18 مارس، 2024 9:44 ص
Search
Close this search box.

المواجهات على الحدود السورية نذير صدام بين الجيش العراقي والبشمركة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 اسفل علم كردستان بألوانه الأخضر والأبيض والأحمر تراقب قوات البشمركة الكردية من وراء حواجز ترابية بنيت على عجل جنود الجيش الوطني العراقي الذين تحصنوا على بعد اقل من كيلومتر واحد على جزء مهجور من الطريق. ولوهلة اقترب الوضع في الاسبوع الماضي من مواجهة في أوضح مظاهر الخلاف المتزايد بين بغداد ومنطقة كردستان شبه المستقلة بشمال العراق. وتفاقمت الخلافات بشأن عائدات النفط الآن بسبب تضارب وجهات النظر المتعلقة بحركة المعارضة السورية المسلحة والخلافات الإقليمية التي تطرح تساؤلات بشأن وحدة العراق كما قالت “رويترز” في تقرير لها اليوم.
وعلى مدى بضعة ايام في الاسبوع الماضي دفع مسؤولو بغداد ومسؤولون أكراد كل على حدة بقواته الى الحدود السورية بهدف تأمينها من الاضطرابات في الدولة المجاورة لكن ذلك وضع جنودا عراقيين من العرب والأكراد وجها لوجه على امتداد الحدود الداخلية المتنازع عليها.
وتدخلت واشنطن وتم تجنب اشتباك محتمل. لكن المواجهة فتحت جبهة جديدة في العلاقات الهشة بين بغداد والأكراد في اطار مسعاهم للحصول على مزيد من الحكم الذاتي من الحكومة المركزية.
وقال اسماعيل مراد قاضي وهو من البشمركة وكان جالسا تحت سقيفة من القش للاحتماء من الشمس وقد وجه رشاشه صوب ابناء بلده الذين يحرسون موقع الجيش العراقي وليس نحو الحدود الخارجية “لا نريد أن نقاتل. كلنا عراقيون لكن اذا اندلعت الحرب فنحن لا نهرب.”
وتظهر خنادق وخيام الجيش العراقي وراء جزء خال من طريق أصبح ارضا محايدة بحكم الأمر الواقع في هذا الخط الأمامي الصغير. على مقربة تثير سيارات محلية الغبار فيما تحاول سلوك طرق جانبية لتفادي الموقعين.
خلف البشمركة بطارية مدفعية هاوتزر من عيار 122 مللي توجه فوهاتها صوب الخط العراقي. إنها جزء من تعزيزات تسلحية ثقيلة أرسلتها كردستان والعراق الى المنطقة المتنازع عليها على بعد كيلومتر من الحدود السورية.
والمنطقة الحدودية هي دائما نقطة ساخنة محتملة وتصاعد التوتر بين بغداد وكردستان عقب انسحاب القوات الامريكية في ديسمبر كانون الاول الذي أزال عازلا بين الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب والأكراد الذين يديرون منطقتهم شبه المستقلة منذ عام 1991.
وحدثت مواجهات بين وحدات الجيش الوطني العراقي والبشمركة من قبل لتنسحب قبل اندلاع اشتباكات مباشرة اذ اختبر كل جانب أعصاب الطرف الاخر دون اي رغبة في المواجهة.
وازدادت الخلافات بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس كردستان مسعود البرزاني حدة منذ الانسحاب الامريكي.
ومن أبرز نقاط الخلاف الاراضي المتنازع عليها التي يزعم كل من العرب والأكراد أحقيتهم بها واحتياطيات خام النفط التي تستقطب الآن عمالقة الصناعة مثل ايكسون وشيفرون الى كردستان مما يزعج بغداد التي تقول إنها تملك حقوق التنمية النفطية.
وعلى الرغم من أن منطقة كردستان شبه مستقلة فإنها مازالت تعتمد على بغداد في حصتها من عائدات النفط الوطنية.
وتزداد كردستان تقاربا مع تركيا المجاورة اذ تتحدث عن سبل لتصدير نفطها دون الاعتماد على بغداد. وتتهم حكومة المالكي كردستان بمخالفة القانون بتوقيع صفقات مع كبريات شركات النفط.
وأدت حركة المعارضة المسلحة ضد الرئيس السوري بشار الاسد الى ارتفاع هوة الخلاف بين بغداد واربيل. اللتي وجدتا نفسيهما على طرفي النقيض في صراع إقليمي.
ويقاوم العراق وايران حليفة سوريا الدعوات الى رحيل الأسد. وتجري كردستان محادثات مع المعارضة الكردية في سوريا وتزداد تقاربا مع تركيا التي ترعى خصوم الاسد.
وقال جوست هيلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات “الى جانب البعد المحلي هناك بعد سوري… وبالتالي يصبح للسيطرة على الحدود وما يمر منها أهمية كبيرة.”
كانت هذه الخصومات واضحة حين بدأت القوات العراقية الانتشار على الحدود السورية للمساعدة في السيطرة على اللاجئين وتداعيات الأزمة ورفض جنود البشمركة إعطاءها الإذن بالدخول الى ما اعتبروه جزءا كرديا من المناطق المتنازع عليها.
وقالت مصادر بالحكومة الكردية إنه بعد دعوات من واشنطن وافق الجانبان يوم الاحد على التعاون تفاديا لاشتعال الموقف وسحب القوات متى تنتهي الأزمة السورية.
لم تكن هذه المرة الاولى التي يتدخل فيها مسؤولون أمريكيون في الخلافات السياسية العراقية.
في العام الماضي أرسل البشمركة عشرة آلاف مقاتل الى مدينة كركوك النفطية المتنازع عليها رسميا لحماية المواطنين هناك. وأدى وجودهم الى بذل الولايات المتحدة جهودا كبيرة لتهدئة التوتر.
ولم تسحب قوات البشمركة مقاتليها الا بعد شهر. وقال محللون إن الخطوة جزئيا كانت اختبارا كرديا لعزيمة المالكي متى ترحل القوات الامريكية.
ويقول مسؤولون اكراد إن قوات البشمركة سيطرت على المنطقة القريبة من الحدود السورية في اجزاء متنازع عليها من محافظة نينوى لفترة طويلة ولا ترى حاجة لانتشار الجيش العراقي. وتعمل شرطة الحدود الوطنية العراقية هناك بالفعل.
ويرى بعض المسؤولين الأكراد أن الانتشار العسكري لبغداد على الحدود يأتي في إطار محاولات للسيطرة على اراض.
وقال جبار ياور قائد قوات البشمركة “هذه القوة جاءت دون تنسيق او اتفاق وبالتالي قررت قوات البشمركة منعها.”
وردت بغداد بأنه يجب أن يكون الجيش العراقي مسؤولا عن حدود البلاد خاصة في ظل الاضطرابات في سوريا واتهمت السلطات الكردية بإعاقة الجيش.
وتم نشر القوات بمجرد أن أعلنت كردستان عقد صفقات نفطية مع توتال الفرنسية وجازبروم الروسية وهما أحدث شركتين كبيرتين تتجاهلان تحذيرات بغداد من احتمال خسارة العقود مع الحكومة المركزية اذا وافقتا على تطوير حقول كردية.
وقال دبلوماسي “القضية الاكبر هي أن هذا يكشف مدى صعوبة العلاقات بين الجانبين… الوضع في سوريا أثار خلافات موجودة منذ فترة طويلة.”
وفي تحرك لإبداء حسن النية قالت كردستان يوم الثلاثاء إنها استأنفت تصدير 100 الف برميل نفط يوميا في محاولة لإنهاء خلاف على السداد مع الحكومة المركزية بعد أن اوقفت الشحنات في ابريل نيسان.
وبالنسبة لبغداد تعتبر المسألة السورية حساسة. ويخشى زعماء العراق الشيعة من أن يؤدي إنهيار فوضوي لسوريا الى صعود نظام سني وان يؤدي ذلك الى إثارة المحافظات العراقية السنية على الحدود التي تشعر بأن المالكي يهمشها.
وترفض بغداد دعوات دول الخليج الى رحيل الاسد. على النقيض استضافت حكومة البرزاني نشطاء من المعارضين الاكراد السوريين وحثتهم على توحيد صفوفهم لتشكيل جبهة للإعداد لأي نظام بعد الاسد.
ولا يخجل المسؤولون الاكراد من الاعتراف بأن لديهم هدفا بعيد المدى هو إقامة دولة كردستان المستقلة وهم يرون فرصة ليحصل اكراد سوريا على قدر من الحكم الذاتي بعد سنوات من القمع.
وتنجر تركيا القوة الإقليمية الى النزاع بشكل متزايد فتشجع كردستان العراق لكنها في نفس الوقت تخشى بشدة إذكاء نزعة انفصالية كردية اوسع نطاقا في جنوبها الشرقي.
وتريد أنقرة من كردستان أن تساعد في ضمان الا تصبح المناطق الكردية من سوريا ملاذا لمتمردي حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون حكومة أنقرة للحصول على مزيد من الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.
وتدهورت العلاقات بين انقرة وبغداد بشدة. وقام وزير خارجية تركيا أحمد داود اوغلو بزيارة كركوك الاسبوع الماضي مما دفع بغداد الى اتهام انقرة بالتدخل. والسيطرة على كركوك محل نزاع بين العرب والاكراد في العراق. وتبادل مسؤولون اتراك وعراقيون تصريحات شديدة اللهجة علنا.
ولم تغب المنافسة السياسية بين بغداد واربيل عن جبهتهما الجديدة في شمال العراق حيث تعزز قوات البشمركة خنادقها وتجري تدريبات وتنتظر انتهاء الأزمة.
وقال الجنرال بقوات البشمركة سارباز ماموند “نحن هنا للدفاع عن انفسنا وحسب. ينتظرون الأوامر من زعمائهم السياسيين وكذلك نحن. لكن هذه المنطقة كردية. اسألوا الناس هنا.”

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب