خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعدما أذيع من أنباء حول دعوة “لبنان”، إلى “سوريا”، لحضور القمة الاقتصادية المرتقب عقدها خلال 19 و20 من الشهر الجاري، في “بيروت”، يهرب “لبنان” من ذلك قائلاً وزير الخارجية اللبناني، “جبران باسيل”، أن بلاده ليست صاحبة القرار في دعوة النظام السوري إلى حضور القمة.
وقال “باسيل”، في تغريدة على حسابه في، (تويتر)، السبت الماضي: “إن لبنان ليس من يدعو، بل يتقيد بقرار الجامعة العربية، لكنه يستطيع أن يبادر ويعمل لعودة سوريا إلى الجامعة العربية”.
وكان “باسيل”، قد أكد، في وقت سابق، خلال مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه البطريرك اللبناني، “مار بشارة بطرس الراعي”، أن بلاده “لا يوجه الدعوة، ولكن يمكنه العمل من أجل وجود سوريا في الجامعة العربية”.
وأضاف “باسيل”: “أعتقد أننا نقوم، منذ زمن، بكل ما يلزم نتيجة لقناعاتنا ومواقفنا، وما حصل في سوريا هو أنه يجب أن تكون في قلب الحضن العربي والجامعة العربية، ووضعها خارج الجامعة غير سليم”.
وتابع: “رأينا كفريق سياسي وكخارجية لبنانية معروف، نحن لم نقطع العلاقة مع سوريا، عندنا سفارة في دمشق؛ ولسوريا سفارة في لبنان وهناك علاقة دبلوماسية بين البلدين، ووضعنا سليم معها، ومع صدور قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية؛ لبنان كان من الرافضين للقرار”.
ومن المقرر أن تستضيف “بيروت”، يومي 19 و20 من الشهر الجاري، “القمة التنموية الاقتصادية” التي تعقدها “الجامعة العربية”.
استياء سوري..
وتروج مصادر سياسية بارزة، في “بيروت” و”دمشق”، أن لا حكومة ستتشكل في “لبنان” في ظل موافقة الدولة اللبنانية على استضافة “القمة الاقتصادية” في ظل غياب “سوريا”، وتجزم المصادر أن “دمشق” مستاءةً من الأداء اللبناني في هذا الموضوع.
وكشفت المصادر أن “سوريا” سجلت موقفًا عند أحد موفدي الرئاسة اللبنانية إلى “دمشق”؛ مفاده بأنه كان حريًا بـ”لبنان”، الجار والصديق، الإعتذار عن استضافة القمة، وهذا وفقًا للمصادر؛ لا يُعد تقليلاً من شأن “لبنان” أو تدخلاً في شؤونه، إنما موقفه كان يجب إتخاذه بحكم علاقات الجيرة والصداقة والاتفاقيات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تجمع البلدين.
واعتبرت المصادر؛ أن لا قيمة لأية مقررات تُصدر عن القمة، فيما يخص “إعادة إعمار سوريا”، في ظل غياب التمثيل السوري، كاشفة أن “دمشق” لن تعترف بهذه المقررات وتحتفظ بحق الرد المناسب على هذه السقطة اللبنانية.
وفيما جزمت المصادر؛ أن “سوريا” لن تحضر القمة حتى لو تمت دعوتها، أكدت في المقابل أنه كان وما زال بمقدور رئيس الجمهورية اللبنانية تأجيل القمة إلى حين عودة “سوريا” إلى “الجامعة العربية”.
وفي هذا السياق؛ كشفت المصادر أن الثنائي الشيعي، وتحديدًا “حزب الله”، أبلغ “بعبدا” عدم موافقته على استضافة “لبنان” للقمة بهذا الشكل، ولكنه لم ولن يضغط على رئيس الجمهورية لتغيير موقف “لبنان” تاركًا له حرية التصرف وإتخاذ القرار المناسب، إلا أنه لم يتركها للرئيس ورد عليه في عدم تسهيل تشكيل الحكومة، حيث أصر على تنازله حصرًا عن حصته السنية للقاء التشاوري، أي بمعنى آخر سحب منه الثقة بمسألة الثلث المعطل.
وساطة مصرية لإعادة دمشق للجامعة العربية..
وأضافت المصادر؛ أن رئيس التيار الحر، “جبران باسيل”، وبتوجيه مباشر من “عون”، جرب تدارك الخطأ الرئاسي بمحاولة التواصل مع جهات دبلوماسية عربية ومع الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، للتوسط لإعادة “دمشق” إلى “الجامعة العربية”، قبل القمة المنتظرة في الشهر الجاري، إلا أن المساعي “اللبنانية-المصرية” لم تتوصل، حتى اللحظة، إلى أية نتيجة.
وأشارت المصادر إلى أن العُقدة ليست عربية فقط؛ بل أن “دمشق” رفضت هذه المساعي أيضًا، لأنها تعتبرها مهينة بحقها، وأبلغت المعنيين بالمساعي؛ وتحديدًا الجهات اللبنانية، أنها في غنى عن بائعي المواقف في ظل تهافت الدول العربية بدون وساطة أحد إلى إعادة علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع “سوريا” كما كانت قبل بداية الأزمة.
ينتظر قرار عربي..
هذا؛ وقد أكدت أوساط سياسية لصحيفة (الرأي) الكويتية؛ أن اجتماع “الجامعة العربية” على مستوى المندوبين في القاهرة، أمس الثلاثاء، وما سيصدر عنه سواء لجهة الإكتفاء بقرار يسمح بإعادة فتح سفارات الدول العربية في “دمشق” مع إعادة فتح سفارات ”سوريا” في العواصم العربية أو صدور قرارٍ بإعادة “سوريا” إلى مقعدها الشاغر منذ 7 سنوات في الجامعة من دون إنتظار موعد القمة العربية، في آذار/مارس المقبل، فإن “لبنان” الرسمي الذي يتّجه إلى دعم طلب إعادة عضوية “سوريا” إلى الجامعة في اجتماع الأربعاء؛ لن يعمد إلى دعوة “دمشق” إلى “القمة العربية التنموية” في “بيروت” خارج قرار عربي.
يجب تأجيل القمة لحين مشاركة سوريا..
وتتعالى الدعوات اللبنانية الداخلية بضرورة دعوة “سوريا” للقمة، حيث ركز رئيس “حزب الوفاق الوطني”، “بلال تقي الدين”، على أنّ “على الدولة اللبنانية تأجيل مؤتمر القمة العربية الاقتصادية لحين مشاركة سوريا، ولا بأس إن إنعقدت القمة في آذار/مارس المقبل، لأن لبنان هو المستفيد الأول من ترتيب العلاقة معها ومشاركتها أو تأجيل القمة ريثما يتم إيجاد مخرج معين”.
ورأى، في بيان، في عدم توجيه الدعوة إلى “سوريا”، أن “لبنان سيكون الأكثر تضررًا”، لافتًا إلى “أننا من له مصلحة في توجيه الدعوة إلى سوريا، وعدم توجيهها خطأ كبير”، مؤكدًا على أن “هناك فريقًا لبنانيًا يتشبث بموقفه الرامي إلى عدم الإقدام على هذه الخطوة، لذا من الضروري تأجيل القمة أفضل من إنعقادها بغياب سوريا”.
وشدد “تقي الدين” على أن “على المسؤولين في الساحة اللبنانية كافة، المطالبة بإحياء العلاقات مع سوريا، فهناك اتفاقيات مع سوريا من المفروض إعادة تفعيلها، ونحن بأمس الحاجة للعلاقة معها”.
بدون سوريا ستكون قمة هزيلة !
كما أكد عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب، “محمد خواجة”، على أن “أي قمة تُعقد على أرض لبنان تحت العنوان الاقتصادي، من دون مشاركة سوريا، هي قمة هزيلة وضعيفة ولا يُبنى عليها الكثير”، مشيرًا إلى أن “القمة اقتصادية وبوابتنا الاقتصادية نحو العرب والعالم هي سوريا، فكيف يمكن أن نفتح هذه البوابة على مصراعيها إذا لم تكن سوريا حاضرة ؟”.
ورأى “خواجة” أن: “هناك انقسامًا في الموقف اللبناني؛ والفريق الرافض لحضور سوريا يقدم حجته على أن الموضوع بيد الجامعة العربية وليس بيد لبنان، ويجب أن تحل المسألة”، لافتًا إلى أن “وجود سوريا يعطي أهمية لهذه القمة وغيابها يضعفها”، مشددًا على أنه “إذا أتى موعد القمة الاقتصادية ولم تتشكل الحكومة؛ فمستوى التمثيل العربي سيكون ضعيفًا وسيضعف من أهمية القمة وإنتاجيتها”.
“الحريري” يرفض التواجد السوري لأسباب سياسية وشخصية..
فيما أشار المحلل السياسي اللبناني، “وسيم بزي”، إلى إن بعض المعلومات تشير إلى إمكانية دعوة “لبنان” إلى لقاء عربي على مستوى المندوبين في “الجامعة العربية” خلال أيام، وأن الخطوة تهدف لطرح حضور “سوريا” للقمة الاقتصادية في “بيروت”.
مضيفًا أن هناك نظرتين للأمر؛ الأولى ترى ضرورة حضور “سوريا”، للقمة الاقتصادية، بعد تأمين المظلة السياسية، والثانية تفضل أن يحسم الأمر بعد عودة السفارات العربية كافة إلى “دمشق”، ومن بعدها حضور “سوريا” للقمة العربية في “تونس”، آذار/مارس القادم.
وتابع؛ أن وزير الخارجية اللبناني، “جبران باسيل”، طرح مسألة دعوة “سوريا” للقمة الاقتصادية، خلال لقاء مع رئيس الحكومة المكلف، “سعد الحريري”، منذ يومين، إلا أن “الحريري” لم يبد أي تجاوب بشأن الطرح، وأن ذلك يزيد من عملية الانقسام اللبناني العمودي التاريخي، الذي يمتد لنحو 7 سنوات، خاصة أن “الحريري” يرفض التواجد السوري لأسباب سياسية وشخصية.
واستطرد؛ أنه من غير الممكن أن تستثنى “سوريا” من قمة في “لبنان”، الذي يرتبط بـ”سوريا” بمستويات عدة، وأن تشكيل الحكومة مستمر باستمرار الخلاف على الملفات الداخلية والخارجية، وعلى رأسها “الملف السوري”.
وأشار إلى ضرورة أن تشكل “قمة بيروت” المخرج الأول لعودة “سوريا” إلى “الجامعة العربية”، خاصة أن عملية العودة لم تعد جوهرية، وأن الأمر يرتبط بالتوقيت فقط، ما إن كان خلال القمة الاقتصادية في “بيروت”، أو القمة العربية في “تونس”.
يُذكر أن “الجامعة العربية” كانت قد علقت عضوية “سوريا”، في تشرين ثان/نوفمبر 2011، نتيجة ضغوط مارستها دول عربية حمّلت حكومة الرئيس، “بشار الأسد”، المسؤولية عن مقتل المدنيين في “سوريا”.
وتسابقت بعض الأنظمة العربية لإعادة علاقاتها مع نظام “الأسد” بشكل علني، كان أولها قيام الرئيس السوداني، “عمر البشير”، بزيارة تُعد الأولى من نوعها لرئيس عربي إلى “دمشق”، منذ عام 2011.
كذلك؛ أعادت “الإمارات” تفعيل سفارتها في “دمشق”، في حين قالت “البحرين” إن العمل مستمر بسفارتها هناك.
كما زار رئيس الأمن الوطني السوري، “علي مملوك”، القاهرة، في حين قال العاهل الأردني، الملك “عبدالله الثاني”، قبل أيام، إن علاقة بلاده مع “سوريا” ستبقى كما كانت.