خاص: كتبت- نشوى الحفني:
اليوم الإثنين؛ تشهد جميع المرافق الاقتصادية في “إسرائيل” إضرابًا عامًا للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في “غزة”، بعدما عُثر على جثث (06) رهائن إسرائيليين في أحد أنفاق “رفح”.
وهذا هو الإضراب الأول من نوعه؛ بهذا المستوى، منذ بداية الحرب في “غزة”، ويُعتقد أنه سيكون له تأثيرٍ كبير على رئيس الحكومة الإسرائيلية؛ “بنيامين نتانياهو”.
احتجاج لعدم التوصل لاتفاق هُدنة..
وكان رئيس اتحاد العمال (الهستدروت)؛ “أرنون بار دافيد”، أعلن الإضراب في جميع المرافق الاقتصادية من يوم الإثنين، بدءًا من السادسة صباحًا، احتجاجًا على عدم التوصل لاتفاق هُدنة مع حركة (حماس) يسمح بإعادة الرهائن من “غزة”.
وقال في انتقاد مباشر لرئيس الوزراء: “إن صفقة التبادل تتعثر بسبب اعتبارات شخصية”.
وأضاف بعد لقاء مع أهالي الرهائن: “يجب التوصل إلى اتفاق، فالاتفاق أكثر أهمية من أي شيء آخر”.
وتابع: “لم نُعد دولة واحدة، لقد انقسمنا إلى معسكرات مختلفة. يجب أن يتوقف هذا. يجب أن تعود دولة إسرائيل إلى وضعها الطبيعي”.
وأردف: “لذلك، قررت أنه اعتبارًا من الغد، سيُضرب الاقتصاد الإسرائيلي بأكمله”.
استعادة جثامين 6 رهائن..
وتصاعدت الدعوات للإضراب مع إعلانات الانضمام إليه بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي استعادة جثامين (06) رهائن من “غزة”.
وقالت عائلات الرهائن والعديد من القادة الإسرائيليين بالمعارضة؛ إنه كان بالإمكان استعادة الرهائن لو أن “نتانياهو” وافق على الاقتراحات التي قدمها الوسّطاء.
ورحبت عائلات الرهائن بقرار “بار ديفيد”.
وقالت في بيان: “إن القيادة الاجتماعية والاقتصادية والمحلية تثُبت نفسها، على النقيض من قيادة الدولة، وسوف يتوقف الاقتصاد والبلاد غدًا، للضغط على مجلس الوزراء ورئيس الوزراء لإنهاء التخلي عنهم، وإنقاذ الرهائن الأحياء، وإعادة الرهائن المئة وواحد في صفقة”.
أماكن الإضراب..
وسيشمل الإضراب العاملين في “مطار بن غوريون الدولي”؛ في “تل أبيب”، وعمال “بلدية تل أبيب”؛ والمواصلات العامة وشبكات تسوق كبرى، وسيكون الإضراب في المدارس والمؤسسات التعليمية متفاوتًا ولكنه سيشمل (06) جامعات.
وأعلنت عشرات البلدات الالتزام بالإضراب ومع ذلك قالت بلديات “القدس الغربية، وأسدود، والرملة، وحولون، وديمونا، وبيتاح تكفا، وصفد، وكريات يام”، و(مستوطنة) “أرئييل، وكريات جات، ومتسبيه رامون، وبني براك” إنها لن تلتزم بالإضراب.
وأعلنت البلديات والمجالس المحلية العربية الالتزام بالإضراب: “من أجل إنهاء الحرب على غزة”.
وستضرب البنوك والمستشفيات وشركات التكنولوجيا الفائقة؛ كما أعلنت العديد من المطاعم الالتزام بالإضراب.
وهذا هو الإضراب الأول الذي يُعلن عنه (الهستدروت)؛ منذ آذار/مارس 2023، عندما سادت “إسرائيل” احتجاجات ضد مشاريع الإصلاح القضائي التي دفعت بها الحكومة واعتبرتها المعارضة انقلابًا على الديمقراطية.
توافد الحشود ضد حكومة “نتانياهو”..
ومنذ ليلة أمس؛ تجمعت حشود كبيرة في وسط “تل أبيب” لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بإبرام اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار.
وقادت عائلات الرهائن الإسرائيليين أعداد المشاركين بمئات الآلاف، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية بأن العدد زاد على: (100) ألف.
وردّد المتظاهرون هتافات تصف وزراء (الكابينيت) بشركاء في القتل، مطالبين إياهم بالتراجع عن القرار بشأن محور (فيلادلفيا)؛ والتوصل إلى صفقة لإعادة الرهائن فورًا.
غير أن المُعلقين الإسرائيليين أجمعوا على أن التجمع، الذي تمت الدعوة له صباح اليوم، هو الأكبر منذ بداية الحرب في 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وقال المُعلق السياسي في صحيفة (هاآرتس)؛ “أمير تيبون”، على منصة (إكس): “اليوم نشهد في إسرائيل أكبر مظاهرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر؛ لصالح صفقة الرهائن وضد فشل (رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو، التام على جبهات متعددة”.
وأضاف: “أكبر علامة استفهام: هل سيكون هذا، إلى جانب الإضراب العام الذي أُعلن عنه غدًا، مجرد ضغط لمرة واحدة أم مستمر ؟”.
ومن جهتها؛ فقد وصفت عائلات الرهائن الإسرائيليين في “غزة” الاحتجاج بأنه بركان.
هل يؤثر إضراب يوم واحد ؟
وعادة لا يلجأ “الاتحاد العام لعمال إسرائيل”؛ (الهستدروت)، للإضراب إلا في الأوقات الحرجة؛ ويكون له فِعله المؤثر.
وعادة ما يكون لإضرابات (الهستدروت) تأثيرها على صُناع القرار في “إسرائيل”، ولكن من غير الواضح إذا ما كان الإضراب، وهو ليومٍ واحد سيؤثر على رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”، بالتراجع عن عقبة السيطرة الإسرائيلية على محور (فيلادلفيا) على الحدود بين “قطاع غزة” و”مصر”.
ولم يسبق أن وافق (الهستدروت) على الإضراب؛ منذ بداية الحرب في 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي، رغم المطالبات المتكررة من قبل عائلات الرهائن الإسرائيليين والمعارضة.
ويضم (الهستدروت) في عضويته مئات آلاف الموظفين الإسرائيليين، بمن فيهم الموظفون في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”.
ولكن رئاسة الوزراء الإسرائيلية توعدت بخصم يوم عمل من العاملين الذين يُشاركون في الإضراب ويتغيبون عن العمل.
وفيما يتعلق بقانونية الإضراب الذي يحدث اليوم؛ أوضح (الهستدروت) أن هذه منظمة تُمثل الجمهور العامل في “إسرائيل”، وبالتالي يمكن للمنظمة إغلاق الاقتصاد في أحداث استثنائية كعلامة على التضامن حتى لو لم يكن نزاعًا عماليًا. هكذا تصرفوا في الماضي؛ وهذه هي الطريقة التي يُعامل بها (الهستدروت) اليوم.
إضراب سياسي..
أما وزير المالية؛ “بتسلئيل سموتريتش”، فقال في بيان: “هذا إضراب سياسي جامح وغير قانوني. سوف نستأنف أمام المحكمة للحصول على أمرٍ قضائي. وبدلاً من تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي، يُحقق أرنون حلم السنوار. وبدلاً من تمثيل العمال، فهو يُمثل مصالح (حماس). أعطيت تعليمات للخزينة بأن من يضرب غدًا لن يتلقى الدفع. أدعو العمال إلى المجيء إلى العمل غدًا وعدم مد يد العون لإضراب عنيف يضُر بدولة إسرائيل في هذه الأوقات الصعبة”.
دعوات لإضرابٍ عام..
وكان زعيم المعارضة في إسرائيل؛ “يائير لابيد”، قد دعا الأحد، إلى إضراب لإغلاق اقتصاد الدولة بهدف الضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين في “قطاع غزة”.
وطلب “لابيد”؛ الذي تولى رئاسة الحكومة سابقًا، من كل إسرائيلي: “تحطم قلبه هذا الصباح” إلى المشاركة في احتجاج كبير في “تل أبيب”، في وقتٍ لاحق من اليوم.
كما طلب زعيم المعارضة من “اتحاد العمال” الرئيس في “إسرائيل” والشركات والبلديات المشاركة في الإضراب.
المصالح الشخصية أمام مصالح الرهائن..
وتعهد “نتانياهو” بمواصلة القتال حتى القضاء على (حماس)، لكن منتقدين اتهموا رئيس الوزراء بوضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الرهائن.
ومن المُرجّح أن تؤدي نهاية الحرب إلى إجراء تحقيق في إخفاقات حكومته في هجمات 07 تشرين أول/أكتوبر، وانهيار الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
وذكرت القناة الـ (12) الإسرائيلية؛ أن “نتانياهو” اختلف مع وزير دفاعه؛ “يوآف غالانت”، الأسبوع الماضي، والذي اتهمه بإعطاء الأولوية للسيّطرة على ممر (فيلادلفيا) الاستراتيجي – الواقع على طول الحدود بين “غزة” و”مصر”، وهي نقطة خلاف رئيسة في المحادثات – على أرواح الرهائن.
وذكرت تقارير أن مجلس الوزراء صّوت لصالح البقاء في الممر على الرُغم من اعتراضات “غالانت”، الذي قال إن ذلك من شأنه أن يمنع صفقة الرهائن.
وتم احتجاز نحو: (250) رهينة من قبل حركة (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، تعتقد “إسرائيل” أن: (101) لا زالوا محتجزين، من بينهم: (35) يُعتقد أنهم ماتوا.
ضغط لإجبار “نتانياهو” علي التراجع..
ووفق المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي؛ “عمر جعارة”، فإن التغيرات التي تشهدها قضية مفاوضات التوصل لاتفاق تهدئة وتبادل للأسرى بين (حماس) و”إسرائيل”، أوصلت “إسرائيل” إلى: “منعطف حرج”.
وقال لموقع (24) الإماراتي؛ إن: “الوضع الحالي يُّذكر بالتوتر الكبير الذي شهدته إسرائيل خلال الإصلاحات القضائية؛ وإقالة وزير الدفاع؛ غالانت، وما تلاها من ضغط أجبر نتانياهو على التراجع تحت زخم المشاركة الواسعة”.
وأضاف: “الوضع فيما يخص صفقة الرهائن أكبر وأخطر على نتانياهو، حيث يُضاف للعوامل الداخلية، ضغوط الوسطاء من أجل التوصل لاتفاق بشأن غزة، خاصة الولايات المتحدة التي ترغب في تسجيل إنجاز سياسي بالتوصل لاتفاق قبل الانتخابات الأميركية في تشرين ثان/نوفمبر المقبل”.
وتابع: “رغم أن الإدارة الأميركية لا تضغط بشكل كافٍ على؛ نتانياهو، من أجل التوصل لاتفاق تهدئة، خاصة أنها تعلم أدوات الفعل الحقيقة التي تُجبر؛ نتانياهو، على وقف الحرب، إلا أن استمرار الحرب بشكلها الحالي وإمكانية تطورها لحرب إقليمية، والضغط الإسرائيلي في قضية الرهائن يعني أن تتحول الحرب إلى معادلة يصعب التوقع بنتائجها، وهو ما لا تريده واشنطن”.
وقال إن: “نتانياهو أصبح أمام مفترق طرق لا بديل أمامه للخروج منه، إما أن يواصل الحرب ويتجاهل الضغوط الداخلية والخارجية، وهو ما سيكون له تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة، أو أن يتخذ خطوة ستؤدي لانهيار ائتلافه الحكومي اليميني المتطرف، وبالتالي الدخول في دوامة عدم استقرار سياسي”.
الضغط العسكري لن يُعيد الرهائن..
ورأى موقع (واللا) العبري؛ أن “بنيامين نتانياهو”، رئيس الحكومة الإسرائيلية، لا يُريد صفقة رهائن، نظرًا للمحاسبة التي تنتظر الحكومة على خلفية أحداث السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، مشيرًا إلى أن الضغط العسكري لن يُعيد الرهائن.
وأضاف (واللا)؛ تحت عنوان: “بالعكس يا نتانياهو.. الضغط العسكري لا يُعيد الرهائن بل يقتلهم”، أن عطلة نهاية الأسبوع كانت الأصعب التي عرفتها “إسرائيل”؛ منذ 07 تشرين أول/أكتوبر، عندما أُسدل الستار وكُشفت الحقيقة، بأن الحكومة الإسرائيلية، وخصوصًا زعيمها؛ “نتانياهو”، لا تُريد إعادة أكثر من: (100) رهينة إلى ديارهم من أسر (حماس)، بعد ما يقرب من عام.
لا يهتم بالصفقة..
وقال إن القرار المفاجيء لمجلس الوزراء السياسي الأمني بشأن الوجود الإسرائيلي في منطقة (فيلادلفيا)؛ في وقتٍ متأخر من ليل الخميس، والتقارير المسُّربة عن المواجهة العاصفة بين “نتانياهو”، ووزير الدفاع؛ “يوآف غالانت”، تؤكد لمن لا تزال لديه شكوك أن رئيس الوزراء غير مهتم بالتوصل لصفقة لإعادة الرهائن، مشيرًا إلى أنه عارض النظام الأمني بأكمله، بعضهم بالصوت العالي والبعض الآخر بضبط النفس، وحذر “غالانت” بكلمات قاسية وواضحة.
ونقل الموقع أن رئيس الأركان الإسرائيلي؛ “هرتسي هاليفي”، ورئيس (الموساد)؛ “ديفيد بارنيع”، رئيس فريق التفاوض، قالا إن ذلك يُشكل قيدًا غير ضروري على المحادثات المعقدة أصلاً؛ لكن “نتانياهو” و(08) أعضاء آخرين في الحكومة، الذين أيدوا التصويت بشأن البقاء في محور (فيلادلفيا)، لم يهتموا.
كشف كذبة “الضغط العسكري”..
وأضاف أنه بعد مرور (48) ساعة بين التصويت على (فيلادلفيا) في مجلس الوزراء الإسرائيلي، مساء الخميس الماضي، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العثور على جثث (06) رهائن إسرائيليين، وهو الأمر الذي كشف كذب مقولة: “الضغط العسكري وحده سيُعيد الهدوء”، مشيرًا إلى أنه منذ بداية الحرب تم إنقاذ حوالي: (08) رهائن في عمليات عسكرية، ولكن خلال الأسبوعين الماضيين فقط، تم العثور على (12) من جثث الرهائن، الذين كان العديد منهم على قيّد الحياة حتى وقتٍ قريب.
ووفقًا لـ (واللا)؛ فاللوم والمسؤولية لا يقعان على “نتانياهو” وحده، ولكن جميع الوزراء، باستثناء “غالانت” الذي عارض، و”إيتمار بن غفير”؛ الذي امتنع بشكلٍ واضح عن التصويت، حيث أيد الوزراء اقتراح “نتانياهو” فيما يتعلق بـ (فيلادلفيا).
وجود عسكري دائم في “غزة”..
وأشار الموقع إلى ما نُشر في صحيفة (يديعوت أحرونوت)؛ بأن “نتانياهو” لا ينوي الانسحاب من “غزة” في العِقد المقبل، ويستعد لوجود عسكري دائم في القطاع، وبدلاً من الوقوف أمام الجمهور والتعامل مع التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية، فإنه ينشر شعارات جذابة للجماهير حول الانتصار الكامل في الحملة، ولكن هناك حقيقة مختلفة، وهي أن المؤسسة الأمنية برُمتها تعتقد أنه بدون صفقة رهائن لإنهاء “قصة غزة”، فإن “إسرائيل” لن تؤدي إلا إلى الغرق بشكلٍ أعمق في مستنقع “إيران” الإقليمي وانتشاره.
استطلاعات رأي..
واختتم (واللا) تقريره قائلاً؛ إن استطلاعات الرأي تُظهر منذ أشهر أن أغلبية ساحقة من الجمهور الإسرائيلي تؤيد صفقة إعادة الرهائن، في الوقت الذي لا يزال: (101) رهينة لدى (حماس)، وكل يوم يمر يُعرض حياتهم للخطر، مستطردًا: “الآن بعد أن أُسدل الستار، يتعين على هذه الأغلبية أن تستوعب المعادلة الصحيحة: لن يُعيدهم إلى ديارهم إلا الضغط الشعبي، وليس العسكري”.