خاص : ترجمة – آية حسين علي :
قال الكاتب الصحافي، “باتريك كوكبيرن”، إن “هناك ثمة مناخ من الثقة ينمو في مدينة بغداد التي لم أرها منذ زيارتي الأولى في 1977، إذ كانت تبدو أنها تسير باتجاه مستقبل من السلام والازدهار بفضل زيادة الدخل من النفط، لكن بعد ذلك بعامين تولى الرئيس الراحل، (صدام حسين)، الذي كان لديه الاستعداد لدخول حروب من المستحيل أن يكون هو الطرف الفائز فيها”.
وأضاف “كوكبيرن” في مقاله، “حينها كنا نستطيع السير بأمان في كافة أنحاء العراق من الموصل إلى البصرة، التي تحولت إلى مناطق خطرة بفعل الأحداث على مدار 40 عاماً مضوا، إذ مر العراق بالكثير من نقاط التحول”.
وذكر أن “شوارع العاصمة عادت لتمتلئ من جديد بالناس الذين يشترون أو يتناولون الوجبات الجاهزة في المطاعم حتى وقت متأخر من الليل، والآن استطعت أن أرى العراقيين للمرة الأولى، منذ عدة سنوات، يشيدون أشياء أخرى بخلاف التحصينات العسكرية، ولم يعد هناك الكثير من الدخان المتصاعد الذي يشير إلى انفجار قنبلة هنا أو هناك، والأهم من ذلك هو شعور الناس بأن انتصارات الجيش في الموصل وكركوك قد غيرت بصورة نهائية ميزان القوى لصالح الاستقرار”.
سنة العراق تحملوا جانباً من خسائر “داعش”..
أوضح المراسل الآيرلندي أن السياسة المجتمعية لا تعد هي السمة المحددة للمشهد السياسي العراقي، وإنما هناك عرقيات وتوزيعات دينية هي المُشَكل الأساسي له، إذ ينقسم المجتمع العراقي إلى شيعة وسنة وأكراد.
وتابع: “بما أن السنة يشكلون جزءاً من الشعب العراقي، فهم خسروا الكثير جراء عمليات تنظيم (داعش)، وحتى بعد خسارة التنظيم تحملوا أيضاً جانباً من هذه الخسائر، إذ تحولت المدن الأساسية للسنة إلى أطلال، وامتلأت مخيمات اللاجئين بالسنة الفارين من المعارك”.
استفتاء كردستان أحد أكبر الأخطاء التكتيكية في تاريخ العراق..
ذكر “كوكبيرن”: أنه “خلال فترة حكم صدام حسين نشأ تحالفاً معارضاً بين الشيعة والأكراد، أصبح فيما بعد أساس الحكومات المشكلة في عصر ما بعد صدام، ومع ذلك يشعر كل طرف بأنه مخدوع من الطرف الآخر، وتحولت بغداد وأربيل إلى عاصمتين لدولتين متصارعتين، ولما كان ذلك ليظهر على السطح لولا قرار رئيس حكومة إقليم كردستان، مسعود بارازاني، والحزب الديموقراطي الكردي، إجراء استفتاء على الانفصال عن العراق، الذي يعد أحد أكبر الأخطاء التكتيكية في تاريخ العراق، بل في تاريخ الشرق الأوسط كله”.
وبعدما خسرت قوات “البيشمركة” الكردية في الحرب، بات الحزب الكردي يشكو حاله معلناً أنه كان ضحية لمكائد الحكومة المركزية، لكن خطأه الحقيقي هو وضع نفسه في مواجهة الحكومة العراقية في وقت تمكنت فيه من إحراز انتصارات عسكرية وسياسية، خاصة بعد استعادة مدينة الموصل من قبضة “داعش”.
ومن المفارقات العجيبة، أن أكراد العراق قد يخسروا جزءاً كبيراً من استقلالهم الذي كانوا يتمتعون به في ظل الحكم الذاتي قبل إجراء الاستفتاء، كما خسروا مدينة “كركوك” الغنية بالبترول، ويمكن أن يفقدوا السيطرة على حدود المقاطعات الرئيسة بالإقليم، وتضغط حكومة بغداد من أجل السيطرة على مدينة “فيشخابور” الحدودية، التي تقع على نقطة الحدود الثلاثية بين العراق وسوريا وتركيا.
وكان رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، قد رفض الأسبوع الماضي عرضاً كردياً بتجميد نتيجة استفتاء كردستان، وطالب بإلغاءها بشكل كلي، رغم أن قيمته باتت رمزية.
احتمالات تصادمات بين واشنطن وطهران على أرض عراقية..
لا يثق العراقيون في التنبؤات بإمكانية عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل 40 عاماً من الأزمات المتواصلة، ويكمن الخطر الأكبر في احتمالية حدوث تصادمات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران من الجهة الأخرى، ويكون العراق هو مسرح المعركة السياسية بينهما، التي قد تصل إلى التدخلات العسكرية.
كما أن ثمة قلق من أن تقرر واشنطن وتل أبيب أن وجود عراق مستقل لا يتناسب مع مصالحهم، خاصة مع وجود احتمال تحالفه مع إيران.