23 يوليو، 2025 11:20 م

بالوثيقة المسربة .. “إخوان تونس” يدخلون معركة تكسير العظام مع “قيس” لتأليب الرأي العام !

بالوثيقة المسربة .. “إخوان تونس” يدخلون معركة تكسير العظام مع “قيس” لتأليب الرأي العام !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

دخلت معركة تكسير العظام أشدها في “تونس” على السلطة، حيث يواجه “الإخوان المسلمين” اتهامات مباشرة بشأن تسريب متعمد لوثيقة سرية وصفت بالمضللة، تتحدث عن “انقلاب دستوري” مزعوم يُحضر له الرئيس، “قيس سعيّد”، سيُمهد للإطاحة بالبرلمان والحكومة في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.

وانتشر على نطاق واسع في وسائل الإعلام، في “تونس”، ومواقع التواصل الاجتماعي؛ فحوى الوثيقة التي كتب عليها: “سري مطلق”، وهي ترتبط بمديرة ديوان الرئيس، “نادية عكاشة”، وهي تتضمن سيناريو وخطط الانقلاب الدستوري.

وكان الموقع الإلكتروني (ميدل إيست آي)؛ ومقره في “بريطانيا”، وهو محسوب على جماعة “الإخوان المسلمين”، نشر الوثيقة وقدم ترجمة لفحواها باللغة الإنكليزية، وقال إنها وثيقة مسربة حصل عليها من مصادره الخاصة.

والوثيقة عبارة عن رسالة موجهة إلى مديرة الديوان الرئاسي؛ توضح كيف سيُفعّل الرئيس فصلاً من الدستور يمنحه، في حالة الطواريء، سيطرة كاملة على مؤسسات الدولة. ويدور بالفعل منذ فترة الحديث عن إمكانية لجوء الرئيس إلى الفصل (80)، الذي يتيح له في حالات استثنائية استخدام صلاحيات واسعة.

وفي سيناريو الانقلاب الدستوري أو الترتيب؛ لـ”الديكتاتورية الدستورية”؛ فإن الرئيس سيُفعّل المادة الدستورية عقب اجتماع لـ”مجلس الأمن القومي” يوقع على إثره فرض الإقامة الجبرية على أهم الشخصيات السياسية في الحكم وفي البرلمان وفي الأحزاب، من بينهم رئيس الحكومة، “هشام المشيشي”، ورئيس البرلمان وزعيم (النهضة)، “راشد الغنوشي”، واعتقال المتورطين في الفساد ومنعهم من مغادرة البلاد.

وترافق تلك القرارات؛ نشر القوات المسلحة في مداخل المدن وحول منشآت ومؤسسات الدولة والمرافق الحيوية، وتعيين الرئيس لمدير الأمن الرئاسي وزيرًا للداخلية وتعيينات أخرى متصلة بالأمن القومي والتوجه بخطاب طمأنة للشعب والبعثات الأجنبية في البلاد.

خبر مضلل..

ولكن؛ بالعودة إلى مضمون الوثيقة المسربة ومصدرها غير الواضح في الموقع البريطاني، فإن موقعين إثنين على الأقل من المواقع المتخصصة في تعقب الأخبار الزائفة والمضللة، في “تونس”، ومن بينها، (تونس تتحرى)؛ وهو مشروع تُشرف عليه “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين”، صنفت الخبر المنشور بالمضلل.

محاولة من “الإخوان” لتأليب الرأي العام على الرئاسة..

وفسر مراقبون، هذه الخطوة، بمحاولات تأليب “الإخوان”، في “تونس”، الرأي العام على مؤسسة الرئاسة في ظل الحرب الكلامية المستمرة بين القصر الرئاسي من جهة والبرلمان، الذي تُسيطر عليه الحركة الإخوانية وحلفائها من جهة ثانية؛ إلى جانب الحكومة الحالية التي تدعمها.

تطبيق حالة الطوريء..

وبسبب هذه الوثيقة، وبعد ثلاثة أشهر من القطيعة، التقى الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، أمس الأربعاء، برئيس حكومته، “هشام المشيشي”، ووزير الدفاع، “إبراهيم البرتاجي”.

وفي كلمة خلال اللقاء مع “المشيشي” و”البرتاجي”، أكد “سعيد” إلتزامه بالدستور وقوانينه، كما دعا القضاء للتدخل وكشف من يقف وراء هذه التسريبات التي تعددت في الآونة الأخيرة.

ولم ينف الرئيس التونسي، نيته تطبيق قانون الطواريء في “تونس”، الذي يتيح له اتخاذ إجراءات استثنائية فقط لمكافحة الإرهاب ومحاربة الفساد السياسي المرتبط بجماعة “الإخوان المسلمين”، نافيًا أن يقوم بعمل خارج الدستور.

وقال “سعيد”، إن: “تونس في حالة الطواريء؛ وهي من التدابير الاستثنائية في بناء على الدستور.. ومن المؤسف التركيز على مسألة محسومة بالدستور وفي ظل الشرعية…”.

وأضاف: “الانقلاب المزعوم هو الخروج على الشرعية… وبعض الناس، (في إشارة للإخوان)، يتحدثون عنه وهذا غريب”.

تونس تعيش حرب تسريبات..

وقال النائب عن (الكتلة الديمقراطية)، والقيادي في حركة (الشعب)، “رضا الدلاعي”، معلقًا على ذلك قائلاً إن البلاد تعيش على وقع حرب تسريبات، منذ فترة، تطورت أدواتها لتشمل الاتهام بالانقلاب.

واعتبر أن: “هذه الحرب أفتعلتها أطراف معينة خدمة لمصالحها الحزبية، وهي أساسًا الأطراف التي تنتمي إلى الحزام السياسي الداعم للحكومة، في محاولة منها لاستهداف عدد من المسؤولين والفاعلين السياسيين والنواب وآخرهم رئيس الجمهورية”.

ويعتقد “الدلاعي”؛ أن هذه الوثيقة لا ترتقي إلى الصدق، قائلاً: “لا نحسب أن رئيس الجمهورية المعروف عليه الوضوح التام في خطابه، والذي تغيب عنه أحيانًا الدبلوماسية والمجاملات في تصريحاته، يقدم على مثل هذه المخططات”.

وتابع: “الكتلة الديمقراطية تُشكك في صحة مضمون هذه الوثيقة، وتستبعد تمامًا أن تلتجيء رئاسة الجمهورية المعروف عليها الشفافية إلى مثل هذا الأساليب القذرة.

وبيّن “الدلاعي” أن الاختلاف في وجهات النظر مع رئيس الجمهورية؛ في مواقفه السياسية وتعامله مع بعض الإشكاليات الدستورية، لا يضرب من مصداقية الرجل الذي لطالما آمن بالدستور وبالقانون.

تستهدف إضعاف رئاسة الجمهورية..

ويرى القيادي في حركة (الشعب)؛ أن الهدف من نشر هذه الوثيقة المفبركة؛ هو إضعاف رئاسة الجمهورية ومحاولة إرباكها ودفعها إلى موقع الدفاع عوض أن تكون في موقع الفعل والمبادرة، خاصة وأن رئيس الجمهورية تحدث مؤخرًا عن مبادرات تشريعية، هي تقريبًا جاهزة لإرسالها إلى البرلمان، فضلاً عن الجهد الذي قام به أثناء زيارته إلى “فرنسا”، والذي تضمن مقاربة لاسترجاع الأموال المنهوبة ودفع الاستثمار.

وأضاف أن بعض الأطراف تريد أن تزج بالبلاد في أتون الصراعات، داعيًا جميع مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة؛ إلى وضع حد للخلافات وإيجاد أرضية دنيا للتفرغ لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تواجه البلاد.

رأي رئيس الجمهورية مختلف عنها..

من جهته، قال النائب عن كتلة (قلب تونس)، “جوهر المغيربي”، لـ (سبوتنيك)، إن الوثيقة المسربة على مستوى الشكل؛ لا تحوي أي دليل على صحة مصدرها، وهي نقطة مهمة جدًا في التعامل مع مثل هذه الوثائق.

بينما على مستوى المضمون، فيرى “المغيربي”؛ أن من صاغ الوثيقة يفتقر إلى أدنى درجات المعرفة بالقانون الدستوري وأن قراءته للفصل (80) مبنية على عدم علم ودراية بالقانون التونسي.

وأضاف: “ما نحن متفقون عليه؛ هو أن تونس، وبعد عشر سنوات من الثورة، أصبحت بمجتمعها وإطارها السياسي والديمقراطي حصينة ضد الانقلابات والتدخلات العسكرية، بغض النظر عن مسألة تفعيل الفصل (80)، التي سبق وأن دعا إليها عدد من السياسيين؛ سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في صفحاتهم مثل الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي، محمد عبو، الذي دعا سابقًا إلى تدخل الجيش”.

ويُشير “المغيربي”، في نفس الوقت؛ إلى أن تطبيق الفصل (80) بالطريقة الصحيحة الواردة بالدستور لا يمكن أن تعتبر انقلابًا؛ إذا ما كان هناك خطر داهم حقيقي على البلاد يهدد أمنها الخارجي والداخلي أو استقرارها بصفة مطلقة.

وشدد على أن: “هذا السيناريو يقتضي على رئيس الجمهورية، التشاور فيه مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان، فضلاً عن وجوب توفر المحكمة الدستورية، وهو ما لم يرد في هذه الوثيقة المهزلة والفضيحة”.

ويرى “المغيربي” أن رأي رئيس الجمهورية، “قيس سعيد”، لا يمكن أن يكون متطابقًا مع مضمون هذه الوثيقة، خاصة وهو الذي اختاره صندوق الاقتراع وحرص في كل ظهور إعلامي له، منذ الثورة إلى اليوم، على الحديث عن الحريات ودور الدستور في التأسيس لمجتمع جديد مبني على علوية الدستور.

حركة استباقية من حركة “النهضة”..

من جانبه؛ صرح النائب المستقل في البرلمان، “حاتم المليكي”، أن الموقع الأجنبي الذي نشر الوثيقة المنسوبة للديوان الرئاسي؛ سبق في مرات عديدة، أن تحدث عن نوايا الانقلاب على الحكم في “تونس”.

وأضاف: “عمليًا الكل يعرف أنه لا نية للجيش التونسي في التدخل في الشأن السياسي، وأن آخر شخص يفكر في الانقلاب على السلطة هو رئيس الجمهورية؛ لأنه موجود في السلطة، فضلاً عن أن المخاوف من الانقلاب ليست جدية ولا يمكن أن تتجاوز مستوى الخلاف على الصلاحيات”.

ويرى “المليكي”؛ إن هذه الوثيقة هي حركة استباقية من حركة (النهضة) في اتجاه مزيد تعتيم الأجواء وتوتير الوضع وخلق بلبلة في الرأي العام من أجل الاستفادة منها سياسيًا.

وتابع: “لكن الغاية الحقيقية من هذا؛ هي توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن حركة (النهضة)، هي رمز الديمقراطية والحامية للربيع العربي، وأنها تتعرض إلى ضغوطات وتشويه من أشخاص دكتاتوريين”.

مشيرًا إلى أن حركة (النهضة) استعملت في خطاباتها عبارات الدكتاتورية والفاشية في أكثر من مناسبة؛ وقدمت نفسها على أنها الحامية للديمقراطية، وأنه يمكن التعويل عليها، في حين أن هذه الحركة أبعد ما يكون عن النظام الديمقراطي.. وبالتالي هذه الوثيقة هي رسالة مزدوجة للخارج للقول واصلوا دعمكم لحركة (النهضة)”.

وبّين “المليكي”؛ أنه ومن الناحية القانونية لا يمكن تتبع الجهة التي صدرت عنها الوثيقة، باعتبارها غير موجودة على التراب التونسي ولاعتبارات أخرى، مثل حرية التعبير والصحافة وحماية المصادر.

واستطرد: “ولكن الموقف الذي صدر عن رئاسة الجمهورية كاف لتكذيب ما ورد في هذه الوثيقة، بينما ستبقى مسألة التوظيف السياسي محصورة في التعامل الإعلامي”.

يخدم أجندات إخوانية..

وقالت مصادر من قصر “قرطاج”، لـ (العين) الإخبارية، إن هذا المقال يخدم أجندات إخوانية من أجل النيل من رئيس الجمهورية، الذي أعلن قطيعة مع نواب الإخوان، خاصة أن هذه الصحيفة تُصدر من “بريطانيا” ومالكها “إخواني”.

من جانبه؛ طالب “أنور بالشاهد”، البرلماني التونسي عن حزب (التيار الديمقراطي)، النيابة العمومية، بالتحرك للتحقيق في موضوع الوثيقة، التي نشرها موقع (ميدل إيست آي)، حول ما سمته: “خطة انقلابية”.

وفي سخرية من مضمون المقال، قال: “الموضوع خطير؛ لأنه إما أنه يكشف عن وجود مستشار معتوه في قرطاج، يكتب سيناريوهات من الخيال السياسي، وهذا فيه إهدار مال عام، أو أن الوثيقة تروج لأخبار زائفة تنال من مؤسسة رئاسة الجمهورية لغايات رخيصة وهذا الأرجح”.

ومنذ كانون ثان/يناير الماضي، تعيش “تونس” أزمة سياسية قوية على خلفية خلاف بين الرئاسة من ناحية، و”المشيشي” و”الغنوشي”؛ حول تعديل وزاري يرعاه رئيس الوزراء والإخوان، ويرفضه “قيس سعيد” بسبب: “ِشبهات فساد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة