انقلاب عسكري كاذب في “الجزائر” .. يحمي النظام ويسرق النصر من المتظاهرين !

انقلاب عسكري كاذب في “الجزائر” .. يحمي النظام ويسرق النصر من المتظاهرين !

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

تساءلت صحيفة (البايس) الإسبانية.. “هل شهدت “الجزائر”، خلال الأربعاء الماضي، انقلابًا كاذبًا ؟”.. وذكرت أن من يراقب المشهد السياسي في “الجزائر” من بعيد سوف يجيب بـ (نعم)، لأن القائد الأعلى للقوات المسلحة هو من قرر إقالة الرئيس، “عبدالعزيز بوتفليقة”، بعد أسابيع من المظاهرات المعارضة لترشحه لولاية خامسة.

وذكر الصحافي، “كامل داوود”، في مقاله بالصحيفة، أن من يشاهد الموقف عن قرب يجد أن ما تشهده “الجزائر” تحركًا فريدًا شبيهًا بـ”الربيع العربي”، لكنه سلمي، موضحًا أن بعد أكثر من 5 أسابيع على الانتفاضة الشعبية التي قامت للتعبير عن رفض المواطنين لترشح “بوتفليقة”، الرئيس المريض العاجز الذي لا يُرى أبدًا واستبدل بصورة؛ بينما يدير شؤون البلاد بعض أفراد عائلته، باتت البلاد في شلل تام لدرجة أنه لم يعد أقارب “بوتفليقة” ومناصروه قادرون على إيجاد مخرجًا من الأزمة، سواء بإعلان حالة الطواريء أو بتشكيل حكومة جديدة أو التفاوض على استقالة أو إجهاض الثورة؛ حتى قرروا في النهاية إلتزام الصمت.

وعلى مدار شهر تقريبًا تحول المشهد السياسي الجزائري إلى لوحة سيريالية؛ فتمتليء الشوارع، يوم الجمعة من كل أسبوع، بالمواطنين الرافضين لاستمرار “بوتفليقة” في سدة الحكم، بينما يزاولون أعمالهم طوال أيام الأسبوع في انتظار صدور قرار برحيل الرئيس، لكن ذاك الحلم لم يتحقق أبدًا، فـ”بوتفليقة”، الذي صدر أمرًا قضائيًا بتوقيفه، عام 1980، على خلفية اتهامه بقضايا فساد، بعد وفاة معلمه، “هواري بومدين”، غادر على إثرها البلاد لمدة 7 أعوام، عرف خلالها خيبة الأمل والتجريد من الممتلكات والإعتداءات على أقاربه والحملات الصحافية ضده، ويتذكر ذلك كله جيدًا، لذا فهو يُصر على الاستمرار في الحكم رغم أن أغلبية شعبه لم تعد لديها الرغبة في بقاءه.

“أحمد قايد” من المقربين لـ”بوتفليقة”..

تفاقمت الأزمة لدرجة أنه لم يعد ثمة مخرج منها، لذا إتجهت الأنظار ناحية الجيش، الذي يعد الحكم الفصل التقليدي في كل الصراعات السياسية التي شهدتها “الجزائر” منذ استقلالها، وإعتادت “القوات المسلحة” التدخل بتعيين أو إبعاد أو حتى مطالبة الرؤساء بالاستقالة، وفي السبعينيات من القرن الماضي؛ استطاعت أن تتعامل مع انفراد الرئيس، “أحمد بن بلة”، بالسلطة، بانقلاب عسكري وانتفاضة شعبية، لكن لم يعد تكرار هذا الموقف ممكنًا الآن، إذ بحسب الرواية الجزائرية فإن قائد الجيش، “أحمد قايد صالح”، أحد أكثر الرجال إخلاصًا لـ”بوتفليقة”، وعلى مدار حياته أظهر “صالح” وفاءً كبيرًا لعائلة الرئيس، كنوع من العرفان بالجميل من جانب؛ وبسبب عدم ثقته في “جهاز المخابرات” من ناحية أخرى، إلا أن خبرته السياسية ضعيفة، وبصفته محارب قديم يحب الإشارة إلى ملحمة “حرب التحرير” وقيم الأخوة والإخلاص.

كتب نهاية صديقه بنفسه..

أوضح “داوود”؛ أن ما حدث هو أنه لم يعد غض الطرف عما تشهده البلاد منذ أكثر من شهر ممكنًا، وأمام رفض الشعب للإصلاحات والوعود، وبات الجيش غير قادرًا على قمع المتظاهرين؛ أو أنه لم يرغب في ذلك منذ البداية، كما أن الشرطة التي منحها “بوتفليقة” مزايا كثيرة ضُربت بفضيحة تهريب المخدرات، التي كُشفت عام 2018، لذا قرر “صالح”، في 26 آذار/مارس الجاري، أن يكتب نهاية صديقه بنفسه، فهل يمكن اعتبار هذا الحل مثيلًا لما حدث في “مصر” ؟

أشار مقال الصحيفة الإسبانية إلى وجود عدة معطيات تؤكد عدم صحة هذا الطرح، ذلك لأن “الجيش الجزائري” لم يستخدم العنف ولم يواجه الشرعية، وإنما طالب قائده، “المجلس الدستوري”، وهو جهاز سيادي يضم عدد من أكثر الرجال المخلصين لعائلة “بوتفليقة”، بتطبيق المادة (102) من القانون، والمتعلقة بشغور منصب الرئيس.

وتنص المادة على أنه في حالة استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع “المجلس الدستوري” وجوبًا، وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع، ويشير هذا المطلب إلى احتمالية إجراء انتخابات رئاسية في غضون عدة أشهر.

و”صالح” هنا؛ لن يتولى الحكم، لذا لا يُعد تدخله انقلابًا عسكريًا، لكن في الواقع هو كذلك، لأن تدخل “صالح”، بصفته حكم، يأتي من واقع أن الجيش يمتلك السلطة في “الجزائر”، واستطاع أن يدعم ملايين المتظاهرين؛ حتى ولو من خلال نصيحة، لكنه في النهاية سرق النصر من بين أيديهم.

النظام ضحى بـ”بوتفليقة”..

يضيف الكاتب؛ أن من هنا يمكن الخروج بـ 3 استنتاجات؛ الاستنتاج الأول هو أن “بوتفليقة”، الذي تعمد إضعاف سلطة الجنرالات، جاء اليوم الذي يعتمد فيه على واحد منهم، والثاني أن النظام يضحي بـ”بوتفليقة” وعائلته، لكنه لا يزال يتحكم في الأجهزة؛ ومنها الأحزاب والنقابات والوزارات، ولا شك أنه في غضون عدة أشهر سوف يطل علينا النظام نفسه، لكن بأسماء ووجوه مختلفة.

أما الاستنتاج الثالث؛ هو أن كل شيء لا يزال ممكنًا، وأن تظاهرات، الجمعة المقبلة، سوف تحمل رد الفعل على تصرف قائد الجيش.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة