وكالات : كتابات – بغداد :
كشف مسؤول أممي في العراق عن أن عناصر تنظيم (داعش) خلفت تلوثًا معقدًا من الألغام والمخلفات الحربية في المناطق المحررة من سيطرة التنظيم في العراق.
تلوث معقد أكبر من قدرات التطهير الحالية..
وقال “بير لودهاس”، من دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، الثلاثاء: إن “عصابات (داعش) خلفت تلوثًا معقدًا في المناطق المحررة، وإن حجم إزالة الألغام والمخلفات الحربية أكبر من القدرات المتوفرة حاليًا”.
وأضاف أن: “الصراعات المتعددة أنتجت تلوثًا كبيرًا بالألغام والمخلفات الحربية؛ غالبيتها في مناطق الشريط الحدودي بين العراق والكويت، وتلوثًا آخر من المواد المتفجرة، العبوات الناسفة المبتكرة، وهذا أحد أسباب تأسيس دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في العراق لدعم الحكومة العراقية ولعب دور تنسيقي مع الجهات المتعلقة بهذا الأمر”. وأكد أنه من المستحيل تحديد أعداد المخلفات الحربية والألغام والمواد المتفجرة الأخرى في العراق، خاصة في المناطق المحررة بسبب وجود الكثير من المواد المتفجرة جاثمة تحت الأنقاض والمنازل والأبنية المهدمة والمتضررة.
وذكر “لودهاس”؛ أن: “العراق تميز بأنه أحد أكبر البلدان الأكثر تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية والعبوات الناسفة، وهذا الأمر يتطلب جهدًا دوليًا جبارًا ومصادر وجهود خاصة لتطهير البلد منها”. وقال: “إن خطة الدائرة تهدف إلى مساعدة الحكومة العراقية في أنشطة إدارة مخاطر المتفجرات، وتوفير الدعم التقني والتدريب لوصول الهيئات الوطنية لمرحلة من التجهيز والتطوير التي تمكنها من تلبية احتياجات الأعمال المتعلقة بالألغام بشكل مستقل”.
تطهير “الأنبار”..
وفي سياق آخر، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، الثلاثاء، إنطلاق عملية أمنية واسعة لتأمين صحراء محافظة “الأنبار”، غرب البلاد.
وقال نائب قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن “عبد الأمير كامل الشمري”، في بيان، إن: “قوة مشتركة من قيادتي عمليات الجزيرة والأنبار ومحور الحشد العشائري، وبإسناد من طيران الجيش والقوة الجوية وطيران التحالف الدولي، نفذت عملية أمنية واسعة في صحراء الأنبار لتأمين المنطقة الغربية وملاحقة العناصر من بقايا عصابات (داعش) الإرهابية”.
بدوره، قال قائد عمليات قاطع الأنبار، “قاسم مصلح”، في بيان: إن: “عملية موسعة كبرى إنطلقت، صباح الثلاثاء، تتركز على 14 محورًا رئيسًا في صحراء غرب الأنبار بمشاركة الجيش، متمثل في قيادة عمليات الأنبار وقيادة عمليات الجزيرة والبادية، وكذلك الحشد العشائري وكافة المديريات الساندة في هيئة الحشد”. وأضاف أن: “العملية سوف تستمر لعدة أيام متتالية تستهدف عدة مناطق مهمة ذات تأثير أمني على غرب الأنبار لتفتيشها وملاحقة خلايا عصابات (داعش) الإرهابية الموجودة في تلك المناطق”. وأشار “مصلح” إلى أن: “العملية تسير وفق أهداف محددة سابقًا؛ وفق معلومات استخبارية دقيقة، وستكون قاصمة لظهر الخلايا الإرهابية التي بدأت تنشط بالمناطق المستهدفة”.
وتسعى القوات العراقية إلى بسط الأمن في أرجاء محافظة “الأنبار” من خلال عمليات مشتركة بدعم من طيران الجيش العراقي لملاحقة فلول (داعش) المتخفين في أودية الصحراء الغربية في المحافظة.
تلوث مدن أعلى “الفرات”.. وانتظار موسم الأمطار !
فبعد مرور نحو ثلاث سنوات على طرد مسلحي تنظيم (داعش)، من آخر مدن محافظة “الأنبار”، غربي العراق، إلا أن سموم التنظيم ما زالت تكبد الأنباريين خسائر في الأرواح بين وقت وآخر، من خلال مخلفات التنظيم الحربية، وخاصة الألغام والعبوات الناسفة التي تركها مسلحو (داعش) خلفهم، قبيل هزيمتهم أمام القوات العراقية المشتركة.
ورغم نجاح قوات الأمن في رفع كميات كبيرة من تلك الألغام، إلا أن مسؤولاً رفيعًا في “وزارة الداخلية” أكد لوسائل إعلام علاقية؛ أن هناك عدة أطنان من مخلفات (داعش) ما زالت مدفونة وتهدد السكان، خاصة مدن أعالي “الفرات”، التي تشمل بلدات: “هيت والبغدادي وعنة وراوة وآلوس وجبة والقائم والرطبة وحديثة والنخيب”، وبلدات أخرى حدودية مع “الأردن وسوريا والسعودية”.
وبحسب المسؤول ذاته؛ فإن قرب موسم الأمطار يُنذر بتجريف وإظهار قسم من تلك الألغام، كما حصل شتاء العام الماضي، لكن بالوقت نفسه فإن الخطر الأكبر هو داخل المدن، خاصة بالاحياء العشوائية وفي القرى والمناطق الزراعية، إذ سجلت “الأنبار”، منذ مطلع العام الحالي، مقتل 18 مدنيًا وجرح ما لا يقل عن 50 آخرين من المدنيين؛ بفعل عبوات تنظيم (داعش)، من بينهم ثلاثة أطفال قضوا جنوب “الفلوجة”.
وتعتبر بلدات: “الكرمة والفلوجة والقائم والرطبة”؛ أكبر مدن “الأنبار” خطورة في عدد الألغام بفعل وضع تنظيم (داعش) ما تعرف بخطوط الصد الأولى لإعاقة القوات العراقية من التقدم لتحريرها من خلال العبوات الناسفة والألغام.
أشكال خبيثة..
ومما يلاحظ أن ألغام (داعش) تأخذ أشكال خبيثة، وفقًا للناشط في مجال رفع الألغام، “علي الدليمي”، الذي يعمل ضمن منظمة محلية تلقت، في وقت سابق، مساعدة من “الأمم المتحدة” في هذا المجال.
ويضيف “الدليمي”، لوكالة (شفق نيوز)، أن التنظيم زرع ألغام في مناطق وأماكن لا تخطر على بال أحد، ومنها يمكن التأكد أنه كان يريد أن يقتل أكبر عدد من المدنيين وليس من قوات الأمن.
ويبين الناشط في مجال رفع الألغام؛ أن حملة توعية سابقة نجحت في توعية الأهالي من خطورة الأجسام الغريبة، لكن تبقى الحوادث تقع؛ وللأسف الضحايا أغلبهم من الحلقة الأضعف وهم الأطفال، وفقدت فتاة في بلدة “حصيبة” ساقها، قبل أسابيع، بفعل أحد تلك الألغام.
مهمة شاقة وطويلة الآمد.. رغم المساعدات الدولية..
وحصلت السلطات العراقية، في الفترة الماضية، على مساعدات دولية من “الأمم المتحدة”، وكذلك “واشنطن”، في مواجهة ملف ألغام ومخلفات تنظيم (داعش)، لكن اتساع المشكلة في أكثر من محافظة وكثرة ما خلفه التنظيم من ألغام ومواد خطيرة تجعل من مهمة الإعلان عن تنظيف المدن المحررة أمرًا مستبعدًا بالوقت الحالي.
وفي عام 2018؛ أعلن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، تقديم 160 مليون دولارًا لدعم جهود العراق لرفع الألغام ومخلفات التنظيم الحربية.
إلى الجنوب من مدينة “الفلوجة”، حيث مدينة بلدة “النعيمية”، ما زال ثمة أكبر من منزل يتشح بالسواد، حيث أزهقت الألغام، خلال هذا العام، سيدتان وثلاثة أطفال ورجل مُسن، وجميعهم قضوا بانفجار ألغام تركها (داعش) بمناطق زراعية أو طرق طينية غير معبدة.
وتعمل حكومة “الفلوجة” المحلية على معالجة ذلك؛ وحققت نجاحات واضحة، لكن التحدي يبدو أكبر من قدرات المدينة المحلية وبحاجة لتدخل الحكومة الاتحادية .
وفي تصريح صحافي؛ أكد “مصطفى العرسان”، نائب محافظ “الأنبار” للشؤون الإدارية، بأن عمليات إزالة الألغام لا تزال قائمة منذ تحرير المحافظة وحتى الآن، مبينًا في تصريحه؛ بأن ضعف الإمكانيات التقنية والمادية تتسبب بتلكؤ العملية، مؤكدًا في الوقت ذاته؛ بأن تم اتخاذ إجراءات عديدة لحماية السكان من هذه المخلفات، ومنها؛ وضع إشارات تحذيرية ونشر عناصر أمنية لمنع المواطنين من الدخول أو الإقتراب من هذه الأماكن.
الموت كان في انتظارنا..
تقول “أم أحمد الجميلي”، التي فقدت ابنها، قبل أشهر، بأنها لا يمكن أن تلوم أحد غير (داعش) في قتل ابنها، وتضيف: “فرحنا بعودتنا لمنازلنا وأننا لم يمسنا شيء من إرهاب (داعش) ومرحلة النزوح، حيث كنا ضيوفًا على الإقليم، لكن يبدو أن الموت كان بانتظارنا بعد نهاية العاصفة”.
وتطالب “أم أحمد”، بحملات، لمسح البلدة والتأكد من عدم وجود أي ألغام أخرى حتى لا تفجع أم ثانية بأحد أطفالها.