بالزيارات المتبادلة والمشاريع المشتركة .. هل يتحقق حلم “العراق” بالانضمام إلى “مجلس التعاون الخليجي” ؟

بالزيارات المتبادلة والمشاريع المشتركة .. هل يتحقق حلم “العراق” بالانضمام إلى “مجلس التعاون الخليجي” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع الزيارات المتبادلة؛ والتي كان أحدثها زيارة الرئيس القطري؛ “تميم بن جاسم”، “بغداد”، وتوقيع عقود المشاريع المشتركة مع الدول الخليجية ودول الجوار، وصلت العلاقات بين “العراق” ودول الخليج والدول العربية؛ خلال الفترة الماضية، إلى مستويات عالية من التنسّيق والتعاون العملي، سواء في القضايا السياسية أو الاقتصادية، وهو ما فتح الباب مجددًا أمام “العراق” لطرح فكرة الانضمام إلى “مجلس التعاون الخليجي”.

وهو ما أيده “البيت الأبيض”، قائلاً أن “الولايات المتحدة” تؤيد وتدعم بشكلٍ كامل سّيادة “العراق” واستقلاله واندماجه في “مجلس التعاون الخليجي”.

وقال “البيت الأبيض”؛ في بيانٍ له إن: “الاهتمام يشمل تحرك العراق؛ خلال العام الماضي، نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة من خلال خطوات لربط شبكة طاقته بشبكات دول مجلس التعاون الخليجي والأردن”، مشيرًا إلى أن هذين المشروعين للبُنّية التحتية جزءًا من زيارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى الشرق الأوسط؛ العام الماضي، ويتم تحقيقهما الآن بتيسّير ودعم من “الولايات المتحدة”.

معوقات الانضمام..

المراقبون يرون أن مطالبة “العراق” الانضمام لـ”المجلس الخليجي” ليست حديثة، بل ربما تزامنت مع إنشاء المجلس، لكن الظروف الإقليمية والدولية واستهداف “العراق” وسنوات الحرب أعاقت تنفيذ المطلب، تلا ذلك حرب “الكويت” وتداعياتها؛ واحتلال “العراق”، لكن على ما يبدو أن “العراق” يسّير في طريق تطبيب الجراح ووضع مواثيق وأدوات تربطه جيدًا مع دول الخليج والدول العربية تُحقق مصالح الجميع.

بداية؛ يقول “إياد العناز”، المحلل السياسي العراقي، إن: “العلاقات (العراقية-الخليجية)؛ في الوقت الحاضر، تتسّم بأبعاد اقتصادية واستثمارات مالية وتنسّيق عالي في مجال الطاقة؛ ومنها النفط والغاز”.

مضيفًا؛ في حديثه لموقع (سبوتنيك) الروسي، بلا شك أن ما يجري على الساحة هو تطور ميداني واضح، يهتم بالمصالح المشتركة وتدعيم التعاون الاقتصادي لأهمية “العراق”، كونه أحد مؤسسي منظمة (الأوبك) ويمتلك ثاني احتياطي عالمي من “النفط”، وتبرز المكانة الحيوية الاقتصادية لـ”العراق”؛ كونه يُمثل عمقًا استراتيجيًا لطرق المواصلات والنقل البري والربط السّككي الذي يوصّل منطقة الخليج العربية بـ”أوروبا” عبر الأراضي التركية.

هذا المؤشر (التقارب) على الأرض له أبعاد حيوية، حيث تسّعى الدول الخليجية لإدامة وتطوير المنظومة الاقتصادية والتنمية الاجتماعية وتوسّيع دائرة التبادلات التجارية وتوصيل الطاقة الكهربائية لـ”العراق” عبر الاتفاقيات التي وقعت أخيرًا مع “المملكة العربية السعودية” و”الكويت”، وما توصلت إليه شركة (توتال إينرجي) الفرنسية في “العراق” بدعوة “شركة قطر للطاقة” للمشاركة في مشروع نمو الغاز المتكامل؛ والذي تبلغ قيمته: 27 مليار دولار.

الشراكة الاقتصادية..

وأشار “العناز” إلى أن؛ حصة الشركة القطرية في مشروع الغاز المتكامل أصبحت: 25 في المئة؛ مقابل: 30 في المئة لـ”العراق”، ونسّبة: 45 في المئة للشركة الفرنسية، هذه التطورات تُسّاهم في دعم المجالات الحيوية في البنى التحتية لـ”العراق”.

لافتًا إلى أن الأيام القادمة لا تخلو من تحالفات سياسية وتحالفات إقليمية ستشهدها منطقة “الخليج العربي”، وتكون لها دلالاتها على الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات العربية؛ وما يجاورها من بلدان أخرى، الكل يسّعى لتأمين حاجياته الأساسية وتوسّيع مصالحه المشتركة وأهدافه وغاياته المرحلية والمستقبلية.

لم يحّن أوان الانضمام..

ويرى “العناز” أن: “موضوع دخول العراق إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي لم يحّن أوانه الآن، وهناك العديد من التبعيات والإجراءات التي لم تحدث على أرض الميدان، وأن الجانب الاقتصادي لا يزال هو المحور الرئيس في طبيعة العلاقات بين العراق ودول المجلس الخليجي العربي”.

ضرورة استراتيجية..

ويقول “عبدالقادر النايل”، عضو “الميثاق الوطني العراقي”، “العراق” بلد عربي يحتضن عدة مكونات أخرى تعيش منذ مئات السنين ضمن فسيفساء جميلة تعكس التنوع الحقيقي لـ”بلاد الرافدين”، تتعايش بسلام ووئام ضمن وطن واحد عكس الحضارة العراقية الممّتدة جذورها من سبعة آلاف عام قبل الميلاد.

موضحًا أن انضمام “العراق” إلى “مجلس التعاون الخليجي” ضرورة استراتيجية ومهمة وطنية، لا سيما أن دول الخليج كلها كانت ترتبط بـ”العراق”، و”العراق” يرتبط بها سواء على المسّتوى الجغرافي أو البشري أو الثقافات المتقاربة جدًا، فضلاً عن أن “العراق” هو المؤسس لـ”جامعة الدول العربية”.

وأكد “النايل”؛ أن مصلحة أي حكومة أو سلطة في “العراق”؛ بغض النظر عن موقفنا المناهض لشكل تأسّيسها أن تذهب إلى إكمال انضمام “العراق”؛ لـ”مجلس التعاون الخليجي”، ولا سيما أن رغبة دول الخليج واضحة جدًا، سواء من خلال الدعم أو الزيارات أو المشاريع الكبرى التي يتم السّعي إلى تحقيقها سواء “مشروع الشام” أو المشاريع القطرية والسعودية.

الانفتاح الخليجي على “روسيا” و”الصين”..

وأشار عضو “الميثاق الوطني”؛ إلى أنه من المعلوم أن لا يوجد أي تدخل سّلبي من دول الخليج بالشأن العراقي، وبالتأكيد يأتي الانفتاح الخليجي أخيرًا على “العراق” بعد انفتاحهم على “روسيا” و”الصين”، مما يجعل أهمية تعّدد الأقطاب في العالم بعيًدا عن “الولايات المتحدة الأميركية” خيارًا مهمًا في حرية التعامل وفق المصالح الوطنية لكل وطن.

عراقيل مفتعلة..

وأوضح “النايل” أن هناك عراقيل مفتعلة تُحاول تأخير انضمام “العراق”؛ لـ”مجلس التعاون الخليجي” والانفتاح نحو البلدان الشقيقة العربية؛ لعدة أسباب أهمها: أن “إيران” بعدما سّيطرت على مفاصل سياسية وأمنية واقتصادية في “العراق” لصالحها لا تُريد التفريط بهذه المكتسّبات، وتُعد التقارب العربي الخليجي مع “العراق” يُهدد مصالحها، وحلفائها داخل “العراق” يفتعلون أشياء كمظاهرات ضد “السعودية” بشكلٍ متكرر أو تهديدات تُطلق نحو الخليج لإبقاء الحال بإبعاد “العراق” عن محيطه الخليجي.

لافتًا إلى أن: “تلك القوى السياسية التي ترغب في إبقاء العراق بعيدًا عن محيطه العربي؛ تمتلك السلاح ومراكز مهمة بالحكومات داخل العراق، وتُحاول تمرير أجندتها الطائفية المقيتة، كما أن هناك أصوات تُحاول عرقلة هذا المشروع بحجة أن العراق ليس عربيًا، وهذا يتنافى مع حقيقة ذلك وليس صحيحًا”.

مشيرًا إلى أن “العراق” بلد عربي فيه مكونات ليست عربية محترمة ولها حقوقها، لكن أؤكد أن نهاية المطاف من مصلحة الشعوب والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم أن يكون “العراق” ضمن “مجلس التعاون الخليجي”، وهذا موقعه الحقيقي.

نشأة “مجلس التعاون الخليجي”..

و”مجلس التعاون الخليجي”؛ هو منظمة إقليمية سياسية، اقتصادية، عسكرية وأمنية عربية، مكونة من ست دول عربية تطل على الخليج وتُشّكل أغلبية مسّاحة “شبه الجزيرة العربية”؛ هي: “المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ودولة قطر ومملكة البحرين”.

وتم التوصل؛ في 25 آيار/مايو 1981، بين حكام البلاد الستة، في اجتماع عُقد في “أبوظبي”، إلى صيغة تعاونية تهدف إلى تحقيق التنسّيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وفق ما نص عليه النظام الأساس للمجلس في مادته الرابعة.

وطالب “العراق” بالانضمام مع إنشاء المجلس نفسه عام 1981، وكانت العلاقات بين “العراق” و”الخليج”؛ في هذه الفترة على مستوى جيد بسبب الحرب “العراقية-الإيرانية”.

وتوقفت المطالبات مع تصاعد الخلافات “الخليجية-العراقية”، في ظل حكم الرئيس العراقي الأسبق؛ “صدام حسين”، والتي وصلت إلى ذروتها مع الحرب العراقية على “الكويت”.

ومع سقوط نظام “صدام حسين”؛ في 2003، عادت المطالبات مرة أخرى بانضمام “العراق” إلى “مجلس التعاون الخليجي”، ففي 2004 قال “إبراهيم الجعفري”، رئيس مجلس الحكم الانتقالي؛ إن وفدًا من المجلس طلب خلال جولة قام بها لسبع دول عربية بانضمام “العراق” إلى “مجلس التعاون”.

وفي 2008؛ طالب وزير الدفاع الأميركي؛ (وقتها)، “روبرت غيتس”، دول الخليج العربية بضم “العراق” إلى “مجلس التعاون الخليجي”، وقال الوزير أمام كبار مسؤولي الدفاع في عدد من دول الخليج والشرق الأوسط أن: “دعم دول الخليج للعراق سيُسّاعد على احتواء طموحات إيران”، وأكد على أن دول الخليج عليها أن تُفكر في السماح لـ”العراق” بالانضمام إلى منظمات إقليمية مثل “مجلس التعاون الخليجي”، وأن تُسّاعد “بغداد” عن طريق تقاسّم المعلومات الاستخباراتية وتطوير جهود ضبط الحدود.

فوائد الانضمام لـ”مجلس التعاون”..

وفي تقرير سابق لصحيفة (الوسط)؛ حدد فوائد انضمام “العراق” إلى “مجلس التعاون الخليجي”، ومنها أن مجلس التعاون سيُصبح قوة اقتصادية هائلة في ظل وجود اثنتين من دول أعضائه؛ (السعودية والعراق)، تملكان أكبر احتياطيات “النفط” في العالم، مشيرًا إلى أن هذا من شأنه أن يمُثل ثقلاً اقتصاديًا هائلاً، وقوة مالية كبيرة تستطيع دول المجلس أن توظفها في أغراض سياسية كثيرة، ومنها حل الصراع “العربي-الإسرائيلي”، ومحاربة الإرهاب.

وأشار التقرير المنشور؛ في 2004، إلى أن انضمام “العراق” سيُفيّد المجلس بتحقيق مزيدًا من الانفتاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، خاصة في ظل وجود حركة ثقافية وفنية وعلمية في “العراق”.

وأكد التقرير أن انضمام “العراق” سيقوي “مجلس التعاون” ولن يُضعفه، فـ”العراق” عندما ينضم، لن يكون طامعًا في مال الدول الأعضاء. كما أنه لن يهدف إلى فك ضائقته المالية أو فتح أسواق الخليج للعمالة العراقية، بل سيحصل العكس؛ فلربما تسّتفيد الدول الأعضاء اقتصاديًا من هذا الانضمام أكثر، إذ ستجد رؤوس الأموال الخليجية سّوقًا كبيرة كسّوق “العراق” تستثمر فيها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة