خاص : كتبت – نشوى الحفني :
من “سوريا” لـ”العراق” إلى “السعودية”، تزداد هجمات (داعش) بشكل يؤكد التكهنات السابقة حول إعادة هيكلة نفسه وتشغيل خلاياه النائمة، ففي الأيام القليلة الماضية، شن تنظيم (داعش) الإرهابي هجمات دامية آخرها ليلة الجمعة في “سوريا”.
فذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن هجومًا مباغتًا لتنظيم (داعش)، أمس الأول الخميس، قد أسفر عن مقتل 21 من قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معها.
وأوضح المرصد أن الهجوم، الذي نفذه مسلحون لـ (داعش)؛ قد وقع في منطقة “سد الفياض”، شرقي مدينة “السلمية”، في محافظة “حماة”، بوسط سوريا.
وأشار المرصد إلى أن عدد القتلى مرجح للارتفاع بسبب وجود إصابات خطرة بين صفوف القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها.
ونوه المرصد، في تقرير له؛ أن خسائر الجيش السوري والجماعات المسحلة المتحالفة معه قد بلغت، منذ 24 آذار/مارس من العام المنصرم؛ نحو 951 قتيلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، من بينهم إثنين من الروس على الأقل.
ويأتي ذلك في ظل استمرار تنظيم (داعش) بنشاطه الكبير في عموم البادية السورية، حيث كان من بين القتلى 140 مسلحًا من الميليشيات الموالية لـ”إيران”، من غير الجنسيات السورية، والذين قضوا جراء كمائن في منطقة غرب “نهر الفرات” و”بادية دير الزور” و”الرقة وحمص والسويداء”.
وفي سياق متصل، وثق المرصد مقتل 505 من تنظيم (داعش)، خلال الفترة ذاتها عقب هجمات عسكرية وغارات جوية واستهدافات أخرى.
هجوم على مقبرة لغير المسلمين..
وفي “السعودية”، أعلن تنظيم (داعش) الإرهابي، أمس الأول الخميس، مسؤوليته، دون تقديم أي دليل، عن الهجوم على مقبرة لغير المسلمين في مدينة “جدة” السعودية، الذي أسفر عن إصابة عدة أشخاص.
وقال التنظيم، في بيان عبر قناته الرسمية على (تلغرام)، إن: “مقاتليه تمكنوا من إخفاء قنبلة محلية الصنع في المقبرة، يوم الأربعاء، والتي انفجرت بعد ذلك بعد تجمع عدد من مسؤولي الدول الغربية هناك”؛ وفقًا لـ (رويترز).
وكانت السلطات السعودية قد أعلنت الأربعاء، أن الهجوم حدث أثناء حضور القنصل الفرنسى لمناسبة في محافظة “جدة”.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية، (واس)، فإن الحادث: “نتج عنه إصابة أحد موظفي القنصلية اليونانية ورجل أمن سعودي بإصابتين طفيفتين”.
وهو الأمر الذي دفع ولي عهد السعودية، الأمير “محمد بن سلمان”، بالقول إن المملكة ستواصل “الضرب بيد من حديد” كل من يهدد أمنها واستقرارها.
مهاجمة عناصر “الصحوة“..
وفي “العراق”، أعلنت قيادة عمليات بغداد، أمس الجمعة، قتل مجموعة إرهابية هاجمت قبل أيام عناصر أمن غربي العاصمة العراقية.
وقُتل وأصيب سبعة أشخاص بينهم عناصر من قوات الأمن، مساء الأحد الماضي، في هجوم شنه تنظيم (داعش) على موقع عسكري.
وبحسب خلية الإعلام الأمني، فإن مجموعة إرهابية مكونة مِن أربعة أشخاص قامت، في ساعة متأخرة من ليل الأحد، بمهاجمة نقطة لـ (الصحوة) في قرية “البلاسمة” في منطقة “الرضوانية”.
ويأتي هذا الهجوم عقب أشهر من الاستقرار الأمني النسبي الذي شهدته “بغداد”، التي يسكنها نحو 10 ملايين نسمة، خاصة فيما يتعلق بالهجمات التي يشنها التنظيم المتطرف.
ورغم الملاحقات المكثفة لعناصر (داعش)، من قبل القوات العراقية، إلا أن التنظيم ينشط بين الحين والآخر، عبر الخلايا النائمة، ويستهدف القوات العسكرية أو المدنيين، خاصة في المحافظات التي كان يحتلها 2014 – 2017.
من جهتها؛ كشفت لجنة الأمن والدفاع النيابية، عن عودة بعض جيوب وحواضن عصابات (داعش) الإرهابية للنشاط من جديد، فيما طالبت بتكثيف الجهد الاستخباراتي للسيطرة على تلك الجماعات.
جيوب تعمل لصالح “داعش”..
وقال عضو اللجنة، “بدر الزيادي”، في تصريح أن: “هنالك جيوب تعمل لصالح عصابات (داعش) الإرهابية تعمل في بعض المناطق وتحاول إعادة النشاط الإرهابي مجددًا”، لافتًا إلى أن: “عودة نشاط (داعش) تتحمله الجهات الاستخباراتية؛ وعليها ضبط العمل الأمني في تلك المناطق”.
وأضاف أن: “جميع عناوين عصابات (داعش) الإرهابية تحت يد القوات الأمنية؛ ويجب عليها أن تتحرك لإنهاء الثغرات الأمنية الأخيرة”، مبينًا أن: “التأهب بعد تنفيذ الهجوم أمر غير صحيح؛ بل يجب أن يكون التأهب قبل تنفيذ الهجمات”.
محاولة لإثارة الفتن الطائفية..
وأكد رئيس كتلة (بدر) النيابية، “حسن شاكر عودة”، في وقت سابق، أن تنظيم (داعش) الإجرامي؛ لجأ مؤخرًا إلى قتل وخطف المدنيين من أهالي محافظة “ديالى” بطرق إجرامية في محاولة منه لإثارة الفتن الطائفية وزيادة الإحتقان بين مكونات المحافظة .
تمكن من إعادة الهيكلة واستقطاب عناصر جديدة..
الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة، “حسن أبوهنية”، قال معلقًا على عمليات (داعش) الأخيرة؛ إن: “تواجد تنظيم (داعش) الإرهابي يأتي ضمن نتائج فشل الأنظمة العربية، وبالتالي له قدرة على الاستقطاب والتجنيد بشكل أو بآخر”.
ولفت إلى أن: “التنظيم، منذ بداية 2020، ومع وجود وباء (كورونا)؛ ضاعف من هجماته سواء في مناطق وجوده بالعراق وسوريا أو باقي الولايات الخارجية في إفريقيا أو أفغانستان”.
وأوضح أن: “التنظيم مؤخرًا بدأ في تنظيم هجمات عن طريق ذئاب منفردة أو بعض المجموعات نفذها في فرنسا والنمسا، خاصة بعد الرسوم المسيئة، وكذلك ما حدث في السعودية بعدما أصدر التنظيم، منذ عدة أيام، بيانًا للناطق باسم (داعش)، أبوحمزة القرشي، وتوعد فيه السعودية بشكل خاص والخليج عمومًا نتيجة عمليات التطبيع مع إسرائيل”.
وأشار “أبوهنية” إلى أن: “العمليات التي بدأ التنظيم ينشط بها؛ توضح أن التنظيم تمكن من إعادة الهيكلة واستقطاب عناصر جديدة”، مشددًا على أن ما يخدم (داعش) هي الظروف في العالم العربي.
وأضاف “أبوهنية”؛ أنه: “لم يتم القضاء على التنظيم بشكل مطلق، رغم ‘دعاءات الرئيس، ترامب، بالقضاء على التنظيم مئة بالمئة، وكذلك إعلانات متكررة بالعراق وسوريا؛ لذلك بدأ يعيد هجماته خارجًا ولا زال يملك أكثر من 15 ألف مقاتل في العراق وسوريا ومخزون مالي كبير، بحسب تقاير من الولايات المتحدة الأميركية نفسها”.
استبعاد سيطرته كما كان في السابق..
من جهته، استبعد رئيس مركز “التفكير السياسي” في العراق، “إحسان الشمري”، أن يملك التنظيم القدرة للسيطرة على قرى أو مدن مرة أخرى.
وقال “الشمري”، وهو أستاذ في جامعة “بغداد”، لموقع (الحرة)، إن (داعش) يحاول إثبات وجودة بهذه العمليات “الفردية” على خلفية الضربات الجوية؛ التي شنها الجيش العراقي بالتعاون مع “التحالف الدولي” ضد فلول التنظيم.
وأضاف “الشمري”: “استطاع (داعش) أن يعيد هيكلة صفوفه بعد الهزيمة، مستغلاً تراخي حكومة، عادل عبدالمهدي، في ملاحقة فلول التنظيم (…)، وذلك من خلال عمليات تستهدف قرى ومحيط المدن”.
وقال إن التراخي الحكومي السابق والتطورات الميدانية في “سوريا” في ذلك الوقت، أسهما في عودة التنظيم للأراضي العراقية من خلال هذه الهجمات الفردية.
وتابع أن: “التنظيم لا يملك القوة التي تؤهله للسيطرة على مدن أو حتى قرى، والعمليات التي ينجح في تنفيذها هي خروقات فردية (…)، الجيش العراقي لديه القدرة الكاملة على تقويض هذا الذي يحاول إعادة جاهزيته على مستوى التسليح”.
دواعش محليين..
كما يرى الخبير الأمني العراقي، “سرمد البياتي”، أن التنظيم لا يمكن احتلال مدن كما حدث قبل سنوات.
وقال “البياتي” إن التنظيم يملك القدرة على إلحاق الضرر عبر سلسلة من الهجمات، كونه لا يزال يملك “العقيدة والقوة”، مضيفًا: “لكن هذه القوة ليست بالسابقة التي تمكنه من احتلال المدن”.
ويعتقد الخبير “البياتي”؛ أن منفذي العملية هم “دواعش محليين”، مشيرًا إلى أن المهاجمين يعرفون المنطقة جيدًا.
وقال: “الرضوانية؛ قرية بعيدة عن العمليات في ديالى والرمادي والأنبار، والمنفذون من الصعب أن يكونوا من خارج المنطقة، الواضح أنهم من المنطقة ذاتها ويعلمون خفاياها (…)”.
تأثير سياسي وأمني..
وقال “البياتي”؛ إن: “هذه الهجمات لها تأثير على الداخل العراقي لا يمكن إنكاره، من الصعب جدًا إيقافها بسهولة، لأنها تأتي من عدو مجهول (…)، أعتقد أن الأهالي بحاجة إلى مزيد من التعاون مع القوات الأمنية لإيقاف حرب العصابات التي يملك فيها المهاجم اليد الطولى في عملية اختيار المكان والزمان”.
وبشأن تأثير هذه الهجمات المسلحة على المناخ السياسي العام في البلد؛ الذي يشهد أزمات أخرى، قال “الشمري”: “بما لا يقبل مجالاً للشك، استمرار العمليات يؤثر على الوضع السياسي”.
ومضى في قوله: “حكومة الكاظمي تقوم بعمليات استباقية ضد (داعش)، وهذا الشيء من أولوياتها، ولكن مسألة استمرار الهجمات الإرهابية التي تسفر عن سقوط ضحايا من شأنها التأثير على الوضع الأمني (…)، كذلك ربما تؤدي لانقسامات حادة في بعض المناطق في قضية عودة المهجرين وملاحقة مناصري هذه الجماعة”.