7 أبريل، 2024 12:16 ص
Search
Close this search box.

بالأسماء والأسعار .. خريطة السلاح المتفلت في العراق وليبيا ولبنان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات : كتابات – بغداد :

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنفلات الأمني وكثرة السرقات وغياب الدور الفعال للدولة، تشهد تجارة السلاح بين الناس في كل من “لبنان والعراق وليبيا”؛ إنتعاشًا، على الرغم من الضائقة المالية. فالمواطن بات يبحث عن أمنه الذاتي عبر شراء مسدس أو كلاشنكوف أو حتى بندقية صيد، بحسب قدرته، لحماية نفسه وعائلته من السرقة.

غياب الآلية القانونية في لبنان..

على خلاف معظم القطاعات التجارية التي تسجل ركودًا أو تراجعًا بعد بلوغ الأزمة الاقتصادية ذروتها، تشهدُ سوق السلاح في “لبنان” نشاطًا لافتًا؛ مقارنة مع الأعوام الماضية، حيث كانت تخفُت حينًا وتزدهر حينًا آخر وفقًا للتطورات السياسية والأمنية في البلاد.

وبحسب مصدر عسكري لبناني؛ فإن إزدياد طلب الأفراد على إقتناء سلاح حربي يعود للمخاوف من تفلت الوضع الأمني نتيجة الإنهيار الاقتصادي المستمر، وارتفاع معدلات الجريمة في البلاد إلى أرقام قياسية، ما دفع كثيرين باتجاه التفكير بـ”الأمن الذاتي”، سواء الفردي أو الجماعي، في ظل الشعور بفقدان المظلة الأمنية للدولة، محذرًا من استمرار الأزمة الاقتصادية، كونها: “تولد فوضى أمنية واجتماعية ستلزم اللبنانيين بعدم مغادرة منازلهم مساءً، خوفًا من العصابات وقطاع الطرق”.

ويشير المصدر؛ إلى أن غياب الآلية القانونية لشرعنة إقتناء السلاح يزيد صعوبة مكافحة انتشاره بعيدًا من أعين الدولة، “حيث أن عملية الشراء لا تتم عبر تجار مرخص لهم، الأمر الذي يُحرم القوى الأمنية من معرفة من يمتلك السلاح والجهة التي أتت به إلى الداخل”، موضحًا أن الحصول على رخصة حيازة أو نقل سلاح “غير مضمون إعادة تجديدها مرّة أخرى”، ما يشكل مشكلة إضافية، حيث أن: “الترخيص يخضع لاستنسابية غير ثابتة تتحرك بحسب أهواء النافذين”. بحسب صحيفة (أندبندنت عربية).

فالمواطن العادي لا يمكنه الحصول على ترخيص نقل سلاح، “وهذه التراخيص يعطيها وزير الدفاع كوسيلة للاستقطاب السياسي للجهة التي تتولى الوزارة، مع حفظ الكوتا كاملة لبقية المتنفذين من موالين وأخصام سياسيين”.

حدود منفلتة !

وفي السياق ذاته؛ يقول العميد المتقاعد، “ناجي ملاعب”، إن الأسلحة المتوسطة والخفيفة منتشرة في معظم منازل اللبنانيين، وآثارها الجرمية مربكة للأمن، نظرًا لغياب القيود والضوابط على إقتنائها. ويضيف أنه: “من نتائج تفلت السلاح استخدامه بشكل مفرط خلال المناسبات الاحتفالية”، موضحًا أن: “سوق العرض متوافر يقابله سوق الطلب من جهة ثانية، المتمثل بميزة ولع الرجل الشرقي لإقتناء السلاح وتوارثه ولجوء الجماعات المكونة للنسيج اللبناني إلى الإحتفاظ به”.

ويعتبر أن فلتان الحدود البرية مع “سوريا” أدت إلى تدفق السلاح الفردي والخفيف إلى “لبنان”، في ظل “كسر الحدود” من قِبل (حزب الله)؛ ما أدى إلى عبور الأسلحة، من وإلى “لبنان” من دون أية رقابة، ما: “يفسح في المجال بتزويد فرقاء متعاونة مع الحزب بالسلاح، ونمو سوق سوداء رديفة للإتجار به”، مشيرًا إلى أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين قد وفّرت سابقًا رافدًا مهمًا لمعظم السلاح الخفيف في السوق اللبنانية، لكنها اليوم لم تُعد تُشكل المصدر الأساس.

ويشرح “ملاعب”؛ أن المادة (37) من قانون الأسلحة والذخائر: “يحظر على التاجر أو صاحب المصنع أن يبيع أو يعطي أحدًا معدات أو أسلحة أو ذخائر من الفئات الأربع الأولى، (المخصصة للسلاح الفردي)، قبل أن يتأكد من أن صاحب العلاقة يحمل إجازة قانونية تخوله ذلك، وحيث أنه لا إجازة قانونية لتاجر أن يستورد السلاح إلى لبنان إلا للقوى المسلحة فقط، ولا مصانع لأسلحة فردية في لبنان، من الواضح أن التراخيص بنقل السلاح تمثل تشريعًا للسلاح غير الشرعي. وأن التغاضي عن تطبيق القانون سمة مشتركة مارسها معظم من تعاقبوا على وزارة الدفاع من الوزراء، حتى أن بعضهم وزع التراخيص على بياض لصالح الأحزاب الفاعلة”.

ويكشف أن السوق السوداء تُدار “مواربة”؛ بواسطة تجار معروفين، لتحقيق أرباح خيالية لتجار سواء كانوا منظمين في أحزاب أو مهربين، حيث تباع البندقية أو المسدس بأكثر من ضعفي ثمنها، مؤكدًا أن وضع حد لفلتان سوق السلاح يكمن بتنظيم إقتناء السلاح الفردي واعتماد تشريع جديد، تكون البطاقة الممغنطة، أساسًا فيه وفق قيود تدل على مستخدم السلاح وتساعد في كشف الجرائم.

بورصة الأسعار..

ويشير أحد وسطاء تأمين السلاح، (رفض الكشف عن اسمه)، إلى أن 95 في المئة من مصادر السلاح في “لبنان” لا يمر في الأطر الرسمية، وأن مصادر هذا السلاح تأتي بمعظمها عبر “تجار التهريب”، بين “لبنان” و”سوريا”؛ أو عبر العشائر في “البقاع”، مؤكدًا أنه بعد أن كانت المخيمات المصدر الأساس للسلاح الفردي؛ باتت الآن لا تشكل سوى سوق للسلاح الفردي المستعمل والقديم، مثل (الكلاشنكوف)، ومعدل سعره 800 دولار، والمسدسات التقليدية التي لا يتجاوز سعرها 3000 دولار، ويقول إن مصدر تلك الأسلحة يعود إلى المنظمات والفصائل الفلسطينية التي تسلحت سابقًا في ظروف متعددة.

وحول بورصة الأسعار، يشرح أن الطلب يتحكم بأسعارها، بالتالي هي خاضعة للارتفاع والانخفاض وأن أسعارها مرتفعة مقارنة مع دول التصنيع، لأن كلفة دخولها إلى “لبنان” يمر بعدة وسطاء، موضحًا أنها تمر بـ”العراق” أو “تركيا”، قبل الدخول إلى “سوريا” وبعدها “لبنان”، وأن: “جزءًا منها هو نتيجة غنائم حرب في سوريا، وتلجأ بعض الفصائل لبيع الأسلحة لتمويل نفسها بعد تراجع مصادر دعمها”.

ويوضح الوسيط اللبناني أن سعر (كلاشنكوف) دائرة 11، المعروف بـ”أخمص مشطوف”، يتراوح بين 1500 و2000 دولار، فيما يصل سعر الصيني والكوري والألماني والإيراني منه إلى 1400 دولار، بينما يتراوح سعر الروسي كعب خشب بين 1300 و1700. أما قيمة بندقية (أم-16) الأميركية؛ فيتجاوز سعرها 3000 دولار. وعن أسعار المسدسات يشير إلى أن الأكثر طلبًا والأغلى ثمنًا هو مسدس (غلوك)، والذي يتراوح ثمنه بين 3500 و4000 دولار، في حين تتراوح أسعار المسدسات التشيكية بين 1300 و2000 دولار.

مراقبة أميركية..

في المقابل، أكد مصدر دبلوماسي غربي أن الاستخبارات الأميركية تتابع عن كثب مقاطع مصورة أظهرت امتلاك العشائر البقاعية صواريخ حديثة أميركية الصنع؛ ومن الأجيال المتقدمة مثل صواريخ (لاو) و(تاو)، التي تتسلح بها عادة الجيوش النظامية، لا سيما صواريخ AT4، والتي تستخدم من قبل جيوش الولايات المتحدة والجيوش الحليفة لها فقط.

ووفق المعلومات؛ فإن الاستخبارات الأميركية تعتقد أن هذه الصواريخ حصل عليها (حزب الله)، في “سوريا”، خلال السنوات الماضية، ووصلت إلى العشائر في “لبنان” حديثًا عبر المعابر غير الشرعية، والتي يسيطر عليها، لا سيما لناحية “القصير” السورية.

وتؤكد مصادر مقربة من العشائر أن (حزب الله) يقف وراء صفقات السلاح والصواريخ الحديثة، حيث يعمل على جمع ما تمتلك العشائر من عُملات أجنبية، لا سيما الدولار وهو بأمس الحاجة إليه في ظل الحصار الخانق والعقوبات المتزايدة عليه وعلى حلفائه.

والمصدر الغربي يوضح؛ أن “الولايات المتحدة” ستفتح تحقيقًا كبيرًا في كيفية حصول الحزب على السلاح الأميركي، مؤكدة أن الجيشين العراقي واللبناني؛ هما من ضمن الجيوش الحليفة لـ”الولايات المتحدة”، مستبعدة أن يكون الحزب قد استحصل عليها من قبلهما.

ولفتت إلى أنه، في عام 2015، أجرى الحزب استعراضًا عسكريًا واسعًا، في منطقة “القصير” السورية، وسرب عن قصد صورًا لدبابات( T4) الأميركية، والتي يمتلكها الجيش اللبناني للتشويش على العلاقة بين الجيشين اللبناني والأميركي لوقف برنامج التسليح الأميركي للجيش اللبناني، مشيرة إلى أن (حزب الله) يريد إضعاف الجيش اللبناني ليبقى مهيمنًا على “لبنان”.

حزب الله..

من جهة ثانية؛ تفيد مصادر عشائرية بأن تسليح العشائر يتم عبر (حزب الله)، وهي إحدى وسائل تمويل الحزب بالدولار، مشيرة إلى أن: “التسليح لا يشمل فقط السلاح الفردي الخفيف، إنما المتوسط والثقيل أيضًا”، كاشفة أن هناك وسطاء يؤمنون الأسلحة على أنواعها، لا سيما الرشاشات الحربية، (بي. كي. سي)، عيار 8 ملم، وسعره 4500 دولار، وقاذفات ( B7 ) بمعدل وسطي لا يتجاوز 1500 دولار، وبحسب الكمية المطلوبة، أما قذائف (الهاون) و(الدوشكا) تبلغ حوالى 4500 دولار، وتبدأ القناصة من 5000 دولار ويرتفع السعر بحسب مواصفاتها.

في المقابل تنفي مصادر مقربة من (حزب الله)، ما تعتبره اتهامات مضللة، مؤكدة أن سلاح “المقاومة” له هدف معروف للجميع وهو عدم الدخول في بازار التجارة والمحسوبيات، مؤكدة أن السلاح منضبط ومنظم وهناك آلية تنظيمية صارمة لاستخدامه من قبل العناصر.

“فيس بوك” سوق سلاح في العراق !

لا يكلف البحث عن أسلحة في “العراق” سوى بضع دقائق من التصفح، في موقع (فيس بوك)، حيث ينشط العديد من الصفحات في الترويج لأسلحة غير مرخصة، ويعرض المشاركون فيها قطع سلاح للبيع أو التبديل، فضلاً عن انتشارها في أسواق معروفة لدى الغالبية.

توفرت الأسلحة بشكل غير مسبوق، خلال سنوات ما بعد الإجتياح الأميركي للبلاد عام 2003، في أسواق العديد من المناطق داخل العاصمة وبقية المحافظات، والتي كانت غالبيتها أسلحة تعود إلى مؤسسات الأمن التي إنهارت، آنذاك، وعاد الانتشار الكبير لها مرة أخرى خلال السنوات الأولى لإجتياح تنظيم (داعش) عددًا من مدن البلاد.

شكّلت تلك الظاهرة، بهذه الطريقة، معضلة كبرى واجهت الدولة في محطات عدة، بسبب الفوضى التي خلفتها، وتفشي الجريمة والنزاعات العشائرية.

ومن الآثار المباشرة والخطيرة، الصراعات العشائرية في محافظات جنوب البلاد تحديدًا، حيث تؤدي إلى معارك تستمر أكثر من أسبوع، تخلف العديد من القتلى مع إرباك أمني كبير على غرار ما يحصل كل فترة في محافظة “البصرة”، وحيث تستخدم أسلحة خفيفة ومتوسطة.

سوق مريدي..

يعد سوق “مريدي”، شرق العاصمة، “بغداد”، أحد أكبر الأسواق التي يلجأ إليها الراغبون في شراء الأسلحة، من دون رقابة أو إشكالات أمنية، على الرغم من تعرضه أكثر من مرة إلى مداهمات من قوات الأمن.

يزدهر في هذا السوق، منذ مدة طويلة تعود إلى فترة النظام السابق، العديد من الأعمال غير القانونية، على رأسها تزوير الوثائق الرسمية، إلا أنها تزايدت بشكل مبالغ فيه، بعد عام 2003، وصار السلاح جزءًا من تلك الأنشطة.

لا تتوقف تجارة الأسلحة غير المرخصة عند حدود المسدسات العادية، بل باتت تصل في بعض الأحيان إلى الأسلحة المتوسطة وقذائف الـ (آر. بي. جي. 7)؛ والقنابل اليدوية وطائرات مُسيّرة، فضلاً عن العديد من الأسلحة الرشاشة وعلى رأسها (الكلاشنكوف).

ولا تعرض تلك الأسلحة بمحال معروفة، بل وصلت في فترات معينة إلى حدود عرضها من خلال بسطات في السوق، على الرغم من المداهمات الأمنية المستمرة طوال السنوات الماضية.

وكانت “وزارة الداخلية” العراقية، في آذار/مارس 2017، قد أعلنت عن اعتقال شخص بحوزته طائرات مسُيرة تحمل كاميرات عالية الدقة وتعمل على ارتفاع 1000 متر.

ويقول أحد المهتمين بالأسلحة، والذي رفض الكشف عن هويته، إن: “سوق مريدي يُعد الأبرز في هذا السياق، حيث كان تجار السلاح يعتبرونه إحدى منصات البيع الأكبر، وعلى الرغم من المداهمات الأمنية المستمرة، إلا أنهم كانوا يحصنون أنفسهم جيدًا، فضلاً عن تسرب معلومات المداهمات لهم في أحيان كثيرة”.

ويضيف: “الإشكال الذي حصل أخيرًا هو أن بعض المداهمات كانت تقوم بها أجهزة أمنية بزي مدني، الأمر الذي قلل بشكل ملحوظ من هذا النشاط، إلا أنه استمر عبر بيوت هؤلاء التجار يجري البيع فيها عبر وسطاء ثقاة بالنسبة لهم”.

ويشير إلى أن: “العديد من هؤلاء معروفون في بعض مناطق شرق القناة في العاصمة بغداد، ويمتلكون علاقات مع أحزاب وميليشيات توفر لهم الحماية”.

أسعار الأسلحة الأكثر رواجًا..

وعلى الرغم من الانتشار الواسع للأسلحة؛ إلا أن أسعارها عالية جدًا، ومتباينة بحسب الأنواع والمناشيء.

وتقصت (اندبندنت عربية)؛ عن أسعار الأسلحة الأكثر رواجًا، منها (كلاشنكوف) الروسي الصنع في حدود 1200 دولار، أما الأقل جودة فتصل إلى نحو 500 دولار.

أما المسدسات فأسعارها بحسب النوعية، حيث يقدر سعر مسدس “HS” بنحو 2400 دولار، ومسدس (بريتا) إلى 3500 دولار، و “CZ” إلى 2400 دولار.

أما بالنسبة للطلقات النارية، فسعر العلبة التي تحتوي على خمسين رصاصة، بحسب الأنواع والمناشيء، يصل التركية الصنع إلى 60 ألف دينار، (حوالى 40 دولارًا)، والأميركية إلى 120 ألف دينار، (حوالى 80 دولارًا)، والكرواتي إلى 90 ألفًا، (60 دولارًا)، وما يتعلق برصاصات (الكلاشنيكوف) فيتراوح سعر الواحدة بين 400 إلى 600 دينار، (27 – 40 سنتًا).

خطورة إنفلات السلاح في العراق..

لعل إحدى أكبر الإشكالات التي تواجه الدولة العراقية لا ترتبط برواج تلك الأسلحة فحسب، بل بانتشارها الكبير وأعدادها المهولة والمتزايدة، فضلاً عن تكديسها في المناطق السكنية، الأمر الذي يزيد من خطورتها.

وكان الخبير الأمني الراحل، “هشام الهاشمي”، قال في تصريحات إلى صحيفة (الشرق الأوسط)، إن: “المشكلة في حجم السلاح السائب، الذي لم يُعد خفيفًا متوسطًا، بل وأصبحت له مخازن ومشاجب في بغداد والمحافظات بحجم تلك التابعة للدولة، الأمر الذي يعقد عملية حصره مع ما تقوم به الحكومة من إجراءات بين آونة وأخرى”.

وأضاف: “على الرغم من انتشاره بكثافة؛ يبقى الكثير من مظاهره غير معروف وغير خاضع لتفتيش الجهات الأمنية، بسبب السرية وصعوبة المداهمة، خوفًا من حصول صدام مسلح”.

وكانت العاصمة، “بغداد”، قد شهدت أكثر من مرة انفجارات له في أحياء مأهولة، أبرزها مخزن في حسينية بمدينة “الصدر”، شرق بغداد، في حزيران/يونيو 2018، أدى إلى مقتل 18 شخصًا وإصابة العشرات، فضلاً عن تهديم كثير المنازل، في حين لم تسفر التحقيقات عن التوصل إلى نتيجة.

تعدد منافذ السلاح إلى بغداد..

يرى متخصصون بالشأن الأمني أن مصادر تلك الأسلحة متعددة، بينها ما يعود إلى مخازن الدولة العراقية في فترة النظام السابق، وما يتم تهريبه عبر الحدود مع الدول المجاورة وعلى رأسها “تركيا وإيران”، واللتان ترتبطان بأحزاب وجماعات مسلحة، فضلاً عن التي خلفها تنظيم (داعش) بعد عمليات التحرير.

في المقابل، يقول الباحث في الشأن الأمني، “أحمد الشريفي”، إن: “معظم السلاح المتداول في العراق؛ يأتي مهربًا من تركيا أو إيران”، مبينًا أن: “هذا السلاح يدخل في إطار دعم متمردين جماعات مسلحة تابعة لأحزاب سياسية، أما البعض الآخر فيباع في السوق إلى عصابات وأفراد”.

وتتباين أبعاد شراء الأسلحة في “العراق”، حيث يرى “الشريفي” أن: “هناك من يشعر بحاجة لتوفير الحماية الشخصية في ظل الوضع الأمني الحالي، في المقابل تعتمد عصابات الجريمة المنظمة على السلاح المهرب غير الرسمي”.

وبشأن عدم تمكن الحكومات العراقية المتعاقبة من السيطرة عليها، يبيّن “الشريفي” أن: “المؤسسات الأمنية والعسكرية قائمة على المحاصصة، والأحزاب السياسية لا ترغب في جعلها قوية، لأن ذلك يعني إضعافًا لأجنحتها المسلحة، فضلاً عن أن عمليات البيع غير المرخصة؛ ليست بعيدة عنها فتستغلها للمنفعة المادية وتأمين قدرات تسليحية لجماعاتها غير الرسمية”.

ويختم أنه: “ما لم يتم تأمين استقلالية المؤسسات الأمنية والعسكرية، لا يمكن تحقيق تقدم في إطار تفشي ظاهرة السلاح”، موضحًا أن: “احتمالات متعددة أمام الدولة في قضية حصر السلاح، لكن عماد هذا التحرك يجب أن يكون سياسيًا، وفي حال عدم دعم الأحزاب الدولة سيبقى غير قابل للتحقيق”.

تجارة خطرة تحتاج أذرع داخل الحكومات..

في المقابل، يقول الباحث في الشأن الأمني، “سرمد البياتي”، إن: “عمليات تهريب الأسلحة مشابهة لبقية البضائع”، مشيرًا إلى أن: “غالبيتها تدخل الدولة ولا يتم كشفها، وترتبط الإشكالية بعدم سيطرتها على المنافذ الحدودية”.

ويضيف: “السلاح يباع على منصات عبر (فيس بوك)، ولم تتمكن الحكومة من إغلاقها”.

ويوضح، أن المشكلة الرئيسة ترتبط بـ”الفساد وعدم تحقق إرادة حقيقية”، مردفًا: “أكبر كذبة هو مصطلح حصر السلاح بيد الدولة”.

ويلفت إلى أن: “تجارة السلاح والمخدرات من الأخطر في العالم، وهي بحاجة لمن يسندها داخل مفاصل الدولة، ومن البديهي أن تكون على صلة بالأحزاب”.

ويشير “البياتي”؛ إلى أن التحرك الأكثر جدية يتعلق بـ”عرض الدولة شراء هذا السلاح من حائزيه، شرط أن يتم تحديد ذلك بمدة زمنية لا تتجاوز الثلاثين يومًا، ومن ثم تقوم بعدها بإجراءات صارمة وحقيقية، وتطبق على من يرفض نصوص القانون”.

ويتابع الباحث أن: “غياب الأمن هو الدافع الرئيس لإقتناء السلاح، ما يدفع كثيرين إلى شرائه لحماية أنفسهم من الاعتداءات العشائرية وغيرها، إضافة إلى ذلك تستغل العصابات تفشي السلاح لتسهيل عملية حصولها عليه”، معبرًا عن إعتقاده أن: “غالبيته للحيازة الشخصية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية”.

وينص قانون العقوبات العراقي بالسجن عشر سنوات على المهربين؛ وتصل في بعض الحالات إلى الإعدام أو السجن المؤبد إذا تضمن إشاعة الإرهاب أو دعم تمرد مسلح.

أما بشأن الحيازة فينص على أن العقوبة لا تزيد عن سنة واحدة وغرامة مالية لا تقل عن 500 ألف دينار، (340  دولارًا)، ولا تزيد على مليون دينار، (680 دولارًا).

أربع قطع سلاح لكل مواطن ليبي !

في “ليبيا”، البلد الذي صنفته تقارير صادمة، صادرة عن “الأمم المتحدة”، بأنه يحتوي على أكبر مخزون من السلاح غير المنظم في العالم، من الطبيعي أن تشهد تجارة السلاح رواجًا كبيرًا.

وتشير هذه التقارير؛ إلى وجود 29 مليون قطعة سلاح غير مرخص منتشر فيها، خارج سيطرة الدولة، ما يعني أربع قطع سلاح تقريبًا لكل فرد في البلاد، التي يقطنها نحو 7 ملايين نسمة، ما يُعادل نحو 150 و200 ألف طن من الأسلحة.

وتتنوع أنواع تجارة السلاح في “ليبيا” بين ما يباع للاستهلاك المحلي، والاستعمال الشخصي، وبين ما يتم بيعه وتهريبه إلى خارج البلاد، خاصة ما يسرّب للقارة السمراء جنوبًا، عبر عصابات تخصصت في تجارة السلاح، مستغلة حالة الهشاشة الأمنية التي تعيشها البلاد، خصوصًا في المنافذ الحدودية والمناطق المحاذية لها.

في المقابل، يتنوع الزبائن الذين يقبلون على شراء السلاح المهرب من “ليبيا”، بين مجموعات متطرفة، وعصابات مسلحة إجرامية، وتجار المخدرات، وهواة، وتشير التقارير الأممية إلى وصول السلاح المهرب من “ليبيا”، التي تعيش حالة من عدم الاستقرار منذ عقد من الزمن، إلى نحو 14 دولة على مستوى العالم، جزء كبير منه يذهب إلى أراضي جيرانها السبعة، شرقًا وغربًا وجنوبًا.

كل الأسلحة متاحة في ليبيا..

ويمكن شراء كل أنواع الأسلحة من “ليبيا”، بدايةً من المسدس، مرورًا بالبندقية الآلية، وحتى مضادات الطائرات والقنابل اليدوية. وأخطر أنواع الأسلحة التي تم الكشف عن بيعها وتسريبها من البلاد، كانت صواريخ الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، التي يمكنها إسقاط طائرة على ارتفاع متوسط بسهولة تامة .

وكان تقرير نشرته “الأمم المتحدة”، في عام 2016، أثار ضجةً كبيرة بعد أن كشف عن تسرب هذه الصواريخ إلى عدة بلدان تشهد توترًا أمنيًا، ونشاطات لجماعات خارجة عن القانون، في “تشاد ومالي وتونس ولبنان وإفريقيا الوسطى” وجماعات المعارضة السورية.

وقال التقرير، الذي أثار جدلاً واسعًا وقتها، وأعدته لجنة مستقلة من المتخصصين تراقب العقوبات التي فرضتها “الأمم المتحدة” على “ليبيا”، الصادر بحقها حظر على الأسلحة فرض عليها، منذ عام 2011، إنه أتضح أن الأسلحة التي تعرف باسم “نظام الدفاع الجوي المحمول”، التي عُثر عليها في “مالي وتونس”، كانت جزءًا من ترسانات الجماعات الإرهابية، الناشطة وقتها فيها.

انتشار معارض بيع السلاح..

تتنوع أسواق السلاح، وطرق الحصول عليه من “ليبيا”، وأبرزها تجارة السلاح الإلكترونية على صفحات الإنترنت، التي انتشرت في السنوات الماضية، بعد الحملات التي شنتها السلطات على الأسواق المفتوحة، التي أنشئت لتجارة السلاح في عدد من المدن الرئيسة، مثل “بنغازي وطرابلس وطبرق والزاوية”، وغيرها، وأدت إلى زوال أغلبها.

وتنتشر عروض بيع الأسلحة في “ليبيا”، على كل مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة، وتركز أغلبها على عرض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، التي تجد إقبالاً واسعًا لشرائها، وبخاصة المسدس الخفيف وسلاح (الكلاشينكوف) الآلي، التي تستخدم للحماية الشخصية بشكل خاص، وأحيانًا لممارسة هواية الصيد.

وقال تقرير، نشره الموقع الإلكتروني لمنظمة”Small Arms Survey”  المختصة، إن “ليبيا” أصبحت، منذ عام 2011؛ “نقطة ساخنة” لبيع الأسلحة غير المشروعة عبر الإنترنت، لافتًا أن عمليات تتبع 1346 محاولة بيع لأسلحة عبر شبكة الإنترنت، في الأعوام الماضية، أظهرت أن تجارة قطع الأسلحة تتم عبر تطبيقات الرسائل ومواقع التواصل الاجتماعي.

وذكر التقرير أنه تم العثور على أسلحة من 26 دولة، بينها “الولايات المتحدة والصين وبلجيكا وتركيا”، ضمن عروض البيع التي تمت متابعتها في “ليبيا”، مشيرًا إلى أن معظم الأسلحة الصغيرة المعروضة، تستخدم في الدفاع عن النفس، وفي الرياضة، إلا أن: “الأشخاص المتورطين في عمليات النقل لهم صلات مع ميليشيات ليبية”.

معايير تسعير السلاح..

تتباين أسعار الأسلحة المعروضة للبيع، حسب جودتها وحالتها وبلد صنعها، وتتراوح أسعارها بين 2000 دينار ليبي، (300 دولار)، لمسدس الجيب الصغير، و7 آلاف دينار، (5237.94 دولار)، لبعض هذه المسدسات، الذي يعرف بـ”البلجيكي”، بينما يتراوح سعر رشاش (الكلاشنكوف)، روسي الصنع، بين 6 آلاف دينار، (4489.67 دولار)، للنوع العادي، و15 ألف دينار، (11224.17 دولار)، للنوع الأخف وزنًا منها، وتعرف في ليبيا بـ”المطوية”، أي التي يمكن طيها.

كما تنتشر في “ليبيا” تجارة بعض أنواع القنابل اليدوية، مثل “الرمانة”، التي يتراوح سعرها بين 1000 و1500 دينار ليبي، (748.28 إلى 1122.42 دولار)، كما يقبل بعض صيادي الأسماك على شراء الصواريخ المتوسطة، المخصصة للدبابات أو المدافع، لاستخراج مادة الـTNT” ” منها، لاستعمالها في صيد الأسماك عبر قنبلة يدوية محلية الصنع، وهو من أنواع الصيد المحظور محليًا ودوليًا.

عصابات دولية متخصصة..

حالة الإنفلات المسلح التي تعيشها “ليبيا”؛ جعلتها محط أنظار العصابات الدولية، المتخصصة في تجارة الموت، وأبرز القضايا التي تم فيها الكشف عن تورط عصابات دولية كبيرة وخطرة في تجارة السلاح، من وإلى “ليبيا”، وقعت في حزيران/يونيو 2019، حين ألقت السلطات البرتغالية القبض على أحد أشهر المتورطين بتجارة الأسلحة غير القانونية في العالم، البلجيكي، “جاك مسيو”، الملقب بـ”الثعلب” أو “المارشال”، والمتهم بنقل شحنات أسلحة ضخمة إلى “ليبيا”.

وتعاونت الشرطة البرتغالية، وقتها، مع جهات أمنية من “فرنسا وبلجيكا”، لتنفيذ عملية القبض على “الثعلب”، ليحكم عليه بالسجن 3 أعوام وتغريمه 300 ألف يورو، بتهمة بيع دبابات وذخيرة وأسلحة أوتوماتيكية وطائرات هليكوبتر إلى “ليبيا”، و3 بلدان أخرى، كانت في حالة حرب هي: “إيران وتشاد وباكستان”.

من جانبها، قامت دول الجوار الليبي، وبخاصة: “تونس والجزائر ومصر”، بالقبض على عدد كبير من عصابات تهريب السلاح من “ليبيا” في عمليات أمنية، تعددت على مدار العقد الماضي، ضبط خلالها كميات ضخمة من السلاح متنوع الأشكال والأغراض.

أكبر بؤرة في العالم لتجارة السلاح..

ويُشير الباحث الأكاديمي الليبي، “المبروك الغزالي”، إلى أن: “ليبيا تحولت، في ظرف عقد من الفوضى والإنفلات الأمني، إلى أكبر بؤرة في العالم لتجارة الأسلحة وتهريبها، وهو أمر خرج عن سيطرة الدولة، ولا أعتقد أنها قادرة على كبحه، في السنوات القليلة المقبلة”.

ويشدد على أن: “ليبيا باتت بحاجة لمساعدة دولية واسعة، للسيطرة على السلاح المنفلت، وإيقاف هذا النوع من التجارة غير الشرعية، بمساعدة الدولة الليبية في وضع إستراتيجية شاملة من عدة مراحل، لجمع السلاح، وإمدادها بالأجهزة اللوجيستية اللازمة لمراقبته”.

وأضاف أن: “المساعدة الدولية ركن أساس لإيقاف هذا الجنون غير المسبوق، وإلا فإن الجميع سيصله تداعيات خروج السلاح في ليبيا عن السيطرة، ووصوله إلى أيادٍ يمس خطرها الجميع، مثل الجماعات المتطرفة والإجرامية العابرة للحدود، وسمِّ ما شئت من هذه الكيانات الخطيرة، التي تتلهف لإقتناء السلاح الذي يصلها من ليبيا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب