خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد انقلاب الموقف الاحتجاجي العراقي رأسًا على عقب وتغير خريطته لصالح الشارع؛ والذي مثل رأسه إنضمام طلبة المدارس والجامعات وأساتذتهم إليها وإعلانهم العصيان المدني، الأمر الذي شجع الجميع على إتخاذ موقف ممثل بكل المحافظات العراقية، وليس “بغداد” فقط، ومع مرور ليالٍ أكثر دموية نتيجة استخدام العنف وإطلاق الرصاص على المتظاهرين؛ مثلما حدث في “كربلاء”، ليلة الإثنين، والتي أطلق عليها اسم “الإثنين الأسود”.
تجميعة المشهد مع بعضه الآن تقول أن انتفاضة “العراق” تحولت إلى “ثورة” مكتملة الأركان؛ ينتظر بفارغ الصبر أولى نتائجها التي سيقت في مجموعة من المطالب وصل عددها إلى العشرين مطلبًا تبدأ بإقالة حكومة “عادل عبدالمهدي”، وتقديمه للمحاكمة.
ذلك المشهد المهيب جعل زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، يأخذ قرارًا سريعًا بالنزول إلى ساحة التظاهر، وهو بالأمر المعتاد عنه في مثل تلك الظروف، رغم ما قاله البعض من أنه نزل إلى الشارع بعدما تأكد من انتصار الشارع.
“الصدر” دخل إلى ساحة التظاهر، بـ”النجف”، فور نزوله من “إيران”، متجولًا بحرية بسيارته التي قادها بنفسه وسط المتظاهرين متوشحًا بعلم “العراق” حول رقبته، لإيصال رسالة بأن “العراق” للعراقيين وحدهم وليس للفصائل ولا للتابعين لـ”إيران”.
إعلان انتخابات مبكرة..
وكان “الصدر”، قبل نزوله لساحة الاعتصام بيوم؛ قد دعا رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، للحضور إلى البرلمان للإعلان عن انتخابات مبكرة، تكون بإشراف أممي، ولا تشارك فيها الأحزاب الحالية، قائلًا في بيان: “على الأخ، عادل عبدالمهدي، الحضور تحت قبة البرلمان للإعلان عن انتخابات مبكرة بإشراف أممي، وبمدة قانونية غير طويلة، وتتخذ خلال هذه الفترة كل التدابير اللازمة لتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها وعرضه على الشعب”.
وأضاف: “كما ندعو أن تكون الانتخابات المبكرة من دون مشاركة الأحزاب الحالية إلا من أرتضاه الشعب”، مخاطبًا المتظاهرين بالقول: “لا يغرنكم تصويت البرلمان؛ فكله صوري إلا بعد إجراءات قانونية مجحفة، كما أنبههم إلى أن جلستهم خالية من محاسبة الفاسدين”.
وكانت كتلة “الصدر”، التي حلت في المركز الأول في انتخابات العام الماضي، وساعدت في وصول تحالف “عبدالمهدي” الهش للسلطة، قالت يوم السبت الماضي؛ إنها ستتحول للمعارضة إلى أن يتم الوفاء بمطالب المحتجين المناوئين للحكومة.
رسالة من “عبدالمهدي” لـ”الصدر”..
وهو الأمر الذي جعل “عبدالمهدي” يخرج عن صمته ليبعث رسالة شديدة اللهجة إلى “الصدر”، دعاه فيها للاتفاق مع زعيم (منظمة بدر) بدل الطلب منه إجراء انتخابات مبكرة.
وأبدى “عبدالمهدي”، في رسالته، التي نشرها مكتبه الإعلامي، تحفظه على مقترح “الصدر” بإجراء انتخابات مبكرة كمخرج من أزمة الاحتجاجات المطالبة باستقالة حكومته ومحاربة الفساد.
وقال “عبدالمهدي”، إن: “هناك تحفظات على اختيار هذا المخرج للأزمة”.
وأوضح أن: “الانتخابات المبكرة تستدعي أن يوافق رئيس الجمهورية على طلب من رئيس مجلس الوزراء على حل البرلمان، والدعوة لانتخابات مبكرة خلال 60 يومًا، وهذا لن يتحقق إلا بتصويت مجلس النواب على حل المجلس بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، أي بأغلبية 165 صوتًا، وتعتبر الحكومة مستقيلة وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال يومية”.
وتساءل رئيس الوزراء العراقي: “كم ستستغرق عملية حل مجلس النواب ؟.. أو تغيير المفوضية ؟.. فالمستثمرون يهربون بسبب المجهول والأحداث الدامية، وهناك دماء تسيل، مما يتطلب إجراءات واضحة لتستطيع الدولة القيام بواجباتها، وتحفظ النظام العام وتطبق القانون على الجميع”.
وحذر “عبدالمهدي” من أن “تحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال يومية معناه عدم تمرير الموازنة، ومعناه التوقف عن التوقيع على المشاريع الجديدة والقوانين المطلوب تشريعها بأسرع وقت، والتي بها نحقق خطوات تم الاتفاق عليها للإصلاح وتوفير فرص العمل وتشجيع الاستثمارات والأعمال الجديدة”.
انتقاد حاد من ممثلو المحافظات السُنية..
وأثار ذلك الرد انتقاد ممثلو المحافظات السُنية في “مجلس النواب” العراقي، أمس، لطلب “عبدالمهدي” من “مقتدى الصدر”؛ الاتفاق مع زعيم ائتلاف (الفتح)، الأمين العام لـ (منظمة بدر)، “هادي العامري”، بمعزل عن القوى والجهات السياسية الأخرى.
وقالت النائب، “وحدة الجميلة”، متحدثة بلسان ممثلي تلك المحافظات، في مؤتمر صحافي عقدته أمس في البرلمان، أنه: “من خلال إطلاعنا على رسالة، عبدالمهدي إلى الصدر، والتي يشير فيها إلى تشكيل حكومة بين كتلتين وهذا الأسلوب الذي أدى إلى الفشل”.
وأضافت أنه: “يجب تمثيل الجميع؛ ونحن نرفض تشكيل الحكومة بهذا الشكل بمعزل وبعيدًا عن باقي المكونات والشركاء السياسيين، وهذا إختزال غير مقبول”.
سحب الثقة عن الحكومة..
كما أنه لم يجد من زعيم (التيار الصدري) سوى ردًا عنيفًا سيؤثر بقوة على مكانة “عبدالمهدي” السياسية التي يبدو أنها فقدت شرعيتها بالفعل مع تزايد تلك الحشود الثورية، حيث دعا قائد (منظمة بدر)، “هادي العامري”، إلى التعاون لسحب الثقة فورًا عن رئيس الحكومة العراقية.
وأعلن “الصدر”، في رده على رسالة رئيس الحكومة، “عبدالمهدي”، في بيان قائلًا: “جوابًا على كلام الأخ، عادل عبدالمهدي، كُنت أظن أن مطالبتك بالانتخابات المبكرة فيها حفظ لكرامتك؛ أما إذا رفضت.. فإنني أدعو الأخ هادي العامري.. للتعاون من أجل سحب الثقة عنك فورًا”.
وضمن دعوته إلى “العامري”، أكد “الصدر” على العمل لتغيير مفوضية الانتخابات، وقانونها، والاتفاق على إصلاحات جذرية من ضمنها تغيير بنود الدستور لطرحها على التصويت.
ووجه “الصدر”، في حال عدم تصويت البرلمان، على تغيير بنود الدستور، فعلى الشعب أن يقول قولته: “إرحل”.
لم يؤخذ بالمطالب..
في سياق ذلك؛ قالت عضو مجلس النواب العراقي، “ناهدة الدايني”، إنها توافق على مطالب المحتجين التي من ضمنها إجراء انتخابات مبكرة وتغيير مفوضية الانتخابات، مشيرًة إلى أن: “هيئة الرئاسة في مجلس النواب كان من المقرر أن تجتمع بالكتل السياسية لمناقشة الأمر”.
وأكدت على تقديم طلب للكتل السياسية يحمل نفس المطالب؛ “لكن لم يؤخذ بها”.
وأوضحت أن: “من الأسباب التي تؤدي إلى تهدئة الشارع هي الدعوة إلى انتخابت مبكرة، نهاية عام 2020، وتغيير مفوضة الانتخابات ببعض القضاة وشخصيات مستقلة”.
وقالت إن: “المظاهرات هي تراكمات سياسية حدثت نتيجة إخفاقات الحكومات السابقة، منذ عام 2005، وحذرنا دائمًا من بُعد الحكومة عن الشارع”، مشيرًة إلى أن: “الحكومات العراقية المتعاقبة، وخاصة الحكومة الأخيرة، كانت تحاول جادة إرضاء بعض الكتل السياسية الكبيرة التي أتت بها إلى الحكومة”.
الانتخابات المبكرة تخلع الحصانة عن الفاسدين لمحاسبتهم..
وقال رئيس مركز “بغداد” للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، “مناف جلال الموسوي”، إن: “السيد مقتدى الصدر دائمًا أقرب لطلبات المتظاهرين؛ حتى في عملية تشكيل الحكومة”.
ولفت إلى أن “الصدر” كان “يعمل على تغيير حقيقي وكان يعمل برنامج كتلة الإصلاح على محاسبة الفاسدين وإجراء إصلاحات شاملة وكاملة”.
وأشار إلى أن: “الهدف من إجراء انتخابات مبكرة؛ هو وجود هيمنة حزبية واضحة تحمي الفاسدين وتقدم المصلحة الحزبية والشخصية على مصلحة المواطن”.
الإحتكاك القريب يولد الإحتقان..
كما قال الباحث في الشأن الأمني، “فاضل أبورغيف”، إنه: “على الرغم من أن إجراءات القوات العراقية كانت إحترازية وتحذيرية؛ إلا أن الاحتجاجات كانت دامية نوعًا ما في بعض الأماكن وسقط فيها شهداء وجرحى”.
وأوضح أن: “الإحتكاك القريب جدًا يولد حالة من الإحتقان والاستفزاز لدى الطرفين”.
ويعتقد “أبورغيف” أن: “يقلل حظر التجول من حجم الإحتقان في الشارع، لكنه لن يكون حلًا”.
20 مطلبًا للثوار..
واتفقت مطالب “الصدر” مع مطالب “ثوار التحرير”، الذين حددوا 20 مطلبًا كتبوها من قلب الساحة في العاصمة، “بغداد”، لإيقاف التصعيد، جاءت على النحو التالي :
1 – إسقاط الحكومة وتقديم “عادل عبدالمهدي” للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين.
2 – حل البرلمان.
3 – كتابة دستور جديدة للبلاد؛ يكتبه مختصون ومستقلون بعيدًا عن الأحزاب والذين شاركوا في العملية السياسية، منذ 2003 وحتى يوم انتصار الثورة.
4 – إبعاد المؤسسة الدينية من التدخل في السياسة.
5 – استعادة أموال “العراق” المنهوبة ومحاكمة اللصوص والمسؤولين عن إهدار المال العام.
6 – تشكيل “مجلس قضاء” جديد مستقل؛ بعيدًا عن الأحزاب والمحاصصة.
7 – إلغاء المحاصصة في إدارة الدولة.
8 – حل المليشيات كافة وحصر السلاح بيد الدولة.
9 – إجراء انتخابات مبكرة، وبإشراف أممي، ويمنع الترشح لها من الأحزاب والكتل السياسية التي شاركت في العملية السياسية، منذ 2003 وحتى يوم انتصار الثورة.
10 – محاكمة الفاسدين من أعلى هرم في السلطة حتى منصب مدير عام، منذ العام 2005 وحتى يوم انتصار الثورة.
11 – تأسيس جيش عراقي جديد؛ بعقيدة جوهرها الدفاع عن الوطن وحماية المواطن.
12 – حل الأجهزة الأمنية التي مارست القمع والقتل ضد المواطنين وتشكيل أجهزة أمن جديدة عقيدتها الجوهرية حماية المواطن وليس الدفاع عن السلطة.
13 – جعل الحكم رئاسي.
14 – صياغة قانون انتخابي جديد يكتبه مستقلون وأصحاب اختصاص.
15 – تشكيل “محكمة جنائية” خاصة بالفاسدين وبقتلة الشعب العراقي، والذين أساؤوا استخدام السلطة ولم يحسنوا إدارة البلاد، منذ 2005 وحتى يوم انتصار الثورة.
16 – إلغاء كافة الإمتيازات التي تتمتع بها الرئاسات الثلاث.
17 – إلغاء رواتب وإمتيازات نزلاء “رفحاء”.
18 – تعليق عمل مؤسستي “الشهداء” و”السجناء السياسين” لحين التدقيق في ملفاتها.
19 – حل “هيئة النزاهة”.
20 – إلغاء كافة الدرجات الخاصة.