عزف على أوتار الأزمة الخليجية المتصاعدة بين “قطر” من جانب و”الإمارات والسعودية والبحرين” ومعهم “مصر” من جانب آخر، بدأه رئيس الوزراء العراقي الأسبق ونائب الرئيس العراقي “إياد علاوي” مستغلاً تصعيد اللهجة والقطيعة ضد الدوحة وأميرها “تميم بن حمد”.
زيارة مفاجئة من علاوي للسيسي..
إذ فجاة يتوجه “علاوي” إلى مصر في الرابع عشر من حزيران/يونيو 2017، للقاء الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”.. والمُعلن هو توجيه الشكر للقاهرة لوقوفها إلى جوار بغداد في حربها ضد الإرهاب.
السير على درب اتهام “قطر” لضمان الدعم..
لكن ثمة هدف آخر من الزيارة تكشف بعد يومين، إذ أطلق “علاوي” تصريحات قوية صوب قطر ونظام حكمها، سائراً على درب الاتهامات الخليجية ومعها مصر وكأنه حصل على نسخة من نص الاتهامات الموجهة من دول “المقاطعة” إلى الدوحة.
يقول مراقبون للشأن العراقي إن “علاوي”، البالغ من العمر 73 عاماً، يسعى لتقديم نفسه على أنه “رجل الخليج” في العراق، وأنه قادر على تلبية طموحات السعودية التي ترغب في ضمان استقرار حدودها عبر البوابة المصرية، التي أدرك تأثيرها مع التصعيد الذي تقوده القاهرة في العلن ضد الدوحة.
اللعب على وتر الخوف الخليجي من “إيران”..
كما يلعب “علاوي” على وتر الخوف الخليجي من “إيران” ونفوذها المتغلغل الآن في العراق، بعدما تأكدت الرياض أن الدعم الإيراني لرجال طهران سيستمر، بل سيتطور بفرض قوات مسلحة تتبع طهران وذات صبغة طائفية تؤمن سيطرة أكبر لإيران عبر فصائل شيعية المتحكم الأول بها هو “نوري المالكي” رئيس وزراء العراق السابق ونائب الرئيس العراقي الحالي.
تبني الخطاب المصري بعيداً عن أجندة الدبلوماسية العراقية..
يرى محللون أن “علاوي” كشف اتجاهاته وداعميه عندما تبنى ذات الخطاب الذي تتبناه مصر تحديداً، ففي مؤتمر صحافي له بالقاهرة بعد يومين من الزيارة، اتهم قطر بالتدخل فيما أسماه “الشقاق” الفلسطيني، وتشجيع قوى متطرفة لشن اعتداءات على مصر، وهي اتهامات لا يمكن أن تصوغها أو تسوقها وتروج لها الدبلوماسية العراقية، كونها ليست ضمن أجندة الدول الأعداء، كما أنه كيف يثبت كنائب رئيس العراق تأكيد ضلوع الدوحة في هجمات ضد مصر ؟
مغازلة مصر.. الدعم مقابل منافع اقتصادية !
في المقابل، ولكي يقدم نفسه كرجل له علاقات خارجية وفي ذات الوقت صاحب تأثير سياسي في العراق، بين “علاوي” للسيسي أنه الشخص المناسب لضمان دعم بلاده اقتصادياً في العراق كتقديم تسهيلات نفطية للقاهرة، على أن تدعمه مصر إما بالترويج له أو التأكيد للسعوديين على ضرورة دعم “علاوي” بالمال والنفوذ السياسي عند الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، الذي بدا واضحاً أنه لن يغادر العراق بإصراره على التواجد على الحدود السورية العراقية.
استغلال العداء بين أنقرة والقاهرة..
استغل “علاوي” العداء المعلن بين مصر والرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” منذ 30 حزيران/يونيو 2013، عندما أطاح الجيش بالرئيس الأسبق “محمد مرسي”، كما استغل حجم القلق والتوتر الذي تسببه إيران للسعوديين، لذلك جاء خطابه في ختام زيارته للقاهرة بالتأكيد على اتصالاته مع أنقرة وطهران من أجل حوار بناء يضمن استقرار المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام سيادتها.
وهنا لم يفت “علاوي” أن يوجه ذات الرسالة للداخل العراقي، بأنه سيصر كذلك على عدم تدخل إيران أو تركيا في شؤون العراق وهي رسالة لطهران بالأساس بأن هناك من يقدر على المنافسة بدعم خليجي مصري ولن يترك أرض العراق مستباحة لرجال إيران، كما هي رسالة لأنقرة بضرورة عدم الاحتكاك بالحدود العراقية.
“علاوي” تحرك بعدما خزل “العبادي” الدول المقاطعة لقطر..
يقول محللون إن هناك من حرك “علاوي” لإظهار دعم العراق للدول الخليجية ومصر في موقفها المقاطع لقطر، بعدما جاء موقف رئيس الوزراء “حيدر العبادي” على غير رغبة المقاطعين، بل إنه قال إن العقوبات الخليجية المفروضة على قطر تلحق الضرر بالسكان وليس الحكومة القطرية، ما يعني رفضاً صريحاً من الدولة العراقية الرسمية لأي محاولات قد تورط بغداد في الميل لطرف على حساب آخر.
“العبادي” يناقض نفسه..
لكن موقف “العبادي” في الوقت نفسه، يعد مناقضاً لما ذكره حول قضية المختطفين من العائلة الحاكمة في قطر من قبل، إذ أخذ يهاجم قطر ويبدي دهشته من إصرار القطريين على الصيد في ظل هذه الظروف التي يعيشها العراق – وقتها – مع اشتداد المعارك في مواجهة تنظيم “داعش”.. فما الذي غير موقفه ؟
“طارق الهاشمي” يغرد مدافعاً عن قطر..
طرف آخر عاد للظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي – كعادته -، إذ خرج نائب رئيس الجمهورية السابق، “طارق الهاشمي”، وتحديداً في الثامن عشر من حزيران/يونيو 2017، لقطع الطريق على “علاوي”، متهماً إياه بممارسة “الكذب الرخيص” فيما يتعلق بالاتهامات التي وجهها إلى قطر بشق الصف والسعي إلى تقسيم العراق .
وهي تصريحات تظهر أيضاً من المدعوم من “قطر”، لكنها في الوقت نفسه تحمل إشارات منافسات انتخابية، إذ قال “الهاشمي” في تغريدة له على موقع التدوين القصير “تويتر”: إن “قطر كانت داعمة للقائمة العراقية التي كان علاوي زعيماً لها”، مضيفاً أن اتهام قطر بالتخطيط لتقسيم العراق ما هو إلا “محاولة لتزوير الحقائق”.
“الهاشمي” تابع تغريدته بالقول: إنه “لولا قطر والدول الخليجية لما كان هناك عراق موحد”.
منافسات انتخابية قبل بدء السباق.. الجميع يبحث عن داعمين..
إذاً هي تصريحات أشبه بالمعركة الانتخابية يحاول كل طرف في العراق استمالة الداعمين إلى صفوفه كي يستطيع أن يمول حملته والمصروفات الضخمة المتوقعة لإعادة المناصرين والحصول على الأصوات في أقرب انتخابات قادمة، استعداداً لقيادة العراق بعد أن أصبح القضاء على تنظيم “داعش” مسألة أيام.. فقطر تملك الأموال والخليج كذلك.. بينما مصر تملك الآن التأثير على الممولين !