فيما اعلن السياسي العراقي اسامة النجيفي عن تشكيل لجنة تنسيق عليا للقوى والشخصيات السنية في محاظات ست شهدت احتجاجات واعتصامات ضد الحكومة السابقة فقد حذر علاوي من التخندقات الفئوية لترسيخ الطائفية المجتمعية داعيا الى عقد مؤتمر وطني شامل للقوى المشاركة في العملية السياسية .. بينما توقع المحلل السياسي هاني عاشور عدم نجاح هذا التكتل.
لجنة تنسيق عليا لتكتل سني لمواجهة تحديات مستقبلية
فقد اعلنت قيادات وشخصيات سنية اثر اجتماعات في عمان عن تشكيل تكتل جديد للقوى السنية في العراق يحمل اسم “لجنة التنسيق العليا” تضم 13 شخصا يمثلون المحافظات الست : الانبار وبغداد ونينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين التي ترزح مناطق واسعة منها تحت سيطرة تنظيم “داعش” وقادت تظاهرات واعتصامات بين عامي 2012 و2013 ضد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي .
وقد ضمت اللجنة كلا من رئيس تجمع متحدون للاصلاح أسمة النجيفي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس ائتلاف العربية صالح المطلك ورئيس قائمة الحل جمال الكربولي ورئيس تحالف القوى العراقية أحمد المساري والنائب عن إئتلاف الوطنية محمود المشهداني وسلمان الجميلي وزير التخطيط وعضو تحالف القوى العراقية محمد تميم والقيادي في كتلة ديالى هويتنا صلاح الجبوري والنائب عن محافظة صلاح الدين شعلان الكريم والشيخ عبد الله عجيل الياور والشيخ محمد نوري العبد ربه .. مع اضافة مقعد آخر لمحافظة صلاح الدين تتفق عليه اللجنة لاحقا .
ومن المنتظر ان يتم عقد اجتماع موسع للقيادات المحلية من المحافظين الحاليين والسابقين واعضاء مجالس المحافظات الحاليين والسابقين وأعضاء الكتلة الوزارية الحالية والسابقة بحضور قادة الكتل السياسية الرئيسة التي تمثل المحافظات الست على أن يعقد المؤتمر في بغداد .
وتهدف الكتلة السنية هذه بحسب الناطق بأسمها النائب خالد المفرجي الى “توحيد الموقف السني في العراق ومعالجة الاخطاء السابقة”. كما انها تسعى الى التهيؤ للتحديات الحالية والمستقبلية في المشهد العراقي والاتفاق على خريطة طريق ومبادئ عامة لمواجهة مرحلة مابعد التخلص من تنظيم “داعش” في المحافظات الست بشكل خاص والعراق بشكل عام.
ويأتي هذا التحرك للقيادات السنية نتيجة التحديات السياسية والامنية والمجتمعية التي تنتظر مناطق غرب وشمال العراق السنية يتوقع تفجرها في مرحلة ما بعد “داعش” فمخيمات النازحين تخبئ مطالبات واسعة بتغيير الوجوه السياسية السنية الحالية.. فبعض سكان هذه المدن يخشون من العودة إلى منازلهم التي يحيط بها عدم استقرار الامن برغم انهم يواجهون حاليا ظروفاً معيشية صعبة في المخيمات كما أنهم تلقوا أنباء عن تدمير منازلهم نتيجة العمليات العسكرية وبالتالي لم يزل مستقبل تلك المدن مجهولا.
ومنذ الان فقد ابدت قيادات سنية اعتراضها على إشراك بعض من اعتبرتهم متورطين في إسقاط المدن الغربية بيد تنظيم “داعش” في التكتل الجديد الذي قالت انه أهمل قوى جديدة ظهرت على الساحة عقب احتلال المدن مثل العشائر والشباب المحاربين للتنظيم وقادة التظاهرات وقيادات الحراك الشعبي.
معارضة التخندق الطائفي وتوقعات بعدم نجاح التكتل الجديد
وفور اعلان التكتل السني الجديد فقد اكد زعيم ائتلاف الوطنية رئيس حركة الوفاق الوطني العراقي أياد علاوي رفضه للتخندق الطائفي داعيا الى مؤتمر وطني ينجز مصالحة حقيقية شاملة فيما توقع السياسي هاني عاشور عدم نجاح هذا التكتل.
واضاف علاوي انه في الوقت الذي تتوجه دعواته المستمرة للمطالبة بتحقيق مصالحة وطنية شاملة تحقق تغييرا سياسيا يخوض العراقيون غماره بعد طول معاناة في مقدمتها الطائفية السياسية التي تركزت على التهميش والاقصاء تعود التخندقات الفئوية من جديد لترسيخ الطائفية المجتمعية التي عملت عليها بعض القوى السياسية بعنـوان (لجنة التنسيـق العليا).
وعبر علاوي في تصريح صحافي تسلمت “أيلاف” نصه الثلاثاء عن الامل ان تتوجه كل الكتل والاحزاب والجماهير والافراد وكل العاملين على بناء دولة المؤسسات كخيار ستراتيجي لابد منه .. مشددا على ضرورة عقد مؤتمر وطني شامل لكل القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية فضلا ًعن ممثلين لبعض القوى من خارج العملية السياسية على ان يحصل توافق على هذه القوى اضافة الى الحراك الشعبي المدني المطالب لحقوق الشعب وبمشاركة ممثل الامم المتحدة من اجل تشكيل جبهة اعتدال وطنية تكون قادرة على تعبئة الطاقات من اجل تحقيق الانتصار السياسي والعسكري على الارهاب والقضاء على التطرف بكل اشكاله ويكون العراق اساساً لاستقرار المنطقة على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي.
وحذر علاوي من الاخطار المحدقة بالعراق وعدم وجود خارطة طريق واضحة للمضي قدما نحو بناء الدولة ومؤسساتها المهنية القادرة على توفير الامن والخدمات والرفاهية اللائقة للشعب مما كان سببا في توسع “داعش” في عدد من المحافظات وكذلك التراجع الاقتصادي والمالي المتسارع والعائد في جانب منه الى اقصاء الكفاءات واستشراء الفساد.
وشدد زعيم ائتلاف العراقية على انه لا يمكن تجاوز الازمة دون اعتماد المصالحة الوطنية لتحقيق الانتصار السياسي كرديف وضامن للانتصار العسكري والعمل بأستراتيجية اقتصادية مرنة تجعل الاصلاحات ملامسة لجذر المشكلة الاقتصادية وقادرة على النهوض بقطاعات الدولة المختلفة.
ومن جانبه رجح المحلل السياسي العراقي هاني عاشور ان يواجه مشروع لجنة التنسيق العليا للمحافظات الست التي ضربها الارهاب صعوبات في تسويقه سياسيا في الوقت الحاضر لانه جاء متأخرا جدا ولا يلبي حاجة المحافظات الست وطموحاتها ويرفع معاناتها .
وقال عاشور في بيان صحافي تسلمت “أيلاف” نسخة منه اليوم ان اللجنة غير متجانسة ومختلفة في ولاءاتها الحزبية والسياسية وطموحاتها سواء الشخصية او السياسية وانها لاتمتلك سوى اساليب الضغط على الحكومة اذا ارادت القيام باي تحرك سياسي ومثل هذا يمكن ان يكون حتى دون تشكيل لجنة تنسيق لانه جزء من منهج المشاركين في الاجتماع اصلا .
واوضح عاشور ان هذا المشروع اصلا يأتي ردة فعل على مشروع آخر سبق ان اقترح التنسيق بين نواب من عدة كتل سياسية لدعم اصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي كما انه يفتقد لقاعدة كبيرة من النواب غير المؤيدين له من هذه المحافظات وشخصيات سياسية اخرى ستكون خارج المشروع .
واشار عاشور الى ان اول ما سيواجهه مشروع لجنة التنسيق العليا هو الصراع على الزعامة ومحاولة تحويل المشروع لتكتل سياسي بشكل سيعيد ذات الاشكالات التي فرقت هذه الزعامات في وقت سابق ولم تتمكن من العمل سوية .. مؤكدا انه مشروع سرعان ما سيفشل لانه انطلق من ردة فعل على فقدان مكاسب ولم يأت من منطلق فكري ثابت وكان بأمكان المجتمعين مناقشة اسباب ما حدث في محافظاتهم منذ اكثر من عام ونصف العام عندما سقطت بيد الارهاب وايجاد الحلول ورفع المعاناة عن الجماهير ما يعني انه جاء متأخرا وسيكون قليل الفاعلية .
يذكر ان غالبية القوى والشخصيات التي اعلنت عن تشكيلها للجنة التنسيق العليا هذه تنتمي الى اتحاد القوى العراقية الوطنية السني المشكل منذ عامين لكنه يبدو ان هذه اللجنة ستسعى الى توسيع هذا الاتحاد وزيادة زخم نشاطه في المحافظات الست.