مرة اخرى، يعود الخوف الى قلوب بائعي المشروبات الكحولية في بغداد، بعد مقتل 12 شخصا في محلات متجاورة لبيع الكحول بدم بارد على ايدي مسلحين مجهولين في منطقة زيونة في شرق العاصمة.
ويقول مراد خضر الذي يعمل في محل لبيع المشروبات الكحولية في الكرادة وسط بغداد “انا خائف، فكيف يمكن الا اخاف؟”، متحدثا لوكالة فرانس برس عن مقتل قريب له في هجوم زيونة.
ويضيف وهو يقف داخل محله الذي تعج رفوفه بزجاجات المشروبات الكحولية “ابني يعمل معي هنا، لكنني طلبت منه اليوم العودة الى المنزل. قلت له: لماذا نبقى نحن الاثنان في المحل؟”. ويرى خضر انه “اذا كان السياسيون يريدون تحويل العراق الى دولة اسلامية، فليقولوا ذلك، وعندها سنترك هذه المهنة ونعمل باخرى”.
بدوره، يعبر ابو زينة الذي يعمل في محل اخر لبيع الكحول وسط بغداد عن خشيته من ان يتعرض للقتل بسبب طبيعة عمله.
ويوضح “نشعر بالخوف يوميا، نسال الله ان ينعم علينا بالامن، ونطلب من الحكومة ان تهتم بالامن لان هذا عملها وليس عمل الناس”، مضيفا “في اي لحظة يمكن ان تتعرض للتهديد، وفي اي لحظة يمكن ان تتعرض للاستهداف والاصابة”.
ويتمركز ابو زينة والعمال الذي يساعدونه خلف باب حديدي كبير يقف خلفه الزبائن من دون ان يعبروا الى داخل المحل، وذلك خوفا من هجمات قد يتعرض لها هو والعاملين معه.
كما وضع صاحب المحل كاميرات مراقبة وابقى على رشاش من نوع كلاشنيكوف الى جانبه.
وقتل مساء الثلاثاء 12 شخصا بعدما هاجم مسلحون مجهولون محلات لبيع الخمور في منطقة زيونة في شرق بغداد. وقال مصدر في وزارة الداخلية ان “اربع سيارات رباعية الدفع وصلت الى زيونة عند الساعة السابعة مساء وترجل منها مسلحون دخلوا محلات بيع المشروبات الكحولية المتلاصقة وقاموا بقتل 12 شخصا فيها”. واضاف المصدر ان “الهجوم وقع بعدما تمكن المسلحون من مهاجمة نقطة تفتيش قريبة للشرطة حيث قاموا بتقييد ايادي عناصر الامن المتواجدين عندها من دون ان يلحقوا بهم اذى”.
ولم تتبن اي جهة حتى الان هذا الهجوم الدامي، علما ان جماعات متشددة عادة ما تشن هجمات مماثلة ضد بائعي المشروبات الكحولية منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.
ولا يزال القليل من محال بيع الخمور في بغداد التي تعود الى ما قبل العام 2003، تعمل في هذه التجارة بعد هجمات مكثفة ضدها توقف منذ اشهر، علما ان غالبية من يعملون ببيع المشروبات الكحولية هم من اتباع الاقليتين الازيدية والمسيحية.
واعتبرت لجنة حقوق الانسان في البرلمان اليوم ان “الاستهدافات المتكررة لابناء الشعب العراقي من قبل الارهاب باتت اليوم تتعدى على كل الحريات والمعتقدات الدينية ولم تستثن احدا”. واستنكرت اللجنة “العمل الاجرامي الآثم الذي طال عمال من الطائفة الايزيدية مما ادى الى مصرعهم من قبل مجموعة ارهابية خلال عملهم”، في اشارة الى الهجوم على محلات بين الكحول.
وطالبت اللجنة “الاجهزة الامنية بملاحقة الجناة وتقديمهم الى العدالة وتناشد المجتمع الدولي والمؤسسات الحكومية بحماية الاقليات وتوفير الامن الكامل لهم باعتبارهم جزءا لا يتجزء عن الشعب العراقي”.
كما اصدر رئيس البرلمان اسامة النجيفي بيانا اعرب فيه عن “قلقه البالغ ازاء استمرار حالة التردي الامني في عموم البلاد وعجز الاجهزة الامنية عن توفير الحماية لابناء الشعب، بعد زيادة حالات الاغتيال والقتل”.
وحمل النجيفي “الحكومة والقيادات الامنية مسؤولية التغاضي عن ضعف ادارة الملف الامني، والذي ادى بالنتيجة الى عودة الجثث المجهولة والاغتيالات بالاسلحة الكاتمة وتفجير العبوات والسيارات المفخخة الى شوارع بغداد والمحافظات مع ارتفاع مؤسف لعدد الشهداء والجرحى جراء هذه الاعمال”.
وقتل منذ بداية الشهر الحالي نحو 150 شخصا في اعمال عنف متفرقة في العراق. وفي نيسان/ابريل الماضي، قتل بحسب ارقام الامم المتحدة 712 شخصا، ما جعله الشهر الاكثر دموية في العراق منذ حزيران/يونيو 2008.