بالانسحاب الجماعي من الأمم المتحدة .. الصفعات تتزايد على وجه نتانياهو والعزلة الدولية تخنق “إسرائيل”

بالانسحاب الجماعي من الأمم المتحدة .. الصفعات تتزايد على وجه نتانياهو والعزلة الدولية تخنق “إسرائيل”

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في صفعة جديدة ومشهد غير مسبّوق داخل أروقة “الأمم المتحدة”؛ اهتزّت قاعة “الجمعية العامة” مع بدء رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، إلقاء كلمته، فما إن اعتلى المنصة حتى وقف عددٍ كبير من قادة العالم وممثلي الدول الأعضاء، ليغادروا القاعة بشكلٍ جماعي، في رسالة سياسية صاخبة احتجاجًا على العنف والدمار الذي خلَّفته الحرب الإسرائيلية في “قطاع غزة”.

كان مشهد الانسحاب أبلغ من أي كلمة؛ حيث أن القاعة التي لطالما كانت منصّة للترويج للسياسات الإسرائيلية، تحوّلت فجأة إلى فضاء فارغ يُفضح عُزلة غير مسبّوقة لحكومة الاحتلال، ويُعدّ أوضح تعبير عن اتساع الهُوة بين المجتمع الدولي وحكومة الاحتلال التي ترتكب إبادة جماعية في “غزة”.

واعتبر سياسيون أن الخطاب: “لم يكن سوى إعادة إنتاج لمخزون التضليل”، وأن: “نتانياهو كان يُخاطب نفسه” في دلالة واضحة على العُزلة الدولية المتزايدة.

تحذير أميركي..

في السيّاق ذاته؛ ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن “البيت الأبيض”، أوضح لرئيس وزراء دولة الاحتلال؛ “بنيامين نتانياهو”، أن استمرار الحرب في الشرق الأوسط، لن يؤدي إلا إلى زيادة عُزلة “إسرائيل”، حسبّما أفادت قناة (القاهرة الإخبارية).

وفي وقتٍ سابق؛ اعترف “نتانياهو”، خلال مشاركته في مؤتمر لـ”وزارة المالية”، بوجود عُزلة دولية متصاعدة بسبب “حرب غزة”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” تواجه تهديدًا اقتصاديًا مباشرًا يتمثّل في إمكانية فرض عقوبات وإجراءات تقييدّية أخرى.

وأكد أن العُزلة تعود بالأساس إلى انتقادات دولية واسعة؛ مشيرًا إلى أن: “الأقليات في أوروبا” ودول مثل “قطر” تستثمر في التأثير على الخطاب العالمي عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

وقال “نتانياهو” إن على “إسرائيل” أن تستثمر بكثافة في ما وصفها: بـ”عمليات التأثير” الإعلامية لمواجهة ما اعتبره: “دعاية سلبية في الخارج”، لافتًا إلى أن هذه الحملات أثرت على مكانة “إسرائيل” الدولية وأدت إلى فرض عقوبات بالفعل.

وأضاف: “يمكننا الخروج من هذه العُزلة، لكن يجب أن نستثمر بكثافة في التدابير المضادة، لا سيّما عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي”.

تحولت لدولة منبوذة..

في الشارع الإسرائيلي يرى مراقبون ومحللون؛ أن وقوع “إسرائيل” في عُزلة دولية أصبح حقيقة مريرة تنتشر كالنار في الهشيم خارج الحلبة السياسية، ويمكن لها أن تؤثر في المجالات الاقتصادية والسياحية والرياضية والثقافية، وغيرها.

يقول المحلل المختص في الشؤون السياسية الإسرائيلية؛ “إيتمار أيخنر”: إن تصريحات “نتانياهو” بشأن عُزلة سياسية يُرجَح أن تدخل فيها “إسرائيل”، ليست مجرد إعلان سياسي بل حقيقة صعبة، حولت “إسرائيل” إلى دولة منبوذة.

مشيرًاً إلى أن عُزلة “إسرائيل” الدولية قد تُفرض قيودًا شخصية على الإسرائيليين في مختلف دول العالم، وقد تلغي اتفاقياتٍ عدة بحجة التحقيق في تورط “تل أبيب” في: “جرائم حرب” و”إبادة جماعية”؛ في “غزة”.

ويُضيف المحلل الإسرائيلي: “كثير من الإسرائيليين واجهوا إلغاء حجوزات مع شركات طيران أو فنادق، لمجرد أنهم إسرائيليون، وحتى اليوم يتمتعون بإعفاء من التأشيرة في (131) دولة، لكن العُزلة الدولية قد تُغيّر ذلك، وإذا مضت إسرائيل في تدمير غزة بشكلٍ كامل وهجّرت سكانها، فستكون ردات الفعل بحقها قاسية، أبرزها خفض مستوى التمثّيل الدبلوماسي، وإعادة السفراء، وقطع العلاقات”.

إجراءات عقابية..

ويرى أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية؛ “مصطفى البرغوثي”، أن “إسرائيل” قد تواجه سلسلة إجراءات عقابية من مختلف دول العالم، يبرُز في مقدمتها العقوبات الاقتصادية، وحظر بيع السلاح، والمقاطعة الرياضية والثقافية والأكاديمية، مع إبقاء القطاع السياحي تحت النار.

ويُشير “البرغوثي” إلى أن هنالك مقترحات لعقوبات صعبة وخطيرة ضد “إسرائيل”، تجري مناقشتها في مختلف دول “الاتحاد الأوروبي”، ومن المتوقّع أن تتم الموافقة عليها، ردًا على “حرب الإبادة والتهجير والتجويع”؛ التي ترتكبها “إسرائيل” بحق المدنيين العَّزل في “قطاع غزة”، فضلًا عن الاعتداءات التي أخذت تتصاعد في عموم أرجاء “الضفة الغربية”.

وتتسّارع حملات المقاطعة ضد “إسرائيل” في شتى المجالات، إذ أوقفت دول أوروبية عدة صفقات كبيرة لمد “إسرائيل” بالسلاح، بلغت نحو: (700) مليون يورو، بينما تواجه الرياضة الإسرائيلية تهديدًا خطرًا بمنع “إسرائيل” من المشاركة في البطولات الأوروبية، حتى الألعاب الأولمبية العالمية، فيما يُشبّه العقوبات الدولية المفروضة على “روسيا” بفعل الحرب مع “أوكرانيا”.

تصعيد متسَّارع..

قال الدكتور “سهيل دياب”؛ خبير الشؤون الإسرائيلية، إن التصعيد المتسَّارع في “قطاع غزة” ومحاولات إخلائها بالقوة، يرتبط بشكلٍ مباشر بكلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أمام “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، والتي حملت رسائل سياسية موجهة بعناية محلية ودولية.

موضحًا؛ خلال مداخلة عبر قناة (القاهرة الإخبارية)، أن “نتانياهو” يُحاول توجّيه رسائل مزدوجة، الأولى للداخل الإسرائيلي وتحديدًا قاعدته الانتخابية، في ظل دخول “إسرائيل” عامًا انتخابيًا وفقدانه الدعم الشعبي بحسّب استطلاعات الرأي، أما الرسالة الثانية فهي للجناح الجمهوري في “الولايات المتحدة”، وتحديدًا التيار الرافض لوقف الحرب في “غزة”.

وأشار إلى أن “إسرائيل” باتت تعيش عُزلة دولية متزايدة، تزامنًا مع تحضيرات أميركية لاجتماع قادم مع “نتانياهو”، مضيفًا: “يعرف نتانياهو أنه ذاهب ليشرب كأسًا مُرًا”، مؤكدًا على أن ما يحدث في “غزة” اليوم ليس مفاجئًا، بل هو محاولة إسرائيلية لفرض وقائع ميدانية قبل تطورات دولية قد تُفشل خطط “نتانياهو” السياسية والعسكرية.

استعراض غير محسّوب..

ومن جهتها؛ لفتت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية، إلى أن “نتانياهو” افتتح خطابه بتصفيق من أنصاره وصيحات استهجان من وفود غادرت القاعة، قبل أن يرفع من حدة لهجته بمهاجمة الدول الغربية المعترفة بـ”فلسطين”، متهمًا إيّاها بالاستسلام لـ”حركة المقاومة الإسلامية”؛ (حماس).

وتابعت الصحيفة؛ أن “نتانياهو” زعم أنه بث خطابه عبر مكبرات صوت داخل “غزة” ليتّمكن الرهائن المحتجزون لدى (حماس) من سماعه، غير أن هذه الخطوة فجرت غضبًا داخل “إسرائيل” نفسها، حيث اعتبرها كثيرون استعراضًا غير محسّوب يُهدّد حياة الجنود. صحيفة (هاآرتس) العبرية، أشارت إلى رسالة غاضبة بعثها أهالي الجنود الإسرائيليين لرئيس الأركان ووزير الحرب، اتهموا فيها القيادة السياسية والعسكرية بالاستهتار بأرواح أبنائهم، وكتبوا لـ”نتانياهو” أن أبناءهم ليسوا أدوات في: “مسرحية سياسية”، مطالبين بإنهاء الحرب التي وصفوها بغير المبَّررة.

ومن أبرز الخطوات التي عبّر من خلالها العالم عن رفضه لاستمرار الحرب وتدمير فرص السلام في المنطقة:

أولًا: قررت عشرات الدول في “أوروبا” والعالم منع وزير الأمن القومي؛ “إيتمار بن غفير”، ووزير المالية؛ “بتسلئيل سموتريتش”، من دخول أراضيها وفرضت عقوبات عليهما.

ثانيًا: قررت “سلوفينيا” منع رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، من دخول أراضيها بعد أن وصفته بأنه: “مجرم حرب”.

ثالثًا: أعلنت (11) دولة في غضون عدة أيام عن اعترافها بـ”دولة فلسطين” من أجل الحفاظ على “حل الدولتين”؛ الذي ترفضه حكومة “إسرائيل” بإصرارها على رفض قيام “دولة فلسطينية”.

رابعًا: قررت العديد من الدول الغربية رفض تصدير السلاح إلى “إسرائيل”.

خامسًا: ألغت العديد من الدول صفقات شراء أسلحة من “إسرائيل”.

سادسًا: أعلنت صناديق استثمارية عملاقة، على رأسها “صندوق الثروة السيّادية النرويجي”، عن سحب استثمارات بمئات ملايين الدولارات من “إسرائيل”.

سابعًا: دعت العديد من الدول الأوروبية إلى تعليق “اتفاقية شراكة الاتحاد الأوروبي” مع “إسرائيل”.

ثامنًا: فرضت العديد من الدول قيودًا على مشاركة شركات صناعات الأسلحة الإسرائيلية في معارض أسلحة دولية.

تاسعًا: كشفت تقارير عن أن العديد من العملاء في العالم يطلبون من الشركات الإسرائيلية إبقاء التعاقدات معهم طي الكتمان.

عاشرًا: أعلن العديد من الفنانين الدوليين عن إلغاء حفلات لهم في “إسرائيل”، فيما تم إلغاء مشاركة فرق فنية إسرائيلية في مهرجانات دولية.

حادي عشر: برزت ظاهرة تضامن ممثلين ومشاهير عالميين مع الفلسطينيين؛ بما في ذلك المشاركة في فعاليات لجمع تبرعات للفلسطينيين في “غزة”.

ثاني عشر: تتعرض الهيئات الرياضية الدولية لضغوط من رموز رياضية بارزة لطرد “إسرائيل” من البطولات الدولية.

ثالث عشر: أظهرت استطلاعات رأي عام دولية؛ بما في ذلك في “الولايات المتحدة الأميركية”، أن الشعوب تُعارض الحرب وتعتبر ما يجري “جريمة إبادة”.

رابع عشر: انضمت العديد من الدول إلى الدعوى التي تقدمت بها “جنوب إفريقيا” إلى “محكمة العدل الدولية” بتهمة ارتكاب “جريمة الإبادة الجماعية” في “غزة”.

خامس عشر: تتجنب العديد من المؤسسات البحثية الدولية مشاركة “إسرائيل” في أبحاثها، بما في ذلك في مجال العلوم والطب.

سادس عشر: مذكرة الاعتقال الصادرة عن “المحكمة الجنائية الدولية” ضد “نتانياهو وغالانت”.

سابع عشر: تواصل قرارات الإدانة لـ”إسرائيل” بأغلبية ساحقة في “الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة