاد لإلقاء اللوم على الأجانب لن ينجح هذه المرة، فإن النخب السياسية – بمن فيهم المرشد الأعلى – شرعت مطالب المحتجين والإصلاح الموعود.

تقول الصحيفة الأميركية أن الإيرانيين يريدون التغيير، لكنهم لا يريدون تكرار مأساة الحرب الأهلية في “سوريا” و”اليمن” و”العراق” داخل بلادهم، ولكنهم يريدون التغيير التدريجي وإصلاح النظام، لكن هذا التغيير لا يتحقق بالسرعة كافية.

اقتصادًا مريعًا..

كان من المفترض أن تفتح الصفقة النووية لعام 2015؛ “إيران”، على المستوى الدولي، مما يمهد الطريق أمامها لتحسين الظروف الاقتصادية، وهو ما كان حجر الأساس لوعود إدارة “حسن روحاني” في حملة الترشح، ولكن حملة “الضغط الأقصى”، للرئيس “ترامب”، تجعل الأمر صعبًا، حيث أدت الحملة لانخفاض صادرات “النفط” بنسبة 80 في المئة، ويتوقع “صندوق النقد الدولي” أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5 في المئة هذا العام؛ بعد انخفاض عُملتها، وتوقع أن يبلغ معدل التضخم السنوي 35.7 في المئة هذا العام.

الاقتصاد الإيراني كبير للغاية ومتنوع للغاية لدرجة أنه لا يمكن أن ينهار. وفي الواقع، يبدو أنه يتعافى، لكن ببطء، حيث ارتفعت العُملة بنسبة 40 في المئة مقابل الدولار، مما أدى إلى تخفيف التضخم ودعم قطاع الصناعات التحويلية، إلى جانب ارتفاع الصادرات غير النفطية؛ بسبب فرض العقوبات على “النفط”، وهو ما قد يبشر بزيادة تنويع الاقتصاد؛ وهي فائدة على المدى الطويل.

لكن الإيرانيين أنفسهم ضعفاء، والطبقة الوسطى – الطبقة الأكثر نشاطًا سياسيًا – تتعرض لمزيد من الضغوط بسبب العقوبات. بالإضافة إلى ذلك، تُعد إدارة “ترامب” عدوًا خارجيًا مفيدًا، حيث توحد حكومة منقسمة عادة في “طهران”. نتيجة لذلك، عندما واجهت الاحتجاجات اليوم، شعرت الحكومة بالتهديد بشكل أكثر حدة، ولكنها كانت أيضًا أكثر ثقة في قوتها وقدرتها على إتخاذ إجراءات صارمة، نظرًا لاستضعاف سكانها. وتوفر إدارة “ترامب” منبرًا لجماعات مثل “مجاهدي خلق”، وهي مجموعة مقاومة إيرانية في المنفى كانت الحكومة الأميركية قد أدرجتها سابقًا كمنظمة إرهابية أجنبية تحظى بدعم ضئيل من الإيرانيين، وقالت إنها “سعيدة” بالاحتجاجات، وهو أمرًا يُعتبر هدية للحكومة في “طهران” للترويج لنظرية المؤامرة الأجنبية وراء المظاهرات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب