19 أكتوبر، 2024 1:33 م
Search
Close this search box.

انتخابات “برلمان كُردستان” على صفيح ساخن .. فهل تفرز خريطة سياسية مختلفة ؟

انتخابات “برلمان كُردستان” على صفيح ساخن .. فهل تفرز خريطة سياسية مختلفة ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

وسط جوٍ مشحون بالاستقطابات وتبادل الاتهامات؛ أعلنت “مفوضية الانتخابات”، أمس الجمعة، أن نسبة المشاركة في التصويت الخاص بانتخابات “برلمان إقليم كُردستان” بشكلٍ عام: (98%).

وقال “أيسر ياسين”؛ الناطق الرسمي باسم انتخابات “برلمان كُردستان”، في مؤتمر صحافي إن: “نسبة المشاركة في دهوك: (98) بالمئة؛ وفي أربيل: (97) بالمئة؛ والسليمانية: (97) بالمئة، وفي حلبجة (96) بالمئة”.

وأضاف “ياسين”؛ أن: “نسبة المشاركة في نينوى: (43) بالمئة؛ وكركوك: (56) بالمئة؛ وديالي: (62) بالمئة؛ والأنبار: (8) بالمئة؛ وبغداد الكرخ: (79) بالمئة؛ وواسط: (4) بالمئة؛ وصلاح الدين: (54) بالمئة؛ وبغداد الرصافة: (60) بالمئة”.

وفتحت “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات” الاتحادية، صباح أمس الجمعة، أبواب المراكز الانتخابية لاستقبال عناصر قوات (البيشمركة) وقوى الأمن الداخلي للإدلاء بأصواتهم في يوم الاقتراع الخاص لانتخابات “برلمان كُردستان-العراق” في دورته السادسة.

وبدأت عملية التصويت: بـ (165) مركز اقتراع في الساعة السابعة صباحًا؛ على أن تنتهي في الساعة السادسة مساءً، وفقًا للتوقيت المحدد من قبل مفوضية الانتخابات.

ويتنافس: (1091) مرشحًا في “إقليم كُردستان” من كلا الجنسين؛ وهم بمثابة: (14) حزبًا وحراك وتيارًا سياسيًا إلى جانب المستقلين في الدورة الانتخابية السادسة في الإقليم على: (100) مقعد هو العدد الكلي لمقاعد “برلمان كُردستان”، خمسة منها (كوتا) للمكونات بعد أن كانت: (11) مقعدًا، والتي جرى تقليصها بقرار من “المحكمة الاتحادية العُليا”؛ (أعلى سلطة قضائية في العراق).

وعدد المقاعد المخصصة للنساء؛ وفقًا لقانون الانتخابات، يتعين أن يكون على الأقل: (30) مقعدًا.

ويبلغ إجمالي عدد الناخبين في “إقليم كُردستان”: (2.899.578) ناخبًا، (215.960) منهم يحق لهم التصويت في الاقتراع الخاص، وأما الباقون والبالغ عددهم: (2.683.618) ناخبًا، فسيصوتون بالاقتراع العام يوم الأحد المقبل.

استقطاب حزبي وتبادل اتهامات..

وعلى الرُغم من تطمينات “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات” في “العراق”؛ بشأن مسّار العملية الانتخابية لـ”برلمان إقليم كُردستان”، فإن التصويت الخاص بمنتسّبي الأجهزة الأمنية أظهر مستوى حادًا من الاستقطاب الحزبي وتبادل الاتهامات.

وحتى الآن لا يزال الحزبان الكُرديان الرئيسان؛ (الديمقراطي الكُردستاني) بزعامة “مسعود بارزاني”، و(الاتحاد الوطني الكُردستاني) برئاسة “بافل طالباني”، يُهيمنان على الحياة الحزبية والسياسية في الإقليم، وسط صراعات حادة في مناطق نفوذهما التقليدية، مثل محافظات “أربيل ودهوك والسليمانية”.

وتتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تفرزه انتخابات الإقليم البرلمانية من نتائج من شأنها إحداث اهتزاز في الخريطة السياسية داخل الإقليم، سواء في المحافظات التقليدية الثلاث، أو في مناطق نفوذ متنازع عليها مثل “كركوك ونينوى”.

وأكدت “المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات” في “العراق”، أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، فضلاً عن استعدادها للتعامل مع كل الخروق وممارسات التزوير وإحالة المخالفين إلى القضاء. وتشرف المفوضية المستقلة على انتخابات الإقليم بطلب من الأحزاب السياسية بسبب فقدان الثقة بمفوضية الإقليم.

ويتوقع المراقبون السياسيون نسبة مشاركة منخفضة نسبيًا خلال الانتخابات العامة التي ستجرى يوم الأحد، رغم الحملات الانتخابية التي شهدت تصعيدًا متبادلاً وتبادل اتهامات.

تنافس متعدد الأبعاد..

وبات موقف كلا الحزبين الرئيسيين أكثر صعوبة في التعامل مع “بغداد”، سواء على مستوى التمثيل البرلماني أو التشكيل الحكومي، خصوصًا بعد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة؛ “محمد شيّاع السوداني”، وتأسيس ما يسُّمى: بـ (ائتلاف إدارة الدولة)؛ الذي يدعم الحكومة، ولكنه ينقسم سياسيًا بين الفرقاء السياسيين. ولم تُعد كلمة الكُرد فيه موحدة، بل باتت شديدة الانقسام بين من يؤيد قوى (الإطار التنسّيقي) الشيعي، وهو (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، وبين من يدعم رئيس الحكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، في صراعه مع أطراف من ضمن قوى (الإطار التنسّيقي)، وهو الحزب (الديمقراطي الكُردستاني).

إضافة إلى ذلك؛ فإن اختلال التوازن الحزبي والسياسي داخل الإقليم، الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1992، قد تعمق أكثر بعد ظهور أحزاب وقوى سياسية جديدة، خاصة بعد الانشقاقات التي ضربت (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، والذي انشقت عنه حركة (التغيير) وحزب (الجيل الجديد).

غلبة النزعة العشائرية..

ولا يزال الحزب (الديمقراطي الكُردستاني) متماسكًا بفضل تركيبته القيادية ذات النزعة العشائرية، التي تُعزز هيمنة قبيلة (البارزانيين) على كامل هيكله السياسي، إلا أن التحالفات مع الأطراف الأخرى في باقي مناطق “العراق” بدأت تتوسع على حساب نفوذه، بما في ذلك “كركوك”.

وعلى الرُغم من أن كلا الحزبين يتفقان على عائدية “كركوك” إلى “إقليم كُردستان”، بخلاف ما يراه العرب والتُركمان وبعض المسيحيين، فإن المادة (140) من الدستور العراقي المتعلقة بـ”كركوك” لم تُنفذ، رغم انتهاء المهلة الدستورية، نتيجة الخلافات السياسية بين مختلف الأطراف، بما في ذلك الأطراف الكُردية نفسها. ففي آخر انتخابات لمجالس المحافظات في “كركوك”، التي تأجلت منذ عام 2005، أظهر حزب (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ بزعامة “بافل طالباني”، تفوقه على خصمه (الديمقراطي الكُردستاني) من حيث عدد المقاعد، مما أتاح له تشكيل مجلس المحافظة واختيار المحافظ بالتحالف مع العرب، وهو تحول سياسي خطير بين الحزبين. وليس هذا فحسّب؛ بل إن محافظ كركوك؛ “ريبوار طالباني”، القيادي في (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، أعلن قبل يومين في تصريح سياسي أن حزبه تمكن من استعادة “كركوك” ويستعد لاستعادة “أربيل”.

تحالفات سياسية للمكونات والعرقيات..

كما بدأت محافظة “نينوى” أيضًا تشهد استقطابًا حزبيًا من نوعٍ آخر؛ يتمثل في طبيعة التحالفات السياسية العابرة للمكونات والعرقيات. على سبيل المثال، انقسم المسيحيون بين فريقين: فريق يؤيد (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، وآخر يتبّنى توجهات الحزب (الديمقراطي الكُردستاني). هذا الانقسام يسُّاهم في تعميق الفجوة بين الأحزاب ويزيد من تعقيد جهود التعاون بين القوى السياسية المختلفة.

اهتزاز الخريطة السياسية..

في هذا السياق؛ تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تفرزه انتخابات الإقليم البرلمانية من نتائج قد تحدث اهتزازًا في الخريطة السياسية داخل الإقليم، سواء في المحافظات التقليدية الثلاث: (أربيل، والسليمانية، ودهوك)، أو في مناطق النفوذ المتنازع عليها في محافظتي: “كركوك ونينوى”. كما أن النفوذ السياسي بدأ يتراجع في “بغداد” نتيجة للصراعات الحزبية.

بينما يستبعد العضو في الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “أحمد بكر”، أن تكون خريطة التحالفات السياسية القادمة مختلفة بشكلٍ كبير عما هي عليه الآن.

ويوضح “بكر”؛ لـ (الحرة) الأميركية: “الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ الذي يُمثل الحزب الأعرق والأكبر في الإقليم تمكن؛ حتى الآن، من الحفاظ على مكانته وموقعه، ويسعى بكل طاقته للحصول على الغالبية العظمى من مقاعد برلمان الإقليم خلال هذه الدورة الانتخابية، وهذا ليس بنُية حكم الإقليم بشكلٍ فردي، بل بالعكس أكد (الديمقراطي) خلال حملته الانتخابية على العمل معًا خلال المرحلة المقبلة”.

ويُشير “بكر” إلى أن ما تغير خلال المرحلة الماضية على الساحة السياسية هو (الاتحاد الوطني الكُردستاني)، إثر ما شهده صفوفه من انشقاقات تسببت بتجزئة أصواته، معتبرًا ذلك التغيّير الوحيد الذي من الممكن أن تشهده الخريطة، لافتًا إلى أنه قد يكون هناك تغيّير في التحالفات خاصة بعد أن أصبح التحالف الاستراتيجي بين (الديمقراطي) و(الاتحاد) ضعيفًا جدًا.

ومن المقرر ان ينطلق التصويت العام لانتخابات “إقليم كُردستان” في 20 تشرين أول/أكتوبر الحالي، وتجري الدورة الانتخابية الحالية حسّب نظام الدوائر الانتخابية المتعددة، بعد أن كانت خلال الدورات السابقة وفق نظام الدائرة الواحدة، وقسم الإقليم في هذه الانتخابات على (04) دوائر انتخابية تمُثل كل دائرة فيه محافظة من محافظاته الأربعة: (أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة).

نقلة نوعية ومفصلية..

ويرى عضو في (الاتحاد الوطني الكُردستاني)؛ “محمود خوشناو”، أن خريطة التحالفات السياسية في هذه الانتخابات تختلف عن الدورات السابقة، لأسباب منها إجراء الانتخابات بحسّب نظام انتخابي وقانون مختلف عن الانتخابات السابقة، واختلاف نوعية التعامل بين الحزبين الرئيسيين أيضًا.

مضيفًا أنه: “في هذه الانتخابات سنشهد نقلة نوعية ومفصلية في العملية السياسية في إقليم كُردستان. الخريطة السياسية ستختلف وهذا الاختلاف يعتمد عليه نوعية التحالفات، (الاتحاد) لا يُريد أن يقصي أحد، ويؤمن بحكومة ذات قاعدة واسعة.”

ويعتقد “خوشناو” أن الانتخابات ستتمخض عنها تحالفات بين (الاتحاد) وأحزاب سياسية أخرى؛ وربما بين (الاتحاد) و(الديمقراطي) أيضًا، لكن بفلسفة جديدة وبمسار جديد، مؤكدًا أن حزبه يتمتع بقوة جماهيرية كبيرة حاليًا، وخرج من تحت تأثير الانشقاقات.

لا أغلبية في البرلمان..

ويقول عضو جماعة (العدل) الكُردستانية؛ (الجماعة الإسلامية سابقًا)، “دلشاد هرتلي”، لـ (الحرة): “ستنتهي خريطة التحالفات السياسية الحالية بين الأحزاب في الإقليم؛ وخاصة بين (الاتحاد الوطني الكُردستاني) و(الديمقراطي الكُردستاني) خلال دورة الانتخابات البرلمانية السادسة”، مشيرًا إلى أن عملية تشكيل التحالفات خلال المرحلة المقبلة ستكون صعبة جدًا، ولن يكون بإمكان أي حزب أو قائمة الحصول على الأغلبية في البرلمان القادم.

ويُلفت “هرتلي” إلى أن تغييّر الخريطة سيخدم المواطنين، ويجعل البرلمان القادم برلمان المواطنين، داعيًا جميع الكتل السياسية خلال الدورة البرلمانية القادمة إلى التنسيق فيما بينها لتمرير مشاريع القوانين المهمة التي تصب في مصلحة المواطنين.

وحصل (الديمقراطي الكُردستاني) في الدورة الانتخابية الماضية؛ على: (45) مقعدًا من مقاعد البرلمان، بينما حل (الاتحاد) في المرتبة الثانية بحصوله على: (21) مقعدًا، وجاء (التغيير) في المرتبة الثالثة: بـ (12) مقعدًا وتبعه حركة (الجيل الجديد) و(الجماعة الإسلامية) على التوالي في المرتبتين الرابعة والخامسة، حيث حصل (الجيل الجديد) على: (08) مقاعد؛ و(الجماعة) على: (07) مقاعد، وحلت قائمة (التحالف من أجل الإصلاح) التابعة لـ (الاتحاد الإسلامي) سادسًا بخمسة مقاعد.

ورُغم اختيار (الجيل الجديد والجماعة والاتحاد الإسلامي) البقاء كمعارضة داخل البرلمان، إلا أنها لم تتمكن من تشكيل جبهة معارضة موحدة، ولعبت كل منها الدور بشكل فردي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة