12 مارس، 2024 2:44 ص
Search
Close this search box.

“بايدن / ترامب” في ميزان العراق .. بغداد مازالت مجرد “أرض صراع” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – محمد البسفي :

من الطبيعي أن تتصدر الانتخابات الأميركية في 2020، اهتمامات العراقيين خلال الأيام الماضية؛ ليس على مستوى الساسة وطبقة محترفي الحكم والسلطة ببغداد فحسب، ولكن شغلت أيضًا المواطن العراقي العادي؛ بكل ما تبعته من تكهنات وتحليلات وترقب لنتائجها الحائرة بين الجمهوري، “دونالد ترامب”، والديمقراطي، “جون بايدن”.. لم يكن اهتمامًا عراقيًا شعبيًا بانتخابات أكبر القوى العظمي عالميًا أو لكون “الولايات المتحدة” رائدة ديمقراطيات العالم التي يتوجسها حكام منطقة الشرق الأوسط؛ بقدر ما كان اهتمامًا بـ”لاعب أساس” في المعادلة العراقية الحالية التي يجتهد شعبها في فك طلاسم تعقيدها.. حيث تحولّت غالبية الصفحات لمواطنين أو مقيمين في الدول العربية وخارجها من المغتربين، إلى منصّات أخبار على مواقع التواصل.

محاولة لإعادة “رؤية”..

تقول الصحافية العراقية، “سنار حسن”، إن العراقيين؛ ورغم الإنشغال الكبير هذه السنة بأحداث جارية، كالتظاهرات والأزمة الاقتصادية وانقطاع الرواتب وغيرها، يتابعون الانتخابات باهتمام بالغ، وتركيزهم “من سيفوز: ترامب أم بايدن ؟”. وتصف الأمر بـ”محاولة للتشبث بأي فرصة للنجاة من الأزمات التي تمر بالعراق”.

وهذا الاهتمام ليس محدودًا بفئة أو طبقة اجتماعية وفكرية في “العراق”، كما تقول “حسن”، لشبكة (أرفع صوتك)، لافتة إلى أنه قد ينعكس إيجابيًا على الفرد العراقي.

وترى أن: “الاهتمام والمتابعة زادا من وعي الناس السياسي، بما يتعلق بالانتخابات وفكرة الديمقراطية بصورة عامة، فما وصلنا عنها منذ عام 2003 ولا يزال قائمًا حتى الآن، صورة مشوهة. حينذاك أدّعت أميركا أنها جلبت الديمقراطية للبلاد، لكن العراقيين لم يروها أبدًا”.

والديمقراطية في العراق “حكومة منتخبة من أشخاص محددين، تحت سيطرة النفوذ الإيراني. ولا يفوز الشخص الذي يصوّت له الناخب العراقي عادة، بسبب عمليات التلاعب والغش في النتائج الانتخابات، وتقديم شخص أصلاً غير كفء للعملية السياسية”، حسب رأي “حسن”.

وتقول: “بالتالي قد يستفيد الناخب العراقي من المرحلة المقبلة، خصوصًا أن الانتخابات ستكون مطلع العام المقبل”.

إدارة جمهورية تضمن استقرار العراق..

من محافظة “نينوى”، شمال العراق، يقول “حسين الطائي”، (27 عامًا)؛ إن الانتخابات الأميركية “تؤثر على الشرق الأوسط، والعراق بصورة مباشرة، من خلال تأثيرها على صناع القرار”.

ويضيف أن: “وجود إدارة جمهورية في البيت الأبيض أكثر استقرارًا للعراق؛ من الإدارة الديمقراطية، خصوصًا بما يتعلق بنشاطات إيران”.

ويوضح “حسين” أن: “فوز بايدن سينعكس بشكل سلبي على العراق، خصوصًا أن للعراقيين ذكرى سيئة عن دوره في مشروع تقسيم العراق الذي كان يصرّح به”.

والأمر لا يتوقف عند هذه النقطة بالنسبة لـ”حسين”، إذ يقول إن الفضل يعود لإدارة “ترامب”؛ في “إجبار السعودية على التخلي عن الإسلاميين ومحاربة الإخوان المسلمين، وتنظيم داعش الإرهابي، الذي دمر الشعوب العربية، وتحرير مدينتي الموصل، وإفشال انفصال كُردستان العراق”.

تتفق “رقيّة”، (19 عامًا)، من محافظة “بابل” جنوبًا، مع “حسين”؛ في عدد من أسباب الميل لـ”ترامب”.

تقول: “أُفضل ترامب، لأنه منذ 2017؛ أغلقت المنابر التي كانت تفتي بقتلنا، وتقلّص نفوذ إيران، وهزمنا داعش، كما فقد عملاء إيران الكثير من شعبيتهم، ما أدى إلى ثوره تشرين”.

أما على مستوى سياسته الخارجية مع دول أخرى حول العالم؛ والداخلية في أميركا، ترى “رقيّة” أن: “خارجيًا؛ ترامب لا يحترم الدول بتصريحاته، وهذا غرور، عدا عن انسحابه من اتفاقيه باريس ورفع الدعم عن منظمه الصحة العالمية وغيرها من المنظمات شيء سيء، والأسوأ اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وداخليًا؛ هو فعليًا رأسمالي كلاسيكي وهذا أمر أكرهه، والديمقراطيون أفضل في مجال الخدمات والرعاية”.

إلا أن هذا الاختلاف لا يغيّر من رأي “رقيّة” شيئًا، لأنها تضع “مصلحة البلد أولاً”، وفق تعبيرها.

“علي الحسيني”، (20 عامًا)، من “البصرة” جنوبًا، يقول إن: “ترامب يتمتع بالحزم ويتعامل مع الأمور بشكل أسرع، وبالأخص مع إيران وميليشياتها في العراق، والصين وسياستها، أما بايدن فهو العكس تمامًا، فإذا فاز سينعكس الأمر سلبًا على العراق”.

ويتوقع أن فوز “ترامب” بالرئاسة سيكون “فرصة جيدة للعراق والشعب لإعادة توجيه الأمور في البلاد، والتعامل بشكل جديّ ومسؤول”.

في نفس السياق، يقول “حيدر”، (22 عامًا)، من محافظة “ذي قار” جنوبًا، إن فوز بايدن “سيزيد الطين بلة في العراق، لأنه يتناغم مع إيران؛ لا بل يحبها، بالتالي ستزيد قوتها وميليشياتها في البلاد”.

من جهتها، تعتقد “فرح صبيح”، (22 عامًا) غربًا، أن الآراء السابقة تمثل غالبية الشعب العراقي الذي يتابع الانتخابات الأميركية اليوم.

وتقول: “لكني أرى العراق سيكون مهددًا بقرارات ترامب المفاجئة، ففي هذه السنة وحدها، (2020)، انتشرت المخاوف مرتين من فرض عقوبات والدخول في حصار علينا، والحديث عن غلق السفارة الأميركية في بغداد”.

متابعة: “لا أعرف الكثير عن بايدن، لكن ما أعرفه أن ترامب شخص مقلق، (كتبتها بالإنكليزية: Disturbing)؛ فتصريحاته تجعلني أقع دومًا في حالة من عدم التصديق، خصوصًا أنه رئيس دولة تعتبر نفسها رقم واحد في العالم”.

العراق ليس على أجندة الجالس بواشنطن أيًا كان !

الصحافية الشابة، “سنار حسن”، تلفت أيضًا إلى أن العديد من الأكراد اليوم ينظرون بعين الأمل لـ”بايدن”؛ رئيسًا قد يمثل “الخلاص”، عبر تحقيق الانفصال عن باقي العراق وإعلان دولة مستقلة شمالاً.

تقول “حسن”: “يوجد عدد كبير من مواطني كُردستان يؤيد بايدن، لأنه بإعتقادهم مؤيد للانفصال، حيث طُرحت القضية في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، في حين كان بايدن مستشارًا عسكريًا”.

ووجود هذه الآراء والتحليلات جميعها، ليس له أرض صلبة فعليًا، وفق ما ترى “حسن”. موضحة أن: “العراق أو الشعب العراقي يتناسى فكرة أن أي سياسة أميركية لا تهتم للعراق بقدر اهتمامها بالسعودية وإيران، لأن هاتين الدولتين محور الأحداث في المنطقة”.

مضيفة: “كما أن العديد من الميليشيات الإيرانية في العراق تتهم المتظاهرين بالعمالة للسفارة الأميركية، والتهمة الأخيرة أنهم مؤيدون لترامب؛ وترى في بايدن الشخص المناسب للتحالف معه في المنطقة، بينما في فترة ترامب، ملأ الدم الشوارع ووقع مئات القتلى وتواجد القناصون في كل مكان، ولم يصدر من أميركا أي دعوة جديّة لوقف قتل المتظاهرين سوى بيانات خجولة”.

وتتابع: “كصحافية وعراقية بالأساس، لا أرى لا إدارة ترامب أو بايدن قد تخلق أي تغيير سياسي في العراق، وما يحدث فقط مجرد ثرثرة أشخاص في مواقع التواصل غير معنيين بالأمر”.

وكان الروائي العراقي، “أحمد سعداوي”، كتب منشورًا في (فيس بوك)، الخميس، يصف فيه الانقسام العراقي في تأييد المرشحين الأبرز للرئاسة الأميركية، متسائلاً: “لماذا نفترض أن ترامب: سينفذ الأشياء لنا ؟! (…) هل الظروف الإقليمية والدولية بالنسبة لإدارة بايدن القادمة هي ذاتها الظروف التي كانت تحكم عمل إدارة أوباما ؟.. هل سيفعّل مشروع تقسم العراق ويضعه على الطاولة حقًّا ؟”.

يترقبون بتعصب..

أما “محمد”، وهو اسم مستعار لشاب عراقي، يتابع نتائج الانتخابات الأميركية بتعصب شديد لصالح الرئيس الحالي، “دونالد ترامب”، للدرجة التي وصف فيها نفسه، في حديثه مع موقع (الحرة) الأميركي، بـ”جمهوري عراقي”، يقول: “في البداية كنا، (بضمير الجماعة)، نفوز؛ لكنهم زوروا الانتخابات بالتأكيد، هذا ليس عدلاً”.

“محمد”؛ يعيش ويعمل في العراق، ولا ينوي السفر – في الوقت الحالي على الأقل – للولايات المتحدة، لكنه: “لم ينم منذ يوم الانتخابات”، كما يقول، لأنه أراد أن يعرف من الفائز.

ويقول إن تأييده لـ”ترامب” نابع من: “حبه له وإعجابه بشخصيته”، مضيفًا: “لا أسمح لأي أحد بالتجاوز على الرئيس، سواء من الأميركيين أو من العرب، أعتقد إنه رجل عظيم”.

لكن “سمير”، اسم مستعار أيضًا؛ يقول إنه يؤيد ترامب “لأسباب غير عاطفية”، وإنما: “لأنه الأفضل للعراق، فقد قتل سليماني والبغدادي، وهو لا يتدخل في السياسة الداخلية”، بينما “بايدن لديه مشروع لتقسيم العراق”، كما يقول.

ومن بين آخرين من مؤيدي الرئيس الأميركي في العراق، كان الموقف من “إيران” هو القاسم المشترك بينهم.

ويقول “سمير”: “نريد رئيسًا أميركيًا يضعف حكومة الملالي، (النظام الإيراني)”، مضيفًا: “كلما ضعف نظام الحرس الثوري الإيراني كلما إزدادت الفرص بإيجاد حلول في العراق”.

لكن هناك مؤيدين آخرين لـ”ترامب” يقولون إنهم “يؤيدونه” بسبب الحب له، ولأنه “رئيس شعبي”.

غرور “ترامب” كلف العراق الكثير..

على الجانب الآخر، يقول “عمار محمد”، وهو مهندس إليكترونيات مقيم في “البصرة”، جنوبي العراق، إن: “ترامب يمثل كل ما هو مزعج في أي خطاب”، مضيفًا: “غروره يؤثر على تقييمه للأمور”، حسب تعبيره.

ويعتقد “محمد” أن: “فوز ترامب كان ليعمق كل هذه القيم في العالم، وسيقلده السياسيون الباحثون عن الفوز في كل مكان، وسريعًا ما كان سيقلدهم الجمهور، وهذه كارثة”.

ويقول “علاء رحمن”، وهو بائع كتب من “بغداد”؛ إن: “معجزة حدثت ومنعت المواجهة بين إيران وأميركا في العراق”، بحسب قوله، مؤكدًا: “لو حدثت مواجهة، فستحدث على أرضنا، وسنكون المتضررين بشكل كبير”.

وبحسب “رحمن”؛ فإن: “وجود مفاوض في البيت الأبيض هو أفضل للعالم والعراق من وجود مغامر، حاليًا على الأقل”، مضيفًا: “كما إن موقفه، (بايدن)، من الهجرة أفضل، كما تعلم، هناك فرصة للخروج من هنا لو ساءت الأمور أكثر على الأقل”.

الاتفاق الإيراني.. بين “بايدن” و”ترامب”..

قال “بايدن” إنه سيعيد “الاتفاق النووي” الإيراني من عهد “أوباما”، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، (JCPOA)، التي انسحب منها “ترامب”، في أيار/مايو 2018. ومنذ ذلك الحين، خضعت إيران تحت وطأة عقوبات تعتبر أشد ما واجهته على الإطلاق. وبعد عام من انسحاب “ترامب”، أستأنفت “طهران” أجزاء من البرنامج النووي الذي فككته خطة العمل المشتركة الشاملة.

وقال “بايدن”، لمجلس العلاقات الخارجية: “إذا عادت إيران إلى الإمتثال لالتزاماتها النووية، فسأعاود الدخول في خطة العمل الشاملة المشتركة كنقطة إنطلاق للعمل جنبًا إلى جنب مع حلفائنا في أوروبا والقوى العالمية الأخرى لتمديد القيود النووية للاتفاق”.

وأضاف أن: “القيام بذلك من شأنه أن يوفر دفعة أولى مهمة لإعادة ترسيخ مصداقية الولايات المتحدة، مما يوحي للعالم أن كلمة أميركا وإلتزاماتها الدولية تعني شيئًا ما مرة أخرى”.

يُعتقد على نطاق واسع أن وعد “بايدن” بالعودة إلى “الاتفاق النووي”؛ هو السبب وراء رفض إيران العودة إلى طاولة المفاوضات مع “البيت الأبيض”، في تحدٍ لحملة تعجيزية سعت إلى الحصول على مزيد من التنازلات من “طهران”. وقال وزير الخارجية الإيراني، “جواد ظريف”، الذي لعب دورًا رئيسًا في إبرام اتفاق 2015، مرارًا وتكرارًا؛ إن إيران لن تتفاوض على اتفاق آخر.

ومع ذلك، إذا أعيد انتخاب “ترامب”، فقد تجد “إيران” صعوبة في مقاومة مبادرات الرئيس والمضي قدمًا خلال 4 سنوات أخرى من الضغوطات الاقتصادية الأليمة. فمن جوانب عدة، يمكن اعتبار انسحاب “ترامب” من “الاتفاق النووي”؛ سمة مميزة للشرق الأوسط على مدى السنوات الأربع الماضية، وقد تؤدي عودته إلى دخول المنطقة في المجهول. بحسب شبكة (CNN) الأميركية.

وتوضح الشبكة الأميركية في تقريرها: عندما سقطت معاقل (داعش)، في السنة الأولى من رئاسة “ترامب”، بدأ “البيت الأبيض” في تحويل إنتباهه إلى إحتواء قوة “إيران” المتصاعدة، وحارب المقاتلون المدعومون من “أميركا” و”إيران”، دون تنسيق بينهما، من أجل هزيمة (داعش).

ويبدو أن زوال الجماعة المتطرفة تزامن مع ولادة ما يسمى بحملة “الضغط القصوى” لترامب على إيران، مما مهد الطريق للمنطقة التي تبدو وكأنها تتأرجح باستمرار على شفا حرب كارثية. وبالمقابل شنت إيران أكبر هجوم صاروخي باليستي على مواقع أميركية. وتقول طهران إنها لم تنتقم بعد لمقتل “قاسم سليماني”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب