18 أبريل، 2024 2:16 ص
Search
Close this search box.

“النفط مقابل البناء” .. تدخل حيز التنفيذ بين العراق والصين .. فهل تستطيع إنقاذ بغداد من محنتها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خضم التوتر الذي يعيشه “العراق” بسبب الصراع “الأميركي-الإيراني”، أكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية العراقية، “أحمد سليم الكناني”، أمس السبت، دخول الاتفاقية “النفط مقابل البناء”، التي أبرمتها حكومة، “عادل عبدالمهدي”، مع “بكين”؛ حيز التنفيذ، واصفًا إياها بأنها: “جبارة وعملاقة ولا مثيل لها”.

وقال “الكناني”، في بيان: “إن اتفاقية العراق مع الصين دخلت قيد التنفيذ، وهي اتفاقية جبارة لا مثيل لها على مر الزمن في تاريخ العراق الاقتصادي والسياسي لم يحصل على مثل هذه الاتفاقية من قبل، (النفط مقابل البناء)”، مشيدًا في الوقت نفسه بالدور الهام الذي تبذله “الصين” تجاه الاقتصاد العالمي.

وأشار إلى أن هذه الاتفاقية تضمنت بنودًا كثيرة في معالجة جميع القطاعات؛ وبالأخص البنى التحتية والخدمية في مشاريع شبكات تصريف المياه الكبيرة والطرق والجسور؛ وأيضًا في مجال الصحة في إنشاء مستشفيات كبيرة وحديثة ومستشفيات تعليمية وفي مجال التربية والتعليم بإنشاء مدارس وجامعات ومعاهد تعليمية وفي مجال الاتصالات والتكنولوجيا للقضاء على الفساد والبيروقراطية، وفي مجال تطوير الزراعة وتفعيل القطاع الصناعي.

وأضاف أن الاتفاقية “العراقيةـالصينية”، تضمنت أيضًا جميع المشاريع الإستراتيجية؛ منها تنفيذ ميناء “الفاو” الكبير، ومشاريع أخرى تقدم من قِبل حكومة “بغداد” ضمن دراسة جدوى تخدم المصلحة العامة.

وأوضح “الكناني” أنه من ضمن هذه الاتفاقية أيضًا أن يقوم “العراق” بفتح حساب مشترك بين “بغداد” و”بكين” في بنك صيني؛ ويبدأ من خلالها “العراق” بتصدير وبيع “نفط” إلى شركات صينية بكمية تصل إلى 100 ألف برميل باليوم الواحد؛ تودع في هذا الحساب المشترك، إضافة إلى إحتساب فوائد ربحية على هذه الأموال ضمن السياق البنكي المعروف عالميًا، وتقوم مؤسسة الصادرات الصينية بدعم المشاريع المتفق عليها ضمن إطار ائتماني وليس قرضًا، مما يخدم البلاد بتنفيذ هذه المشاريع.

ووقعت الحكومتان، العراقية والصينية، في أيلول/سبتمبر الماضي، ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم بحضور رئيس مجلس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، ورئيس مجلس الدولة الصيني، “لي كه تشيانغ”، حيث تُلزم “العراق” بتصدير مئة ألف برميل من نفطه يوميًا إلى “الصين” مقابل دخول شركاتها لإعادة إعمار وبناء “العراق”.

دخلت حيز التنفيذ من تشرين أول الماضي..

مسبقًا، قال المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء، “مظهر محمد صالح”، إن: “الاتفاقية (العراقية-الصينية) دخلت حيز التنفيذ منذ نقل أول شحنة نفط صدرت من بغداد إلى بكين، في شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي”، لافتًا إلى أن الاتفاق بين البلدين يقوم على “النفط مقابل البناء والإعمار”.

وبحسب المستشار، “صالح”؛ فإن “الصين” تُعد واحدة من أكبر دول العالم المستوردة لـ”النفط العراقي”، إذ بلغت الكميات المصدرة إلى “الصين”، حوالي مليون وثمانمائة ألف برميل يوميًا؛ سيخصص جزء من عائداتها لإعمار وبناء “العراق” من قِبل شركات صينية.

ويضيف المستشار الحكومي؛ إن: “مجلس الوزراء سيحدد المشاريع المهمة المراد إنشاؤها، خلال العام الجاري، وسيعمل على إدراجها في الموازنة الاتحادية قبل إرسالها للبرلمان”، مضيفًا أن: “عمر هذه الاتفاقية عشرون عامًا ستعمل الصين على تمويلها بتسهيلات ائتمانية بدون شروط”.

عوائد الصندوق “العراقي-الصيني”..

وتُلزم الاتفاقية بإنشاء صندوق “عراقي-صيني” للإعمار؛ يكون الصينيون الضامن للاتفاقية مقابل حجز إيرادات 100 ألف برميل يوميًا من “النفط” المباع لـ”الصين”، وكذلك حدد سقف ائتمان المصارف الصينية إلى الصندوق “العراقي-الصيني”؛ هو 10 مليارات دولار، وبفوائد مدعومة من الحكومة الصينية.

وينوه المستشار المالي إلى أن: “الإيرادات الكلية للصندوق (العراقي-الصيني)، بعد ثلاثة أشهر من تصدير مئة ألف برميل يوميًا؛ ما يقارب نصف مليار دولار”، مؤكدًا على أن: “الحكومة العراقية لها صلاحيات نقل هذه الأموال”.

دخول مشروعين حيز التنفيذ..

ويشير “صالح” إلى أن: “هناك مشروعين دخلا حيز التنفيذ ضمن هذه الاتفاقية؛ الأول مشروع بناء محطة كهربائية في شمال العاصمة، بغداد، بسعة (1400) ميغا واط، والثاني في جنوبي العراق ويتعلق بالتخزين الإستراتيجي للنفط الخام والوقود، والذي يتضمن الاستثمار النفطي والصادرات النفطية، (تطوير تسويق النفط)”.

لافتًا إلى أن: “المشاريع الأخرى سيقرها مجلس الوزراء في قانون الموازنة الاتحادية، لعام 2020، قبل الإيعاز للشركات الصينية بالمباشرة بها”، مضيفًا أن: “هناك توجهًا لبناء مشاريع البنى التحية والمتعلقة ببناء (8) آلاف مدرسة في عموم المحافظات والطرق والسكك الحديد والنقل والسدود والمستشفيات”.

ويُلفت المستشار المالي الحكومي إلى أن: “الصين دولة كبيرة تمتلك قدرات هائلة في البناء والإعمار والتنفيذ والمواصفات؛ ممكن الاستفادة منها في تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة”، متوقعًا: “تطوير هذه الاتفاقية في المستقبل ليكون الاستثمار مشتركًا”.

يعتمد على تشريع قانون الشراكة..

ويؤكد أن: “تطوير هذه الاتفاقية يعتمد على تشريع قانون الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص؛ سيمنح دخول القطاع العام شركات عالمية للنهوض به وتشغيله”، منوهًا إلى أن: “هذه المشاريع التي باتت تنتظر هذا القانون وهي تتعلق بالمشاريع الصناعية”.

وتحتاج مذكرة التفاهم، التي وقعتها الحكومة العراقية مع “الصين”؛ إلى مصادقة “مجلس النواب” استنادًا للمادة (61) رابعًا من الدستور، والتي تُنص على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تكون بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء “مجلس النواب”.

حول هذا؛ أعلن النائب العراقي عن تحالف (الفتح)، “حنين القدو”، أن: “البرلمان لا يعارض البدء بتنفيذ اتفاقية الحكومة مع الصين؛ رغم عدم عرضها قبل التنفيذ على البرلمان للإطلاع والتصويت عليها”.

بالمقابل؛ توضح اللجنة المالية في “مجلس النواب” أن: “لمذكرة التفاهم (العراقية-الصينية) تطورات في إجراءتها الفنية، لكنها لم تتطور كإجراءات قانونية؛ كون أن الحكومة لم تحولها إلى اتفاقية وترسلها للبرلمان لتشريعها حتى تدخل حيز التنفيذ”.

الإجراءات توقفت بسبب استقالة “عبدالمهدي”..

ويضيف عضو اللجنة المالية، “فيصل العيساوي”، أن: “الحكومة أنجزت، من الناحية الفنية، هذه الاتفاقية والمتعلقة بالدراسات والمشاريع المراد إنجازها، لكن الإجراءات توقفت بعد استقالة حكومة، عادل عبدالمهدي”.

ويؤكد “العيساوي” أن: “هذه الاتفاقية مازالت سارية؛ ولم تتوقف رغم استقالة الحكومة”، لكنه يقول إن: “المشروعين اللذين دخلا حيز التنفيذ ليسا من ضمن هذه الاتفاقية الجديدة؛ بل يعود أحدهما، (مشروع الطاقة)، إلى عقد سابق تم تفعيله في الوقت الحالي”.

لقاء “عبدالمهدي” بالسفير الصيني..

يُذكر أن رئيس مجلس الوزراء المستقيل، “عادل عبدالمهدي”، قد التقي، الإثنين الماضي، بالسفير الصيني في “بغداد” وبحثا إمكانية إعادة إعمار “العراق” ووضع الاتفاق بين البلدين موضع التنفيذ وزيادة التعاون الأمني والعسكري.

ولفت إلى أن: “الحكومة الحالية استفادت كثيرًا من وجود قرض من الحكومة الصينية لإنشاء بعض المشاريع المتلكئة والجديدة؛ والتي تتطلب أيضًا إدراجها في الموازنة”، مشيرًا إلى أن: “المذكرة إذا تحولت إلى اتفاقية (تسن بقانون) لا يتطلب إدراجها في أية موازنة اتحادية يشرعها مجلس النواب”.

هدفها اقتصادي وليس سياسي..

حول إنعكاس هذه الاتفاقية بشكل إيجابي على أوضاع “العراق” الخدمية والاقتصادية، يقول الخبير الاقتصادي، “أحمد الهذال”، أن: “العراق، ومنذ العام 2003، كان في رحاب دول متعددة وفي رعاية الولايات المتحدة في إبرام الكثير من العقود النفطية والأسلحة وغيرها، فالعراق ومنذ ذلك التاريخ لم يتوجه بشكل مباشر ورسمي إلى الصين في إبرام عقود البنى التحتية والتبادل التجاري الرسمي بين البلدين، وإنما كان مُقتصر على تجارة القطاع الخاص”.

وتابع “الهذال”: “اليوم هذه الاتفاقية مع الصين؛ جاءت بعد أن فقد العراق أمله بشأن تنمية الولايات المتحدة لاقتصاد العراق، لذلك توجه العراق إلى الصين، كي تأخذ على عاتقها مسألة النمو الاقتصادي العراقي والقيام باستثمارات ضخمة داخل البلد”.

وأضاف “الهذال”: “توجد لدى الصين جدية كبيرة في القيام باستثمارات داخل العراق، لسبب يختلف عن توجه الولايات المتحدة نحو العراق، حيث أن توجه الولايات المتحدة سياسي غرضه خلق حالة من التوازن في منطقة الشرق الأوسط، سواء سياسيًا أو عسكريًا، بعكس الصين التي لديها حلفاء تجاريين في المنطقة، نتيجة سياستها المرنة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب