25 أبريل، 2024 3:09 ص
Search
Close this search box.

انقلاب “تموز” التركي في ذكراه الثانية .. “إردوغان” بصلاحيات أقوى وتساؤلات حائرة فوق رأسه !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أحيت “تركيا”، الأحد 15 تموز/يوليو 2018، الذكرى الثانية للانقلاب الفاشل على الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، الذي أعيد انتخابه في نهاية حزيران/يونيو الفائت بصلاحيات موسعة؛ والذي جدّد التأكيد، في خطاب ألقاه للمناسبة في “إسطنبول”، على المضي “بلا كلل” في ملاحقة المتورطين في المحاولة الانقلابية.

قائلاً “إردوغان”، في خطاب أمام عشرات الآلاف من أنصاره الذين احتشدوا في “إسطنبول” قرب “جسر شهداء”، 15 تموز/يوليو، الذي كان الانقلابيون سيطروا عليه وقتلوا عشرات المدنيين الذين كانوا يحاولون صدّهم، “سنواصل كفاحنا من دون كلل (…) في الداخل كما في الخارج”.

ويتهم “إردوغان” حليفه السابق الداعية التركي المعارض، “فتح الله غولن”، المقيم في الولايات المتحدة؛ بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية، إلا أن الأخير ينفي تمامًا أي دور له فيها.

وقال “إردوغان”، في وقت سابق من يوم الأحد، في أنقرة خلال غداء مع عائلات نحو 250 من ضحايا الانقلاب الفاشل: “لن ننسى أبدًا الخامس عشر من تموز/يوليو ولن نسمح بنسيانه”.

وفي أنحاء البلاد قام عدد كبير من الأتراك، الأحد، بزيارة مدافن ضحايا المحاولة الانقلابية، فيما أعادت محطات التلفزة بث أبرز المشاهد التي طبعت ليلة 15 إلى 16 تموز/يوليو، ولا سيما النداء الذي وجهه “إردوغان” إلى الأتراك عبر شاشة هاتف محمول ودعاهم فيه إلى المقاومة.

إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية..

بعد سنتين على المحاولة الانقلابية، بات “إردوغان” يمسك بمقاليد السلطة بيد من حديد، وهو يبدو اليوم أقوى من أي يوم مضى، منذ تسلمه الحكم عام 2003، فقد أعيد انتخابه الشهر الماضي لولاية جديدة من خمس سنوات، ولكن بسلطات رئاسية معززة جدًا بعد تعديل الدستور عبر استفتاء شعبي.

واستنادًا إلى هذه الصلاحيات الجديدة أصدر “إردوغان”، صباح الأحد، سبعة مراسيم لإعادة هيكلة عدد من المؤسسات، وواصل العمل على الإمساك تمامًا بمؤسسة “الجيش”.

وأصبحت “قيادة أركان الجيش” تحت سلطة “وزارة الدفاع”، وأعيدت هيكلة “المجلس العسكري الأعلى” المكلف خاصة بملء أعلى المناصب العسكرية ووضع الأولويات الإستراتيجية.

بما في ذلك “الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي” و”مديرية الصناعات الدفاعية” و”مجلس الشورى العسكري” وغيرها من الهيئات والمؤسسات. وشمل أحدث التغييرات وضع “هيئة الأركان العامة للجيش التركي” تحت سلطة “وزير الدفاع” بعد تعيين “إردوغان”، رئيس الأركان السابق، “خلوصي أكار”، وزيرًا للدفاع، في واحدة من النوادر في تاريخ الجمهورية التركية.

ومن بين المراسيم التي أصدرها “إردوغان”، مرسوم يقضي بإعادة هيكلة “مجلس الشورى العسكري الأعلى” لتصبح غالبية أعضائه من المدنيين، كما أصدر قرارًا بتعيين صهره وزير المالية والخزانة، “برات البيراق”، في المجلس.

انتصار للديمقراطية..

واعتبر “إردوغان”، مرارًا، أن إفشال الانقلاب هو “انتصار للديموقراطية”، إلا أن حملات القمع التي أعقبت المحاولة، والاعتقالات وعمليات التسريح بعشرات الآلاف، أثارت قلق الدول الأوروبية بشكل خاص، والمنظمات الحقوقية غير الحكومية.

وأكد “إردوغان”، الأحد، على أنه “لن تكون هناك هدنة” في ملاحقة كل من تورط في المحاولة الانقلابية، مضيفًا: “قطعنا أذرع الأخطبوط التي جعلها ملعون بنسلفانيا تنمو”، في إشارة إلى “غولن”، الذي يعيش في ولاية “بنسلفانيا” في شمال شرق “الولايات المتحدة”.

وجرت الملاحقات وعمليات التسريح في إطار “حالة الطواريء”، التي فرضت بعيد المحاولة الانقلابية، إلا أن المتحدث باسم “إردوغان” أعلن، قبل أيام، أن “حالة الطواريء” سترفع مساء الأربعاء.

عقبات ونتائج الانقلاب على الشعب التركي..

وقد أسفرت الإجراءات التي نفذتها السلطات التركية، عقب محاولة الانقلاب، التي شهدتها تركيا في 15 تموز/يوليو 2016، عن فصل أكثر من 125 ألف موظف حكومي بموجب قوانين “حالة الطواريء”.

وبلغ عدد المفصولين من العمل مؤخرًا، 18 ألف و632 موظفًا حكوميًا، من مناصب مختلفة بموجب ارسوم صادر عن مجلس الوزراء السابق؛ قبل إنتهاء ولايته.

وتمت جميع عمليات الفصل التعسفي تلك دون الرجوع فيها إلى أي قرار قضائي. وبحسب مرسوم القرار الصادر في ظل “حالة الطواريء” لن يسمح بعودة المفصولين إلى مناصبهم مرة أخرى، ولن يتم تعيينهم في أي وظائف حكومية أخرى.

وذكرت تقارير؛ استمرار الحملات الأمنية والتحقيقات التي إنطلقت قبل عامين في 81 مدينة تركية ضمن التحقيقات بشأن التورط في محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو.

وبحسب البيانات الأخيرة الصادرة عن “وزارة العدل”، فقد تم فتح تحقيقات وإتخاذ إجراءات في حق 441 ألف و195 شخصًا بتهم الإخلال بالنظام الدستوري، وبحسب التقارير تبين أن بين المحقق في أمرهم 89 ألف و718 امرأة و351 ألف و477 رجلاً.

وكشفت التقارير الرسمية؛ أن 5 آلاف و315 من بين 213 ألف و518 شخصًا تجري معهم التحقيقات صدر في حقهم مذكرات اعتقال، و16 ألفًا و195 شخصًا من بين 83 ألف و722 تجري محاكمتهم، صدر في حقهم مذكرات اعتقال.

قرارات قضائية..

كما صدرت قرارات قضائية في حق 34 ألفًا و926؛ بتهم ارتكاب جرائم الإخلال بالنظام الدستوري والإنتماء لـ”حركة الخدمة”، بينما تم تبرئة 13 ألفًا و992 شخصًا، وصدر قرار اعتقال في حق 12 ألفًا و617 محتجزًا.

وضمن تحقيقات الانقلاب؛ تم الحكم على 49 جنرالاً، و419 ضابطًا بالجيش، و101 ضابط صف، و31 شاويشًا مختصًا، و1 عريف مختص، و16 طالبًا عسكريًا، و1 مدير أمن، وشرطيين، و4 مهندسين، ومعلمين اثنين، و10 مدنيين بالسجن المشدد المؤبد.

كما حكم بالسجن المؤبد على 9 جنرالات، و210 ضباط، و91 ضابط صف، و120 شاويشًا مختصًا، و11 خبيرًا، و252 طالبًا عسكريًا و28 متدربًا، و24 ضابطًا مرشحًا، و129 عسكريًا، و11 شرطيًا، و2 قائد شرطي، وفني واحد.

الإفراج عن 8 جنرالات..

بينما تم الإفراج عن 8 جنرالات بالجيش، و211 ضابط جيش، و178 ضابط صف، و154 شاويشًا مختصًا، و705 عسكريًا، 73 عسكريًا متعاقدًا، و61 طالبًا عسكريًا، و51 متجربًا، و38 ضابطًا مرشحًا، و52 شرطيًا، و5 قادة أمن، 5 موظفين مدنيين، ومهندس واحد، ومتقاعد واحد، و9 مدنيين، وتبرأتهم من التهم الموجهة لهم.

توقيف عسكريين في ذكرى الانقلاب..

وتزامنًا مع احتفالات الذكرى الثانية للانقلاب، أصدرت “النيابة العامة” بالعاصمة التركية، “أنقرة”، قرارًا بتوقيف وإحضار 30 عسكريًا، سبق فصلهم عن وظائفهم من قبل؛ في إطار التحقيقات المتعلقة بالمشاركة في تدبير الانقلاب .

وأصدرت “النيابة العامة” بأنقرة قرارًا بإلقاء القبض على 30 عسكريًا في 13 مدينة مختلفة؛ بحجة إجراء مكالمات هاتفية من خلال الهواتف العمومية، في حدود المساحات التابعة للقوات المسلحة التركية.

وبناء على قرار “النيابة العامة” بدأت قوات الأمن حملات أمنية للبحث في عناوين المتهمين في مدن “أضنة”، و”أماسيا”، و”بطمان”، و”بورصا”، و”أسكيشهير”، و”إسطنبول”، و”إزمير”، و”قيسري”، و”كزغالي”، و”قونيا”، و”كوتاهيا”، و”سامسون”، ومركز الحملة هو العاصمة “أنقرة”.

وقد تبين أن من بين الموقوفين، الذين فصلوا عن وظائفهم في وقت سابق، 4 ضباط  طيارين عسكريين.

الخطر مازال قائمًا..

ويرى المؤيدون للنظام التركي؛ أنه رغم مرور عامين على المحاولة الانقلابية إلا أن الخطر مازال قائمًا.

فأشار الكاتب والإعلامي، “محرّم ساري قايا”، في مقال نشرته صحيفة (خبر ترك)؛ إلى أنّه وبحسب مصادر أمنية يثق بها فإنّ الخطر الذي واجهته “تركيا” ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة، ما زال قائمًا حتى اللحظة.

وبحسب الكاتب التركي فإنّ الدليل على عدم زوال الخطر بشكل تام، هو تجاوز عدد الذين تم إخراجهم من وظائفهم عقب الإشتباه بتورطهم في محاولة الانقلاب الفاشلة، وذلك وفقًا للقانون رقم 701، بلغ ما يزيد عن 18 ألف مواطن، الأمر الذي يعني بأنه في كثير من الأحيان ذهب الصالح مع الطالح.

تجهز قانون جديد..

ذهب “ساري قايا” إلى أن السبب المذكور أعلاه؛ ووفقًا لخبراء أمنيين، يشير بطريقة وبأخرى إلى أن الخطر لم يزل قائمًا حتى اللحظة، مضيفًا: “لتلافي حدوث فراغ عقب إزالة حالة الطواريء في تركيا، فإنّ الحكومة – على غرار ما فعلته “فرنسا” – جهزت تكلف قانون جديد”.

ولفت الكاتب إلى أن المشهد، بعد مرور عامين على محاولة الانقلاب الفاشلة، كما يلي: “تم إخراج العديد من المسؤولين والموظفين في بنية القوات المسلحة التركية والقيادة البحرية من مهامهم، ولكن يعتقد أن هذه المؤسسات لم تظهر بشكل تام من العناصر الانقلابيين، ما يعني أن الخطر لم يزول بشكل تام”.

تساؤلات بلا إجابة حتى الآن !

“مراد يتكين”، الإعلامي التركي البارز، شدد – بعد مرور عامين على محاولة الانقلاب الفاشلة – على ضرورة الإجابة عن العديد من الأسئلة الجوهرية فيما يتعلق بتنظيم الكيان الموازي، والآلية التي تمكن من خلالها العناصر الانقلابيين من اختراق مؤسسات الدولة المختلفة.

ويقول “يتكين” في هذا الصدد: “عقب إعلان حالة الطواريء تم إخراج عشرات الآلاف من مهامهم، إلى الآن هناك 687 ضابطًا تلقوا حكمًا بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى الآلاف الذين تم إعفاؤهم من مهامهم للإشتباه بتورطهم في محاولة الانقلاب الفاشلة، ولكن مع كل ذلك لم نفهم بعد المشهد التام لما يحدث، فتح الله غولن من أميركا يعطي التعليمات لشبكاته في تركيا وفي مختلف أنحاء العالم، ولكن في المقابل نحن لم نتمكن حتى اللحظة من معرفة الآلية التي اخترق بها، غولن، مؤسسات الدولة، وعلى نحو خاص بنية قوات المسلحة التركية، وكذلك لم نعرف حجم الدعم الذي يتلقاه من الخارج وهو يحاول اختراق المؤسسات، وكذلك لم نعرف الآلية التي تمكّن من خلالها عناصر انقلابيون من الوصول إلى مناصب عالية في الدولة من خلال الاختباء خلف ستار حزب العدالة والتنمية، كل ما سبق ما زالت كنقاط سوداء لا نعرف إجابتها، ومن الضروري توضيح هذه التساؤلات من خلال الإجابة عنها”.

أحداث ليلة الانقلاب..

وكانت “تركيا” قد تعرضت، في 15 تموز/يوليو 2016، لمحاولة انقلاب فاشلة، حيث أغلق عناصر من الجيش التركي، آنذاك، “جسر البوسفور”؛ الذي يعد أحد أهم نقاط العبور من القسم الآسيوي إلى الأوروبي، ليسارع رئيس الوزراء التركي، آنذاك، إلى وصف ما جرى على أنّه محاولة انقلابية.

وعقب ذلك بدأت طائرات (F-16) بالتحليق في سماء “إسطنبول” وغيرها من الولايات الأخرى، قيل إنّها خرجت من قاعدة “إنغرليك” التركية، وذلك بهدف إرهاب الناس، واعتراض طائرة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، الذي كان في طريقه من “مارميس” إلى “إسطنبول”، بعد دعوته للشعب التركي بالتوجّه إلى مطار “أتاتورك” الدولي للتصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة.

كما حاول انقلابيون السيطرة على قناة (تي. أر. تي) الحكومية، حيث أجبروا العاملين فيها على بث بيان أفاد بإنتهاء سلطة حكومة “العدالة والتنمية”، وانتقالها إلى قبضة القوات المسلحة التركية، وذلك – بحسب البيان – “للحفاظ على الديمقراطية”، موضحًا – والحديث هنا عن البيان – أن الدولة ستستمر في علاقاتها الخارجية، وأن السلطة الجديدة ستبقى ملتزمة بجميع المواثيق والإلتزامات الرسمية.

وبالتزامن مع بث البيان الانقلابي خرج الرئيس التركي عبر قناة (سي. إن. إن)، بواسطة تطبيق على وسائل التواصل الاجتماعي، دعا من خلاله شعبه إلى النزول إلى الشوارع والميادين والمطارات للتصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، مطالبًا الضباط الشرفاء من القوات المسلحة التركية، بحسب وصفه، بالوقوف بصلابة وشرف أمام من باع ضميره من ضباط الانقلابيين.

وفي الوقت الذي بدأ فيه الانقلابيون بالإعلان عن نجاح المحاولة الانقلابية في السيطرة على مفاصل الدولة، تناقلت وسائل إعلام محلية ودولية تصريحات لمسؤولين أتراك يؤكدون فيها على أن الرئيس والحكومة المنتخبين ديمقراطيًا لا يزالان على رأس السلطة.

وخرج الشعب التركي إلي الشارع ملبيًا النداء الذي وجهه إليه الرئيس “إردوغان”، فإنطلقت مظاهرات حاشدة رافضة للمحاولة الانقلابية، انتشرت في كافة الولايات التركية تقريبًا، وعلى رأسها “إسطنبول” و”أنقرة”، حيث استمرت لأيام وليال عديدة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب