18 نوفمبر، 2024 6:34 م
Search
Close this search box.

اليوم ليس كالأمس .. “ترمب” أمام شرق أوسط غيرت ملامحه 4 تحولات كبرى !

اليوم ليس كالأمس .. “ترمب” أمام شرق أوسط غيرت ملامحه 4 تحولات كبرى !

وكالات- كتابات:

بينما يستعد الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، لتولي مهام منصبه في العشرين من كانون ثان/يناير المقبل، يتساءل كثيرون عما ستكون عليه الأوضاع خلال ولايته الثانية؛ التي ستمتد لأربع سنوات في “البيت الأبيض”، وكيف سيتعامل الرئيس الجمهوري مع ملفات عدة محلية ودولية، وفي مقدمتها قضايا الشرق الأوسط.

غير أن “ترمب”؛ الذي يُعكف حاليًا على تشكيل فريقه الجديد للسياسة الخارجية سيواجه شرقًا أوسطًا ذا ملامح مختلفة عما كان عليه الوضع خلال ولايته الأولى: (2016-2020).

فقد تغيرت أوضاع الشرق الأوسط بشكلٍ كبير بعد عملية (طوفان الأقصى)، وبات يتعين على الإدارة الجمهورية الجديدة التعامل مع منطقة تشهد حالة من الاضطراب الشديد مع توسع “إسرائيل” في حروبها بـ”قطاع غزة ولبنان”، وعزمها على ضم “الضفة الغربية” المحتلة، ومواجهات مباشرة وغير مباشرة مع “إيران”، فضلاً عن تعطل قطار التطبيع مع الدول العربية، الذي كان قد انطلق بقوة في أيام “ترمب” الأخيرة بالفترة الرئاسية الأولى.

ولعلنا نذُّكر كيف تعامل “ترمب” مع قضايا الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى، التي تبنى فيها نهجًا مؤيدًا لـ”إسرائيل” برزُت ملامحه في اتفاقيات التطبيع ونقل السفارة الأميركية إلى “القدس” والاعتراف بالسيّادة الإسرائيلية على “مرتفعات الجولان”، فضلاً عن وقف تمويل الـ (أونروا) وإغلاق مكتب “منظمة التحرير الفلسطينية” في “واشنطن”.

في هذا التقرير؛ نرصد كيف تغيّر الشرق الأوسط خلال أربع سنوات مضت بعد ولاية “ترمب” الرئاسية الأولى، وماذا قد تعني ولاية “ترمب” الثانية بالنسبة للمنطقة ؟

01 – “طوفان الأقصى” وتبعات أثره..

تصف صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ في تقريرٍ لها، عملية (طوفان الأقصى) في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، أنها كانت إحدى تلك اللحظات التي تُقسّم التاريخ إلى: “ما قبل” و”ما بعد”. إذ شنّت “المقاومة الفلسطينية”؛ بقيادة (حماس)، هجومًا مباغتًا وواسع النطاق من “قطاع غزة” تجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لـ”غزة”، بالتزامن مع إطلاق آلاف الصواريخ خلال دقائق تجاه الأراضي المحتلة.

وعما كانت عليه أوضاع “القضية الفلسطينية”؛ خلال فترة ولاية “ترمب” الأولى، يُضيف تقرير (نيويورك تايمز)؛ أن المطالب الفلسطينية بإقامة دولة على سبيل المثال لم تحظَ باهتمام كبير. فقد سيطرت “إسرائيل” على “الضفة الغربية” واحتوت “غزة” بإحكام شديد، لدرجة أنه بدا أن الوضع الراهن قد يستمر إلى أجلٍ غير مسُّمى.

ولكن هجوم (حماس) وإعادة ترتيب التحالفات التي أعقبته، والحرب الإسرائيلية على “غزة ولبنان” غيّرت كل شيء.

فقد عادت “الولايات المتحدة” إلى الانخراط بعُمق في المنطقة؛ وقدمت الدعم العسكري لـ”إسرائيل”، خلافًا للتصور الذي كان قائمًا لدى البعض من أعضاء إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن””، ومن بينهم مستشاره للأمن القومي؛ “جيك سوليفان”.

وكان “سوليفان” قد كتب مقالاً لمجلة (فورين آفيرز)؛ في 02 من تشرين أول/أكتوبر، عدّد فيه إنجازات الإدارة الأميركية على الساحة الدولية، ووصف منطقة الشرق الأوسط بأنها أصبحت: “أكثر هدوءًا مما كانت عليه منذ عقود”.

ولم يكد يمضي على نشر المقال أسبوعٍ واحد؛ حتى نفذت (حماس) عملية (طوفان الأقصى).

كما أدى الغضب العالمي الواسع النطاق إزاء هجمات “إسرائيل”، التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الناس وتشريد أكثر من مليون شخص، إلى تجدد الاهتمام بـ”قضية الدولة الفلسطينية”، بل وعاد الحديث بقوة عن “حل الدولتين”، بل وذهبت الإدارة الأميركية إلى تبّني هذه الصيغة وحثّ “إسرائيل” على قبولها.

وبات الاحتلال يواجه بعد السابع من تشرين أول/أكتوبر؛ انتقادات دولية غير مسّبوقة تتجاوز التحديات السابقة في نطاقها وكثافتها عبر المجالات السياسية والإعلامية والعامة، وفي حدث فريد من نوعه باتت السّردية أو الرواية الإسرائيلية غير مقبولة لدى قطاعات كبيرة من الشعوب الغربية، التي خرجت على مدار العام في تظاهرات تنُدد بالحرب اللاأخلاقية ضد الشعب الفلسطيني.

وأشار تقرير نشره “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”؛ إلى أن ما تبع (طوفان الأقصى)، قد أسفر عن تضيّيق واضح على الاحتلال وانحدار ملحوظ في مكانته العالمية التي كان يتمتع بها.

02 – حرب الظل بين “إيران” و”إسرائيل” تتحول إلى صراعٍ مباشر..

قبل هجمات (حماس)؛ في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، كانت “إسرائيل” و”إيران” في حالة من التوازن العنيف أحيانًا، ولكن المسُّتقر إلى حدٍ كبير. فقد انخرط الطرفان في حربٍ خفية، ولكن أيًا منهما لم يكن راغبًا في صراع شامل، بحسّب تقرير (نيويورك تايمز).

غير أن هذا التوازن اهتز بعد السابع من تشرين أول/أكتوبر. وقد تم تقويضه بشكلٍ أكبر هذا العام بعدما دخل الطرفان في سلسلة من الضربات الانتقامية المتبادلة التي بدأت “إسرائيل” أولى حلقاتها؛ عندما نفذت غارة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في “دمشق”؛ في نيسان/إبريل الماضي.

وأعقب ذلك الهجوم ردًا إيرانيًا شمل إطلاق نحو: (300) صاروخ ومُسيّرة انتحارية استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية.

وشنّت “إيران” هجومًا أخر؛ في تشرين أول/أكتوبر الماضي، استهدف مواقع عسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وشمل الهجوم إطلاق حوالي: (250) صاروخًا باليستيًا ردًّا على اغتيال إسرائيل؛ “فؤاد شكر”، القائد في (حزب الله) في الضاحية الجنوبية في “بيروت”، واغتيال “إسماعيل هنية”؛ رئيس المكتب السياسي السابق لـ (حماس)، في “طهران”.

وكانت آخر هذه الضربات المتبادلة هجومًا نفذته “إسرائيل”؛ صباح السبت 26 تشرين أول/أكتوبر 2024، بطائرات إسرائيلية ضد “طهران” أسفر عن مقتل (04) عسكريين إيرانيين.

ونقلت تقارير غربية عن محللين قولهم: “لقد تحولت سنوات الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران إلى صراعٍ مفتوح بالكامل، وإن كان صراعًا قيّد السيّطرة، في الوقت الحالي”.

فيما حذر محللون من أنه حتى لو تراجع التصعيد الأخير، فإنه قد يدفع “إيران” و”إسرائيل” إلى مزيد من الانحدار نحو صراع لا يمكن السيّطرة عليه.

03 – “السعودية” و”إيران”: من الحرب الباردة إلى الانفراجة..

شهدت العلاقات “السعودية-الإيرانية”؛ خلال فترة “ترمب” الأولى، تنافسًا حادًا في قضايا عدة في منطقة الشرق الأوسط، ودعم الطرفان أطرافًا مختلفة. ففي حين دعمت “إيران” الجماعات المسلحة الشيعية في جميع أنحاء المنطقة، سّعت “السعودية” إلى النفوذ من خلال وكلائها السُّنة.

ولكن هذا الوضع بدأ يتغير. ففي آذار/مارس 2023، توسّطت “الصين” في اتفاق لإعادة العلاقات بين “إيران” و”السعودية”. وشمل الاتفاق إعادة فتح السفارات، وإحياء اتفاقية أمنية قديمة، وعدم مهاجمة بعضهما البعض حتى من خلال وكلاء، وتخفيف حدة الخطاب في وسائل الإعلام، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض.

وتشهد العلاقات “السعودية-الإيرانية”؛ في الوقت الحاضر: “انفراجًا حذرًا، أو انفتاحًا حذرًا، أو استعدادًا حذرًا للعمل معًا لخفض التصعيد”، على حد وصف المحللة البارزة في شؤون الخليج لدى (مجموعة الأزمات الدولية)؛ “آنا غاكوبس”.

وكان التحسُّن في العلاقات واضحًا بشكلٍ واضح؛ هذا الأسبوع. فقبل عدة أيام، بحث رئيس هيئة الأركان العامة السعودية؛ الفريق الأول الركن “فيّاض بن حامد الرويلي”، الأحد الماضي، بـ”إيران”: “فرص تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال العسكري والدفاعي”.

فيما ​​​​​​​أشاد الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشيكان”، باستضافة “السعودية”، الإثنين الماضي، قمة “عربية-إسلامية” مشتركة، بالعاصمة؛ “الرياض”، لبحث العدوان الإسرائيلي المستمر على “فلسطين” و”لبنان”.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد؛ “محمد بن سلمان”، تلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشيكان”.

04 – انتكاسة اتفاقيات التطبيع..

خلال فترته الرئاسية السابقة؛ ارتفع عدد الدول العربية التي طبّعت العلاقات الدبلوماسية مع “إسرائيل” من دولتين إلى ست دول.

حيث أدت الاتفاقيات الجديدة مع: “الإمارات والبحرين والمغرب والسودان”، إلى توسيع القائمة التي كانت لعقود طويلة تقتصر فقط على “مصر” و”الأردن”.

وقبل عملية (طوفان الأقصى)، بدا أن “السعودية” و”إسرائيل” على وشك التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، وهو الاتفاق الذي كان من الممكن أن يُعيّد تشكيل الشرق الأوسط.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، يأمل أن يؤدي مثل هذا الاتفاق إلى إنشاء نوع من حلف على غرار حلف الـ (ناتو) في الشرق الأوسط، مما يخلق علاقات أمنية أوثق بين “إسرائيل” و”دول الخليج” مع زيادة عزلة “إيران” وحلفائها.

والآن تبدو الأمور مختلفة تمامًا. فقد جعلت حروب “إسرائيل” في “غزة ولبنان” من غير الممكن أن تتوصل “السعودية” ودولٍ أخرى إلى اتفاق مع “إسرائيل” ما لم تنتزع منها تنازلات كبيرة، بما في ذلك الالتزام بإقامة “دولة فلسطينية”، ولكن المعارضة الإسرائيلية لـ”حل الدولتين” أصبحت الآن أقوى مما كانت عليه منذ عقود.

وإذا أضفنا إلى ذلك الانفراجة التي شهدتها العلاقات بين “إيران” و”السعودية”، فإن ذلك يُثير احتمال نشوء نظام إقليمي جديد تُصبح فيه “إسرائيل”، وليس “إيران”، أكثر عُزلة.

وليس ذاك فحسّب؛ فقد كشفت مواقع أميركية عن أن “الولايات المتحدة” و”السعودية” يُناقشان اتفاقية أمنية محتملة لن تتضمن صفقة أوسع مع “إسرائيل”، وفقًا لثلاثة مصادر مطلعة على المحادثات.

يأتي ذلك؛ بينما أشارت تقارير سابقة إلى أن الدعم والتعاطف الشعبي الذي يجتاح المنطقة عمومًا؛ والدول العربية خصوصًا، لـ”غزة” بعد (طوفان الأقصى)، يُشير بوضوح إلى أن مسألة التطبيع برُمتها، وبخاصة التطبيع بين “السعودية وإسرائيل”، قد تلقّت بالفعل ضربة ربما تكون قاصمة.

كيف ينظر “ترمب” للشرق الأوسط خلال ولايته الثانية ؟

فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على “غزة”، أبدى “ترمب” منذ فترة طويلة حرصه على أن تنهي “إسرائيل” حروبها بسرعة، حيث قال في الأول من تشرين ثان/نوفمبر 2024، أثناء مغازلة الناخبين الأميركيين المسلمين في “ديربورن”؛ بولاية “ميشيغان”: “سوف تحصلون على السلام في الشرق الأوسط”.

ولكن هذا قد يُشير إلى رغبة أقل في التوصل إلى حلٍ سلمي للصراعات، وأكثر تفضيلًا للسماح لـ”إسرائيل” بالحرية الكاملة لشن حرب شاملة ضد “غزة ولبنان” والقوات التي يُنظر إليها على أنها وكلاء لـ”إيران” في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفق تقرير لوكالة (الأناضول).

وقال “ترمب” لرئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “نتانياهو”، خلال مكالمة هاتفية؛ في تشرين أول/أكتوبر: “أفعل ما يجب عليك فعله”، معربًا عن دعمه للحملات الجارية، وفقًا لصحيفة (واشنطن بوست).

فيما تنبأت تقارير أن يتبّنى “ترمب” سياسة مؤيدة لـ”إسرائيل”، خاصة إذا ما علمنا أن اختياراته للشخصيات التي ستُشرف على ملفات السياسة الخارجية شملت أغلبها، إن لم يكن جميعها، شخصيات مؤيدة لـ”إسرائيل” وسيّادتها على “الضفة الغربية” والاستيطان، ولديها مواقف متشدُّدة إزاء كلٍّ من “إيران والصين”.

وذكر تقرير لصحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، أن اختيارات “ترمب” لأعضاء حكومته المتشُّددين الداعمين لـ”تل أبيب” تُسعد اليمين الإسرائيلي.

وقال الكاتب البريطاني؛ “ديفيد هيرست”، رئيس تحرير موقع (ميدل إيست آي)، إن اختيارات “ترمب” لأعضاء حكومته التي تم الإعلان عنها في الأونة الأخيرة هي: “وصفة لحرب شاملة في الشرق الأوسط”.

وأضاف “هيرست”؛ في مقالٍ نشره الموقع البريطاني: “في فترة ولايته الثانية، ومع وجود حكومة مكونة من أشخاص يرددون خطط إسرائيل لتوسيع حربها لتمتّد إلى سورية والعراق وإيران، سوف تكون لدى ترمب القدرة على إشعال صراع إقليمي يخرج عن سيطرة أميركا أو إسرائيل”.

وعلى صعيد “إيران”؛ فرُغم أن “ترمب” اتخذ منذ فترة طويلة موقفًا صارمًا تجاه “إيران”، فقد التقى “إيلون ماسك”؛ المستشار المقرب من الرئيس المنتخب، هذا الأسبوع مع مسؤولين إيرانيين لمناقشة سبُل تخفيف التوترات بين “إيران والولايات المتحدة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة