وكالات – كتابات :
ذكرت “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير أصدرته اليوم الخميس، إن الأشخاص ذوي الإعاقة في “العراق”؛ يواجهون عقبات كبيرة أمام مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، في 10 تشرين أول/أكتوبر 2021، بسبب التشريعات التمييزية وعدم مواءمة أماكن الاقتراع مع احتياجاتهم. بدون تغييرات عاجلة، قد لا يتمكن مئات آلاف الأشخاص من التصويت.
وتقرير المنظمة الحقوقية المعنون: (لا أحد يُمثلنا؛ المشاركة السياسية خارج متناول الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق)، الصادر في: 34 صفحة، يوثّق تقاعس السلطات العراقية عن تأمين الحقوق الانتخابية للعراقيين ذوي الإعاقة. غالبًا ما يُحرم الأشخاص ذوو الإعاقة من حقهم في التصويت بسبب التشريعات التمييزية وعدم مواءمة مراكز الاقتراع مع احتياجاتهم، والعقبات التشريعية والسياسية الكبيرة أمام الترشح للمناصب العامة.
قصور تشريعي..
وقالت “بلقيس والي”، باحثة أولى في قسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش”: “على الحكومة ضمان إتاحة أماكن الاقتراع لجميع الناخبين. رغم أن بعض الخطوات، مثل تعديل التشريعات، ستستغرق وقتًا، إلا أن بعضها الآخر سهل وليس لدى ́المفوضية العليا المستقلة للانتخابات́ أي عذر لمواصلة التقاعس عن مواءمة الانتخابات مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وبين كانون ثان/يناير وآب/أغسطس 2021، قابلت “هيومن رايتس ووتش”، 14 شخصًا من ذوي الإعاقة، فضلاً عن نشطاء، ومسؤولين حكوميين، وموظفي “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”.
رغم أن الحكومة العراقية لم تجمع أي إحصاءات موثوقة عن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة، في عام 2019، قالت “اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة” الأممية؛ إن “العراق”، الذي يُعاني من عقود من العنف والحرب، بما فيها المعارك ضد تنظيم (داعش)، بين: 2014 و2017، لديه أحد أكبر أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم.
وصادق “مجلس النواب” العراقي على “اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، عام 2013. تطالب المادة (12) من الاتفاقية بأن: “تقر الدول الأطراف بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع آخرين في جميع مناحي الحياة”، والمادة (29) تدعو الدول لاحترام الحقوق السياسية للأشخاص ذوي الإعاقة. إلا أن القانون العراقي لا يفي بهذه الإلتزامات. لا يعترف القانون المدني لعام 1951؛ بالحق في الأهلية القانونية للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يسمح للحكومة بحرمان الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، و”النفسية-الاجتماعية”، (العقلية)، والبصرية، والسمعية من الأهلية القانونية. لا يُسمح للأشخاص الذين لا يتمتعون بالأهلية القانونية بالتصويت.
المادة (29) من الاتفاقية؛ تُلزم الدول بضمان أن تكون مرافق التصويت والمواد ذات الصلة: “مناسبة وميسّرة وسهلة الفهم والاستعمال”. إلا أن السلطات العراقية لا تقدم سوى القليل من المعلومات الميسَّرة أو لا توفرها للأشخاص ذوي الإعاقات الفكرية، والبصرية، والسمعية. لا تُقدَّم المواد الانتخابية في صيغ ميسّرة مثل: الصوت، وطريقة “برايل”، والحروف الكبيرة، ولغة الإشارة، والقراءة السهلة. لا يمكن للأشخاص ذوي الإعاقات السمعية والبصرية الإطلاع على الفيديوهات الموجودة على الإنترنت. بسبب الحظر الكامل على تشغيل المركبات في يوم الانتخابات لأسباب أمنية، قد يواجه الأشخاص الذين يستخدمون الأجهزة المساعدة على التنقل صعوبات في الوصول إلى أماكن الاقتراع.
تستخدم لجنة الانتخابات، بشكل شبه حصري؛ المباني المدرسية، التي يتعذر الوصول إلى العديد منها، كأماكن للاقتراع. كما تضع العديد من صناديق الاقتراع في الطابق الثاني في مبان لا توجد بها مصاعد. ليس لديها صناديق اقتراع متنقلة أو تصويت إلكتروني، كما لا تتيح التصويت بالبريد، ربما بسبب ضعف النظام البريدي في “العراق”.
أكثر الأيام كآبة..
بدورها، قالت “سهى خليل”، (44 عامًا)، التي تستخدم كرسيًا متحركًا: “كل يوم انتخابي هو اليوم الأكثر كآبة بالنسبة لي. يذهب الجميع للتصويت بينما أنا عالقة في المنزل في انتظار انتهاء اليوم”.
قال الأشخاص ذوو الإعاقة إنهم يضطرون أحيانًا إلى الاعتماد على المساعدة للوصول إلى مكان الاقتراع. عندما تأتي هذه المساعدة من أعضاء حزب سياسي، فإنهم يحاولون أحيانًا التأثير على كيفية تصويت الشخص. حاجة بعض الأشخاص إلى مساعدة لملء أوراق الاقتراع أو الوصول إلى صندوق الاقتراع تُثير مخاوف بشأن سرية الاقتراع.
الباب مغلق تمامًا للترشح لمناصب عامة..
“أحمد الغزي”، مدير “مؤسسة صوت المعوق العراقي”، وهي منظمة مقرها “بغداد”، قال إن استطلاع مؤسسته للانتخابات البرلمانية، لعام 2018، وجد أن: 200 عضو فقط، من أصل 5 آلاف؛ أجابوا على الاستطلاع قالوا إنهم تمكنوا من التصويت.
تُشير الأدلة المتوفرة إلى أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون أيضًا عقبات كبيرة في الترشح للمناصب العامة. رغم البحث المكثف، تمكنت “هيومن رايتس ووتش”؛ من تحديد ثمانية أشخاص فقط – جميعهم رجال ومن ذوي الإعاقات الجسدية – ترشحوا لشغل مناصب عامة، منذ 2005، ستة في الانتخابات البرلمانية وإثنان في انتخابات المحافظات. تنبع العقبات من التشريعات التمييزية، بما فيها الأحكام التي تُلزم المرشحين بأن يكونوا: “كاملي الأهلية”؛ ونقص الموارد المالية؛ وعدم رغبة الأحزاب السياسية في إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة ودعمهم كمرشحين.
من جهتها؛ قالت “نغم خضر إلياس”، (47 عامًا)، التي تستخدم كرسيًا متحركًا: “أشعر بالحزن الشديد عندما أرى جميع أعضاء البرلمان ولا يوجد من يُمثلنا”.
مبررات حكومية..
دافعت المفوضية عن سياساتها، وقالت لـ”وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”، في كانون أول/ديسمبر 2020، ردًا على النتائج الحاسمة للجنة “الأمم المتحدة” المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: “مؤسستنا هي مؤسسة تنفيذية معنية فقط بتنفيذ القانون الانتخابي الناظم لجميع تفاصيل العملية الانتخابية”. لكن المفوضية تتمتع بسلطة اختيار مواقع الاقتراع، التي يمكن الوصول إليها، وتوفير وسائل النقل، ونشر المعلومات الميسَّرة.
بالنسبة إلى يوم الانتخابات، على المفوضية ضمان توفر المواصلات وإمكانية الوصول إلى أماكن الاقتراع. يجب أن تضمن أن تكون مواد المعلومات الانتخابية التي تنشرها ميسَّرة وسهلة الفهم على الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية، والبصرية، والسمعية. كما ينبغي لها أن تضمن إتاحة المساعدة لمن يحتاجون إليها وألا يتعارض ذلك مع حقهم في الإدلاء بأصواتهم بسرية واستقلالية.
واجب برلماني غائب..
على “البرلمان العراقي”؛ الذي سيُنتخَب تعديل التشريعات ذات الصلة لتتوافق تمامًا مع الاتفاقية. يجب أن يُعدل القانون المدني بشأن الأهلية القانونية بحيث يُحترم الحق في الأهلية القانونية لأي شخص من ذوي الإعاقة، وأن يتمتع بإمكانية اتخاذ القرارات مع الحصول على الدعم، إذا لزم الأمر.
يجب استشارة الأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات التي تمثلهم وإشراكهم في كل هذه الجهود.
على هيئات مراقبة الانتخابات التابعة لـ”الأمم المتحدة”، و”بعثات المساعدة الأوروبية”، أن تشمل الأشخاص ذوي الإعاقة كمراقبين خبراء، وتُدرِج في التفويض الذي يتمتعون به كمراقبين وثائق وتقارير عن المعاملة التمييزية والقيود التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة.
قالت “والي”: “على البلدان الداعمة ماليًا للانتخابات ومهام المراقبة العراقية، بما فيها البلدان التي شاركت في النزاع، أن تضمن المساعدة في تعزيز المواءمة مع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق، بما يشمل نظامه السياسي”.