على ما يبدو أن القوات العراقية ومن وراءها قوات التحالف الدولي المحاربة لعناصر تنظيم “داعش” الإرهابي قد تحوطت من وقوع اي أخطاء أو خسائر في أرواح المدنيين على غرار ماحدث في منتصف شهر آذار/مارس الماضي من وقوع مجزرة مروعة حصدت أرواح مئات المدنيين جراء قصف قوات التحالف الدولي لمناطق غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوي بخطط عسكرية وإستراتيجية جديدة الأساليب القتالية كان من اهم مفارقاتها مطالبة أهالي المناطق التي مازالت خاضعة لعناصر تنظيم داعش بإلزام بيوتهم في تعارض صريح لمبدأ وخطط الممرات الآمنة سابقاً. حيث قامت مؤخراً طائرات عراقية بإلقاء آلاف المنشورات فوق مناطق غرب الموصل الواقعة مازالت تحت سيطرة عناصر تنظيم داعش الإرهابي، فيما تستمر معاناة سكان المدينة من الذين تمكنوا من الوصول إلى مخيمات النازحين أو العالقين وسط المعارك. وطالبت منشورات القوات العراقية السكان بالابتعاد عن الأماكن التي يتواجد فيها عناصر “داعش”، والبقاء في منازلهم، في الوقت الذي واصلت فيه طائرات التحالف الدولي ومدفعيات الجيش العراقي قصفها لمناطق غرب الموصل، موقعة خسائر كبيرة في أرواح المدنيين، ومحدثة دماراً هائلاً في مباني المدينة.
من جانبها بادرت خلية الإعلام الحربي التابعة لوزارة الدفاع العراقية اعلان الدافع الحقيقي وراء إلقاء المنشورات على مناطق الجانب الغربي للموصل “الساحل الأيمن”، التي تشهد حالياً مواجهات مسلحة، مؤكدة على أن “القصف الجوي سيستهدف تنظيم “داعش” وليس المدنيين”.
الممرات الآمنة غير مجدية..

تشير مصادر عسكرية عراقية مطلعة، إلى أن “القوات الأمنية العراقية وقوات التحالف باشرت بتنفيذ خطة عسكرية جديدة تعتمد على أسلوب القصف المركز والدقيق للأهداف التابعة لتنظيم “داعش”، مع إيقاف التقدم البري نحو مركز مدينة الموصل، من أجل السماح للعوائل التي ماتزال محاصرة داخل المدينة للخروج منها، بعد أن حددت القيادات العسكرية ثلاثة ممرات آمنة لخروج المدنيين”.
موضحة المصادر أن “اللجوء إلى هذا الأسلوب قد استدعته الظروف الميدانية في معركة غرب الموصل، حيث مازال هنالك آلاف المدنيين المحاصرين في غرب الموصل، فضلاً عن تمسك عناصر “داعش” بمركز منطقة الموصل القديمة، واتخاذهم للمدنيين كدروع بشرية، وهو ما أدى إلى عرقلة حسم معركة غرب الموصل حتى الآن”.
كما يلفت مراقبون إلى أن ما جاء في المنشورات التي ألقيت على غرب الموصل يتعارض مع إعلان القيادات العسكرية العراقية على الأرض، إذ دعت المنشورات سكان غرب الموصل إلى المكوث في منازلهم، رغم أن جميع المناطق تتعرض لقصف مستمر ليل نهار، في حين أعلنت قوات الشرطة الاتحادية وقوات التدخل السريع فتحها لثلاثة ممرات آمنة لخروج المدنيين من مناطقهم في المدينة القديمة والتوجه نحو مناطق سيطرة القوات الأمنية العراقية، وهو ما نفته مصادر محلية في مدينة الموصل.
يؤكد ضابط في قوات الشرطة الاتحادية، أن “الممرات التي حددتها القوات الأمنية في المدينة القديمة لم تشهد خروج العوائل المحاصرة، بسبب منعها من قبل عناصر تنظيم “داعش” وقيام التنظيم بإعدام من حاول الخروج منهم خلال الأيام الماضية.. لذلك نعتقد أن الممرات غير مجدية حتى الآن”.
التقدم بحذر
اما عن قائد عمليات نينوى اللواء “نجم الجبوري”، فقد اقر من جانبه بأن “طبيعة معركة غرب الموصل تتطلب من القوات الأمنية العراقية التقدم بحذر وضبط عمليات القصف التي تستهدف عناصر “داعش” المتحصنين بين صفوف المدنيين، واللجوء إلى أسلوب قضم الأرض، والتقدم بحذر شديد للحفاظ على أرواح المدنيين المحاصرين بعد تزايد أعداد الضحايا من المدنيين”.
ميدانياً، قالت مصادر عسكرية عراقية بالجانب الغربي للموصل إن العمليات العسكرية والمواجهات وعمليات التقدم مازالت متوقفة منذ عدة أيام، وخاصة في مناطق الموصل القديمة. وأضافت أن قوات الشرطة الاتحادية، التي تقود المعارك في الموصل القديمة، ما زلت مستمرة بعمليات قصف المنطقة بالمدفعية الثقيلة والصواريخ المثبتة على المركبات العسكرية.
ومع استمرار العمليات العسكرية والقصف المتواصل الذي تشهده مناطق الموصل، أكدت مصادر طبية محلية في مدينة الموصل على مقتل وجرح عشرات المدنيين بالقصف المتبادل الذي تشهده المدينة، بالإضافة إلى تنفيذ تنظيم “داعش” لعمليات إعدام طالت عدداً من السكان لدى محاولتهم الهرب إلى مناطق سيطرة القوات الأمنية وقيامهم باعتقال آخرين.
جثامين مئات المدنيين مازالت تحت الركام

كما أكد طبيب يعمل في مركز طبي ميداني، فضل عدم ذكر اسمه، أن “ما لا يقل عن عشرين مدنياً سقطوا بين قتيل وجريح بقصف عشوائي نفذته قوات الشرطة الاتحادية، واستهدف أحياء الفاروق والشفاء غرب الموصل”، مؤكداً على “توفر معلومات أكيدة تفيد بوجود جثث مئات المدنيين تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف وفي الطرقات، نتيجة لاستهدافهم من قبل طائرات التحالف والقوة الجوية العراقية وعناصر تنظيم “داعش””.
في غضون ذلك، تستمر معاناة سكان مدينة الموصل من الذين تمكنوا من الوصول إلى مخيمات النازحين التي أقيمت لهم في مناطق جنوب غرب الموصل، وحالهم ليس بأفضل من الذين مازالوا محاصرين داخل المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في غرب الموصل، إذ تعاني آلاف الأسر النازحة من آثار الجوع والمرض والإعياء، في الوقت الذي تقف فيه المنظمات الإغاثية عاجزة عن توفير المساعدات الطبية والإغاثية للأعداد الكبيرة من النازحين.
يشير رئيس لجنة المهجرين البرلمانية، النائب “رعد الدهلكي”، إلى أن “عدد نازحي الموصل تجاوز نصف مليون نازح مع زيادة وتيرة النزوح في الساحل الأيمن للمدينة”، لافتاً إلى أن “تنظيم “داعش” ما زال يحتجز مئات الآلاف من المواطنين كدروع بشرية في أحياء الموصل القديمة”.