12 يوليو، 2025 10:46 م

باعتباره نذير شؤم من أميركا وإسرائيل .. كيف ستكون شكل السياسة الإيرانية تجاه العراق بفوز “رئيسي” ؟

باعتباره نذير شؤم من أميركا وإسرائيل .. كيف ستكون شكل السياسة الإيرانية تجاه العراق بفوز “رئيسي” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط الانتقادات التي انطلقت مع فوز “إبراهيم رئيسي”، برئاسة “إيران”، خاصة من الجانب الأميركي والإسرائيلي؛ وبعض المنظمات الدولية، كان الرئيس العراقي، “برهم صالح”، أول رئيس عربي يُهنيء نظيره الإيراني بذلك النجاح.

غير أن الأنظار تتوجه نحو السياسة الإيرانية التي سيتبعها الرئيس الجديد مع “العراق”، مع ما يدور على أرض الواقع من انتهاكات وتوغل إيراني في الساحة العراقية على كافة المستويات.

يجب إخراج العراق من دائرة الصراعات..

ومن خلال المخاوف والتحذيرات التي انطلقت بعد فوز “رئيسي”، قال الزعيم الشيعي العراقي، “مقتدى الصدر”، أمس الإثنين؛ إن وصول الرئيس الإيراني الجديد، “إبراهيم رئيسي”، إلى سدة الحكم لا يجب أن يؤدي إلى التشدد وتصاعد الصراعات في المنطقة.

وتابع “الصدر” قائلاً: “نحن نأمل منه أن يحكم العقل والشرع والحوار لإنهاء الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة”.

ودعا “الصدر”، كل من: “السعودية وإيران”؛ إلى: “حل مشاكلهم من جهة؛ وإخراج العراق من هذا الصراع من جهة أخرى، وعدم التدخل بشؤونه، وخصوصًا وأن العراق مُقبل على انتخابات برلمانية، وهي شأن داخلي”.

وأختتم “الصدر” تصريحاته قائلاً: “نحن لا نريد زج العراق والعراقيين في أتون الحرب والقتال، وإننا نؤازر جميع دول الجوار في محنتهم بما لا يضر العراق وشعبه”.

سياسة إيران تجاه العراق ستظل كما هي..

ووضع المحللون الكثير من آرائهم الخاصة؛ بما قد يكون شكل العلاقات مستقبلاً، فيقول رئيس مركز “التفكير السياسي”، “إحسان الشمري”، إن: “سياسة إيران لن تختلف باتجاه العراق مع وصول، إبراهيم رئيسي، وستبقى على ما كانت عليه سابقًا بالنظر إلى البلاد؛ أحد أهم مجالاتها الحيوية والتعامل معها على أساس الدولة التابعة”.

ويوضح “الشمري”؛ أن: “الرئيس المتشدد سيبقى يتعامل مع العراق وفق المنظار المتبع من قبل أسلافه السابقين، ولكن مع الفارق في قدرته على ضبط إيقاع الميليشيات بحكم مكانته في (الحرس الثوري) وإنتمائه العالي لتيار المحافظين”.

إعادة تموضع الملفات والعسكرية منها خاصة..

ويستدرك في القول، أن: “إنحدار رئيسي السياسي والديني؛ هو أحد العوامل التي دفعت المرشد، خامنئي، لترشيحه نحو كرسي الرئاسة بغية إعادة تموضع الكثير من الملفات، وخصوصًا الأذرع العسكرية خارج إيران، وهو ما سيسعى إلى العمل عليه خلال عامه الأول من الحكم”.

ويوضح “الشمري”، إن: “إيران خسرت كثيرًا بسبب الميليشيات الولائية، في الداخل العراقي، ووصل ذلك إلى فقدان الكثير من رصيدها في الشارع الشيعي تحديدًا، لذا سيسعى الرئيس الجديد إلى البحث عن حلفاء جدد من خلال البحث عن قيادات بديلة يوضع لها تكتيك وآليات جديدة قد تكون مختلفة عما كانت عليه تلك القوى المسلحة سابقًا”.

مضيفًا أن: “القيادات البديلة سيتم اختيارها من المنظومة السياسية العراقية القريبة من إيران، وهم يُمثلون المستوى الثاني ما بعد القيادات التقليدية لتلك الميليشيات”.

وتدفع إنشغالات القيادات التقليدية في المضمار السياسي، إلى مضي “رئيسي” في تهيئة البدلاء، كما يقول “الشمري”، منوهًا بأن: “ذلك لا يعني عزل حلفاء الأمس، ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا لاعبين في صدارة هذا الملف”.

ويعقب قائلاً: “خلال الماضي القريب شهدنا رغبة إيرانية بتخفيف الدعم عن الفصائل المسلحة التقليدية في العراق، وهو ما يؤكد وجود تخطيط مسبق من قبل طهران لتحريك المواقع واستبدال الأسماء”.

الملف النووي قد يقود الأمور نحو التهدئة..

وبشأن الهجمات التي تُشنها الميليشيات ضد مصالح “واشنطن”، يُلفت رئيس مركز “التفكير السياسي”، إلى أن: “ذلك الأمر متعلق بما تحققه إيران من تقدم مع الدول الغربية، بخصوص ملفها النووي، إذا ما حصلت أي إنفراجة ستكون التهدئة هي الخيار، وربما حتى الوجود الأميركي في العراق، لن يكون ضمن ورقة الصراع”.

توقعات بتصعيد الهجمات حسب رغبة “خامنئي” !

وعلى عكس ذلك، يقلل المحلل السياسي، “ماهر جودة”، من وجود تأثير للرئيس الإيراني الجديد في إدارة ملف الأذرع العسكرية لـ”طهران”، خارج حدود دولتها، لكون إن ذلك الأمر يشرف عليه (الحرس الثوري) وتباعًا هو مرتبط بتوجيه مباشر من المرشد، “علي خامنئي”.

ويضيف “جودة” أنه بصعود الرئيس المحافظ ورجل الظل، حتى الأمس القريب، تنكشف رغبة المرشد الإيراني في السيناريو الذي تُريد أن تؤديه “طهران” إزاء ملفاتها العالقة مع دول المنطقة والغرب.

ويتوقع “جودة”، أن نشهد تصعيدًا في عمليات الاستهداف التي تُهاجم المقار الأميركية في “العراق”؛ كورقة تستخدمها، “طهران”، للضغط على الدول الغربية ومن خلفها، “واشنطن”، بغية تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية؛ من بينها الملف النووي وتخفيف وطأة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، منذ 6 سنوات.

تحريك الأمور يُدار من منصة المرشد..

ويقترب من ذلك الرأي، رئيس المجموعة المستقلة للأبحاث، “منقذ داغر”، إذ يرى أن “إيران” تعتمد سلاح الأذرع المسلحة في إدارة صراعها بالمنطقة، وبالتالي فإن قوتها الرئيسة بقيت تُدار من منصة المرشد، وليس عبر طاولة الرؤساء.

وليس الموضوع محصورًا بالأذرع المسلحة وصناعة الميليشيات فحسب، وإنما السياسة الخارجية لـ”طهران” تقع في ذمة المرشد، كما يقول “داغر”.

ويستشهد رئيس المجموعة المستقلة، خلال حديث لـ (العين) الإخبارية، بحادثة سجل من خلالها اعتراض وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، والتهديد بالاستقالة على خلفية قيام رئيس (فيلق القدس) السابق، “قاسم سليماني”، قبل 4 سنوات؛ بجلب الرئيس السوري، “بشار الأسد”، إلى “طهران”، دون علمه.

فرصة لإيران وليس تهديد..

ورغم كل ذلك؛ يُشكل وصول “رئيسي” إلى سدة الحكم في “طهران”، كما يرى “داغر”، فرصة لـ”إيران” أكثر من كونه تهديدًا.

ويُعقب بالقول: “إيران الآن تعيش أضعف حالاتها وقد استنزفت كثيرًا جراء العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية؛ لذا من الممكن أن يقوم الرئيس المتشدد بدور رئيس في عقد صفقة مع الغرب؛ تكون قيمتها إسكات بنادق الميليشيات في المنطقة، مقابل رفع القيود عن ملفها النووي وفتح السدود الاقتصادية”.

لن يُغير شيء في المعادلة..

من جهته؛ قال السياسي العراقي، “علي التميمي”، في تصريحات خاصة، لـ (أمان)، إن الانتخابات الرئاسية في “إيران” وفوز “إبراهيم رئيسي”؛ لن تغيرا شيئًا من المعادلة، لأن الفائز هو الذي رشحه مرشد “إيران”، ونعلم جميعًا أن المرشد الإيراني هو وفق الدستور الإيراني قول الفصل في كل شىء، وبالنتيجة تزداد الأمور تعقيدًا وسيكون القرار متشددًا، فإذا كان في السابق رئيس وزراء يخالف الرئيس في الرأي أو وزير خارجية أو رئيس البرلمان، أما الآن فسيكون الرأي واحدًا.

مضيفًا السياسي العراقي: “بالعكس فوز، إبراهيم رئيسي، سيؤثر سلبًا في المنطقة وسيُعقد المشاكل، سواء في العراق أو سوريا أو اليمن وحتى المفاوضات ستزداد تعقيدًا”.

فرصة للإصلاحيين في إيران داخليًا وخارجيًا..

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي العراقي محمد الفيصل، في تصريحات لـ”أمان”: لا شك أن لإيران مكانة مهمة في المعادلة الشرق أوسطية وأعتقد أن العالم أجمعه يراقب الانتخابات الإيرانية وما نتج عنها بخصوص الرئيس القادم وماذا يكون هذا الرئيس حيث يمثل عملية التجديد التي يتبناها الحرس الثوري الإيراني، وأن يكون هناك فرصة للإصلاحيين في الوضع الإيراني الداخلي والخارجي وبالتالي إرسال رسالة بمضامين عدة إلى دول المنطقة وإلى دول العالم وأيضًا إلي الدول التي تخوض المفاوضات الحالية ما بين إيران وغيرها من المعادلات الأخري.

ويعتقد أن فترة “حسن روحاني”، التي كانت معتدلة نوعًا ما وفتحت مجالات وآفاقًا واسعة مع الأميركان وغيرهم، ولكن هناك تشدد يتبناه بعض الجهات في النظام الإيراني؛ ما يتسبب في عدم التعامل بجدية من قبل الأميركان وأوروبا مع النظام السياسي الإيراني.

واستكمل: “ولا تنسوا أيضًا أن هناك أوراقًا كبيرة تلعب بها إيران في المنطقة، وتستطيع من خلالها فرض بعض الإدارات والأجندات على المحاور الأوروبي، فاليوم المجتمع الدولي ينتظر ما يكشف عنه الرئيس القادم المنتخب في إيران وبرنامجه السياسي”.

بقاء التأثير في العملية السياسية العراقية..

وفيما يخص تأثير الانتخابات الإيرانية في “العراق”، أكد أن المصالح الإيرانية في “العراق”؛ قد تختلف عن مناطق أخرى، والنفوذ العراقي في “إيران”، قد يختلف عن الدول الأخرى، لهذا فإن “طهران” تحاول أن تبقي تأثيرها وعلاقتها مع بعض الأحزاب وبعض الشخصيات التي توثق أن يكون لها حضور في العملية السياسية العراقية.

يؤئر بشكل سلبي على الوضع العراقي..

كما يرى رئيس المركز “العربي الأسترالي” للدراسات الإستراتيجية، “أحمد الياسري”، أن: “فوز رئيسي، سيؤثر بشكل سلبي جدًا على الوضع العراقي، لأنه أعاد منصب رئاسة الجمهورية، الذي كان يمتلك حلقات في التعامل مع الملف العراقي، إلى (الحرس الثوري)، مما يعني منحه، (الحرس)، مساحة أكبر للتحرك والتأثير، وجعل الدور الأكبر لـ (فيلق القدس) في الداخل العراقي”.

ويوضح “الياسري”؛ أن: “هذا الفوز سيؤجج اليمين الشيعي، في العراق، وهي الكتل العسكرية التي تتبنى منهجية (الحرس الثوري)، وفكرة ولاية الفقيه، ما يعني بروزها بشكل أكبر على مستوى السياسية الداخلية”.

وبتعبير “الياسري”، فإن: “المنطقة ستدخل كلها، في عهد رئيسي، بوضع جديد، ما يعطي مؤشرات سلبية، بالنسبة للمنطقة العربية، وأن إيران قد أعلنت المواجهة مع العالم”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة