خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط جدال حاد واحتجاجات شعبية، صادق “مجلس الشورى الإسلامي الإيراني”، الأحد 7 تشرين أول/أكتوبر 2018، على إنضمام “إيران” لـ”معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب”، (CFT)، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء البرلمان (خانه ملت).
وقالت الوكالة: إن “جلسة المناقشة والتصويت غير العلنية، عُقدت لمناقشة إنضمام إيران إلى اتفاقية معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب”، مضيفة: أن “المشروع حظي بموافقة 143 نائبًا؛ فيما عارضه 120 وامتنع 5 أعضاء عن التصويت من أصل 268 نائبًا، شاركوا في الجلسة التي عقدت برئاسة رئيس البرلمان صادق لاريغاني”.
اشتباك لفظي..
وانتقد النائب، “حسين نقوي حسيني”، من بين النواب الرافضين قرار تمرير المعاهدة؛ قائلاً خلال كلمته، موافقة النواب على هذه المعاهدة بشدة؛ ما أطال كلمته لمدة وصلت إلى 20 دقيقة.
بدوره احتج رئيس البرلمان، “علي لاريغاني”، على معارضة “حسيني” للقرار وإطالته لكلمته، ما دفع الآخير للدخول في اشتباك لفظي مع رئيس البرلمان.
إثبات حُسن السلوك أمام “واشنطن”..
من جهته؛ قال النائب، “محمد دهقان”، نائب رئیس تکتل “ولایة الفقیه” في البرلمان الإيراني، إنه بينما تمر البلاد بظروف الحرب يريد وزير الخارجية، “ظريف”، وفريقه إثبات حسن سلوكهم أمام “أميركا”، من خلال إقرار هذه المعاهدة.
ووفقًا لوكالة (إيسنا) فقد انتقد “دهقان” بشدة أداء الحكومة الإيرانية، واعتبر أن التوقيع على هذه المعاهدة سيحد من دعم “إيران” لميليشيات “حزب الله” اللبناني والجماعات الأخرى المرتبطة بـ”إيران” في المنطقة.
وأثارت قضية إنضمام “إيران” لـ”معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال”، (FATF)، جدلًا واسعًا بين مؤسسات النظام لشهور طويلة بين رافضة ومؤيدة لها؛ حيث كان أبرز هذه المؤسسات “البرلمان” و”مجمع تشخيص مصلحة النظام”.
وفي الأشهر الأخيرة؛ واجه مشروع القانون احتجاجات واسعة في “إيران”، وصوت “البرلمان” على تعليق مشروع القانون في حزيران/يونيو الماضي.
يجنبها المزيد من العقوبات..
وترى حكومة الرئيس، “حسن روحاني”، ومناصروها أن تمرير “معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب”، سيزيل حواجز المعاملات المصرفية الإيرانية مع الخارج، كما سيعزز موقف “إيران” في الفريق الخاص للإجراءات المالية لمكافحة الإرهاب ويجنبها المزيد من العقوبات.
يعيد الاستعمار لـ”إيران”..
أثناء التصويت؛ تجمع العشرات من أنصار التيار المتشدد أمام “البرلمان” رفضًا لتمرير الاتفاقية، معتبرين أنها “ستعيد الاستعمار لإيران”.
وكتب المجتمعون على اللافتات عبارات، منها: “لا يُفترض بالمجلس المصادقة على CFT”، و”لا يجب أن نجرّب ثانية ما آل إليه مصير الاتفاق النووي”، و”إننا نعارض مشروع قانون CFT”.
ويرى “التيار المتشدد” الإيراني، أن تمرير هذه المعاهدة يجب أن يكون بشروط تحاول من خلالها “طهران” الحفاظ على علاقتها مع حلفائها في المنطقة.
وقد تبقى العقبات قائمة بشأن تعريف القوى الغربية للإرهاب، كما قد تتعدد تأويلات “إيران” للمعاهدة إذا إتخذت “الأمم المتحدة” قرارًا بتصنيف أي من المجموعات الحليفة لـ”إيران” ضمن المنظمات الإرهابية.
لأن التوقيع على المعاهدة يهدد صلة “إيران” بالجماعات المتطرفة التي تدعمها ماليًا ولوجيستيًا وعسكريًا، وبالتالي إمكانية محاسبة “إيران” على دعم تلك الجماعات التي قد يتم تصنيفها قريبًا كـ”منظمات إرهابية دولية”؛ كميليشيات “حزب الله” اللبناني و”الحوثيين” في اليمن و”الحشد الشعبي” العراقي وغيرها.
كما حذر رجال اقتصاد، “الحرس الثوري”، من أنّ “أنشطة الحرس الاقتصادية وشركاته التجارية ستتعرض لخسائر وأضرار مادية في حال قبول هذه اللائحة، لا سيَّما مع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على شركات وبنوك الحرس الثورة”، بحسب تعبيرهم.
قرار تاريخي يفشل مخططات “أميركا”..
ووصف وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، الذي حضر الجلسة، التصويت بأنه “قرار تاريخي” سيسهل على “روسيا والصين”، اللتين وقعتا أيضًا على “الاتفاق النووي”، مواصلة التعاون مع “إيران” مع استعادة “الولايات المتحدة” للعقوبات.
وقال “ظريف”، خلال المناقشة البرلمانية: “لا يمكنني؛ ولا الرئيس، أن يضمن أن جميع المشاكل ستُحل إذا إنضممنا إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب.. لكنني أضمن أن عدم الإنضمام سيزود الولايات المتحدة بمزيد من الأعذار لزيادة مشكلاتنا”.
وبحسب وكالة أنباء (فارس) الإيرانية؛ قال “ظريف” إنه مثلما صرح قائد الثورة الإسلامية أخيرًا؛ فقد تمكنا من دحر “أميركا” من خلال كسر الحظر.
وأضاف “ظريف”؛ لقد دحرنا الأميركيين مرارًا بالحكمة ومقاومة الشعب، وهذه المرة أيضًا سندحر “أميركا” بالتعاضد والتلاحم، ومن المؤكد أن الحظر الأميركي ضد الشعب الإيراني العظيم سيفشل.
مهلة لتنفيذ الإصلاحات..
ويعد مشروع القانون واحدًا من بين 4 نصوص عرضتها الحكومة الإيرانية لتلبية شروط “مجموعة العمل المالي”، من أجل شطب “إيران” من لائحتها السوداء للدول أو الأراضي غير المتعاونة.
وأنشأت مجموعة الدول السبع، مجموعة العمل المالي عام 1989؛ بهدف تطوير وتعزيز سياسات وطنية ودولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي حزيران/يونيو الماضي؛ قالت مجموعة العمل المالي، التي تتخذ من “باريس” مقرًا لها، إن على “إيران” حتى تشرين أول/أكتوبر 2018، تنفيذ الإصلاحات أو مواجهة عواقب قد تخرج المستثمرين من البلاد.
إنهاء المكاسب..
وكان الرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، قد أعلن أنه بإخراج “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي الإيراني” أنهى المكاسب المفاجئة لقوات “الحرس الثوري” الإيراني ووكلائها، لتمويل أنشطة “إيران” الإرهابية حول العالم.
ووفقًا لبيان نُشر على موقع “البيت الأبيض”، الخميس الماضي، فقد أكد “ترمب” في مقدمة إعلانه على “الإستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب”، أنه ملتزم بحماية “الولايات المتحدة” ومصالحها في الخارج من خطر الإرهاب، وعلى رأسها “خطر الإرهاب الإيراني” وتنظيم (داعش).
لن يمنعها من تمويل الميليشيات الموالية لها..
تعليقًا على قرار البرلمان؛ قال الناشط والسياسي الإصلاحي الإيراني، “عباس عبدي”، إن مصادقة “البرلمان الإيراني” على “اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب”، لا يشمل منعها من تمويل الميليشيات الموالية لها بالمنطقة؛ مثل “الحوثي” باليمن و”حزب الله” في لبنان.
موضحًا، في مقال له نشره موقع صحيفة (اعتماد) الإصلاحية؛ أن “إيران لا تواجه مشكلة في دعم الجماعات المسلحة الموالية لها بالمنطقة، كون تمويل هذه الجماعات لا يمر عن طريق مجموعة العمل المالي المعروفة، بـ (FATF)، التي تتولى مهمة دراسة التقنيات وإتجاهات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وبيّن “عبدي”: أن “معارضي تمرير الاتفاقية لم يكونوا قلقين بشأن مصير القوات الموالية لإيران، التي تعمل بالوكالة في المنطقة، بل حول غسيل الأموال داخل إيران، وهو ما يحدث بالسهولة مثل مياه الشرب”.
وتابع: “أولئك الذين يكسبون الأموال السوداء من خلال التهريب والرشوة والاختلاس وغيرها، يقومون بتنظيفها في البنوك المحلية، لكن قواعد مجموعة العمل المالي ستجعلها مستحيلة أو صعبة”.