وكالات – كتابات :
بات المسرح جاهزًا لاستقبال الاستحقاق الانتخابي البرلماني الخامس؛ الذي يشهده “العراق”، منذ العام 2003، فيما يؤمل أن يؤدي إلى إطلاق حيوية جديدة في العمل السياسي في البلد، وهو ما تطلب الكثير من الأعداد والجهود التي قُدر أنها ستكلف الدولة أكثر من: 300 مليون دولار.
ويُشير المراقبون إلى أن الكلفة التي تبدو كبيرة نسبيًا، كان يمكن أن تكون أقل بذلك بكثير لو أن العملية الانتخابية تمت: “مكننة” آليات التصويت فيها بيومتريًا من قبل، بما يضمن تخفيض النفقات، والأهم ضمان الحد من عمليات التصويت المشبوهة أو التزوير والتلاعب بالأصوات، ويساهم بالتأكيد في تعزيز شعور الناخبين بأن العملية الديمقراطية الناشئة في بلادهم، تسير على طريق النزاهة والشفافية، وتحظى بثقتهم، وبالتالي ثقتهم بنظامهم السياسي حاضرًا ومستقبلاً.
لكن ذلك لا يُقلل من أهمية الجهود التي بذلتها الحكومة، والمفوضية المستقلة للانتخابات، في الإعداد لعملية الاقتراع هذه؛ والتي سيخوض المعركة فيها أكثر من: 3240 مرشحًا، في العاشر من تشرين أول/أكتوبر 2021، حيث بات يحق: لـ 23 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم فيها من أصل: 25 مليون، ممن حدثوا بيانتهم؛ أي استحصلوا على بطاقة الناخب “البايومترية”.
لإعداد أول اقتراع بعد “ثورة تشرين”..
وبكل الأحوال، فإن الكلفة المالية لانتخابات العام 2021، تبدو خيارًا لا مفر منه من أجل إطلاق مناخ “سياسي-برلماني” جديد في عراق ما بعد “ثورة تشرين أول/أكتوبر”. ولهذا، فإن مفوضية الانتخابات استعانت أيضًا: بـ 300 ألف موظف للإشراف ومتابعة إجراءات الاقتراع في عموم “العراق”؛ بما فيها محافظات “إقليم كُردستان”.
ويتنافس المرشحون في: 83 دائرة انتخابية بخلاف الانتخابات السابقة؛ حيث كان “العراق” مقسمًا على: 18 دائرة، أي يتقاسم مرشحو كل محافظة دائرة انتخابية واحدة. ويبلغ مجموع مراكز الاقتراع العام: 8273، في حين يبلغ عدد مراكز الاقتراع الخاص، (منتسبو وزارتي الدفاع والداخلية والصنوف الأمنية الأخرى)؛ 595 مركزًا.
تصويت المعتقلون ونزلاء السجون..
وقالت معاون الناطق باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، “نبراس أبوسودة”؛ في تصريح لوسائل إعلام عراقية؛ أن نزلاء السجون المشمولين منهم أو الذين تم تسليمهم بطاقة بيومترية، بحسب وثائقهم الثبوتية؛ وعددهم: 676 نزيلاً، فقد خصص لهم: 06 محطات اقتراع موزعة بواقع محطتين في محافظة “السليمانية”؛ ومحطة واحدة في محافظة “دهوك”؛ ومثلها في محافظات: “واسط وميسان والمثنى”.
ولفتت إلى أن المفوضية كانت قد خاطبت الجهات المعنية بشؤون المعتقلين أو نزلاء السجون لاستحصال بطاقات بايومترية لهم، لكن لم تصلنا أية ردود في ذلك.
وأشارت “أبوسودة” إلى أنه تم استبعاد: 284 مرشحًا ومرشحة من السباق الانتخابي؛ وذلك لأسباب من بينها مخالفة ضوابط الترشيح التي وضعتها المفوضية؛ مثل وفاة المرشح أو وثائق دراسية مزورة أو مخالفة ضوابط قانون المساءلة والعدالة أو نقص في المستندات المطلوبة.
العراقيون بالخارج..
وحول آلية اقتراع ناخبي الخارج، قالت “أبوسودة”؛ أن تصويت العراقيين المقيمين في الخارج أوقف لأسباب: “فنية ومالية وقانونية”، فضلاً عن الأسباب الصحية المرتبطة بجائحة (كورونا)، فضلاً عن أن قصر المدة الزمنية بين إقرار القانون وموعد الانتخابات، حال دون توزيع البطاقات البيومترية.
يُذكر أن قانون انتخابات “مجلس النواب” العراقي رقم (9) لسنة 2020؛ نص على أن يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البيومترية حصرًا، علمًا أن هذه البطاقات هي بطاقات تعريف انتخابية تحتوي على معلومات مثل بصمات الأصابع، وجرى تصميمها لمنع التزوير في الانتخابات؛ والتأكد من أن الناخب الذي يدلي بصوته هو نفسه الموجود في السجلات الرسمية للمفوضية.
الكلفة المالية..
وحول الكلفة المالية للانتخابات، أكدت “أبوسودة”؛ أنه لا يمكن تحديد الكلفة النهائية للانتخابات قبل إنتهاء إعلان نتائجها النهائية والمصادقة عليها؛ ومن ثم إجراء التسوية المالية وفق الميزانية المخصصة لها.
لكن مصدرًا مطلعًا أكد أن كلفة الانتخابات المقبلة؛ ستكون أقل من الدورات الانتخابية السابقة؛ لأسباب عدة؛ من بينها إلغاء طبع مستلزمات الاقتراع خارج البلاد وإحالتها إلى المطابع المحلية؛ مما اختصر إنفاقًا كبيرًا من دون أن يُثقل كاهل الحكومة بتبعات مالية، علمًا بأن كلفة عملية التصويت في خارج “العراق” تُدفع بالعُملة الصعبة؛ وقد ألغيت المخصصات المالية المتعلقة بها في الدورة الحالية، إلى جانب أسباب فنية أخرى.
وتابع المصدر: “بالتالي قد لا تتعدى الكلفة الحالية: 300 مليون دولار، بما فيها أجور الموظفين المتعاقد معهم مؤقتًا للعمل كموظف اقتراع أو مشرف على محطة أو مركز انتخابي لا تتجاوز حدود: 150 دولارًا للفرد”.
وكان قانون الموازنة العامة الاتحادية للبلاد، لعام 2021؛ قد نص على تخصيص ميزانية مالية لمفوضية الانتخابات تُقدر بنحو: 327.5 مليار دينار عراقي، (224.3 مليون دولار)، علمًا بأن الانتخابات البرلمانية الماضية، في العام 2018، كلفت الموازنة العراقية نحو: 296 مليار دينار، أي ما يُعادل: 224.6 مليون دولار؛ وفق سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، حينها، (1200 دينار لكل دولار)، قبل تخفيض قيمة العُملة العراقية.
من جانبه؛ أعلن “المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان” في “العراق”؛ اعتماد “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”؛ قرابة: 380 ألف وكيل كيان سياسي ومراقب محلي عن منظمات المجتمع المدني.
وقال نائب رئيس المركز، “حازم الرديني”؛ أن أعداد مراكز الاقتراع للتصويتين الخاص والعام؛ هو: 8954 ألف مركز، وعدد المحطات الكلي هو: 57834 ألف محطة انتخابية، وبالتالي أن أعداد الوكلاء والمراقبين سيغطي جميع مراكز ومحطات الاقتراع من: “زاخو” لـ “الفاو”.
بعد ستة أيام..
ستة أيام تفصلنا عن أول انتخابات برلمانية مبكرة؛ وبغير موعدها المعتاد، وتجري هذه الانتخابات التي كان موعدها الطبيعي في العام 2022، وفقًا لقانون انتخابي جديد؛ يعتمد دوائر انتخابية متعددة والتصويت لمرشح واحد، يُفترض أن يحد من هيمنة الأحزاب الكبيرة على المشهد السياسي.
ويبلغ عدد الناخبين في هذه الانتخابات: 25 مليونًا؛ يتوزعون على: 83 دائرة انتخابية، و8273 صندوق اقتراع.
وبحسب توزيع الدوائر والمرشحين، تنتخب كل دائرة بين ثلاثة إلى خمسة نواب، قياسًا بعدد سكانها.
الدوائر الانتخابية؛ وزعت كالتالي: 17 دائرة في “بغداد”، و04 في “الأنبار”، و08 في “نينوى”، و03 في “كركوك”، و06 في “البصرة”، و05 في “ذي قار”، و04 في “بابل”، و03 في “ميسان”، و03 في “واسط”، وإثنين في “المثنى”، و03 في “القادسية”، و03 في “كربلاء”، و03 في “النجف”، و04 في “ديالى”، و03 في “صلاح الدين”، و03 في “دهوك”، و04 في “أربيل”، و05 في “السليمانية”.
يتنافس المرشحون على: 329 مقعدًا، بينها: 83 مقعدًا؛ تُمثل: 25 بالمئة من المجموع الكلي خصصت للنساء، بالإضافة إلى تسعة مقاعد للأقليات موزعة بين المسيحيين والشُبك والصابئة والإيزيدين والكُرد الفيليين.
ويبلغ عدد المرشحين أكثر من: 3240؛ بينهم نحو: 950 امرأة، أي أقل بالنصف من عدد النساء اللواتي ترشحن، في انتخابات 2018. يوجد أيضًا: 789 مرشحًا مستقلاً، فيما توزع الباقون ضمن قوائم أحزاب وتحالفات سياسية.
وأكدت “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”؛ أن نتائج التصويتين: العام والخاص؛ ستُعلن خلال 24 ساعة.
هل تختلف عن انتخابات 2018 ؟
يُذكر أن نسبة المشاركة، في العام 2018: (44.52) بالمئة، وفق الأرقام الرسمية، والتي يرى منتقدون أنه مبالغ فيها.
وبحسب مختصين فإن الانتخابات المقبلة ستختلف اختلافًا واسعًا، إذ أن القانون الانتخابي الجديد أعطى ضمانات جدية من خلال توسيع الدوائر من: 18 إلى 83 دائرة انتخابية، وهذا يعني أن الرقابة ستكون أشد من المرشحين عبر وكلائهم في مراكز ومحطات الاقتراع؛ وأيضًا الاهتمام الدولي في رقابة الانتخابات بشكل غير مسبوق.
وينص قانون الانتخاب العراقي الجديد أيضًا؛ على أن تُشكل المفوضية لجنة من المؤسّسات الحكومية المختصّة فنيًا، لمراقبة الشركة الفاحصة لأجهزة الاقتراع، على ان تقدّم تقريرًا بذلك إلى البرلمان.
وفي سياق الدعم الدولي للانتخابات يراقب الاقتراع أكثر من: 130 موظفًا دوليًا ضمن بعثة “الأمم المتحدة”، موزعين على: 8273 مركزًا انتخابيًا في عموم البلاد، إضافة إلى تدابير فنية، يقول واضعوها إنها ستحد من التلاعب بنتائج الاقتراع.