13 يناير، 2025 11:39 ص

انسحب الاميركان من العراق .. وتركوا خلفهم قنابل موقوتة

انسحب الاميركان من العراق .. وتركوا خلفهم قنابل موقوتة

مثل عام 2011، نقطة تحول فاصلة في تاريخ العراق تقوده إما إلى الاستقرار واستعادة السيادة الكاملة وإما إلى الانزلاق إلى الهاوية بعد انسحاب آخر القوات الأميركية المتبقية من العراق. فلقد كان من أشد الاعوام سخونة على المستوى السياسي إذ شهد عدة تقلبات ابتدأت من التظاهرات الصاخبة التي شهدتها مناطق العراق كافة مطالبة بتحسين الخدمات ثم عقبتها «قنبلة» الأقاليم ، لتنتهي بأزمة سياسية خانقة تمثلت بانسحاب القائمة العراقية من مجلسي النواب والوزراء وصدور أمر باعتقال نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

وقد تصاعدت الصراعات على السلطة بين اطراف العملية السياسية بعد يوم واحد من الانسحاب الاميركي من العراق الذي كان يمثل غطاء للجميع وعاملا يخفي تحته تحارب خفي وعدم الاستقواء على الطرف الآخر.

بدأ عام 2011 في العراق بقبضة من الرياح المستعارة عن عواصف الربيع العربي، والتي استقرت في ساحة التحرير، وتحت ذلك النصب المشهور للحرية صدحت الحناجر الداعية لانطلاق الاحتجاجات الشعبية، للمطالبة بحياة آمنة ومعيشة مستقرة تحقق فيها كرامته في الاستقرار والعيش الرغيد وتتحمل الحكومة العراقية الحالية مسؤولية تحقيق هذه الطموحات المشروعة.

فمنذ بدء الاحتجاجات المطلبية في العراق والشعب ينتظر أن تقوم الحكومة بواجبها تجاه مطالب الجماهير المعروفة لكن الآذان أغلقت والوعود تبخرت في الهواء وما زال الحال على الموال نفسه فلا جديد في نية الحكومة من المباشرة في الإصلاحات وتلبية مطالب الجماهير ولا حلول في الأفق ولا توجد مؤشرات واقعية لمعالجة سوء الخدمات في الكهرباء ومياه الشرب وأزمات الوقود المتواصلة ، وتوفير ما يمكن من توفيره لإعانة الفقراء والمحتاجين أو التوجه لتقليص البطالة ومعالجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمعيشية والسكن.

 تحقيق السيادة

ومع إنزال العلم الأميركي في حفل أقيم في مطار بغداد بمناسبة انسحاب قوات الغزو الأميركي للعراق وتسليم كافة المسؤوليات إلى السلطات العراقية بعد قرابة تسعة أعوام من الاحتلال… بدأ المحللون العسكريون والسياسيون الأميركيون تقديم عملية تقييم لتلك المغامرة العسكرية في بلاد الرافدين التي خسرت خلالها الولايات المتحدة 4474 قتيلا و33 ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار.

فقد انسحبت أميركا دون وجود هيكل محدد للنظام السياسي في العراق بسبب التسرع الأميركي في صياغة دستور وإجراء انتخابات دون تمهيد مناسب للمجتمع العراقي. كما أن الإخفاق في إعادة تمكين القوات المسلحة العراقية من الوصول بقدراتها إلى المستوى المطلوب يشكل ذلك خطأ استراتيجيا فادحا.

،ما يؤكد أن انسحاب القوات الأميركية من العراق لا يشكل إعلان نصرا في الحرب التي شنتها على العراق في عام 2003 وإنما يشكل نهاية لحرب باهظة التكاليف من الناحية الاستراتيجية حيث تركت القوات الأميركية عراقا غير قادر حتى على ضمان أمنه واستقراره الداخلي ومنطقة استراتيجية بدون بناء هيكل استراتيجي جديد لمرحلة ما بعد انسحاب.

الوصاية الاميركية

الانسحاب الأميركي لا يعني استعادة العراق سيادته الكاملة مادام تحت الفصل السابع وفقا لقرار مجلس الأمن678 لعام1990 بعد غزوه الكويت،كما أن الانسحاب العسكري لا يعني انتهاء النفوذ السياسي الأميركي في العراق، بل إن الاتفاقات الموقعة تضع العلاقة بينهما أقرب إلى التبعية منها إلى الوصاية على اعتبار تواجد اكبر قنصلية ، إضافة إلى آلاف الجنود بغرض التدريب.

عراق ما بعد الانسحاب الأميركي يواجه تحديات ضخمة يتوقف عليها مستقبله.

 الأقاليم قنبلة موقوتة

ففي أجواء الربيع الثوري العربي، تبدو الحالة في العراق معقدة للغاية في ظل الانسحاب العسكري الأميركي الذي سيترك بطبيعة الحال فراغا أمنيا و استراتيجيا رهيبا مع بداية تنفيذ مخطط نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن القديم والمعروف بتقسيم العراق كانتونات طائفية واقتسام النفوذ الإقليمي والإنهاء الكامل لدور العراق الاستراتيجي في المنطقة.

أما التحدي السياسي فيمثل قنبلة موقوتة يمكن ان تفجر العراق كله إذا استمرت العملية السياسية كما هي مختلة ترتكز على المحاصصة الطائفية، فالدستور العراقي قد كرس الطائفية ونظام الفيدراليات الذي يهدد بتقسيم البلاد خاصة مع اختلال العلاقة بين الحكومة المركزية والأقاليم ونزوع الأخيرة إلى الاستقلالية في جميع الأمور الإدارية والاقتصادية والسياسية، يساعدها في ذلك قانون الأقاليم الذي تم إقراره .

ويعطي للإقليم اليد العليا في مواجهة المركز، كما يتجه الأكراد إلى النزوع إلى الاستقلال عن البلاد بعد استكمال كل مقومات الدولة ولم يتبق فقط سوى التوقيت لإعلان الانفصال بعد أن تكون الظروف الإقليمية مواتية لذلك، كذلك يعطي الانسحاب فرصة كبيرة لتزايد الدور الإيراني في العراق.

أزمة سياسة خانقة

تصاعدت الصراعات على السلطة بين أطراف العملية السياسية بعد عودة رئيس الوزراء العراقي من جولته إلى واشنطن عقب الانسحاب الأميركي من العراق والذي كان يمثل غطاء للجميع وعاملا يخفي تحته تحارب خفي وعدم الاستقواء على الطرف الآخر، وتداعي التوافق السياسي وحكومة الشراكة الوطنية في العراق بعد تفجير قضية الاتهامات الموجهة إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالضلوع في عمليات قتل وتفجيرات.

وما تبعها من طلب رئيس الحكومة نوري المالكي إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك، الذي وصف المالكي بانه دكتاتور ويعمل على تهميش شركائه في العملية السياسية. ما أدى بالرئيس العراقي جلال طالباني إلى محاولة تطويق الأزمة بالدعوة إلى عقد مؤتمر موسع من أجل تلافي الازمة والسيطرة على مضاعفاتها بعد التسارع الخطير في الاحداث السياسية واعلان القائمة العراقية لسحب وزرائها من الحكومة وتعليق حضور نوابها لجلسات البرلمان خاصة وانها تمتلك 92 مقعدا وهو قادر على تعطيل تبني أية قرارات وتشريعات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة