اهتزاز مكانة استغرقت عقود .. “بروكينغز” تقرأ علامات مقلقة بشأن الدولار الأميركي

اهتزاز مكانة استغرقت عقود .. “بروكينغز” تقرأ علامات مقلقة بشأن الدولار الأميركي

وكالات- كتابات:

معهد (بروكينغز) الأميركي؛ ينشر تقريرًا يتناول تراجع “الدولار الأميركي” منذ بداية الولاية الثانية لـ”ترمب”، محللًا أسبابه وتداعياته المحتملة على الثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي.

وضع مقلق يُنذر باهتزاز مكانة استغرقت عقود..

منذ بداية الولاية الثانية لإدارة “ترمب”، كنتُ متفائلًا حيال وضع “الدولار”. فقد استغرق ترسيّخ مكانة “الولايات المتحدة” كعُملة احتياطية عالمية عقودًا طويلة، ومن غير المُرجّح أن ينهار هذا الوضع في غضون أشهرٍ قليلة، حتى في ظل ارتفاع حالة عدم اليقين السياسي وتقلّبات حادّة في الرسوم الجمركية.

في الواقع؛ وباستثناءات محدودة، بدا أن تراجع قيمة “الدولار” منذ تولّي “ترمب” منصبه كان دوريًا، إذ تخلّت الأسواق تدريجيًا عن موجة: “الاستثنائية الأميركية” التي شهدت تدفّق رؤوس أموال أجنبية كبيرة إلى “الولايات المتحدة” في السنوات الأخيرة. بعبارة أخرى، بدأت الأسواق تتراجع عن نظرتها لتفوّق الاقتصاد الأميركي، من دون أن تُطرح مكانة “الدولار” كعُملة احتياطية موضع شكّ جدّي.

لكنّ هذا الوضع قد يتغيّر. فقد شهد “الدولار”؛ في الأيام الأخيرة، انخفاضًا بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وهو تطوّر يُثيّر قلقًا بالغًا بشأن مسّار الأسعار. والسبب أن هذه الحالة – كما حدث في “المملكة المتحدة” أواخر عام 2022 – تنطوي على احتمال زيادة علاوة المخاطر المالية، ما قد يدفع الأسواق، خصوصًا في “أوروبا”، إلى الخروج من سندّات الخزانة الأميركية والتخلي عن “الدولار”. وفي هذه المقالة أستعرض مسّار تراجع “الدولار” منذ تولي “ترمب” السلطة، وأقدّم قراءة لما قد يحدث لاحقًا. والحقيقة أنّ الوضع مُقلق.

علاوة المخاطر على الدولار..

حتى وقتٍ قريب؛ اتسم جانب كبير من التعليقات بشأن “الدولار” بالمُبالغة. فقد كان جزء معتبر من تراجعه منذ تولي “ترمب” مرتبطًا بإعلان “ألمانيا” المفاجيء عن حزمة تحفيز مالي؛ في أوائل آذار/مارس، ما أدى إلى هبوط “الدولار” بنسبة: (4%) على أساس الوزن التجاري. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، يظل “الدولار” مستقرًا نسبيًا منذ يوم الانتخابات في 05 تشرين ثان/نوفمبر.

لكن خلال الأسابيع الأخيرة برزت ديناميكية أكثر إثارة للقلق، إذ هبط “الدولار” بقوة أمام معظم عُملات دول “مجموعة العشر”، رغم أن ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية كان يُفترض أن يدعمه.

هذا التراجع؛ وخاصةً في الآونة الأخيرة، مع اتساع فروق أسعار الفائدة لصالح “الدولار”، يُعدّ أمرًا مقلقًا للغاية. فقد شهدنا وضعًا مشابهًا في “المملكة المتحدة” عام 2022، حين اندلعت أزمة ديون تزامن فيها ارتفاع العائدات مع هبوط “الجنيه الإسترليني”.

تاريخيًا؛ كان ارتفاع فروق الفائدة يدعم “الدولار”، إذ تُرافق التوجّه الأكثر تشدّدًا من قبل “الاحتياطي الفيدرالي” عادةً مع نمو اقتصادي أقوى أو ارتفاع في معدلات التضخّم. الاستثناء البارز كان في أوائل نيسان/إبريل؛ حين توقّفت التعريفات الجمركية المتبادلة بعد إعلانها، وهو ما حدّ من تأثير فروق الفائدة.

ومع ذلك؛ فإنّ فشل “الدولار” في الارتفاع حتى مع تحرّك الفوارق لصالحه يعكس اضطرابًا في سوق الخزانة، وهو ما دفع الرئيس؛ “ترمب”، حينها للتراجع عن الرسوم الجمركية المتبادلة. واليوم تبدو حركة الأسعار مشابهة، وإن لم تصل إلى مستوى تطرّف حالة “المملكة المتحدة”؛ عام 2022، لكنها تبعث على القلق.

 قراءة في المشهد الراهن..

مثل هذه التحرّكات غير المعتادة لـ”الدولار” نادرة، وقد تكون مؤشّرًا على أنّ حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، بعد سنوات من السياسة المالية المفرطة في التوسّع، بدأت تأخذ أبعادًا أخطر. لهذا سنواصل متابعة الوضع ونشر تحديثات دورية حول “الدولار” في الأشهر المقبلة، إذ يظل – في نهاية المطاف – المقياس الأبرز لثقة العالم في الاقتصاد الأميركي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة