خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في ضربة أكثر قساوة على الاقتصاد الروسي وتدفعه إلى المزيد من العزلة، أعلن الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، أمس الثلاثاء، فرض حظر على واردات “النفط” و”الغاز الروسي” إلى “الولايات المتحدة”، على خلفية العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”.
وقال “بايدن” في كلمة له بـ”البيت الأبيض”: “كل واردات النفط الروسية لن تُقبل في الموانيء الأميركية بدءًا من اليوم.. لن نكون جزءًا من تمويل حملة بوتين للحرب على أوكرانيا”.
وأضاف “بايدن”، أن قرار حظر واردات “النفط” من “روسيا” جاء بالتنسيق مع الشركاء في “الاتحاد الأوروبي”.
وتابع قائلاً: “أدرك أن بعض حلفائنا الأوروبيين لن يتمكنوا من الإنضمام إلينا في قرار حظر النفط الروسي”.
وأوضح الرئيس الأميركي أن الهدف من العقوبات هو: “إلحاق الأذى بالرئيس بوتين”، مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة” تُنتج من “النفط” ما لا تنتجه كل الدول الأوروبية.
مشروع “قانون واردات الطاقة الروسية”..
وكانت مجموعة من المشرعين من الحزبين في “الولايات المتحدة”؛ قد قدموا الأسبوع الماضي، مشروع “قانون واردات الطاقة الروسية”، الذي من شأنه الإعلان عن حالة طواريء وطنية نتيجة للغزو الروسي وحظر جميع الواردات الأميركية من الطاقة الروسية.
وعارضت إدارة الرئيس؛ “جو بايدن”، في البدء؛ حظرًا أميركيًا على “النفط” خشية تفاقم التضخم وارتفاع الأسعار في المحطات.
ويأتي الحظر لأسباب منها؛ تزايد الضغط من الحزبين في “الكونغرس”، رغم تداعيات القرار المحتملة على أسعار “النفط” المحلية المرتفعة أساسًا.
وسيشمل الحظر؛ بحسب وسائل إعلام أميركية، “النفط الروسي” و”الغاز الطبيعي المُسال”.
وتبلغ حصة “روسيا” أقل من: 10% من واردات “الولايات المتحدة” من منتجات “النفط” و”البترول”، ما يعني أن تداعيات حظر محتمل على أكبر اقتصاد في العالم ستكون أخف وطأة.
وفيما أججت أسعار “النفط” المرتفعة المخاوف إزاء التضخم وأساءت إلى شعبية “بايدن” بين الناخبين، فإن رئيسة “مجلس النواب” الديموقراطية؛ “نانسي بيلوسي”، تؤيد حظر استيراد “النفط” ورفع الضريبة الجمركية على سلع روسية أخرى: “لعزل روسيا أكثر عن الاقتصاد العالمي”. غير أنها تؤيد خطوات لخفض أسعار “النفط”؛ ومنها الإفراج عن كميات أكبر من الخام من الاحتياطي الإستراتيجي الأميركي.
وقالت في رسالة للنواب: “لأكون واضحة: ليس على الولايات المتحدة الاختيار بين قيمنا الديموقراطية ومصالحنا الاقتصادية”.
وحتى من دون فرض حظر، ارتفعت أسعار “النفط” بحوالي: 30 بالمئة على وقع الغزو الروسي، فيما اقتربت عقود (برنت) الآجلة من: 130 دولار؛ الثلاثاء.
وارتفعت الأسعار في المحطات إلى: 4.17 دولارات للغالون؛ الثلاثاء، وفقًا للمعدل الوطني لجمعية السيارات الأميركية، مقارنة: بـ 3.46 دولارات قبل شهر.
تداعيات أكثر وطأة على أوروبا !
المحلل “آندي ليبو”؛ قال: “في الخلاصة ستشعر الولايات المتحدة ببعض التداعيات بسبب خسارة الإمدادات من روسيا، لكننا في وضع أفضل بكثير مقارنة بأوروبا”.
وحذر السناتور “كريس كونز”؛ عن ولاية “ديلاوير”، مسقط رأس “بايدن”، من أن “أوروبا”: “ستشهد ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار”؛ نظرًا لعدم إمكانية رفع الإنتاج بشكل مفاجيء.
وقال في تصريحات لمحطة (سي. إن. إن)؛ الثلاثاء: “هذا ثمن الوقوف مع الحرية، وإلى جانب الشعب الأوكراني. سيُكلفنا ذلك ثمنًا”.
“بريطانيا” ستوقف واردات النفط الروسية بنهاية 2022..
إلى ذلك؛ أعلن وزير الأعمال والطاقة البريطاني؛ “كواسي كوارتنغ”، أمس الثلاثاء؛ أن “المملكة المتحدة” ستوقف واردات النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية؛ بحلول نهاية العام 2022، ردًا على الاجتياح الروسي لـ”أوكرانيا”.
يعني توقف تام للمواصلات..
فيما قالت “آنالينا بيربوك”؛ وزيرة خارجية “ألمانيا”، إن حظر واردات “النفط الروسي” سيعني توقفًا تامًا للمواصلات، وفقًا لخبر عاجل بثته قناة (العربية).
عواقب وخيمة على السوق العالمية..
فيما حذر نائب رئيس الوزراء الروسي؛ “ألكسندر نوفاك”، أمس؛ من أن التخلي عن استيراد “النفط الروسي”، سيؤدي إلى عواقب وخيمة على السوق العالمية، وسيتسبب في تخطي سعر برميل “النفط” حاجز: الـ 300 دولار.
تراجع الأسهم الأوروبية..
وفور الإعلان عن الحظر، تراجعت الأسهم الأوروبية، فيما زادت التقلبات والمخاوف من ركود تضخمي عالمي، وغطى على أثر تعافي الأسهم المالية.
وأنهى المؤشر (ستوكس 600) الأوروبي الجلسة المتقلبة؛ منخفضًا: 0.5 بالمئة، متأثرًا بهبوط قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والمواد الأولية.
واستقر المؤشران (فايننشال تايمز) البريطاني و(داكس) الألماني، في حين كان المؤشران الإسباني والإيطالي أفضل أداءً ليرتفعا: 1.8 بالمئة؛ و0.8 بالمئة على الترتيب.
وأمتنع “الاتحاد الأوروبي”؛ حتى الآن، عن حظر الواردات نظرًا لاعتماده على “النفط” و”الغاز” من “روسيا”.
وارتفعت أسعار “النفط الخام” إلى أكثر من: 132 دولارًا للبرميل؛ بسبب مخاوف من تعطل الإمدادات، فيما عزز أسهم (بي. بي) و(شل) في “لندن”، التي ارتفعت: 5.1 بالمئة وثلاثة بالمئة على الترتيب.
والمؤشر (ستوكس 600) منخفض بنحو: 15 بالمئة حتى الآن هذا العام.
وأغلقت أسهم بنوك منطقة اليورو مرتفعة: 2.5 بالمئة؛ بعدما سجلت أدنى مستوى في عام في الجلسة الماضية.
الحظر “الأميركي-الأوروبي” واسع النطاق بعيد المنال !
حول القرار الأميركي؛ رأت شبكة (إيه. بي. سي. نيوز) الأميركية؛ أن الحظر الكامل سيكون أكثر فاعلية إذا شمل الحلفاء الأوروبيين، مشيرةً إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت “أوروبا” ستُشارك في الحظر.
وذكرت الشبكة الإخبارية الأميركية؛ في تقرير مطول، أن حظر واردات “النفط” الروسية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار “النفط” و”البنزين” المرتفع بالفعل، وزيادة الضغط على المستهلكين والشركات والأسواق المالية والاقتصاد العالمي.
وأشارت إلى أنه في الوقت الحالي، يبدو أن الحظر “الأميركي-الأوروبي” واسع النطاق بعيد المنال، لافته إلى تصريح للمستشار الألماني؛ “أولاف شولتز”، قال فيه إن بلاده كأكبر مستهلك للطاقة الروسية في “أوروبا”؛ ليس لديها خطط للإنضمام إلى أي حظر.
تأثير ضئيل على روسيا..
واعتبرت (إيه. بي. سي. نيوز)؛ أنه من المحتمل أن يكون التأثير على “روسيا” ضئيلاً، إذ تستورد “الولايات المتحدة” حصة صغيرة من صادرات “النفط” الروسية؛ ولا تستورد مطلقًا “الغاز الطبيعي” من “موسكو”.
وأوضحت الشبكة الأميركية؛ أن “روسيا” كانت مصدر ما يقرب من: 8% من واردات “الولايات المتحدة” من “النفط” والمنتجات البترولية؛ خلال العام الماضي، بإجمالي: 245 مليون برميل، أي ما يقرب من: 672 ألف برميل من “النفط” والمنتجات البترولية يوميًا.
قد تبيعه للصين أو الهند..
كما رجحت أن تلجأ “روسيا” لبيع هذه الكمية من “النفط”؛ لـ”الصين” أو “الهند”، لافتة إلى أنه ربما تضطر “موسكو” لبيعها بتخفيضات كبيرة في السعر، لقلة عدد المستوردين الذين سيقبلون على شراء “النفط الروسي”.
قد يُرحب بعودة “إيران” و”فنزويلا” كمصادر للنفط..
من جهته؛ قال “كلاوديو غاليمبرتي”؛ النائب الأول لرئيس قسم التحليل في شركة “ريستاد إنرغي” الاستشارية؛ إنه إذا تم إبعاد “روسيا”؛ في نهاية المطاف، عن السوق العالمية، فقد يتم الترحيب بعودة الدول المارقة مثل: “إيران” و”فنزويلا”، كمصادر لـ”النفط”، مضيفًا أنه يمكن لمثل هذه المصادر الإضافية أن تعمل على استقرار الأسعار.
وكانت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض،؛ “جين بساكي”، قد صرحت في وقت سابق؛ بأن فريقًا من مسؤولي إدارة “بايدن” بحث في “فنزويلا”؛ نهاية الأسبوع، مجموعة من القضايا من بينها أمن الطاقة.
من جهته؛ قال “كيفين بوك”، العضو المنتدب في (Clearview Energy Partners): إن “تقليل الطلب على النفط الروسي؛ (عبر الحظر)، يُجبرها على خفض الأسعار، وهذا يُقلل من عائدات روسيا”.
وأضاف: “من الناحية النظرية، إنها طريقة لتقليل مقدار ما تكسبه روسيا من كل برميل تبيعه، ربما ليس كثيرًا”. وتابع: “السؤال الأهم ما إذا كان سيكون هناك المزيد من الضغط على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي”؛ في إشارة إلى “أوروبا”.
ونوهت الشبكة الإخبارية الأميركية؛ بأن فرض حظر على “النفط” و”الغاز الطبيعي الروسي” سيكون مؤلمًا لـ”أوروبا”، إذ توفر “روسيا” حوالي: 40% من “الغاز الطبيعي”؛ في “أوروبا”، للتدفئة المنزلية والكهرباء واستخدامات الصناعة وحوالي ربع “النفط” في “أوروبا”.
وأشارت إلى أن المسئولين الأوروبيين يبحثون عن طرق لتقليل اعتمادهم على مصادر الطاقة الروسية، لكن الأمر سيستغرق وقتًا، لذلك دافع وزير الاقتصاد الألماني؛ “روبرت هابيك”، عن القرار الأوروبي حتى الآن؛ بإعفاء قطاع الطاقة الروسي من العقوبات.
وقال “هابيك”؛ في تصريحات صحافية: “تم اختيار العقوبات عمدًا؛ بحيث تؤثر على الاقتصاد الروسي ونظام بوتين بشكل جدي، وتمكنا كاقتصاد ودولة من مواكبة هذه العقوبات لفترة طويلة”. محذرًا من أن: “السلوك غير المدروس يمكن أن يؤدي إلى العكس تمامًا”.
استبدال “الغاز الطبيعي” مستحيل على المدى القصير !
ورأت الشبكة الإخبارية الأميركية أن استبدال “الغاز الطبيعي”؛ الذي توفره “روسيا”؛ لـ”أوروبا”، مستحيلاً على المدى القصير، موضحة أن معظم “الغاز الطبيعي” الذي توفره “روسيا”؛ لـ”أوروبا”، يمر عبر خطوط الأنابيب، ولاستبداله، ستستورد “أوروبا” في الغالب “الغاز الطبيعي المُسال” في حين أن القارة العجوز لا تمتلك خطوط أنابيب كافية لتوزيع “الغاز” من مرافق الاستيراد الساحلية إلى مناطق أبعد داخل القارة.