11 أبريل، 2024 10:59 ص
Search
Close this search box.

بإعلانه عن انتخابات حزيران القادم .. “إردوغان” يقطع الطريق أمام أحزاب المعارضة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في مفاجأة من العيار الثقيل، دعا الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إلى إجراء انتخابات مبكرة في 24 حزيران/يونيو 2018، قائلًا إن التحديات الاقتصادية والحرب في سوريا تفرض على البلاد ضرورة التحول سريعًا إلى رئاسة تنفيذية قوية ستصبح سارية المفعول عقب التصويت.

وستجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب العسكري، في تموز/يوليو 2016. وقد وافق البرلمان، يوم الأربعاء 18 نيسان/أبريل 2018، على تمديدها ثلاثة أشهر أخرى.

وحَول حكم “إردوغان”، الممتد على مدى 15 عامًا كرئيس للوزراء ثم رئيسًا للدولة، تركيا من بلد فقير على الطرف الشرقي من أوروبا إلى سوق ناشئة رئيسة. لكن النمو السريع رافقه توجه نحو الحكم الشمولي بصورة متزايدة وحملة أمنية صارمة منذ محاولة الانقلاب.

وكان “إردوغان” قد فاز في العام الماضي وبفارق ضئيل باستفتاء على تغيير الدستور والتحول إلى نظام رئاسي يمنح الرئيس سلطات واسعة. وتطبق التعديلات بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ودائمًا ما كانت تنفي الحكومة تقارير ذكرت أنها ستقدم موعد الانتخابات، التي كانت مقررة في تشرين ثان/نوفمبر 2019، لكن “إردوغان” قال إنه ينبغي لتركيا أن تودع مرحلة الاضطراب السياسي.

أرجعها إلى الحرب على سوريا..

أكد “إردوغان” ضرورة الإنتهاء من مسألة الانتخابات، مشيرًا إلى العمليات العسكرية في سوريا المجاورة والحاجة لإتخاذ قرارات مهمة بشأن الاستثمارات واقتصاد من المستبعد أن يحافظ على النمو الكبير المسجل العام الماضي، قائلًا: “لابد من إبعاد قضية الانتخابات من جدول أعمالنا”.

وأضاف “إردوغان”، في خطاب أذيع على الهواء مباشرة من القصر الرئاسي في أنقرة؛ وهو يقف أمام صف من الأعلام التركية، إنه ينبغي لتركيا “التحول إلى نظام رئاسي جديد لإتخاذ خطوات من أجل مستقبل بلادنا بطريقة قوية”.

بسبب التطورات الداخلية والخارجية..

بدوره قال رئيس الوزراء التركي، “بن علي يلدريم”، إن التطورات الداخلية والخارجية دفعت بلاده إلى إتخاذ قرار إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، في 24 حزيران/يونيو المقبل، بدلًا من موعدها المقرر في 3 تشرين ثان/نوفمبر 2019.

وأوضح “يلدريم”، في مؤتمر صحافي بأنقرة، أن بلاده إتخذت القرار المذكور لـ”تطلعات المواطنين لدخول بعض بنود التعديلات الدستورية، (التحول إلى النظام الرئاسي)، حيز التنفيذ بأسرع وقت ممكن، والقضايا الأمنية والتطورات الجيوسياسية التي تواجه البلاد”، مشيرًا إلى أن مستقبل البلاد والشعب أهم بكثير من مستقبله السياسي.

يعتقد أن شعبيته وصلت لذروتها..

المحلل في مركز “بيبارتيسان بوليسي” في واشنطن، “نيكولاس دانفورث”، قال: “بدعوته إلى انتخابات مبكرة في حزيران/يونيو القادم؛ فإن إردوغان يعتقد أن شعبيته، ولو على الأقل في المستقبل القريب، قد وصلت لذروتها”.

وأضاف: “ربما يشعر بقلق من أنه إذا استمرت المشكلات الاقتصادية في تركيا في التفاقم فإنها ستؤثر على شعبيته”.

وإتخذ “إردوغان” قراره بعد التحدث إلى زعيم حزب الحركة القومية، “دولت بهجلي”، الذي أشار قبل يوم من إعلان “إردوغان” إلى احتمال إجراء انتخابات مبكرة.

يتوقع تحالف الحركة القومية مع العدالة والتنمية..

من المتوقع أن يتحالف “حزب الحركة القومية”، بزعامة “بهجلي”، مع “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في الانتخابات البرلمانية.

وبعد ثلاث ساعات من إعلان “إردوغان”، قالت الهيئة العليا للانتخابات إنها أكملت كل الإستعدادات للانتخابات المبكرة، وإنها تنتظر موافقة البرلمان، الذي يحظى فيه “حزب العدالة والتنمية” بالأغلبية.

مطالب برفع حالة لطواريء..

على الفور؛ طالب حزب المعارضة الرئيس في تركيا بالإنهاء الفوري لحالة الطواريء التي جرى فرضها في أعقاب محاولة انقلاب عام 2016.

وقال “بولنت تيزغان”، المتحدث باسم “حزب الشعب الجمهوري”: “ينبغي إنهاء حالة الطواريء على الفور. لا يمكن إجراء انتخابات في ظل حكم الطواريء وبلدنا بحاجة لإنهاء حالة الطواريء.. بدءًا من اليوم”.

وكانت الأمم المتحدة قد دعت، الشهر الماضي، إلى إنهاء حالة الطواريء واتهمت أنقرة بشن حملة اعتقالات جماعية وإقالات تعسفية وإنتهاكات أخرى. وقالت المنظمة إن السلطات إحتجزت نحو 160 ألف شخص وفصلت عددًا مشابهًا من الموظفين الحكوميين من أعمالهم منذ الانقلاب الفاشل.

وكان البرلمان التركي قد أقر، في الشهر الماضي، قانونًا يعدل لوائح الانتخابات، وصفته المعارضة بأنه قد يفتح المجال للإحتيال ويهدد نزاهة التصويت. ومنح القانون الجديد “الهيئة العليا للانتخابات” سلطة دمج دوائر انتخابية ونقل صناديق الإقتراع إلى دوائر أخرى.

وعقب إعلان “إردوغان”؛ ارتفعت “الليرة” التركية أمام “الدولار”، وسجلت 4.0140 أمام العملة الأميركية بحلول الساعة 18:15 بتوقيت غرينتش.

حيلة للمحافظة على منصبه..

بحسب باحثين سياسيين أتراك، فإن التبكير بإجراء الانتخابات ليس إلا “حيلة” من الرئيس من أجل المحافظة على منصبه، قبل تراجع أكثر لشعبيته مع تدهور سعر “الليرة” واستنزاف الأموال بعمليات عسكرية تتسع في سوريا، وسط أجواء من القمع السياسي على خلفية قضايا الأكراد ومزاعم الإرتباط بالانقلاب العسكري الفاشل العام قبل الماضي.

ويرى محللون أن الأوضاع الاقتصادية في تركيا تدفع الحكومة إلى الموافقة على إجراء انتخابات مبكرة لإستباق أي تدهور اقتصادي كبير.

ورغم أن الاقتصاد التركي سجل نموًا بلغ 7.4 بالمئة في 2017، فإن تسجيل التضخم نسبة تفوق 10 بالمئة، وإزدياد عجز الحساب الجاري والحاجة لإعادة هيكلة ديون شركات كبرى قد تشكل مؤشرًا لمشاكل اقتصادية في المستقبل.

على جانب آخر، يشعر “حزب العدالة والتنمية” الحاكم أن بساط الشعبية ينسحب من تحت قدميه، لا سيما من خُمس سكان البلد تقريبًا وهم “الأكراد”، الذين أصبح مجرد التعاطف معهم يرقى إلى مستوى الجريمة واجبة العقاب.

لمباغتة الأحزاب الأخرى..

يرى الباحث السياسي التركي، “إسلام أوزكان”، أن “إردوغان”، (64 عامًا)، يسعى بخطوة الانتخابات المبكرة؛ إلى “مباغتة الأحزاب الأخرى”، فالوقت المتبقي لإجراء الانتخابات أقل من 70 يومًا، وهذا غير كاف لأي حزب لتجهيز مرشح يستطيع منافسة الرئيس الحالي، رئيس الوزراء السابق.

وتساءل “أوزكان”: “هل تستطيع هذه الأحزاب تجهيز أنفسها ؟.. ليس لديها سلطات ولا قدرة مالية بعكس حزب العدالة التنمية”.

ورأى “أوزكان” أن “إردوغان” وحليفه الأساس، (زعيم الحزب القومي “دولت بهجلي”)، قررا أن تقديم الانتخابات سوف يكون لصالحهما.

وتوقع الباحث أن أي منافسة لـ”إردوغان”، الذي يتربع على عرش السلطة في تركيا منذ 15 عامًا رئيسًا للحكومة ثم رئيسًا للبلاد، بانتخابات الرئاسة ستكون في جولة الإعادة إن تم اللجوء إليها، وقتها “ستكون هناك تحالفات خلف المرشح” المنافس.

قد يكون “عبدالله غول” منافسًا قويًا..

بحسب رأي “أوزكان”، فإن الرئيس السابق، “عبدالله غول”، حليف “إردوغان” سابقًا قبل أن تدب بينهما خلافات سياسية، قد يكون منافسًا قويًا للرئيس الحالي في الانتخابات.

وقال: “غول له تجربة سياسية كبيرة ويتعاطف معه الرأي العام، ويعارض بعض سياسات إردوغان ووقعت بينهما خلافات كبيرة. إردوغان ربما سيحاول عرقلة ترشيح عبدالله غول، لكن لا أتوقع أنه سينجح في ذلك”.

يريد سلطات أكثر شمولًا..

يبدو أن “إردوغان” يريد أيضًا أن يسبق الزمن، ويهرول إلى سلطات أكثر شمولًا ستمنح له في حال فوزه بالانتخابات المقبلة بموجب تعديل دستوري تمت الموافقة عليه في استفتاء نيسان/أبريل 2017.

ويتيح هذا التعديل الدستوري لـ”إردوغان” الترشح لولايتين رئاسيتين أخريين كل منهما من 5 سنوات.

ولهذا رأى محللين سياسيين آخرون أن تبكير الانتخابات جاء من دافع حاجة تركيا للاستقرار من خلال تطبيق النظام الرئاسي، وإجراء انتخابات تجدّد القيادة السياسية وتجنّب البلاد المخاطر.

الباحث السياسي المتخصّص في الشأن التركي، “سعيد الحاج”، يرى أن هناك عدّة عوامل دفعت إلى تبكير الانتخابات؛ أوّلها متعلّق بمنحى اقتصادي تترجمه مخاوف من إهتزازات واستهدافات لاقتصاد البلاد حتى 2019.

وإذا ما حدث ذلك فعلاً خلال الفترة الزمنية الطويلة نسبياً فإن “اقتصاد البلاد سيتضرّر، ومن ثم قد تهتزّ شعبية حزب العدالة والتنمية والرئيس إردوغان، ما قد يؤثّر في نتائج انتخابات 2019، (على افتراض عدم تبكيرها)”، كما يقول “الحاج”.

من جهة ثانية، فإنه يرى أن قرار “إردوغان” يعبّر عن “حالة استثمار للنجاحات الأخيرة التي حقّقها والحكومة، خاصة بعد عملية عفرين التي شكّلت نجاحاً كبيراً للقوات المسلّحة التركية”، وهو ما يخدم الحزب الحاكم في الانتخابات المقبلة.

خطوة نحو تطبيق نتائج الاستفتاء الدستوري الأخير..

فيما يرى المحلل السياسي التركي، “أوكتاي يلماز”، أن القرار نابع من “حاجة تركيا إلى الذهاب لانتخابات مبكّرة”؛ في ظل ما تشهده منطقة جنوب البلاد، (سوريا والعراق)، من أحداث ساخنة تشغل العالم.

ويربط “يلماز” قرار الانتخابات المبكّرة بتحدّيات داخلية، (لم يوضّحها)، وأخرى خارجية كتلك التي تعيشها مناطق شمالي العراق؛ (قصف مواقع منظمة “بي. كا. كا”)، وسوريا؛ (عملية “غصن الزيتون” العسكرية في “عفرين”)”.

وكخطوة فعليّة لتطبيق نتائج الاستفتاء الدستوري الأخير، كما يقول “يلماز”، فإن إجراء الانتخابات مبكّراً يأتي للتحوّل من النظام البرلماني إلى الرئاسي، والذي يرى فيه أهمّ وسيلة لتجاوز التحدّيات داخلياً وخارجياً.

وعن مدى قدرة الحكومة المزمع انتخابها على تجاوز هذه التحديات قال: “بالتأكيد؛ لكونها ستكون حكومة واضحة برئاسة إردوغان مدعوماً من حزب الحركة القومية”.

مفاجأة لأحزاب المعارضة..

يتفق المحللان على أن القرار حمل مفاجأة لـ”حزب الشعب الجمهوري” المعارض، الذي لم يحدد مرشحه لخوض الانتخابات الرئاسية حتى الآن، كما يعتبران أن الوقت بات ضيقاً أمامه لإحداث ذلك.

ففعلياً لم يتبق على إجراء الانتخابات المقررة سوى شهرين، وهذا وقت غير كاف لـ”الشعب الجمهوري”، الأمر الذي سيضيق عليه وسيؤثّر فيه سلباً على صعيد الإستعداد لها، كما يقول “يلماز”.

قطع الطريق أمام المعارضة..

فيما يتعلق بدلالة التوقيت، فإن الأمر مرتبط بقطع الطريق أمام المعارضة التركية؛ باعتبار أن الوقت أصبح ضيقاً جداً أمامها، خاصة أنها لم تحدد شكل مشاركتها في الانتخابات.

ويوضح “سعيد الحاج” إن المعارضة لم تحدّد موقفها حول ما إذا كانت ستدخل في تحالف أم لا، ولم تعلن مرشحيها للانتخابات، إلى جانب عدم تحديدها مرشحًا توافقياً للرئاسة.

ويصف “الحاج” خطوة “إردوغان” بـ”الضربة الذكية” للمعارضة، التي ستجد نفسها أمام مساحات ضيقة من المناورة، ومن ثمّ يقلّل الفرص أمامها قدر الإمكان في المنافسة بالانتخابات.

وفي ظل المعطيات الحالية التي يشير إليها “الحاج”، فإنه “ليس هناك إمكانية لهزيمة إردوغان، ومن ثم فأهم عنصر لدى المعارضة يتمثل في مدى التوافق على مرشح قوي لمواجهة الرئيس التركي الحالي”.

مشككًا في حقيقة موقف “حزب الشعب الجمهوري”، (أكبر أحزاب المعارضة)، الذي أعلن رسمياً جاهزيته للانتخابات، لا سيما في ظل ضيق الوقت للحوار مع الأحزاب الأخرى من أجل بلورة اتفاق ما، خاصة فيما يتعلّق بالانتخابات الرئاسية.

لن تتغير سياسات البلاد وسيفوز “إردوغان”..

على الرغم من مفاجأة القرار وصداه محلياً، فإن “يلماز” أستبعد تغير سياسات البلاد، مؤكّداً على أن الانتخابات المزمعة ستُفضي إلى حكومة جديدة وقوية تكون قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

ولم يخف توقعه بنجاح “إردوغان” وحزبه، (العدالة والتنمية)، في الانتخابات، ومن ثم “فلن تتغير سياسات تركيا كثيراً”، من وجهة نظر المحلل السياسي التركي.

أما “الحاج” فيرى أن النظام الرئاسي أقوى من البرلماني نظرياً وعملياً؛ لكونه يتمتع باستقرار حكوماته وطول مداها، وهذا يحصن تركيا – وفق وجهة نظر الحكومة و”حزب العدالة والتنمية” – من الهزات والاستهدافات.

ولم يستعبد حدوث هزة بسيطة على صعيد “الليرة” التركية؛ “لأن رأس المال لا يحب المفاجآت والإرتدادات”، لكنه يستدرك: “على المدى البعيد يوجد رهان حكومي على الانتخابات والاستقرار الذي سيلحقها، بما ينعكس إيجاباً على اقتصاد البلاد”.

ويقول: إن “هناك اتفاقاً راسخاً بين إردوغان وباهتشلي يصب في مصالح الطرفين، فضلاً عن مصلحة ذاتية للحركة القومية تتمثّل بقطع الطريق أمام الحزب الجديد المنشق، (بقيادة ميرال أكشينار)، الذي سيكون أيضاً أمام وقت ضيق لترتيب أموره”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب