خاص : ترجمة – آية حسين علي :
منذ أن أقنعت “موسكو” نفسها، بداية من العقد الماضي، أن الغرب لا يلعب على المكشوف، بدأت في إرسال عملاء تابعين لها إلى عدة دول لإتمام مهمات خاصة، ورغم أن الجواسيس الروس يبعثون منذ عصر “إيفان الرابع”، إلا أن عملهم لم يصل إلى مستوى الوقاحة الذي وصل إليه عندما حاولوا اغتيال العميل المزدوج، “سيرغي سكريبال”، في “بريطانيا”، أو التدخل في عمل مؤسسات تابعة لدول أخرى؛ مثل “هولندا” و”الولايات المتحدة” و”كندا”.
ويعتبر جهاز الاستخبارات العسكرية الخارجية في “روسيا الاتحادية” لاعبًا رئيسًا في عمليات الجريمة الإلكترونية التي تنفذها “موسكو”، إذ قام باستقطاب مجموعة من الشباب الخبراء في الأمن المعلوماتي للعمل معه، وتورط في عدد من الجرائم.
اغتيال “سكريبال” هدفه ترهيب للخونة..
كان “سكريبال” عميلاً لدى جهاز الاستخبارات الروسية، لكنه تحول إلى عميل مزدوج؛ بعدما رصدته المخابرات البريطانية، وعندما اكتشفت “موسكو” الخديعة قامت بسجنه من أجل الاستفادة من عملية تبادل وكلاء عام 2010، ما سمح له باللجوء لدى مدينة “ساليسبري” البريطانية، لكنه عاد إلى سلوكه القديم إذ كشف عن معلومات تخص العلاقات بين جواسيس “بوتين” وعصابات مسلحة روسية.
وعثرت عليه السلطات الروسية، في آذار/مارس 2018، وقامت بتسميمه بغاز أعصاب هو وابنته، كي يصبح عبرة لجميع الجواسيس المتلاعبين.
وصرح المحلل العسكري الروسي، “بافيل فلغنهاور”، بأن: “اغتيال سكريبال كان هدفه إرسال رسالة ترهيب للخونة المحتملين”، وأضاف أن من قاموا بتصفيته لم يكونوا جواسيس وإنما رجال أمن مهتهم محددة، لا يجمعون معلومات وإنما ينفذون عمليات قتل.
وأشار “فلغنهاور” إلى أن “موسكو” لها عملاء منذ سنوات طويلة في المناطق التي تشهد نفوذًا روسيًا مثل “سوريا” و”أوكرانيا”، ومع ذلك، يعتبر تواجدهم النشط في الدول التابعة لحلف شمال الأطلسي، (ناتو)، أمرًا مزعجًا، لأنهم دائمًا ما يتواجدون في المناطق التي توشك على الدخول في حروب.
وحذر من أنه رغم أن السيناريو لم تتضح معالمه بعد، إلا أن قضية اغتيال “سكريبال” تدق ناقوس الخطر القادم.
الجهاز متورط في جرائم خارج أرضه..
ويشار بأصابع الاتهام إلى جهاز المخابرات العسكرية الروسي في موضوعات عدة أبرزها؛ التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي دعم الانقلاب العسكري في “الجبل الأسود”، عام 2016، وإسقاط طائرة ركاب ماليزية على “أوكرانيا”، عام 2014، كذلك تورط في العديد من الجرائم الإلكترونية التي نُفذت ضد مؤسسات دولية مثل “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.
وكان الوكلاء الروسيين الـ 12، الذين وجه لهم المحقق الخاص، المكلف من قبل “وزارة العدل الأميركية للتحقيق في مزاعم تدخل “روسيا” في الانتخابات الرئاسية الأميركية، “روبرت مولر”، اتهامات مباشرة، أعضاء سابقين في الجهاز الاستخباراتي الروسي، وخلال الشهر الجاري، أصدرت السلطات الأميركية أوامر بضبط 7 وكلاء روس آخرين.
ولعبت المخابرات العسكرية الروسية أيضًا دورًا بارزًا في جمع المعلومات اللازمة قبل قيام “روسيا” باحتلال أجزاء من “غورغيا”، عام 2008، خلال ما عُرف بـ”حرب أوسيتيا الجنوبية”.
وساهم تولي، “سيرغي شويغو”، منصب وزير الدفاع، في تحول “جهاز الاستخبارات العسكرية” من مجرد جهاز عجوز خرج بعيدًا عن أهدافه إلى تنفيذ عمليات منحته بريقًا لامعًا، إذ أرسلت “روسيا” أيضًا وكلاء إلى “أوكرانيا”، ومثل عملهم هناك بريقًا لوكالة مصممة على العمل في مناطق الخطر، إذ تمكن رجال “موسكو” من توظيف مجموعات من الجواسيس، بينما بقيت يد “روسيا” بعيدة عن الأنظار، إلا في المواقف الحرجة، ومثال على ذلك؛ عندما فرضت قوات “سبيتسناز” الخاصة، التابعة لـ”روسيا”، سيطرتها على مبنى برلمان “أوكرانيا” في بداية أزمة “شبه جزيرة القرم”.
الجهاز يسعى إلى توسيع نشاطه..
يسعى “جهاز المخابرات العسكرية الروسي” إلى تنفيذ خطة تشمل توسيع بعثات “الوكلاء غير شرعيين”، وهو المصطلح الذي يطلقه على العملاء الذي يعملون دون ذريعة دبلوماسية ويعيشون في البلاد المختلفة بهويات غير حقيقية حتى تصلهم الأوامر من “موسكو”.
وأوضح الباحث في العلاقات الدولية، “مارك غلوتي”، أن: “عقلية المخابرات العسكرية عدوانية عسكرية، وتعتبر إتمام المهمة أكثر أهمية من تجنب المخاطر”.