خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
على مضض؛ يُريد المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، من وسائل الإعلام، إعلان خليفته سريعًا إذا مات. ولعلك تذكر أنه كان قد تحدث قبل أسبوع عن الشاه الراحل؛ وانتقد مهرجان الفن، ثم تطرق للحديث “عباس پالیزدار”؛ عضو مجلس التحقيق بالبرلمان السابع، ليقول إن نجله “مجتبى” من رواد مكافحة الفساد، وأنه سيأتي ولا بُدّ أن يكون الشاه “عباس الثاني”؛ المعروف بالشدة في مكافحة الفساد. بحسّب ما استئهل “علي رضا نوري زاده”، تحليله المنشور على موقع (اندبندنت فارسي).
وخلال هذا الأسبوع؛ اختطفوا حجة الإسلام “محمد علي موسوي متقي”؛ من طلاب آية الله “صادق الشيرازي”، من “كربلاء”، وأعادوه إلى “إيران”، لأنه انتقد “مجتبى” على المنبر، لكن الحوزة التزمت الصمت سواءً في “النجف” أو “قم”؛ حيث يُفضل المراجع العظام الصمت على إعدام أنقياء الوطن وتعذيب النساء.
استراتيجية تفريغ الحوزات..
وكان السيد “روح الله الموسوي الخميني”؛ قد اهتم إلى حدٍ ما بشؤون الحوزات، حتى أنه في عهده وخليفته السيد “خامنئي”، حلت مئات الكوارث بالسادة المرحوم “محمد كاظم شريعتمداري” و”حسن طباطبائي قمي” و”صادق روحاني” و”أحمد خوانساري” وغيرهم.
لقد عمل “خامنئي”؛ غداة الجلوس على مقعد المرشد، على تفريغ الحوزة من الرجال، واشترى بعضهم أحيانًا بثمنٍ بخس، وأحيانًا بملفات الفساد الأخلاقي، أو البعثات الخارجية في جامعة (المصطفى والمشاورات الثقافية).
وحتى من قرر الانتقال إلى “حوزة النجف”، إما تعرضوا للسرقة أو المراقبة. وبلا شك سوف تتبخر المرجعية حال وفاة آية الله “السيستاني”. ولك أن تتخيل أن عبارة: “حضرة آية الله العظمى السيد مجتبى حسين الخامنئي، ولي أمر المسلمين”، تُثير سخرية حتى الدجاج المطبوخ.
ما آلت إليه الحوزات اليوم !
ومن المشكلات الأساسية في الحوزة حاليًا، نقص المدرسين والأساتذة من جيل الوسط، ومن ثم تصعيد الطلبة غير المتعلمين.
وفي الماضي؛ حتى لو وصل الأستاذ من ناحية الفضل والتقوى إلى مكانة المرجعية، فكان يُعطي للتدريس الفضل والأهمية على التدرج في جادة المرجعية، ويستمر في العمل بالتدريس حتى وفاته.
وبالتالي؛ كان في حوزة “قم” مجموعة من الأساتذة والمدرسين بلا نظير في مجال التدريس. وثمة عامل آخر برز بين أغلب؛ (ولا أقول بين الجميع)، في سلوكيات وأقوال أهل الحوزة، هو الإيمان والمعتقد القلبي.
لكن الحوزة حاليًا تعيش وضعًا غريبًا نأى بها عن هويتها وأصالتها. وقلت أعداد المتدينيين الحقيقيين في الحوزة. ولم يهتم المراجع العظام بتربية خلفائهم حرصًا على استمرار عملهم وسيرتهم. وبالتالي لم تُعدّ الدروس محل للنقاش والنقد بين الطلبة والمدرسين والتأمل في النصوص الشيعية، وإنما تحولت إلى موقعًا للنقاشات المملة غير الجذابة.
إضعاف الحوزة..
وأنا كشخص عندي خبرة بالحوزة وتعرفت على الكثير من أهل الحوزة، أقول إن إضعاف الحوزة والمرجعية لا يصب في صالح شعبنا. أولئك الذين جاؤوا باسم الثورة الدستورية، يوجهون ضربة قاسمة للدستورية والإصلاحات البهلوية في كل مرة يتدخلون، كانت آخرها فتنة “الخميني” والمشاكل التي جلبت ليس فقط لـ”إيران” وإنما المنطقة بشكلٍ عام.
والواقع فقد بلغ الفساد الحكومي وأبعاده في الحوزة حد تورط إمام الجمعة المؤقت بالعاصمة في السرقة والاستيلاء على الأراضي، ومشاركة المئات من رجال الدين الحكوميين في مافيا (الحرس الثوري)؛ والحوزة وبيت المرشد. وأهم أسلحة “خامنئي”؛ حتى اليوم، لاحتواء الحوزة، هو تلويث رجالها بكل أنواع الفساد المالي والرواتب الصغيرة والكبيرة.
والجزء الرئيس من هذه الأموال، هو من نصيب رجال المرشد بالخارج. وإذا تجاهلنا الأمر فسيقوم “خامنئي” ورجاله بـ”مجلس الخبراء” بإجلاس “مجتبى” على مقعد الإرشاد.
لكن بتفاني وتعاطف أمتنا والرجال والنساء الأحرار في بلدنا، يمُكننا أن نحصل على غدٍ بدون السيد “مجتبى”. وتلك الأمنية ليست محُالة، ولكن تتطلب فقط همة عالية، وخلو القلب والروح من النفاق. قد يكون الغد هو الفترة الأكثر إشراقًا في تاريخنا؛ فلا تترددوا.