خاص : كتبت – نشوى الحفني :
شكل فوز كتلة رجل الدين الشيعي الأكثر نفوذًا، “مقتدي الصدر”؛ صدمة قوية لأتباع “إيران”، وهو ما فسره الكثيرون بأن الناخبين في “العراق” وجهوا صفعة لحلفاء “إيران” في الانتخابات؛ التي جرت هذا الأسبوع، إلا أن “طهران” لا تزال تتشبث بنفوذها داخل جارتها الغربية؛ عبر تحركات حثيثة على مدار الأيام القليلة الماضية.
وبإعلان النتائج الأولية، تلقت الفصائل السياسية، التابعة لـ (الحشد الشعبي)؛ خسارة مؤلمة في الانتخابات، وخسرت عشرات المقاعد في البرلمان المقبل، فيما كان الفائز الأكبر رجل الدين، “مقتدى الصدر”، بالصورة التي رسمها لنفسه كمعارض لكل من: “إيران” و”الولايات المتحدة”.
ووسّعت (كتلة الصدر)، وهي الأكبر بالفعل في البرلمان؛ المؤلف من: 329 مقعدًا، قاعدة تمثيلها النيابي إلى: 73 مقعدًا، صعودًا من: 54 في البرلمان السابق، فيما إنهار تحالف (الفتح)، المنافس الرئيس لها منذ سنوات، الذي يضم فصائل مرتبطة بجماعات مسلحة موالية لـ”طهران”، بعد أن انكمشت رقعة تمثيله النيابي إلى: 14 مقعدًا؛ نزولاً من: 48.
وبشكل مفاجيء؛ جاءت كتلة سُنية موحدة في المرتبة الثانية، مما قد يمنح الأقلية السُنية أكبر قدر من النفوذ؛ تتحصل عليه منذ سقوط “صدام حسين”.
وجود “قاآني” في العراق لحظة إعلان نتائج الانتخابات..
ورغم ذلك، لا تزال هناك مؤشرات على أن “العراق” لم يتخلص من قبضة النفوذ الإيراني الهائل، أبرزها تحقيق رئيس الوزراء الأسبق، “نوري المالكي”، حليف “طهران”، مكاسب هائلة، بعد أن احتل فريقه المركز الثالث بحصوله على: 37 مقعدًا.
وأعلن دبلوماسي غربي إن قائد (فيلق القدس) الإيراني، “إسماعيل قاآني”؛ كان في “بغداد”، لحظة إعلان النتائج الأولية، ولا يزال يفتش في جعبته عن وسيلة للإحتفاظ بالسلطة في أيدي حلفاء بلاده.
وأضاف الدبلوماسي، لـ (رويترز): “بحسب المعلومات المتوافرة لدينا، كان، قاآني، في اجتماع مع أحزاب الجماعات الشيعية، الإثنين. سيبذلون قصارى جهدهم لمحاولة تشكيل أكبر كتلة في البرلمان؛ رغم الصعوبة الشديدة لإدراك هذا الهدف، نظرًا للقوة التي يتمتع بها، الصدر”.
إلا أن “طهران” و”بغداد”؛ نفيا وجود “قاآني”، في “العراق”، لكن مصدرين إيرانيين، اتصلت بهما (رويترز)؛ أكدا وجوده.
الجماعات المسلحة جاهزة لسيناريو العنف !
وقال قائد فصيل واحد على الأقل من الفصائل الموالية لـ”إيران”، إن: “الجماعات المسلحة جاهزة للجوء لسيناريو العنف؛ إذا لزم الأمر”، لضمان بقاء نفوذها بعد ما يعتبرونها انتخابات مزورة.
وأضاف: “سنستخدم الأطر القانونية الآن. وإذا لم ينجح ذلك سنخرج إلى الشوارع ونقوم بعمل نفس الشيء؛ الذي تعرضنا له خلال فترة الاحتجاجات. حرق مباني الأحزاب”، الخاصة بأتباع “الصدر”.
حصن أشد قوة في مواجهة “الصدر”..
المتخصص في شؤون الفصائل الشيعية المسلحة في “العراق”؛ بمعهد “واشنطن”، “حمدي مالك”، قال إن “المالكي”: “أنفق أموالاً طائلة على الحملات الانتخابية؛ وضرب على وتر الحنين إلى الماضي بين صفوف القوات المسلحة، مشددًا على صورته كقائد قوي”، في إطار جهوده لحفظ للفوز بالانتخابات والإبقاء على نفوذ “إيران”.
وفي الإطار، قال مسؤول من منظمة (بدر)، وهي من الكيانات الكبيرة الموالية لـ”إيران” في “العراق”، إن أحد أسباب سوء نتائج تحالف (الفتح)؛ هو أن أنصاره حولوا ولاءهم ونقلوا أصواتهم إلى “المالكي”، معتبرين أنه: “حصن أشد قوة في مواجهة الصدر”.
وأضاف المسؤول: “المالكي؛ أثبت مسبقًا” أنه قادر على الوقوف في وجه “الصدر”.
تخلي “الصدر” عن النزعة الحزبية..
ولمواجهة ذلك، كتب “ديفيد غاردنر”، محرر الشؤون الدولية في (الفايننشال تايمز)، مقال بعنوان: “لكي يُحكم العراق بشكل فعال، يجب على مقتدى الصدر أن يتخلى عن النزعة الحزبية”.
ويقول الكاتب في مطلع مقاله: “جاء مقتدى الصدر؛ في المرتبة الأولى في الانتخابات العامة العراقية، يوم الأحد. وقد أكد هذا موقعه باعتباره الشخصية الأكثر قوة وشعبية في البلاد. مشكوك في ما إذا كان هذا سيجعل من السهل حكم العراق، الدولة الواهنة المتنازع عليها بين الولايات المتحدة وإيران، وساحة المذابح الجهادية السُنية”.
ويضيف: “مقتدى الصدر؛ سليل الطبقة الإرستقراطية من رجال الدين، التي عارضت دكتاتورية صدام حسين، الذي أطيح به في عام 2003، وكان بطلاً سابقًا للشيعة المحرومين، أعاد اكتشاف نفسه باعتباره وطنيًا عراقيًا يريد خروج الأميركيين والإيرانيين من البلاد. لقد عزز صورة شعبوية من خلال استفزاز خصومه الشيعة والفساد. بصفته إسلاميًا، فإنه يلجأ إلى سلطة أعلى ويتظاهر بأنه فوق السياسة، بينما يسعى بلا رحمة إلى السلطة”.
ويشرح الكاتب: “منذ عام 2019، احتل الصدر المؤسسات والوزارات العراقية بكوادره. وعلى الرغم من أن الصدر حلّ (جيش المهدي) نظريًا، في عام 2008، إلا أنه أعاد إحياءه – تحت اسم (سرايا السلام) – في عام 2014، عندما اقتربت قوات (داعش)، (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)، من بغداد ومدينتي النجف وكربلاء”.
ترشيح رئيس الوزراء..
ويقول: “أما رئيس الوزراء العراقي القادم، فسيتم ترشيحه من قبله أو يتطلب موافقته”.
ويختم الكاتب: “الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي، يريد الاستمرار في منصبه. رأي الصدر في ذلك غير واضح. لكن ما كان واضحًا للغاية حتى الآن هو أنه؛ بينما يتدافع العراقيون العاديون للعيش ويطالبون بحكومة لائقة، فإن قادتهم كانوا غير راغبين أو غير قادرين على تقاسم السلطة والموارد. في معادلة محصلتها صفر، لا يمكنهم حتى الاتفاق على سردية وطنية وميثاق اجتماعي. إذا كان الصدر وطنيًا حقًا، فإن وظيفته الأولى هي تجاوز الأفضلية الطائفية والحزبية، ووضع العراق والعراقيين في المرتبة الأولى”.