انفجارات “بندر عباس” .. بين اتهامات لإسرائيل والتزامن مع المفاوضات بين “طهران” و”واشنطن”

انفجارات “بندر عباس” .. بين اتهامات لإسرائيل والتزامن مع المفاوضات بين “طهران” و”واشنطن”

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

وجّهت “إيران” أصابع الاتهام إلى “إسرائيل”؛ في أعقاب الانفجارات المدّوية التي ضربت “ميناء رجائي” بمدينة “بندر عباس”؛ جنوبي البلاد، السبت، وأسفرت عن مقتل وإصابة المئات.

وقال “محمد سراج”؛ النائب في البرلمان الإيراني، في تصريحات لوسائل إعلامية محلية، أمس الأحد: “لم يكن هذا الانفجار عرضيًا بأي حال من الأحوال، وهناك دلائل واضحة على تورط إسرائيل فيه”.

وأضاف: “عندما تقع انفجارات في (04) مواقع مختلفة، فهذا يُشيّر إلى أن المتفجرات كانت مزروعة مسبَّقًا في الحاويات”.

وأضاف نائب “طهران” في البرلمان: “إما أن الحاويات كانت ملوثة من المصدر، ومن قِبل الدولة المصدرة، أو أنها كانت مُجهزة بالمتفجرات أثناء النقل، أو حتى من قِبل عملاء محليين. لقد حسّبوا بدقة وقت وصول الحاويات إلى الميناء لإحداث أكبر قدر من الضرر”.

وأكد المتحدث باسم “وزارة الدفاع” الإيرانية في حديث للتلفزيون، أمس الأحد، أنه وفقًا للتحقيقات والوثائق، لم تكن هناك أي شُحنة مستّوردة أو مصدَّرة ذات استخدام عسكري في منطقة الحريق في “ميناء رجائي”، في مدينة “بندر عباس”.

وأضاف “رضا طلائي نيك”: “أثارت هذه القضية ضجة في وسائل الإعلام الأجنبية، ولكن ستُعلن الأسباب الرئيسة والفرعية لانفجار ميناء رجائي في بندر عباس بمساعدة الجهات المعنية”، حسّب وكالة (مهر) الإيرانية.

تقف أمام التمدَّد الإيراني..

وفي رده؛ أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أن “إسرائيل” تُعتبر الحاجز الرئيس أمام التمدَّد الإيراني في المنطقة، مشددًا على أن “طهران” أصبحت المَّحرك الرئيس للهجوم على الدولة العبرية.

وقال “نتانياهو”؛ في كلمة ألقاها أمس، في “القدس”، إن: “إسرائيل تمنع انهيار الشرق الأوسط، من خلال مواجهة التوسع الإيراني، الذي يُشّكل تهديدًا للأمن الإقليمي”.

وأضاف أن الهجوم على “إسرائيل”، في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023؛ على يد (حماس)، كان: “بربريًا”، مشيرًا إلى أن “إيران” تقف وراء تصعيد هذا الهجوم.

يؤثر على النظام الحالي..

وفي رؤية إسرائيلية للانفجار؛ استعرضت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، انعكاسات انفجار “ميناء الشهيد رجائي”؛ في “إيران”، على النظام الإيراني الحالي، مشيرة إلى أن هذا الموقع بالغ الأهمية لبقاء النظام، نظرًا للاعتماد عليه في العديد من عمليات النقل الحيوية.

ونقلت (معاريف) عن “بني سباتي”؛ الباحث الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن الانفجار الكبير الذي وقع السبت، في “ميناء الشهيد رجائي” في مدينة “بندر عباس”؛ بجنوب “إيران”، يؤثر بشكلٍ كبير على النظام الحالي، لأن هذا الميناء هو الأهم في الوقت الحالي.

نقل الأسلحة والنفط..

واستطرد “بني سباتي” أن أهمية الميناء لا تكَّمن فقط في كونه الأكبر في “إيران”، بل في أن (الحرس الثوري) الإيراني يستخدمه لنقل الأسلحة إلى تنظيمات مسلحة مثل تنظيم (حزب الله) اللبناني، وجماعة (الحوثيين) في “اليمن”، وأيضًا لنقل النفط بشكلٍ غير قانوني إلى “الصين”.

وأوضح أن هناك ناقلات نفط، تختفي ثم تظهر، لجمع النفط من الميناء أو جلب البضائع التي تحتاجها “إيران”، مؤكدًا أن هذا الموقع وهذا الميناء بالغا الأهمية لبقاء النظام، أما عن سبب الانفجار، فقال إن الوقت لا يزال مبكرًا جدًا لمعرفة ما إذا كان حادثًا أم تخريبًا متعمدًا، وتابع: “شخصيًا، أجد صعوبة في تصديق أنه تخريب، خاصة في هذا الوقت، في ظل المحادثات الجارية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية”.

وعلق على تحميل “إسرائيل” مسؤولية الانفجار، قائلًا إنه من الشائع أن تُلقي بعض الشخصيات التابعة للنظام الإيراني باللوم على “إسرائيل”، ومع ذلك، يمتنع النظام عن القيام بذلك، ربما لأنه ليس من مصلحته في هذا الوقت.

أضرار بالغة..

أما عن حجم الأضرار؛ فقال “بني سباتي”، إن حجم الانفجار كان كبيرًا، ولذلك تسبب بأضرار بالغة، واصفًا الوضع هناك: بـ”الصعب للغاية”، لأن هناك وفيات ومئات الجرحى في موقع الحادث، مشيرًا إلى أن هذا الانفجار يُقّارن بانفجار “مرفأ بيروت” في “لبنان”؛ قبل بضع سنوات، والذي دمّر كل شيء.

ورأى الباحث الإسرائيلي أن عواقب الانفجار قد تكون وخيمة للغاية في حال تضرر البُنية التحتية الحيوية، مؤكدًا أن الميناء الذي انفجر يُعدّ حيويًا للغاية لبقاء النظام الإيراني، وبحال تضَّرره سيُعيّق ذلك عمليات نقل النفط واستقبال السلع الحيوية لـ (الحرس الثوري) الإيراني، وهذا من شأنه أن يتسبب في: “تأثير كبير”.

شكوك كبيرة حول تورط “إسرائيل”..

كما أخذ الحديث عن الانفجار الغامض الذي هزّ ميناء “الشهيد رجائي” في مدينة “بندر عباس”؛ جنوبي “إيران”، الحيز الأكبر في الصحافة الإيرانية، بعد أن كان الملف النووي هو الملف الرئيس لها منذ أسابيع.

وفيما اتخذت صحف مسارًا يتطابق مع الرواية الرسمية، التي أرجعت سبب الانفجار إلى وجود حاويات مواد كيميائية، نافية التعرض لأي هجوم عدائي خاصة من “إسرائيل”، اتهمت صحف أخرى “تل أبيب” بالوقوف خلف الانفجارات التي خلفت أضرارًا جسّمية في الميناء، وتسببت بمقتل أكثر من (14) شخصًا، وجرح المئات، بحسّب ما نقله رصد لموقع (إيران إنترناشونال).

وأبدت عناوين بعض الصحف مشهدًا يوحي: بـ”الصدمة”؛ فيما وصفت عناوين أخرى الانفجارات بالحدث الكبير.

وألمحت صحيفة (هم ميهن) إلى وجود شكوك كبيرة حول تورط “إسرائيل” في انفجار الميناء، ودعت السلطات الإيرانية إلى مراجعة إجراءاتها الأمنية بشكلٍ عاجل، والإسراع في فتح تحقيقات شفافة، والإعلان عن نتائجها.

وعنونت صحيفة (كيهان)، المقربة من المرشد الإيراني “علي خامنئي”، صفحتها الرئيسة، قائلة: “انفجار ضخم في ميناء رجائي.. حادث عرضي أم عمل تخريبي ؟”.

يتزامن مع المفاوضات..

وفي سيّاق متصل؛ لفتت صحف أخرى إلى أن الانفجار تزامن مع المفاوضات الجارية بين “إيران” و”الولايات المتحدة”؛ في العاصمة العُمانية؛ “مسقط”، مما أثار العديد من التساؤلات.

ونشرت صحيفة (ستاره صبح)؛ على صدر صفحتها الأولى عنوانًا عريضًا جاء فيه: “صدمة الانفجار في خضم المفاوضات”.

أما صحيفة (اقتصاد بويا)؛ فأشارت إلى أن عددًا من المخازن المتضَّررة داخل الميناء لم تكن محدَّدة الهوية، ولم تُعرف طبيعة محتوياتها، معتبرة أن هذا الغموض يُعزّز فرضية وجود عمل تخريبي متعمد.

من جهتها؛ قالت صحيفة (هم ميهن)؛ إن هناك شكوكًا قوية بوقوف “إسرائيل” وراء الانفجار الكبير الذي هز “ميناء رجائي”؛ في مدينة “بندر عباس”، يوم السبت، مؤكدة على ضرورة أن تُعيّد السلطات الإيرانية النظر في إجراءاتها الأمنية.

وأضافت الصحيفة أن هناك مؤشرات تدعم فرضية تورط أطراف خارجية، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة”، رُغم معارضتها توجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية الإيرانية، قد لا تُمانع تنفيذ عمليات تخريبية من هذا النوع، خاصة أنها تتزامن مع الجولة الثالثة من المفاوضات النووية الجارية في “سلطنة عُمان”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة