24 أبريل، 2024 4:16 ص
Search
Close this search box.

انخفاض التصنيف الائتماني لتركيا يضع الاقتصاد في مهب الريح .. فكيف يواجهه “إردوغان” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يزداد حصار الأزمة الاقتصادية يومًا بعد يوم على نظام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، حيث خفضت وكالة (موديز)؛ التصنيف الائتماني السيادي لـ”تركيا”، إلى درجة عالية المخاطر، قائلة إن خطر الأزمة في ميزان المدفوعات يواصل الارتفاع ومعه مخاطر لعجز الحكومة عن السداد.

وتؤكد البيانات الرسمية التركية إنزلاق البلاد إلى الركود بعد أزمة العُملة، في العام الماضي، حيث فقدت “الليرة” التركية أكثر من 50% من قيمتها في أكبر ضربة لها أمام الدولار الأميركي.

تصنيف (موديز) انخفض لـ”تركيا” إلى (B1) بدلًا من (Ba3)؛ وأبقت على نظرة مستقبلية سلبية، وكانت (موديز) قد خفضت التصنيف الائتماني السيادى لـ”تركيا” إلى (Ba3) من (Ba2)، في آب/أغسطس من العام الماضي.

وتحدثت صحيفة (زمان) التابعة للمعارضة التركية؛ أكثر من مرة عن إنهيار الاقتصاد التركي، حيث قالت إنه مع تدهور الاقتصاد التركي بعد تراجع قيمة العُملة المحلية؛ زاد الإتجاه نحو بيع الفيلات والقصور التاريخية والعقارات باهظة الثمن، بعد تدني أسعارها بالنسبة للأجانب، مؤكدًة على أن الاقتصاد التركي سجل تراجعًا كبيرًا خلال الربع الأول من العام الحالي وصل إلى 2.6% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

ووصل الإنكماش إلى قطاع الإنشاءات بنسبة 10.9%، في حين إنكمش القطاع الصناعي بنسبة 4.3%؛ كما سجل التراجع في قطاع الخدمات بنسبة وصلت إلى 4%، وأكدت الصحيفة التركية على أن إجمالي الناتج القومي التركي تراجع بنسبة 2.6%، خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، في حين تراجعت القيمة المضافة لقطاع الصناعة بما يقترب من 4.3%، وكذلك قطاع الإنشاءات بنسبة 10.9%.

فضلًا عن ذلك تعتبر “أنقرة” الأقل جذبًا للكفاءات، محتلة المرتبة الأخيرة في دراسة أجريت حول مدى جاذبية الدول الـ 36 الأعضاء فى “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” للكفاءات من حول العالم، مشيرًة إلى أنه خلال الدراسة التي أجرتها “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، احتلت “تركيا” المرتبة الأخيرة ضمن الدول التي تتوجه إليها الكفاءات من أصحاب التعليم العالي الراغبين في الهجرة.

اعتراض تركي رسمي..

من جانبها؛ اعترضت “تركيا” على قيام وكالة (موديز) الدولية للتصنيف الائتماني؛ بخفض تصنيف “تركيا” إلى “عالي المخاطر”، معتبرة أن القرار يثير شكوكًا بشأن موضوعية وحيادية الوكالة.

نظام الرجل الواحد يقضي على الصناعة..

ولم يتوقف الأمر عند هذا فقط، وإنما كشفت “غرفة الهندسيين الميكانيكيين” التركية، أمس، عن معاناة القطاع الصناعي في “تركيا”، مشيرًة إلى أن تدفق رأس المال الأجنبي إلى البلاد، خلال الأشهر الأربع الأولى من 2019، هو الأدنى خلال السنوات الأربع الأخيرة.

جاء ذلك في تقرير، أشبه بنشرة دورية، حول مشكلات القطاع الصناعي، صدرت نسختها الخمسين، أمس السبت، عن الغرفة المذكورة التابعة لـ”اتحاد غرفتي المهندسين والمعماريين الأتراك”، تحت عنوان “نظام الرجل الواحد يقضي على الصناعة”، حسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة (برغون) المعارضة.

ولفت التقرير إلى أن انخفاض الطلب في قطاع الصناعة أدى بشكل طبيعي إلى انخفاض سعة الإنتاج، مما أسفر عن تسريح 230 ألف عامل في ذلك القطاع.

كما أشار إلى أن “النظام الرئاسي في تركيا؛ الذي أتم عامه الأول، لم يخلق أي نوع من الاستقرار في الاقتصاد، شأنه في ذلك شأن السياسة والدبلوماسية”.

وتابع قائلاً إن: “عدم الاستقرار الذي يعاني منه الاقتصاد التركي، وكذلك الأزمة التي دخلها يواصلان تأثيرهما سلبًا على بقية القطاعات الأخرى”.

انخفاض تدفقات رأس المال الأجنبي..

وأوضح التقرير؛ أنه منذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي شهدتها “تركيا”، يوم 24 حزيران/يونيو 2018، انخفضت بشكل ملحوظ تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى “تركيا”، مبينًا أن حجم تلك الأموال بلغ، في أول 4 أشهر من 2016، 7 مليارات دولار، وفي الفترة ذاتها من العام التالي، بلغت 12.5 مليار دولار، وفي 2018 بلغت 19.5 مليار دولار، أما في 2019 فبلغ حجمها أقل من ملياري دولار.

وأظهر أن قلة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية تسببت كذلك في تسريع وتيرة “الدولرة”، وارتفاع أسعار العُملات الصعبة مقابل العُملة المحلية، “الليرة”، مرجعًا الأمر إلى “عدم وجود أمن بالداخل”.

وأضاف التقرير أن: “الزيادة في أسعار الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار الفائدة على الليرة التي تهدف لتعويض خسارة العُملة المحلية، تسببت جميعها في حدوث زيادات غير متوقعة في تكاليف الصناعة التي كانت تعتمد إلى حد كبير على الاستيراد من الخارج والإقتراض، بدلاً من المصادر الخاصة”.

واستطرد: “كما تسببت في حدوث زيادات كبيرة في أسعار الصناعيين، وعندما ترتفع أسعار المنتجين المحليين أو أسعار الصناعيين بوتيرة سريعة؛ فإن هذا ينعكس في شكل زيادة تطرأ على أسعار المستهلكين”.

وذكر التقرير أن: “ارتفاع أسعار المستهلكين تسبب في حدوث تراجع حاد في الطلب الداخلي على السلع الاستهلاكية المعمرة، وفي مقدمتها السيارات والسلع البيضاء”.

وذكر أن العمالة الصناعية في “تركيا” بلغت، في شهر آذار/مارس 2018، 5 ملايين و618 ألف شخص، انخفضت إلى 5 ملايين و388 ألف، في شباط/فبراير الماضي، ما يعني إنضمام 230 ألف شخص لقطار العاطلين عن العمل بالبلاد.

دفع الاقتصاد لمزيد من التخبط والإنهيار..

التقرير أشار إلى أن الحكومة لا تتبع بعد أية سياسة من شأنها زيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للبلاد خلال الفترة المقبلة، مضيفًا: “فالتوترات بين تركيا والولايات المتحدة، على خلفية صفقة الصواريخ الروسية (إس-400)، وتلويح واشنطن بالعقوبات، أمور من شأنها دفع الاقتصاد بتركيا، وكذلك القطاع الصناعي، إلى مزيد من التخبط والإنهيار، ما يثير القلق والمخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد التركي الذي لن يقوى على تحمل هذه الضربات”.

عن الحالة التي وصل إليها الاقتصاد التركي، أكد عدد من خبراء الاقتصاد، في تصريحات لموقع (فرانس 24)؛ أن الوضع الاقتصادي التركي يشهد إنهيار في “هوة سحيقة”، ولكن لا تُعد النجاة مستحيلة إذا سارعت الحكومة التركية بإتخاذ بعض الخطوات والقرارات؛ على رأسها إستعادة الخبرات والكفاءات التي تم الاستغناء عنها ليحل محلهم صهر الرئيس التركي؛ والتوصل إلى تسويات مناسبة مع “واشنطن” للحيلولة دون تطبيق “عقوبات أميركية” ضد “أنقرة”، بسبب صفقة الصواريخ الروسية، وتخلي “إردوغان” عن المشروعات العملاقة التي يتم إطلاقها بالإستدانة ولا عائد أو طائل لها إلا التفاخر خلال الحملات الانتخابية.

وفي بداية تحقيق موسع نشره موقع (فرانس 24) تم استعراض أحد النماذج من مدينة “إسطنبول” لمواطن يدعى، “حزير البيرق”، بدأ العمل في محل تجاري صغير لبيع ألعاب للأطفال في “بازار إسطنبول”، قبل 25 عامًا، في نفس العام الذي تولى فيه الرئيس الحالي، “رجب طيب إردوغان”، منصب عمدة “إسطنبول”. واليوم، يدير “البيرق” مركزًا تجاريًا من 7 طوابق، ما يعكس بوضوح التحول الاقتصادي الكبير الذي شهدته “تركيا”، خلال ربع القرن الماضي.

يروي “البيرق”، بفخر: “بدأت من الصفر. الآن، نقدّم 295 علامة تجارية من تركيا والعالم كله”.

ويعود الفضل في هذا الإزدهار، بشكل كبير، إلى “إردوغان”، الذي شهدت “تركيا” خلال عهده فترة غير مسبوقة من الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي.

لكن تزعزع الاستقرار، الذي أتّسمت به سنوات “إردوغان” في الحكم، كرئيس للوزراء، بدءًا من العام 2003، وكرئيس منذ 2014، في السنوات الأخيرة مع تنفيذ سلسلة هجمات وانقلاب فاشل، عام 2016، تلته حملة قمع بلا هوادة وتدهور العلاقات مع “الولايات المتحدة”.

ومع هذه الأحداث؛ فقدت العُملة التركية نحو ثلث قيمتها مقابل الدولار، العام الماضي، ما أغرق البلاد في ركود ورفع نسبة التضخم إلى حوالي 20%.

ويقول “البيرق” بإنفعال: “أنظروا إلى هذا !”، مشيرًا إلى سعر علبة حفاضات أطفال. ويضيف: “منذ أسبوع، كنا نبيعها بـ 30 أو 35 ليرة تركية. واليوم، أنظروا: ارتفع سعرها إلى 49 ليرة !”. ويتابع: “في السابق، كانت الأسعار تتغيّر كل بضعة أشهر. الآن، كل أسبوع تقريبًا”.

ويتطلع “البيرق”، وهو من أنصار “حزب العدالة والتنمية”، بزعامة “إردوغان”، بشكل خاص إلى الاستقرار. ولكن سيتوجه سكان “إسطنبول”، اليوم الأحد، إلى مراكز الإقتراع للمرة الثامنة خلال 5 سنوات، بسبب إلغاء الانتخابات البلدية، التي أجريت آخر آذار/مارس الماضي، وفازت بها المعارضة بفارق ضئيل.

يعيش في حملة انتخابية دائمة..

منتقدو الرئيس التركي يرون أن الوتيرة المتواصلة للانتخابات جعلت “إردوغان” يعيش في حملة انتخابية دائمة تقريبًا، بحيث إنه يهاجم معارضيه ويغذّي حالة الاستقطاب بين مواطني “تركيا”.

ويقول “البيرق” إن: “ممارسة التجارة في تركيا، باتت تشبه القيام بأداء حركات بهلوانية”، مضيفًا أنه عندما “تحدث أزمة، فتتراجع العُملة؛ ويمكن أن يخسر التاجر كل شيء خلال عام واحد”.

لهذا يخشى بعض الاقتصاديين من وقوع الأسوأ، إذ إن الكثير من الشركات تواجه صعوبات في سداد ديونها مع الركود وإنهيار “الليرة” التركية؛ وحقيقة أن جانبًا كبيرًا من النمو التركي يعتمد على قروض بعُملات أجنبية.

قد تصل لنقطة اللاعودة..

ويرى الخبير في شؤون تركيا، “فادي هاكورا”، من مركز الأبحاث “شاتام هاوس”، في “لندن”، أن: “تركيا مرّت بسلسلة أزمات صغيرة، كل واحدة أسوأ من سابقتها”، متوقعًا أن تبلغ “تركيا” نقطة لا يمكن الرجوع منها، ما لم توقف الحكومة مشاريعها الضخمة وتركز على حل مشكلة ديون النظام المصرفي.

ويضيف “هاكورا”: “للأسف، تُصر الحكومة على إتباع النموذج القائم والمعتاد في الاستهلاك والبناء إعتمادًا على مصادر التمويل عن طريق الإستدانة”.

مبالغات لإثارة الخوف..

فيما يرفض المناصرون المؤيدون للحكومة أي تحذيرات ويعتبرونها مبالغات لإثارة المخاوف. ويرى بروفيسور “مولود تاطليير”، من مجموعة “سيتا” للأبحاث الموالية للحكومة، أنه يتم تقديم حماية كافية للشركات التركية ضد الإفلاس؛ وأنها تمتلك احتياطات نقدية تفوق ديونها التي تقدر بـ 6.5 مليار دولار.

ويشير إلى أن مستوى ديون الحكومة نفسها يُعتبر منخفضًا مقارنة بدول أخرى.

ويُقر بأن: “هناك ركودًا حاليًا”، ولكنه يرى أنه: “لم يتحوّل إلى أزمة اقتصادية”. ويبرر وجهة نظره بأن الاقتصاد “نشيط” ويستند إلى حقيقة أن “الأتراك معتادون على إنعدام الاستقرار”.

استدعاء الأكفاء بدلًا من صهره..

وربما تتمثل نقطة التحوّل في الخطوة المتوقعة بفرض “عقوبات أميركية”، تلوّح بها “واشنطن” في حال، لم تتخلَ “أنقرة” عن صفقة منظومة الصواريخ الدفاعية، (S-400)، روسية الصنع.

وإذا تمكن “إردوغان”، بطريقة أو بأخرى، من تخفيف التوترات مع “الولايات المتحدة”، فإن هناك حالة سلبية تنتاب المستثمرين، حيث إنه تم استبعاد بعض الخبراء الاقتصاديين الأكفاء، من أجل تعيين صهر “إردوغان”، “بيرات البيرق”، وزيرًا للاقتصاد والمالية.

ويقول المحلل الاقتصادي، “أتيلا يشيلادا”، من “غلوبل سورس”، في “إسطنبول”: إنه لا يزال هناك أمل، وعلى الرغم من أنه لا يتفق مع سياسات الحكومة التركية، مشيرًا إلى مجموعة من الإحصاءات، بداية من تراجع مبيعات السيارات إلى انخفاض ثقة الشركات الصناعية، بما يمكن وصفه بأنه الاقتصاد يسقط للهاوية.

إلا أنه يوضح: “في الماضي، عندما كان إردوغان يدرك أنه على حافة الهاوية، كان يسارع على الفور بالتراجع”. ويضيف “يشيلادا”: “أقال إردوغان الكثير من الأكفاء، لكنهم لا يزالون على قيد الحياة؛ ويمكن استدعاؤهم مجددًا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب