خاص : كتبت – نشوى الحفني :
باتت المواجهة “الإيرانية-الأميركية” على أشدها، على الأراضي العراقية، بعد تبادل الضربات بين الطرفين؛ مما أدى إلى تعرض معسكر (التاجي)، الذي يستضيف قوات أميركية في “العراق”، إلى قصف صاروخي، اليوم السبت، للمرة الثانية.
وكشفت مصادر أن المعسكر، الذي يقع إلى الشمال من “بغداد”، تعرض إلى قصف بـ 15 صاروخًا، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من منشآته.
وأكدت قيادة العمليات المشتركة في “بغداد”، إصابة شخصين من قيادة الدفاع الجوي من جراء القصف.
وقال مسؤولان أمنيان عراقيان، لـ (أسوشيتد برس)، إن وابلًا من الصواريخ أصاب المعسكر، وتحدثا بشرط عدم الكشف عن اسميهما.
في وقت سابق من الأربعاء، قتل 3 جنود بينهم أميركيان، عندما تعرضت القاعدة لهجوم هو الأكثر دموية للقوات الأميركية في “العراق”، منذ هجوم صاروخي، في أواخر كانون أول/ديسمبر 2019، على قاعدة عراقية أسفر عن مقتل متعاقد أميركي، وأطلق سلسلة من الهجمات الثأرية التي جعلت “العراق” على شفا الحرب.
وردًا على ذلك؛ شنت “الولايات المتحدة” سلسلة من الغارات الجوية على قواعد مليشيات في جميع أنحاء جنوب “العراق”، ما أسفر عن مقتل 5 من قوات الأمن العراقية ومدني.
استدعاء سفيري أميركا وبريطانيا..
واستدعت “وزارة الخارجية” العراقية، أمس الجمعة، سفيري “الولايات المتحدة” و”بريطانيا”، لدى “بغداد”، بعد الغارات التي استهدفت مواقع لـ (الحشد الشعبي) وللجيش العراقي في محافظة “بابل”، مساء الخميس.
كما عقد وزير الخارجية، “محمد علي الحكيم”، اجتماعًا طارئًا حضره وكلاء الوزارة ومستشاروها لتدارس الإجراءات بعد ما وصفته “الخارجية”: بـ”الإعتداء الأميركي”.
منع تحول الأراضي العراقية لميدان حرب بالوكالة..
من جهته؛ استنكر الرئيس العراقي، “برهم صالح”، “القصف الأجنبي”؛ الذي استهدف مواقع داخل الأراضي العراقية، معتبرًا أن هذا الأمر يُشكِّل إنتهاكًا للسيادة الوطنية العراقية.
وشدد على أن: “معالجة الأوضاع الأمنية تأتي من خلال دعم الحكومة العراقية للقيام بواجباتها وتعزيز قدراتها وإرادتها لفرض القانون وحماية السيادة، ومنع تحول أراضيها إلى ساحة حرب بالوكالة”.
واعتبر “صالح” أن: “الإنتهاكات المستمرة التي تتعرض لها الدولة هي إضعاف ممنهج وخطير لقدراتها وهيبتها بالتزامن مع مرحلة يواجه فيها العراق تحديات جسيمة وغير مسبوقة، سياسيًا، اقتصاديًا وماليًا، أمنيًا وصحيًا”.
وحذّر أن هذه المخاطر، إذا ما استمرت، قد تؤدي إلى: “الإنزلاق بالعراق إلى حالة اللادولة والفوضى، لا سيما إذا ما تواصل التصعيد الأمني، مع توفر المؤشرات حول محاولة عناصر (داعش) الإرهابي استعادة قدرتهم على تهديد أمن الوطن والمواطن”.
وأهاب بالمجتمع الدولي: “دعم العراق واحترام سيادته وقراره الوطني المستقل”. كما شدد “صالح” على ضرورة: “منع تحول العراق إلى ساحة حرب للآخرين، والتركيز على استكمال وحماية النصر على الإرهاب”.
السلاح المنفلت أساس المشكلة..
طالب رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، الجمعة، بإجراء تحقيق بالإعتداءات على القواعد العسكرية العراقية باستخدام السلاح المنفلت لقطع الطريق أمام أي ردود فعل غير مبررة، وكشف نتائج التحقيق للرأي العام.
وأضاف “الحلبوسي”؛ أنه من غير الممكن استمرار إنتهاك السيادة العراقية، وإرتهان البلد لسياسات الفعل ورد الفعل، من خلال السلاح المنفلت تارة، والإعتداءات على القواعد العسكرية تارة أخرى.
ودعا رئيس البرلمان، الرئاسات والقيادات السياسية؛ إلى اجتماع عاجل لتدارس الوضع الخطير الذي نمر به، من تعدٍ وخرقٍ متكررٍ للسيادة، وانتشار السلاح المنفلت.
إنتهاك لسيادة العراق..
بدوره؛ أدان الجيش العراقي، أمس، الضربات الجوية الأميركية التي وقعت خلال الليل، وقال إنها أسفرت عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 12، واصفًا إياها بأنها: “إعتداء سافر” و”إنتهاك للسيادة”.
وكانت “وزارة الدفاع” الأميركية، (البنتاغون)، قد أعلنت أن الضربات استهدفت خمسة مخازن للأسلحة تابعة لفصائل مسلحة موالية لـ”إيران”؛ بما في ذلك منشآت تحتوي على أسلحة تم استخدامها في الهجمات السابقة على قوات “التحالف الدولي” ضد (داعش)، التي تقودها “واشنطن”.
من جهته؛ اعتبر وزير الخارجية البريطاني، “دومينيك راب”، الجمعة؛ أن الضربات الأميركية كانت ردًا “متكافئًا” على مقتل أميركيين وبريطانية في هجوم صاروخي على قاعدة (التاجي) الجوية، الأربعاء.
من جهته؛ أدان أمين عام (حزب الله) اللبناني، “حسن نصرالله”، العدوان الأميركي على مواقع ومنشآت للجيش العراقي و(الحشد الشعبي) ومنشآت مدنية، معتبرًا أنه إجتياح لسيادة العراق.
وأكد “نصرالله”: “أن الجريمة التي إرتكبتها قوات الاحتلال الأميركي في العراق؛ بدأت تُلاقي وستُلاقي الأجوبة المناسبة من الحكومة والشعب العراقي”.
إعادة النظر في وجود وسلوك قواته..
كما حذّرت “إيران”، أمس، الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من قيامه بأفعال “خطيرة” بعد شنّ القوات الأميركية ضربات جوية استهدفت مواقع لجماعة موالية لـ”طهران” في “العراق”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، في بيان؛ بعد بضع ساعات على الضربات الأميركية: “بدلاً من القيام بأفعال خطيرة وإطلاق اتهامات لا أساس لها، ينبغي على ترامب إعادة النظر في وجود وسلوك قواته في المنطقة”.
الانسحاب من “التحالف الدولي”..
من جهته؛ أكد الخبير القانوني، “علي التميمي”، أن “العراق” يستطيع الانسحاب من “التحالف الدولي”؛ بعد حادثة الإعتداء الأميركي، فجر الأمس.
موضحًا أن ما حصل، فجر الأمس، إعتداء صارخ لمواقع وطنية رسمية تفتح المجال لإتخاذ خطوات قانونية ضده.
وأضاف “التميمي”: “يستطيع العراق أن يُقدم الشكوى ضد إنتهاك سيادته إلى مجلس الأمن وفق المواد 1 و2 و3 من الميثاق الأممي”.
وأوضح أن: “العراق” يمكنه الانسحاب من “التحالف الدولي”، المُشكل بموجب القرار (2170) الصادر من “مجلس الأمن”، بنفس الطريقة. مبينًا: “أما الشكوى للمحكمة الجنائية الدولية؛ فغير ممكن لأن العراق غير مُنظم لاتفاقية (روما 1998)؛ الخاصة بهذه المحكمة”.
وبخصوص “محكمة العدل الدولية”؛ أشار “التميمي” إلى أن: “محكمة العدل الدولية لا علاقة لها بهذه المواضيع”.
الأميركيون لن يتركوا العراق..
ويذكر موقع (العربية. نت)؛ أن ما يجعل ما يُحدث في “العراق” على أهمية خاصة في هذه المواجهة “الأميركية-الإيرانية”؛ هو أن الأميركيون يرون في “العراق” فرصة ضخمة لصدّ “إيران”، ويعتبرون أن الميدان لصالحهم، وليس لصالح “طهران”.
فالأميركيون يتحدّون “إيران” في كل مناسبة، ويقولون: “لن نترك العراق”، ويضيفون أن الإيرانيين يُريدون مغادرتنا، لكننا في المقابل نتحدّث إلى العراقيين عن العلاقات الثنائية والاقتصاد والأمن والعلاقات العسكرية.
ويرى الكثير من الأميركيين، في الإدارة الحالية وخارجها؛ أن “الولايات المتحدة” بذلت المليارات والكثير من الضحايا والوقت في “العراق”، وليس من العقلاني ترك الميدان لـ”دولة عدوّة”؛ فتُزيد توسعها وتستغل “العراق” لكسر طوق العقوبات المفروض عليها.
العراقيون يريدون الأميركيين..
يشعر الأميركيون أيضًا أن العراقيين يرحبون بهم، وأن الكلام عن أن العراقيين يريدون أن تخرج “أميركا” من بلادهم هو كلام القلّة التابعة لـ”إيران”.
ويُصنّف الأميركيون مواقف العراقيين بالقول: “إن الأكراد يريدوننا أن نبقى، والسُنّة أيضًا ونصف الشيعة يريدوننا أن نبقى”.
وفي حين تتمتع “إيران” بعلاقات وطيدة مع مليشيات (الحشد الشعبي)، وهي في أغلبيتها الساحقة مجموعات تابعة لها، يردّ الأميركيون بعلاقات وطيدة مع “الجيش العراقي” و”قوات مكافحة الإرهاب” وغيرها من القوات الحكومية العراقية، بالإضافة الى علاقات تاريخية ومتينة مع (البيشمركة) العراقية، ويرون في كل هذه القوات عناصر صديقة توازي النفوذ الإيراني وتُريد الإبقاء على الحضور العسكري الأميركي إلى جانبها في “العراق”.
بعد مقتل “سليماني”..
شعر الأميركيون أكثر أن العراقيين يرحبون بهم عندما قتلت القوات الأميركية قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”، وينقلون عن مسؤولين عراقيين ترحيبهم بالعملية الأميركية مباشرة بعد شنّها، وقولهم إن العراقيين عبّروا عن رضاهم عن مقتل “سليماني”: “وكأنه هاجس وانتهى”، خصوصًا أنه كان رمزًا للإعتداء على سيادة “العراق”.
والآن يريد الأميركيون رؤية حكومة عراقية جديدة، تستطيع أن تدخل الإصلاحات المطلوبة وتتجاوب مع مطالب المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في الخريف الماضي، وأكثر ما تظاهروا ضدّه كان الفساد في الحكومة وتسلّط الإيرانيين على القرار العراقي.
ويوضح الموقع؛ أنه ربما يكون من اللافت، أن كل من يتحدّث إلى مسؤول في الإدارة الأميركية، أو يقرأ بيانًا عن تشكيل الحكومة في “العراق”، يمرّ بتعبير “السيادة” أو رئيس وحكومة حريصة على “سيادة العراق”، فهذه الجملة تختصر الكثير أو كل الموقف الأميركي من “العراق”.