المناورات السعودية السودانية .. رسائل سياسية عسكرية لمصر وإيران

المناورات السعودية السودانية .. رسائل سياسية عسكرية لمصر وإيران

الأولى من نوعها بين البلدين.. بل الأولى في موقعها وتكوينها.. تلك المناورات التي تنفذ للمرة الأولى في التاريخ بين “العربية السعودية” ممثلة في القوات الجوية الملكية و”السودان”، والتي أطلق عليها مناورات “الدرع الأزرق 1″، ما يعني أنه سيكون هناك “درع أزرق 2”.. وأن المناورات ليست صدفة بل لها منهج ومخطط عام بفترة زمنية محددة.

اللافت في الأمر أن هذه المناورات انطلقت بمدينة مروي السودانية قرب الحدود مع مصر في الثلاثين من آذار/مارس وحتى 12 نيسان/أبريل من عام 2017، وشاركت فيها السعودية بطائراتها العسكرية المتطورة من طراز “إف 15 سي” وطراز “تايفون”، كما شاركت القوات السودانية بطائرات “ميج 29” ومقاتلات “سوخوي 24″ و”25” وطائرات “مي” المروحية وبمشاركة قرابة الـ700 عسكري من البلدين.

المناورات جاءت بمبادرة سعودية وجرى الإعداد لها قبلها بعام تقريباً بهدف معلن وهو تعزيز العمليات الجوية المشتركة وتبادل الخبرات بين الجانبين ورفع مستوى القدرات العسكرية، وفق ما صرح به المسؤولون العسكريون من الجانبين.

مصر غير مستهدفة

الغريب أيضاً أن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني شدد وقتها أن المناورات لا تحمل أي أبعاد سوى التدريب رغم موقعها وتوقيتها، وأنها لا تستهدف أي من الدول المجاورة، بالطبع المقصود هنا مصر، لأنها هي الجارة الشمالية للسودان، وكإشارة لما تجدد في ذلك الوقت من مطالبات سودانية بضم “حلايب وشلاتين” للأراضي السودانية.

لا شك أن مناورات السعودية والسودان تزامنت مع الذكرى السنوية الثانية لبدء معركة “عاصفة الحزم” التي نفذتها سعودية سلمان بالتحالف مع عدد من الدول العربية بينها السودان ضد الحوثيين في اليمن.

مشاركة السودان في عاصفة الحزم جاءت على هوى السعوديين

ترى السعودية أن مشاركة السودان في التحالف العربي ضد الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق “علي عبد الله صالح” شكل تطوراً كبيراً في الأوضاع على الأرض، وكذلك تطور كبير في العلاقات بين الخرطوم والرياض على المستوى العسكري، إذ جاءت تلك المناورات الجوية بعد نحو 60 يوماً من مناورات بحرية بين البلدين في جدة، وأكثر من عام من مشاركة الخرطوم في مناورة “رعد الشمال” البرية شمال السعودية، وما تلاها من تقديم الرياض منحة للجيش السوداني تقدر بـ5 مليارات دولار.

“تيران وصنافير” ضمن الحسابات

بالتأكيد كل هذا الدعم ليس من فراغ.. فالسعودية لها أغراضها وربما تستخدم السودان لمناورة مصر، خاصة بعد رفض القضاء المصري السماح بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للسعودية والتأكيد على أنهما مصريتان، قبل أن يصدر حكم من محكمة الأمور المستعجلة في الثاني من نيسان/أبريل 2017 بأحقية السعودية في الجزيرتين، رغم تأكيد القانونيين على أن هذا الحكم لا يؤثر على قرارات القضاء الإداري، وأيضاً ربما لأن السعودية رأت أن مصر في عهد عبد الفتاح السيسي خرجت عن السيطرة السعودية وأنها ربما تناور السعودية وتُطمعها بالجزيرتين للحصول على الدعم والنفط الذي تحتاجه فقط.

“حلايب وشلاتين”

فيما كان السودان في أمس الحاجة لهذا الدعم السعودي، الذي ساهم بشكل كبير في تخفيف العزلة الدولية عن السودان نتيجة العقوبات الدولية المفروضة عليه، كما أنه يخدم التوجه السعودي لفتح آفاق استثمار جديدة واسعة في بلدان مختلفة، إذ ترى السعودية أن الأرض السودانية قابلة للاستثمار بشدة، كما أن دعم الرياض للخرطوم أعطاها قوة ظهرت واضحة في تصريحات المسؤولين السودانيين الحادة تجاه مصر من أجل استعادة مدينتي “حلايب وشلاتين” الحدوديتان والتلويح بقوة للتحرك من أجلهما.

الحد من النفوذ الإيراني

في حين يرى مراقبون للتطورات الميدانية والعلاقات بين السعودية والسودان، أنها أيضاً تحمل رسائل عبر تلك المناورات التي تمتد فوق البحر الأحمر لإيران، إذ أن التقارب السعودي السوداني على هذا النحو يجعل من مهمة إيران بسط نفوذها في إفريقيا على ساحل البحر الأحمر وبمواجهة سواحل اليمن مهمة ليست سهلة، إذ أنها ستواجه تحالفاً سياسياً وعسكرياً وجاهزية قتالية للقوات البحرية والجوية، لأي عدوان محتمل أو للدفاع عن البلدين ضد أي مهددات، بالتأكيد فإن المناورات هدفها الرئيسي المعلن هو تأمين البحر الحمر، إذ ينفي العسكريون السعوديون بدورهم أي علاقة للمناورات مع السودان بمصر، إنما هي موجهة بالأساس لإيران ولتأمين البحر الأحمر ومنطقة مضيق باب المندب ضد أي احتمالات لتهديد أهم منفذ على البحر الأحمر الذي هو بحر عربي خالص، لكن هل للأمر علاقة بأي استعدادات سعودية لضمان تأمين جزيرتي “تيران وصنافير” بعد استعادتهما من مصر إذا ما حدث وتخلت مصر بالفعل عنهما؟!

إن مصر تشارك بقوات بحرية لتأمين باب المندب وليس لها هناك قوات جوية، لكن يقول العسكريون السعوديون ربما تشارك مصر في “الدرع الأزرق 2” أو غيرها من المناورات وكذلك غيبوتي لضمان حماية مستمرة للبحر الاحمر ضد أي تهديدات إيرانية محتملة.

بينما يرى السودانيون أن السعودية ترغب في الدخول إلى شرق إفريقيا عبر السودان، وإنشاء أمن إقليمي عربي شامل في المنطقة، فضلاً عما كشفه وزير الخارجية السوداني “إبراهيم غندور” من تبني السعودية لمبادرة “إعمار السودان” وهي المبادرة التي تؤكد على أن العلاقات السعودية السودانية خلال عهد سلمان ستتجاوز أي علاقات من قبل مع السودان.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة