خاص : ترجمة – آية حسين علي :
مر العراق وإيران في الثمانينيات بحرب تعتبر من أكثر الحروب دموية ووحشية في العصر الحديث، لكن اليوم وبعد 14 عاماً من الغزو الأمبركي للعراق والإطاحة بنظام الرئيس السابق، “صدام حسين”، أصبح العراق شبه محتلاً من قبل إيران, وهو ما لا يعرفه الكثيرون.
العراق ممر لنفوذ طهران..
يتجلى هذا الاحتلال بشكل أوضح على المستوى الاقتصادي، حيث استغلت طهران بغداد لعمل ممر لنفوذها يمتد حتى سواحل البحر المتوسط، ويظهر أثره في كل الأنحاء، وحاولت تركيا لعب هذا الدور لكنها لم تستطع الوصول إلى هدفها، وفقاً لصحيفة “البايس” الإسبانية.
وتعد إيران القائدة الشيعية للعالم الإسلامي بشكل عام, وللعراق بشكل خاص حيث توجد به أغلبية شيعية، رغم توالي الرؤساء المنتمين إلى السنة على البلد العربي مثل “صدام حسين”.
وذكرت الصحيفة أن الواقع الآن يبدو غريباً وغير متوقع، فقد قامت القوات المسلحة الأميركية بإسقاط “صدام حسين” ثم تنحت، الأمر الذي فتح مجالاً لإيران نحو السيطرة على هذه المنطقة على المستويين السياسي والاقتصادي.
ووصل التأثير الإيراني على العراق إلى ذروته لدرجة أن القوات المسلحة الإيرانية تقوم بتجنيد الشباب الشيعي لتشكيل ميليشيات تحارب على الأراضي العراقية، باعتبار أنها حرب على أساس ديني، وفقاً لما أفاد به رئيس مكتب صحيفة “النيويورك تايمز” الأميركية في بغداد، “تيم أرانغو”.
العراق سوق لإيران..
أضافت الصحيفة الإسبانية أنه يبدو أن طهران أصبحت الحامي الموثوق به بالنسبة إلى بغداد، بينما أصبح العراق سوقاً للصناعة والتجارة الإيرانية، وتنتشر البضاعة الإيرانية في كل مكان، حتى المخدرات التي يستهلكها العراقيون تأتي من هناك.
ويعتبر تواجد إيران في جنوب العراق أمراً واضحاً، ويسكن في هذا الجزء أغلبية شيعية، وجميع الأموال التي تستثمر بها هي رؤس أموال من أصل إيراني، كما أن رجال الأعمال والتجار في الجنوب يتعاملون بكثرة مع المؤسسات الإيرانية.
ومن جانب آخر، تسهم الشركات العراقية في تجنب آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.
ومع ذلك، لا يبدو أن رئيس الوزراء العراقي الحالي، “حيدر العبادي”، يفضل طلب الدعم العسكري من إيران، إنما يميل إلى الولايات المتحدة في محاولة لإحداث توازن.
ميليشيات إيرانية في العراق..
تنتقل الميليشيات الإيرانية بين البلدين بحرية كبيرة ودون بيروقراطية, من خلال الممرات العراقية ويتجولون في جميع أنحاء البلاد كما يحلو لهم.
وتعتبر مدن “النجف” و”سامراء” و”كربلاء” العراقية, مناطق مقدسة لدى المسلمين الشيعة وتستقبل أفواج الحجيج التي تشهد تزايداً مستمراً، ويوجد بها آلاف العمال القادمين من إيران يقومون بعمليات الصيانة وإصلاح الطرق بالمناطق العراقية المقدسة كما لو كانت بلدهم.
ممرات داخل العراق لنقل الدعم لحزب الله..
يقوم المقاولون الإيرانيون بإنشاء طرق لنقل الأسلحة إلى لبنان وسوريا عبر الأراضي العراقية، وهو ما قد يشير إلى دعم لميليشا “حزب الله” التي تسيطر الآن على لبنان سياسياً وتعتبر تهديداً كبيراً لإسرائيل، بحسب الصحيفة الإسبانية.
ويقود الجنرال “قاسم السليماني”، أحد قادة القوات المسلحة الإيرانية، أجهزة الأمن في المنطقة العراقية التي يتم من خلالها عملية نقل المعدات التي تحتاجها الميليشيات الإيرانية في سوريا ولبنان عبر الأراضي العراقية.
الاندماج بين المجتمعين صعب..
لا يزال الاندماج بين المجتمعين العراقي والإيراني عملية صعبة، لأن هناك اختلافاً كبيراً في الثقافة والأنماط الاجتماعية, كما أن العراقيين أصلهم عربي والإيرانيين أصلهم فارسي.
ويلعب المرجع الديني الشيعي الأعلى، آية الله السيد “علي السيستاني”، دور “الحاجز” أمام هذه العملية بكفاءة عالية، وفقاً للصحيفة الإسبانية.
تكرار تجربة إيران في جنوب لبنان..
يبدو أن إيران تحاول تكرار تجربتها في الجنوب اللبناني, الذي تسيطر عليه حركة “حزب الله” الشيعية، لذا تسعى لتحويل الحركة إلى منظمات سياسية لها حضور وتأثير في الحياة السياسية العراقية.
وإذا نجحت هذه المحاولة سيقوى تأثير إيران على السياسة العراقية بشكل كبير وسريع، ومع ذلك لا يرى الشباب العراقي أن طهران في طريق تحقيق أهدافها، والشباب هم من يشاركون أكثر في الاحتجاجات ضد تواجد إيران على أرضه.