باستخدامه استراتيجية الضغط القصوى .. “ترمب” يتلاعب بمصير أوكرانيا للحصول على مكاسب اقتصادية

باستخدامه استراتيجية الضغط القصوى .. “ترمب” يتلاعب بمصير أوكرانيا للحصول على مكاسب اقتصادية

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

مبدَّيًا رغبته في الحصول على أكبر مكاسب ممُكنة من “كييف” مقابل دعمها في حربها ضد “موسكو”، أكد الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، أن بلاده ستوقّع على اتفاق المعادن النادرة مع “أوكرانيا”، مُعلنًا عن زيارة الرئيس الأوكراني لـ”واشنطن”.

وقال “ترمب”؛ خلال ترأسه أول اجتماع للحكومة الأميركية؛ بحضور “إيلون ماسك”، إن الرئيس الأوكراني؛ “فولودومير زيلينسكي”، سيزور “الولايات المتحدة”، الجمعة، وسيوقّع مع “واشنطن” على اتفاق بشأن المعادن النادرة وأمورٍ أخرى.

وأضاف في نفس الحديث، أن بلاده: “ستسّتعيد أموالًا دفعتها إلى أوكرانيا” خلال حربها مع “روسيا”.

وشدّد على أن “أميركا” ستتوصل إلى اتفاق مع “روسيا” و”أوكرانيا” لوقف القتال.

وكانت صحيفة (فايننشال تايمز) قد أفادت؛ نقلًا عن مسؤولين أوكرانيين، أن “كييف” أصبحت جاهزة الآن لتوقّيع الاتفاقية الخاصة بالتطوير المشترك لمواردها المعدنية، بما في ذلك “النفط والغاز”.

وأوضحت أن ذلك يأتي بعد أن تخلت “الولايات المتحدة” عن مطلبها بالحصول على الحق في تحقيق إيرادات محتملة تصل إلى: (500) مليار دولار من استغلال هذه الموارد.

وتابعت أنه؛ وعلى الرُغم من غياب ضمانات أمنية صريحة في نص الاتفاق، أكد المسؤولون أنهم تفاوضوا على شروط أكثر فائدة، معتبرين الاتفاقية جزء من رؤية أوسع تهدف إلى توسيع العلاقة مع “الولايات المتحدة” لتعزيز آفاق “أوكرانيا” بعد (03) سنوات من الحرب.

إنهاء حُلم الانضمام لـ (الناتو) !

في الوقت ذاته؛ حطم “ترمب” حُلم “زيلنيسكي” بانضمام “أوكرانيا” إلى الـ (ناتو)، حيث أكد قائلًا: أن أوكرانيا “يمكن أن تنسّى” مسألة الانضمام إلى “حلف شمال الأطلسي”.

وقال “ترمب” أيضًا، أمس الأربعاء، إنه يأمل التحدث قريبًا وجهًا لوجه مع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في “أوكرانيا”؛ التي بدأت في شباط/فبراير 2022.

الضمانات الأمنية شرط الاتفاق..

بينما أكد الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، أن إطار الاتفاق الاقتصادي مع “الولايات المتحدة” جاهز، ولكن الضمانات الأمنية التي تُريدها “كييف” مهمة، لم تُحسّم بعد، كما أن التوصل لاتفاق كامل يمكن أن يتوقف على المباحثات في “واشنطن”؛ يوم الجمعة.

غير أن متحدث باسم “البيت الأبيض”، أوضح بعدما تحدث “زيلينسكي”، مجدّدًا اليوم أن الاتفاق شرط مسبَّق لدعوة “ترمب” لمقابلة الرئيس الأوكراني؛ يوم الجمعة المقبل. وطلب المتحدث حجب هويته.

ورفض الرئيس الأميركي الخوض في تفاصيل التنازلات التي سيطلبها من الجانبين، لكنه شدّد على موقف إدارته بأن طموح “أوكرانيا” للانضمام إلى حلف (ناتو)، التحالف العسكري الغربي، غير قابل للتنفيّذ.

استراتيجية المصالح الاقتصادية..

في تعليقها؛ سّلطت الكاتبة الصحافية؛ “شانون كينغستون”، الضوء على أحدث تحّول في سياسة إدارة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، تجاه “أوكرانيا”، متناولة الضغوط المكثفة التي يُفرضها على الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”.

وقالت الكاتبة في تقريرٍ بموقع شبكة (آيه. بي. سي نيوز) الإخبارية الأميركية، إن هذا النهج أثار قلق الحلفاء الأوروبيين، وأثار المخاوف بشأن قدرة “أوكرانيا” على الصمود في وجه العدوان الروسي.

ومع ذلك؛ تُضيّف الكاتبة، وبعيدًا عن التوترات الدبلوماسية المرئية، يبدو أن استراتيجية “ترمب” مدفوعة بمصالح اقتصادية، وتحديدًا، تأمين وصول “الولايات المتحدة” إلى احتياطيات “أوكرانيا” الكبيرة من المعادن النادرة.

وقالت إن “ترمب” كان صريحًا بشأن رغبته في الحصول على صفقة تمنح الشركات الأميركية حصة في هذه الموارد القيّمة، وهو الاقتراح الذي يُقاومه “زيلينسكي” حتى الآن.

تقارب وعواقب أوسع..

ومع ذلك؛ يبدو من الإشارات الأخيرة من كلا الزعيمين أن هناك تقاربًا وشيكًا، حسّب تصريح أخير لـ”ترمب”.

وقالت الكاتبة؛ إن صفقة المعادن المنَّتظرة لها عواقب جيوسياسية أوسع نطاقًا، مما قد يؤثر في العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”أوكرانيا”، والأمن الأوروبي، وموقف “أميركا” من “روسيا”.

انحراف المواقف..

ورأت الكاتبة أن التحول المفاجيء في سياسة إدارة “ترمب” تجاه “أوكرانيا”؛ يُمثل انحرافًا كبيرًا عن المواقف الأميركية السابقة. صاغ “ترمب” بشكلٍ متزايد تورط “أميركا” في “أوكرانيا” كعبءٍ مالي، ويرى أنه يجب تعويض الدعم الأميركي بثروة “أوكرانيا” المعدنية كشكلٍ من أشكال السدّاد.

ومن خلال ربط المساعدات المالية الأميركية بالمعادن النادرة الأوكرانية، يُعيّد “ترمب” تشكيل السياسة الخارجية الأميركية في إطار معاملاتي، وهو التحول الذي تُشير “كينغستون” إلى أنه قد يكون له آثار دائمة في العلاقات بين “أميركا” والدول الأخرى.

استخدام طريقة الضغط الأقصى..

وكان “ترمب” أعرب عن إحباطه من تردد “زيلينسكي” في صفقة المعادن. ففي مقابلة إذاعية حديثة، انتقد “ترمب”؛ الرئيس الأوكراني، قائلًا: “لقد سئمت الأمر.. ليس لديه أي أوراق. وأنت تشعر بالملل من ذلك”.

وتعكس هذه التصريحات أسلوب التفاوض الممّيز لـ”ترمب”، وفق التقرير، حيث يعمل النقد العام كتكتيك ضغط لدفع القادة الأجانب إلى التنازلات.

كان هذا النهج واضحًا عندما رفض “ترمب” زيارة وزير الخزانة؛ “سكوت بيسنت”، الأخيرة إلى “أوكرانيا”، باعتبارها: “رحلة ضائعة”.

وأوضح التقرير أن هذا النوع من الخطاب ليس جديدًا، لكنه متسَّق مع استراتيجية السياسة الخارجية الأوسع لـ”ترمب”، وهي تطبيق أقصى قدرٍ من الضغط من خلال الانفجار على الملأ لكسّب النفوذ في المفاوضات.

في حين أن أساليب “ترمب” قد تكون استراتيجية، تُثيّر “كينغستون” المخاوف من أن هذا النهج قد يقوض استقرار “أوكرانيا”، ويُعزّز التصورات بأن الدعم الأميركي مشّروط اقتصاديًا.

المخاطر الجيوسياسية والمخاوف الأوروبية..

وفي حين ينظر البعض في “واشنطن” إلى صفقة “ترمب” المعدنية باعتبارها خطوة اقتصادية عملية، يُحذر آخرون من أنها قد تُزعزّع استقرار الأمن الهش في “أوكرانيا”.

وانتقد “جون هاردي”؛ من مؤسسة (الدفاع عن الديمقراطيات) الأميركية، بشدة هذا النهج، ويُجادل بأن المساعدات الأمنية الأميركية لا ينبغي أن تكون مرتبطة بالصفقات الاقتصادية، وحذر من أن: “مساعداتنا الأمنية ليست صدقة. بل هي استثمار في أمننا. وربطها بصفقة المعادن أمرٍ غير حكيم”.

ووفق معدَّة التقرير؛ فإن مثل هذه الأمور تعكس مخاوف أوسع نطاقًا من أن سياسات “ترمب” قد تُضّعف “أوكرانيا” في لحظةٍ حرجة.

يُشار أن الحلفاء الأوروبيين شعروا بالقلق إزاء خطاب “ترمب”. وتخشى دول مثل “ألمانيا وفرنسا”، التي دعمت “أوكرانيا” دبلوماسيًا واقتصاديًا، أن تؤدي تكتيكات “ترمب” القاسيّة إلى تقويض وحدة “حلف شمال الأطلسي”. والواقع أن تصور أن الدعم الأميركي مشّروط من شأنه أن يُشجع “روسيا”، ويُضّعف الموقف الجماعي للغرب ضد عدوان “موسكو”.

جزء من استراتيجية جيوسياسية أوسع.. 

وبعيدًا عن صفقة المعادن؛ يرى التقرير احتمالية أن تكون سياسة “ترمب” تجاه “أوكرانيا”، جزءًا من استراتيجية جيوسياسية أكبر. فقد اقترح الرئيس مرارًا وتكرارًا أنه يُريد التفاوض على صفقة كبرى مع “روسيا والصين”، بما في ذلك اتفاقيات ضبط الأسلحة والصفقات التجارية.

ووصف “بنيامين غينسن”؛ من مركز (الدراسات الاستراتيجية والدولية) الأميركية، هذا الأمر بأنه: “مسّار جريء، لكنه محفوف بالمخاطر”، مما يُشيّر إلى أن “ترمب” ربما يُحاول إعادة تنظيم هياكل القوة العالمية.

وحسّب التقرير؛ فإن هذه النظرية تتصور استخدام “أوكرانيا” كورقة مسَّاومة لتأمين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية الأميركية عبر مجالات متعدَّدة، من الطاقة إلى الأمن السيبراني.

ومع ذلك؛ تقول معدَّة التقرير إن هذا النهج ينطوي على مخاطر كبيرة. ولكي تنجح استراتيجية “ترمب” الكبرى، فإنها تتطلب الثقة في الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، للتصرف بحسَّن نية، وهو افتراض يُعدّه العديد من المحللين مشكوكًا فيه للغاية. وإذا ضغط “ترمب” على “أوكرانيا” لإبرام صفقة معدنية دون ضمان ضمانات أمنية طويلة الأجل، فقد يستّغل “بوتين” الموقف ويُعيّد تسّليح نفسه لشّن هجمات مستقبلية.

صورة معقدَّة ومتُناقضة..

وخلصت معدَّة التقرير إلى القول بأن ثمة صورة معقدَّة ومتُناقضة في كثير من الأحيان لاستراتيجية “ترمب” تجاه “أوكرانيا”.

وبينما يبدو السعي إلى تحقيق المصالح الاقتصادية، خاصة الوصول إلى المعادن النادرة، هدفًا مركزيًا، لا يمكن تجاهل المخاطر الجيوسياسية والعواقب الأمنية، التي قد يمتّد تأثيرها إلى ما هو أبعد من “أوكرانيا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة