خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
انتهت عملية الاقتراع في انتخابات رئاسة “الجمهورية الإيرانية”؛ منتصف ليل الجمعة 28 حزيران/يونيو 2024م، والمفاجأة الرئيسة في هذه الانتخابات؛ والتي قام بها الشعب الإيراني، والتي كانت أقوى من أي تظاهرات مناوئة للحكومة، هي عدم العناية بالانتخابات الحكومية. بحسّب ما اسّتهلت “كامليا انتخابي فرد”؛ رئيس تحرير النسّخة الفارسية من صحيفة (اندبندنت)، في تقريرها المنشور بموقع صحيفة (اندبندنت) الفارسية.
ومع استقدام “محمد باقر قاليباف” و”سعيد جليلي” و”مصطفى پورمحمدي”؛ على قائمة التصّويت التقليدية؛ حيث يعّول رجال الدين وأنصار النظام عليهم في الحشّد للمشاركة، وكذلك “مسعود بژشكيان” لجذب الشباب السّاخط، والراغبون في التغييّر، وأيضًا المواطنون في “أذربيجان وكُردستان”، ولذلك أرسلوه إلى “تبريز وكُردستان”، وتحدث بضع كلمات باللغات المحلية؛ بحيث يحصل على دعم من هذه المناطق المكتظة بالسكان والمسُّتاءة من النظام.
الانتخابات طرحت وجوه “مفلسة”..
لكن ماذا رأى الشعب ؟ مجموعة مفلسُّة ورُغم الاختلافات بينهم، لكن الأهم في هذه المرحلة من تاريخ “الجمهورية الإيرانية”، عجزهم عن إدارة الدولة.
في “جبهة الإصلاح”، فشل “مسعود پزشكيان”؛ المعروف بالإصلاحي، في الحصول على دعم جميع الإصلاحيين، ورُغم دعم “محمد خاتمي” و”محمد جواد ظريف” و”حسن روحاني”، في حين التزام باقي الإصلاحيين، أمثال: “مير حسين موسوي” و”فائزة هاشمي رفسنجاني” الصمت.
وعليه لم تُشارك “جبهة الإصلاح” في الانتخابات، أو بعبارة أدق رجّح بعض أعضاءها التقليديين عدم المشاركة في هذه المسرحية الحكومة، والبقاء في صمت.
فجوة عميقة في قلب النظام..
لكن رؤية الاختلافات في “الجبهة الأصولية”، كان أهم من رؤية جماعة الإصلاحيين المفُّلسة. فلطالما تحالفت الجبهة الأصلية حول أهداف ومصلحة النظام، واستعراض وجه آخر عن أنفسهم. لكن الخلافات العميقة وغير المسّبوقة بين أعضاء هذا التيار التقليديين، فالمنافسات بين “قاليباف” و”جليلي”، تنُّم عن فجوة عميقة في قلب النظام.
وهو اختلاف يُعطي انطباع بانهيار النظام من الداخل. فقد وضع الأول والذي يحظى بدعم؛ “علي خامنئي”، نفسه في مواجهة مع؛ “سعيد جليلي”، مرشح (الحرس الثوري). وبعكس التوقعات، لم ينسّحب أحداهما لصالح الآخر، وتصاعدت الاختلافات لدرجة أن كلاهما منهما شّن حملة تشّويه ضد الآخر عشية الانتخابات.
واتهام “قاليباف” بالفساد المالي، ومحاولة اغتيال؛ “إبراهيم رئيسي”، للصّعود إلى رأس السلطة التنفيذية، من جُملة الأخبار التي انتشرت في المجتمع.
لكن بشكلٍ عام المواجهة بين جزء من (الحرس الثوري)، مع أنصار وبيت المرشد في شكل مرشحين متنافسين على مقعد رئيس الجمهورية، أعطى للشعب بارقة أمل على انهيار النظام.
الفائز هو “الشعب” !
لذلك أقول إن الانتخابات غير الموفقة انتهت لصلاح الشعب؛ حيث انتشرت الأخبار عن سقوط النظام ووجود خلافات عميقة. وقد سّعى الجميع عبر هندسة الانتخابات والحيل المختلفة، إلى اقناع الشعب بالإقبال على صناديق الاقتراع بوعود تحسيّن الاقتصاد وإلغاء العقوبات ورفع مستويات الرفاهية الاجتماعية.
وتصوروا أن الوعود الاقتصادية في دولة تُعاني منذ (45) عامًا؛ الفشل والفساد المالي والإداري، قد تحشّد الشعب (القريب من الإفلاس والفقر)، أمام صناديق الاقتراع باسم الإصلاح أو شهداء الحرب “العراقية-الإيرانية”، والحديث عن الرِفعة والأمن القومي.
ومع هذا لم يحصلوا على دعم شهداء الحرب المعروفين، ولا العوائل الدينية ذات المكانة الاجتماعية، ولا حتى أولئك الذين كانوا يومًا أصحاب سلطة في هذا النظام.
وعدم ثقة النظام في ثلاثة من رؤساء الجمهورية السابقين، الذين شّغلوا على مدار (24) عامًا أهم منصب تنفيذي في الدولة وأكثرها حسّاسية، ألا تعني شيئًا سوى وجود انشقاق عميق من عدم الثقة، ونهاية هذا النظام ؟..
بالأمس سألني شخص: هل تزداد “إيران” في يوم الانتخابات ازدحامًا، وهل يقوم الشعب بمظاهرات عارمة ؟.. والآن أنظر إلى المقاطعة الشعبية للانتخابات، وأرى أن الشعب الإيراني كان أذكى بحيث يسُّدل الستار على هذا النظام بالمقاطعة. وهذه الانتخابات تخُبرنا أن نظام رجال الدين يقرب من نهايته.