بالتطبيع “الإسرائيلي-السعودي” .. “فورين بوليسي” تضع خطة واشنطن لتفجير التقارب “الإيراني-العربي” !

بالتطبيع “الإسرائيلي-السعودي” .. “فورين بوليسي” تضع خطة واشنطن لتفجير التقارب “الإيراني-العربي” !

وكالات – كتابات :

اكتشفت “إيران” مؤخرًا؛ أن بإمكانها استخدام “الجزرة” بدلاً من سياسة “العصا” التي اعتمدتها منذ ثورة العام 1979 في التعامل مع جيرانها الشرق أوسطيين، التي كانت تُمّارس الابتزاز وتُشجع على التمرد في دولهم، بينما تشّن حملة ترهيب ضد “الولايات المتحدة” و”إسرائيل” وإخراجهما من المنطقة.

وبحسّب تقرير لمجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ فإن الإيرانيين قد بدلوا استراتيجيتهم الكبرى بطريقة أساسية، إلا أن من غير الممكن التأكد أبدًا من ذلك؛ لأن صناعة القرار الإيراني دائمًا ما تكون غامضة، لكن يبدو أن “إيران” اكتشفت فجأة أن: “الجزر” يمكن أن يكون أداة مفيدة للسياسة الخارجية أيضًا.

وذكر تقرير المجلة الأميركية؛ أن “طهران” في كل مكان تنظر إليه تقريبًا، تُقدم الآن حوافز إيجابية بهدف التعاون وتحد في غالب الأحيان من تكتيكات القوة، إلا أن السؤال الذي يواجه “الولايات المتحدة” الآن: “هو كيفية تعديل سياستها في المقابل”.

العلاقات الخليجية..

ولفت التقرير الأميركي؛ إلى وجود الكثير من الأمثلة على هذا التحول من جانب “إيران”، مشيرًا إلى الوسّاطة الصينية التي أبرمت “إيران” من خلالها صفقة مع “المملكة السعودية”، والتي في ظاهرها، تمنح “الرياض” أكثر بكثير مما تحصل عليه “طهران”، ولهذا فقد استأنفت الدولتان علاقاتهما الدبلوماسية بعد انقطاع استمر عقدًا من الزمن، بل إن البلدين يتحدثان عن التعاون لمنع انزلاق “السودان” أكثر في الحرب الأهلية.

وبالإضافة إلى ذلك؛ فقد استأنف الإيرانيون العلاقات الدبلوماسية مع “الإمارات”، حيث تتطلع “طهران” إلى التعاون مع “أبوظبي” في قضايا النقل الجوي والبُنية التحتية، بينما ذهبت “الإمارات” إلى حد الانسّحاب من التحالف البحري الذي تقوده “الولايات المتحدة” في الخليج؛ ووافقت على الانضمام إلى تحالف منافس مع “إيران”.

وتابع التقرير الأميركي؛ أن: “الإيرانيين بدأوا أيضًا محادثات هادئة مع البحرين التي لم تغفر حكومتها لإيران محاولات تأجيج الثورة من قبل الأغلبية الشيعية في البحرين”، مضيفًا أن: “لإيران أيضًا اتفاق تنمية جديد مع سلطنة عُمان وتقوم بتطبيع العلاقات مع مصر”.

كما أن الإيرانيين استأنفوا المحادثات مع “تركيا”؛ (وروسيا ونظام الاسد في سوريا)، لإيجاد حل لمشكلاتهم المشتركة في “العراق” و”سوريا”، كما أن لدى الإيرانيين، أيضًا تفاهمات جديدة مع “العراق” لأجل مقايضة “النفط العراقي” مقابل “الغاز الإيراني”، فيما يُسّيطر حلفاؤهم على حكومة “بغداد” أكثر من الماضي.

منتدى إقليمي..

لكن التقرير الأميركي؛ اعتبر أن: “الأكثر إثارة للدهشة” هو أن الإيرانيين يقترحون منتدى إقليميًا لا يضم “الولايات المتحدة” أو “إسرائيل”، وهي فكرة تحظى ببعض الزخم بطريقة لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمن، مشيرًا إلى: “اختتام وزير الخارجية الإيراني مؤخرًا جولة في الخليج؛ شملت أربع دول عبرت عن تأييدها للفكرة بشكلٍ لم يكن متصورًا من قبل”.

ومع ذلك؛ أشار التقرير إلى أن: “الأمور ليست وردية تمامًا بين الإيرانيين والعرب، لأن طهران تظل هي طهران التي ليس بإمكانها أن تتجنب تمامًا الخلافات مع الكويت حول حقل غاز مشترك، والخلافات مع الإمارات حول الجزر الثلاث، ومع السعوديين فيما يتعلق باستمرار تزويد الحوثيين بالأسلحة في اليمن”.

إلى ذلك؛ بيّن تقرير مجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ أن: “كل هذه السّلمية والمحبة والصداقة مع جيرانهم لم تمتد إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ يواصل الإيرانيون استخدام هراواتهم بقدر استطاعتهم”.

ويستمر التقرير الأميركي في استعراض مزاعمه عن مضايقة السفن الأميركية في الخليج؛ كما عن مهاجمة ناقلات مرتبطة بـ”الولايات المتحدة” أو “إسرائيل” خمس مرات على الأقل؛ خلال الشهور الستة الماضية، كما عّززوا من دعمهم للجماعات “الإرهابية” الفلسطينية، فيما عّزز حلفاؤهم من الميليشيات في “العراق” من مضايقاتهم للقوات الأميركية.

وواصل التقرير الأميركي المضلل ادعاءاته؛ بالإشارة إلى ممارسات مشابهة يقوم بها الإيرانيون مع الحلفاء السوريين والروس في “سوريا”، مضيفًا في الوقت نفسه أن الإفراج الأخير عن سجناء من الطرفين الأميركي والإيراني، يبدو مرتبطًا بحاجة “إيران” المُلحّة إلى المال أكثر من أي مصلحة في تحقيق إنفراج حقيقي.

مستقبل الشرق الأوسط..

واعتبر التقرير؛ أن فك ارتباط “الولايات المتحدة” المسّتمر بشؤون الشرق الأوسط؛ (في عهد الرؤساء باراك أوباما ودونالد ترامب، والآن بدرجة أقل مع الرئيس بايدن)، قد سّاهم في خلق فرصة أمام “طهران”، موضحًا أن كل: “حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة؛ يشعرون بالرعب من إنها لن تحميهم بعد الآن من التخريب الإيراني أو حتى من الاعتداء المباشر”.

وبرُغم إشارة التقرير الأميركي؛ إلى أن أداء “بايدن” كان أفضل في هذا المجال، إلا أنه لفت إلى أن حلفاء “واشنطن”، لم ينسّوا كيف أن “ترامب” سخر من فكرة الدفاع عن “المملكة السعودية” و”الإمارات”، من هجوم إيراني مباشر؛ في العام 2019، مما شّكل تحولاً يقلب 40 سنة (أو 75 سنة) عامًا من السياسة الأميركية، وربما حتى دون أن يُدرك “ترامب” أنه يقوم بذلك.

وأوضح التقرير؛ أن: “حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط كانوا؛ خلال السنوات الماضية، يشعرون بالحاجة إلى تخفيض اعتمادهم على الولايات المتحدة والبحث عن أصدقاء جُدد وداعمين محتملين، وهو ما تمثل في موجة من المغازلة مع الصين وروسيا والهند وبعض الدول الأوروبية”.

وأشار إلى أن: “السياسات الخارجية الإيرانية الجديدة ربما تستهدف الاستفادة من هذا الوضع”، مضيفًا أنه: “بعد 40 عامًا من التخريب والاعتداء من جانب الإيرانيين، فإن الدول العربية تُدرك جيدًا ما تستطيع طهران القيام به، خصوصًا إذا لم تكن الولايات المتحدة موجودة لمنع ذلك، وهو السبب في أن هجوم السحر الإيراني الجديد أثبت فعاليته، على الأقل إلى حدس محدود حتى الآن”.

وفي الوقت نفسه؛ قال التقرير إن: “عدوانية طهران المسّتمرة تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل تبدو مكملة لاستراتيجيتها العربية”، مشيرًا إلى أن “إيران” تعتقد أن استمرار الهجمات على أفراد ومصالح “واشنطن” في المنطقة، سيُسّاعد في تسّريع رحيل “الولايات المتحدة”.

تحالف “إسرائيلي-سعودي”..

أما بالنسّبة لـ”إسرائيل”؛ فقد قال التقرير، إن: “تسّخين الصراع هناك يُسّاعد إيران على وضع الدول العربية في معضلة أكثر حدة: يمكنك إما الانضمام إلينا والحصول على السلام والتجارة، أو الانضمام إلى إسرائيل والخوض في الحرب”.

وأضاف التقرير الأميركي؛ إنه: “في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة مصّممة على العمل ضد الفلسطينيين بطرق بغيضة، فإن بعض الابتعاد عن إسرائيل له فوائده بالنسّبة للعديد من الأنظمة العربية”.

ونوه التقرير بأن: “هذا النهج المزدوج المتمثل في تدليل الدول العربية مع تضخيم الهجمات على الولايات المتحدة وإسرائيل، ربما يكون هدفه إلى دق إسّفين بين الدول العربية وأعداء إيران الرئيسيين”.

وزاد بالقول إن: “النهج الاستراتيجي الجديد من جانب إيران؛ يُشير إلى إنها أدركت أخيرًا أن تنمرها يقود إلى جمع خصومها معًا، ولهذا جاء هذا التركيز الإيراني الجديد على فكرة إثارة الانقسام من أجل تحقيق النصر”.

وبعدما أكد التقرير الأميركي؛ أهمية موقف إدارة “بايدن” في محاولة تحقيق المصالحة “السعودية-الإسرائيلية”، أوضح أن: “الجمع بين أقوى جيش إقليمي؛ (إسرائيل)، وأقوى اقتصاد عربي؛ (السعودية)، سيُشّكل عقبة هائلة أمام المزيد من العدوان الإيراني، ولهذا فإن الإيرانيين يعملون بشكلٍ جدي لمغازلة السعوديين والدول العربية الأخرى، ولإبعادهم عن إسرائيل والولايات المتحدة”.

وحذر تقرير مجلة (فورين بوليسي) الأميركية؛ من أن غياب دور نشّط لـ”الولايات المتحدة” في المنطقة، يمكن لتحالف “إسرائيلي-سعودي” جديد أن يُثير عدوانًا إيرانيًا أكبر ويؤدي إلى تصّعيده، مما سيقود إلى صراع أوسّع ويكون كارثيًا على المنطقة وعلى الولايات المتحدة والعالم في حال أثر الصراع على تدفقات الطاقة في الشرق الأوسط”.

وختم التقرير؛ بالقول إن النظر إلى التحالف “الإسرائيلي-السعودي”، على أنه بمثابة جزء من التزام “واشنطن” تجاه الشرق الأوسط: “ليس بديلاً عنه”، وإن “إيران” تعلمت حيلة جديدة، لكن يجب الانتظار لرؤية ما إذا كانت “الولايات المتحدة” بإمكانها القيام بذلك أيضًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة