7 أبريل، 2024 12:43 ص
Search
Close this search box.

انفصال الشمال عن الجنوب .. هل تعمل أميركا على تقسّيم “اليمن” ردًا على هجمات الحوثيين ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

في أعقاب الهجمات الصاروخية الحوثية التي استهدفت “إسرائيل” والسفن المرتبطة بها في “البحر الأحمر”، أفادت تقارير أن إدارة “بايدن” تُفكر في استهداف شمال “اليمن” أثناء إنشاء تحالف بحري دولي جديد لمحاولة ضمان العبور الآمن، ولكن يبدو أن هناك سيناريو آخر قد تشهده البلاد؛ هو تشّجيع الغرب: لـ”انفصال جنوب اليمن”، في محاولة لمناوئة (الحوثيين).

ويأمل “المجلس الانتقالي الجنوبي”؛ الذي يُريد انفصال جنوب “اليمن”، في استغلال هجمات (الحوثيين) البحرية لإغراء الغرب بتشّجيع الانفصال عبر دعمه، واستخدامه كأداة من أجل مناوئة (الحوثيين)، حسّبما ورد في تقرير لموقع (Responsible Statecraft) الأميركي.

الحراك الجنوبي يُحاول استغلال هجمات “الحوثيين” لجلب تأييد “أميركا” للانفصال..

ويقول الموقع الأميركي إن “المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي تأسس عام 2017 بدعم من “الإمارات”، يسّتعد لقيادة تشّكيل دولة جديدة بالانفصال عما يعتبره الجمهورية اليمنية الفاشلة التي يُهيمن عليها الشمال.

ويأمل “المجلس الانتقالي الجنوبي” في استغلال ما يعتبر أن إطلاق (الحوثيين) النار على أقدامهم من خلال زعزعة استقرار منطقة “البحر الأحمر”، لمساعدتهم في تحقيق هذا الهدف.

على الرُغم من وقف إطلاق النار الرسّمي الذي دام (20) شهرًا، كان (الحوثيون) يُشنّون حربًا ذات دوافع اقتصادية ضد الجنوب تهدف إلى حرمان الحكومة المحلية من الإيرادات وتعزيز جاذبية “ميناء الحُديدة” على “البحر الأحمر”.

لكي يُعيد “المجلس الانتقالي الجنوبي” التركيز على الموانيء الجنوبية والمنشآت النفطية كبديل لـ”الحُديدة”؛ التي يُسيّطر عليها (الحوثيون)، فإنه يحتاج بطريقة أو بأخرى إلى تأمين الساحل الجنوبي اليمني بأكمله وتحفيز المزيد من الشحن الداخلي.

إن علاقة (الحوثيين)؛ بـ”إيران”، تجعل من السهل على “المجلس الانتقالي الجنوبي” وصفهم بأنهم وكيل لـ”طهران”. ولكن تقرير الموقع الأميركي يقول: “إنه على الرُغم من عضويتهم في (محور المقاومة) الإيراني، ومساعدة إيران في توسّيع نطاق صواريخها عبر إطلاقها من اليمن، فإن (الحوثيين) لديهم دوافعهم الخاصة”.

ويستغل “المجلس الانتقالي الجنوبي” تهديد (الحوثيين) لأمن السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” في “البحر الأحمر”؛ للتأكيد على الدور المحتمل” لـ”دولة الظل” الخاصة به في “جنوب اليمن”، في تعزيز ما يوصف بالاستقرار البحري الدولي.

ويُحاول المجلس الترويج إلى هذه الدولة الجنوبية المنتظرة المسّتعدة لدعم المصالح الأمنية الغربية، وبالتالي يقدم نفسه كشريك استباقي في تأمين “مضيق باب المندب”؛ على “البحر الأحمر” و”خليج عدن”، ضد هجمات (الحوثيين).

ويقول “المجلس الانتقالي الجنوبي” إن التهديد الحوثي المؤكد لأمن “البحر الأحمر” هو استغلال مُثير للسخرية للغضب الشعبي اليمني بشأن حرب “إسرائيل” ضد “غزة”.

والملاحظ أن الانتقادات الحادة لهجمات (الحوثيين) البحرية تأتي بالأساس من الانفصاليين الجنوبيين، وليس من الحكومة المعترف بها دوليًا؛ القريبة من “المملكة العربية السعودية”، وقد يكون أحد أسباب إضافة لقرب الحكومة من “الرياض”، أنها مشّكلة من مكونات سياسية واجتماعية يصعب عليها أن تنتقد هجمات (الحوثيين) ضد السفن المرتبطة بـ”إسرائيل”؛ بالنظر إلى أن هذه المكونات التي تتنوع من بعض زعامات عشائرية وبعض بقايا حزب (المؤتمر) الحاكم السابق، ومحسّوبين على حزب (الإصلاح)، وهي مكونات قاعدتها الاجتماعية متعاطفة بشدة مع الشعب الفلسطيني في “غزة”، في المقابل، فإن الانفصاليين الجنوبيين يبدون أقل حذرًا لأن الخطاب الانفصالي عادة في العالم العربي ليس لديه مشكلة مع “إسرائيل” كمعظم القوى السياسية الأخرى.

دعوة من زعيم الحراك الجنوبي للغرب لدعم قواته..

ودعا مؤتمر صحافي عقده “المجلس الانتقالي الجنوبي” مؤخرًا، برئاسة اللواء “عيدروس الزبيدي”، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني القائد الأعلى لما يوصف بالقوات المسلحة الجنوبية، أولئك الذين يسّعون إلى تأمين المنطقة؛ (في إشارة للغرب)، إلى تعزيز “القوات البحرية” التابعة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، وخاصة قواتها البحرية الخاصة؛ وكذلك قواتها المسلحة النظامية.

ويعلق الموقع الأميركي في تقريره الذي يبدو كتحذير للغرب من الانزلاق إلى تأييد الانفصاليين في “اليمن”؛ قائلاً: “وفي الواقع، فإن الأمر مُثير للنقاش إذا كان لديه أي وحدات مسلحة يمكن وصفها بشكلٍ صحيح بأنها تحت قيادة الزبيدي”.

يوجد جنوب “اليمن” في عالم موازٍ تقريبًا. يتمتع “الزبيدي” بالمكانة، كما هو الحال مع “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي يقوده، بحكم منصبه كنائب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء؛ والمدعوم من “السعودية”، والذي يقود حكومة “اليمن” التي تتخذ من “عدن” مقرًا لها. ويضم المجلس التشّريعي نائب “الزبيدي”؛ في “المجلس الانتقالي الجنوبي”، والمحافظ السابق لمحافظة “حضرموت” الجنوبية ذات المساحة الضخمة؛ اللواء “فرج البحسني”، وهو شخصية عسكرية أخرى تتولى دورًا سياسيًا قياديًا في “المجلس الانتقالي الجنوبي”، حيث كان “البحسني” يرأس سابقًا الفرقة العسكرية الثانية في حكومة “اليمن”.

لا يُمثل “جنوب اليمن” شعبيًا أو واقعيًا..

لكن لا يستطيع “الزبيدي” ولا “البحسني”؛ تقديم دعم مسّلح لادعاءات “المجلس الانتقالي الجنوبي” بأنه حركة شاملة من أجل انفصال “جنوب اليمن”، وفقًا لموقع (Responsible Statecraft) الأميركي.

هؤلاء الرجال؛ كغيرهم من أعضاء الحكومة المعترف بها دوليًا، يتمتعون باعتراف دولي من خلال الحكومة اليمنية. وفي حين تتمتع “حكومة الوفاق الوطني” بالولاء الفضفاض لبعض فلول الجيش التابع للحكومة اليمنية في الجنوب؛ وفي بعض أجزاء الشمال، فإن قدرتها المسلحة غير منسّقة وممزقة من قبل مكونات قبلية غير موثوقة. وتفتقر الحكومة اليمنية نفسها إلى الدعم السياسي الشعبي، حسّب الموقع الأميركي.

على النقيض من ذلك؛ يتمتع “المجلس الانتقالي الجنوبي”، بناءً على الكثير من الأدلة المتناقلة، ببعض الدعم الشعبي في “عدن” وفي المحافظات الجنوبية الغربية الأخرى: “أبين ولحج والضالع”، وفي “حضرموت” الساحلية. أما في منطقة “وادي حضرموت”، فإن السّادة المحليين؛ (أحفاد النبي محمد)، وزعماء القبائل أكثر حذرًا.

ما يفتقر إليه “المجلس الانتقالي الجنوبي”، حتى في قاعدته في “عدن”؛ حيث يتولى “أحمد لملس”، الشخصية القيادية في “المجلس الانتقالي الجنوبي”، هو السّيطرة المباشرة على القوات المسلحة.

“فالشرطة” المدربة والمدعومة من الإماراتيين، وقوات (الحزام الأمني) العاملة في “عدن”، المتحالفة رسّميًا مع “المجلس الانتقالي الجنوبي”، لا تخضع عمليًا لسّيطرة مباشرة من قبل الجنرال “عيدروس”، القائد الأعلى الأسّمي لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” والقوات المسّلحة الجنوبية.

كما أن (لواء العمالقة)؛ وهي قوة أخرى شّكلتها “الإمارات العربية المتحدة”؛ ولعبت في عام 2022، دورًا حاسّمًا في إخراج المقاتلين (الحوثيين) من محافظة “شبوة” الجنوبية الغنية بالطاقة، لا ترتبط إلا بشكلٍ فضفاض بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”. وكان هناك جيش منافس أسسه الإماراتيون، وهو (قوات النخبة)، ينشّط في “شبوة”، ولكن تم استبداله من قبل (دفاع شبوة)، المرتبط بشكلٍ أوثق بـ”المملكة العربية السعودية”.

وفي “عدن”؛ ينشغل “المجلس الانتقالي الجنوبي” بإنشاء هيئات موازية لتلك الموجودة في المحافظة، ويعتزم “المجلس الانتقالي الجنوبي” إنشاء مشروع مماثل: لـ”دولة الظل” في “المهرة”؛ (المحافظة التي تحد المملكة العربية السعودية من الشمال وسلطنة عُمان من الشرق).

ومع ذلك؛ فإن “المجلس الانتقالي الجنوبي” يفعل ذلك في ظروف أقل ملائمة بكثير مما كانت عليه في “عدن”. ففي “المهرة”، يُعتبر النفوذ السياسي والأمني “الشمالي”، بما في ذلك نفوذ حزب (الإصلاح) عميقًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحقائق الديموغرافية التي خلقتها الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين فروا من تقدم (الحوثيين) والأجهزة الأمنية التي تراها الحكومة اليمنية كموالين لها.

وتواجه النسّخة المهرانية من مؤسسة (أمن الوطن) صعوبة في التواصل مع شريكها المفترض المتمثل في (أمن الوطن) في محافظة “حضرموت” المجاورة. “النفط” وغيره من الضروريات المنقولة برًا من جنوب غرب إلى جنوب شرق “اليمن” لا تتمتع بالحماية لضمان وصولها الآمن إلى “المهرة”، من خلال أي تنسّيق مع الهيئات الأمنية الموازية المفترضة في المحافظات الجنوبية الأخرى.

يقول الموقع الأميركي – الذي يبدو تقريره كرد فعل على تفكير أميركي في تشّجيع الانفصاليين الجنوبيين: “لكي يكون الجنوب دولة شريكة معقولة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى؛ التي تتحرك الآن لحماية إسرائيل والشحن في البحر الأحمر من (الحوثيين)، يحتاج الجنوب إلى شكل موحد واحد من السّيطرة على مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية، والذي، في أحسن الأحوال، العمل على مستوى المحافظة حتى.

لكن مصادر الدعم الخارجية الرئيسة للجنوب، الإماراتيين والسعوديين؛ (وقد شّكل الأخيرون قوات “الدرع الوطني” المنفصلة في عدن وحضرموت)، غير مهتمين بتعزيز هيئة أمنية جنوبية متكاملة. أحد الأسباب هو أن هاتين الدولتين الخليجيتين لهما مصالح متباينة في أجزاء مختلفة من “جنوب اليمن”، كما أنه ليس هناك رغبة مشتركة في الضغط من أجل إنشاء دولة جنوبية ذات سيّادة، حسّب الموقع الأميركي.

محاولة تشجيع انفصال “جنوب اليمن” قد تؤدي إلى دويلات بالمنطقة..

ومحاولة الانفصاليين الجنوبيين للتعاون مع الغرب لتشّجيع الانفصال؛ لن تؤدي فقط إلى إضعاف (الحوثيين)، بل الأكثر إضعاف الحكومة المعترف بها دوليًا، التي تُمثل رُغم ضعفها الأداة الوحيدة للحفاظ على تماسك “اليمن”.

بل الأخطر من ذلك؛ فإن إضعاف هذه الحكومة ومحاولة تشّجيع انفصال “جنوب اليمن”، تحت القيادة المحتملة لـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، الذي يُحاول تقديم أوراق اعتماده الأمنية والسياسية كصديق للغرب، قد يؤدي لتفتيّت جنوب “اليمن” نفسه، الذي هو فعليًا يتكون من دول مختلفة متحدة جزئيًا فقط في معارضة الحكام الشماليين، حسّب وصف الموقع الأميركي الذي يقول في الوقت الحالي: “يبدو  أن دور أي لدولة يمنية جنوبية مزعومة في أمن شبه الجزيرة العربية سيظل خطابيًا”.

لكن يخشى أنه في ظل الهوس الأميركي بدعم “إسرائيل”، ضد هجمات (الحوثيين)، فإن “واشنطن” قد تندفع لدعم انفصال “جنوب اليمن”، وهو ما قد يؤدي إلى لمزيد من الفوضى في هذا البلد العربي المنكوب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب