قال رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي إنه ينبغي لرئيس الوزراء نوري المالكي العمل على إصلاح القوانين التي يرى السنة أنها تهمش وضعهم بشكل جائر وإلا أفلت زمام الاحتجاجات الحاشدة التي تشهدها البلاد. ويتظاهر الآلاف يوميا منذ ثلاثة أسابيع في المحافظات ذات الأغلبية السنية في أصعب اختبار حتى الآن لحكومة المالكي الهشة التي تتألف من شيعة وسنة وأكراد.
وقال النجيفي إنه ينبغي إقرار مشروع قانون للعفو عن المسجونين في قضايا الإرهاب وتعديل القوانين التي يقول كثير من السنة إنها تستغل في استهدافهم بصورة جائرة.
ويريد المحتجون أيضا وضع نهاية للحملة على أعضاء حزب البعث المحظور التي يرى السنة أنها تستغل في مضايقة زعمائهم وإخراجهم من الساحة السياسية.
وقال النجيفي لرويترز “لا يوجد خطاب لإسقاط كل النظام لأنهم يقولون نريد العدالة ونريد أن نعامل كمواطنين بنفس المستوى مع المواطنين في المحافظات الأخرى. وإذا لم تلب هذه المطالب التي حددوها بنقاط.. بالتأكيد سيطالبون بإسقاط الحكومة.” وأضاف “نحن نخشى أن القادة وممثلي التظاهرات الآن يفقدون سيطرتهم على المتظاهرين بعد فترة إذا عجزوا عن إقناع شركائهم في العمل السياسي أن يغيروا سياستهم.”
واندلعت الاحتجاجات الاخيرة بعد أن اعتقلت قوات الأمن أفراد الحرس الشخصي لوزير المالية السني رافع العيساوي بتهم تتعلق بالإرهاب في خطوة اعتبرها كثير من السنة استفزازا.
وينتمي النجيفي إلى الجناح الأكثر اعتدالا في قائمة العراقية غير أن هناك انقساما في صفوف السنة حيث يطرح القادة الأكثر راديكالية مطالب تزداد تشددا. ويطالب الإسلاميون السنة المتشددون بإقالة المالكي بل وإقامة منطقة ذات أغلبية سنية تتمتع بالحكم الذاتي بمحاذاة الحدود مع سوريا على غرار إقليم كردستان شبه المستقل في الشمال.
وتزيد الاحتجاجات السلمية الحاشدة المخاوف من اندلاع مواجهة طائفية في العراق تؤدي مع الصراع في سوريا إلى تعميق مواجهة إقليمية بين إيران ودول خليجية سنية. ويعتبر بعض الزعماء السنة في العراق الحرب بين المعارضين السوريين وأغلبهم من السنة والرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران فرصة لتعزيز مركزهم اذا سقط الأسد وتولت حكومة سنية.
وما زال التوتر شديدا بين الشيعة والسنة في العراق بعد مرور عام على اكتمال انسحاب القوات الأمريكية. وقتل الآلاف على مدى عدة سنوات في العنف الطائفي الذي بدأ في أعقاب الغزو عام 2003.
وأيا كان الدافع وراء الاحتجاجات فسخط السنة حقيقي. فمنذ سقوط صدام حسين وكثير منهم يشعرون بأنهم مهمشون في حكومة توزع المناصب على أسس طائفية وعرقية.
وتسببت الخلافات في عدم وجود وزيري دفاع وداخلية دائمين في العراق منذ تشكيل الحكومة عام 2010. ويلقي الزعماء الشيعة المسؤولية على النواب السنة بشأن عرقلة العملية السياسية غير أن معارضي المالكي يتهمونه بالاستئثار بالسلطة.
وقال النجيفي “قناعتنا أن البلد غير متوازن.. كل السلطات محصورة بيد جهات محددة والمشاركة هامشية بالنسبة للمكونات الأخرى.”
ويتهم المالكي شركاءه السنة بعرقلة تقدم الحكومة في مسعى لإضعاف موقفه. ولمح رئيس الوزراء وبعض حلفائه الى إمكان الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل الموعد المحدد في عام 2014 كسبيل لكسر الجمود الذي عرقل صدور تشريعات مهمة.
وأثبت المالكي براعة في ايحاد سبيله على خارطة التحالفات السياسية المتغيرة في البلاد للحفاظ على استمرار إدارته وسلامتها. ويريد منه كثير من السنة أن يضع حدا للحملة على أعضاء حزب البعث السابقين غير أن ذلك يمكن أن يفقده دعم بعض مؤيديه الشيعة قبل انتخابات مجالس المحافظات المقررة في أبريل نيسان.
وترى الأحزاب السنية أن التحالف الوطني الشيعي الذي ينتمي إليه المالكي يبعث إشارات تفيد بوجود مجال للتفاوض غير أن النجيفي قال إن هذه مجرد بوادر أولية للغاية. وأضاف “بدأت تصل رسائل (تقترح) فلنفكر في طي صفحة الماضي بالكامل ونبذ الخلافات وتبعات المرحلة المضطربة ونبدأ من جديد.” وتابع “إذا لم نتفق يمكن أن يذهب البلد إلى مشاكل كثيرة.. يعني يمكن أن تكون هناك تطورات في عدم السيطرة على المتظاهرين.”